كيف تتولى قيادة شركة العائلة دون إزعاج والديك؟

كارلا تروتمان
كارلا تروتمان المصدر: كارلا تروتمان
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

قبل أن تتولى، كارلا تروتمان قيادة شركة "إلكترو سوفت" (Electro Soft) التي أسسها والداها في عام 1986، كانت منخرطة جداً في أعمال الشركة. فمنذ الطفولة، كانت كارلا تمضي ساعات بعد المدرسة، وهي تقص الأسلاك يدوياً، أو تقرأ مخططات الشركة المتخصصة في صناعة الأجهزة الإلكترونية تحت الطلب في منطقة فيلادلفيا الكبرى في الولايات المتحدة. عملت كارلا أيضاً على تطوير نفسها مهنياً في أماكن أخرى، حيث شغلت مناصب متنوعة في مجال اللوجستيات وإدارة الموارد، في كلّ من شركتيّ "غاب" (Gap) و"أيكيا" (Ikea). وهي ترى أن الخبرة التي اكتسبتها في الخارج، كانت أساسية حتى تقتنع بمستقبلها ضمن شركة العائلة.

اقرأ أيضاً: شقيقان حصدا مليارات من شركة دواء يراهنان بمزيد على الصحة

تشرح تروتمان في ما يلي كيف استكشفت هيكلية العمل واستعدت لتولي القيادة، وتتشارك معكم ما الذي يجب أن تأخذوه في عين الاعتبار إذا كنتم ستتسلمون شركة عائلية؟. تم تحرير المقابلة لإضافة المزيد من الوضوح وتحديد الحجم.

ما الذي دفعك للانتقال إلى شركة العائلة بعدما كنت تعملين في شركات عالمية؟

قربي من أشخاص يديرون أعمالهم الخاصة أثر بي أكثرّ ممّا كنت مستعدة لأن أعترف في السابق. ففي صغري، لم تبدُ أي من هذه الأمور ممتعةـ لأن أحداً لا يعرف قيمة هذه الهدية إلا لاحقاً.

مع ذلك، أردت أن أبحث عمّا يوجد في الخارج ما بعد الجامعة، وهذا أمر مهم لأن والديّ كانا لا يزالان ينظران إلي كابنة، وليس كمحترفة صاحبة خبرة. وفي كلّ وظيفة شغلتها، اكتسبت مهارات قيّمة، ليس فقط في مجال الصناعة، ولكن أيضاً في مجال التسويق، وهي كلّها مهارات بإمكاني تطبيقها في شركة العائلة. من خلال إمضاء وقت خارج "إلكترو سوفت"، تمكنت من معرفة التحسينات التي يمكن تحقيقها. ولكن تطلب الأمر أن أدير مشروعي الخاص الجانبي (متجر إلكتروني متخصص بلوازم الحمل وما بعد الحمل يحمل اسم "بيلي باتن بوتيك" حقق نجاحاً كبيراً قبل أن أقوم ببيعه)، حتى أفهم قوة الملكية وقيمة أن تمتلك تجارتك الخاصة. فأنت ترى كيف يمكن لقراراتك أن تحدث تأثيراً على نطاق واسع، وكيف تكبر إيراداتك. ومن هنا بدأت أنظر إلى شركة العائلة بشكل مختلف.

ما هو المسار الذي سلكته من أجل خلافة والدك المدير التنفيذي والرئيس السابق لـ"إلكترو سوفت"؟

حين انضممت إلى الشركة، كان والدي يفكر في التقاعد في غضون ثلاث سنوات. ولكن في النهاية لم يتقاعد قبل 11 سنة. ولكن كان هذا أمراً جيداً، فقد مكّنني من أن أفهم دوري وأن أكيفه حتى يتلاءم مع مهاراتي. اكتشفت ما الذي لا أريد أن أقوم به (البيع والتسعير)؟، وما الذي أريد أن أقوم به (تطوير الأعمال والتسويق)؟. لذا تمكنت من التركيز على الأمور التي أجيدها، وهذا ما يخدم الشركة بشكل أفضل. كان الوقت قد حان أيضاً لأن أثبت لوالدي أنني جاهزة لتولي مهام المديرة التنفيذية. فلم أطلب دائماً الإذن للقيام بتغييرات، بل كنت أقوم بها من تلقاء نفسي.

بعد 11 سنة، كيف بدأت الحديث الجدّي عن الخلافة؟

اخترت كلماتي بعناية شديدة. فقبل الحديث عن عملية الانتقال نفسها، كان يجب أن أعرف ما إذا كانت هناك خطة خلافة رسمية، وأن أفهم ما الذي يريده والدي. بالأخص، من الذي سيتولى القيادة؟ لديّ أخوان منخرطان في الشركة أيضاً، ولذا في البداية كان والدي يفكر في تقيسم الشركة إلى ثلاث شركات، لكن أحد أخوتي لم يكن يرغب في تولي دور قيادي، والآخر لم يكن متأكداً ما إذا كانت الشركة هي شغفه.

ما هي الخطوات التي أسهمت في تحديد من سيتولى القيادة؟

ما إن تم تأكيد قرار الخلافة، بدأنا في عقد اجتماعات عائلية دورية للحديث عن توجه الشركة والتحديات التي تواجهها والأمور المهمة، مثل الوضع الائتماني لكلّ فرد والأصول التي يملكها. فالناس يقللون من شأن مثل هذه الأمور، فيفكرون بأنه بإمكان عائلتك أن تسلمك الشركة هكذا بكلّ بساطة بغضّ النظر عن وضعك المالي الشخصي. يمكنك أن تهب حصصاً بكميات محددة سنوياً، ولكن ربطاً بقيمة الشركة، فإن نقل كلّ الأسهم قد يستغرق وقتاً طويلاً جداً.

قمت بعدها باستقدام خبير من شركة إدارة مالية للتحقق مما إذا كانت رغبات الجميع قابلة للتحقيق، ومن أجل قيادة العملية من منطلق غير عاطفي. أجرى هذا الشخص مقابلات معنا جميعنا، وأخضعني وأخويّ إلى اختبار إيجاد نقاط القوة (StrengthsFinder) من أجل تقييم مستويات اهتماماتنا الشخصية واستعداداتنا قبل أن يبلغ والديّ بتوصياته. بصراحة كانت هذه الطريقة الأكثر ودية للتعامل مع الأمر، أي من خلال فتح نقاش صريح ضمن العائلة لضمان أن الجميع على الموجة ذاتها، ثم الاعتماد على طرف ثالث من أجل التوصل إلى اتفاق يعبّر عن رغباتك بصراحة. وهكذا تبقى كلّ الأمور المزعجة بعيدة عن العائلة.

كيف سارت الأمور بعد اتخاذ القرار بأنك أنت من ستتولين القيادة؟

انطلاقاً من هنا، أنشأت فريقاً لعقد الصفقات. قمت بواجبي وتحدثت مع العديد من المصارف من أجل مقارنة أسعار الفائدة والعروض والتكلفة الكلية للعمل. وجدت محامياً جيداً انضمّ إلينا من أجل تسهيل العملية الانتقالية وجعلها أكثر وضوحاً. فمن المهم أن يكون لديك فريق قادر على الإجابة عن أسئلة مثل: ما الذي أنت مستعد لأخذه على عاتقك؟ كم الوقت الذي سيستغرق الحصول على المردود؟ هل سترث الموظفين أو تعيّن موظفين جدداً بنفسك؟ ففريق إعداد الصفقات هو من يقوم بهذه التعاملات.

ما هي بعض التحديات التي واجهتها وكيف تجاوزتها؟

ما كنت أعرفه ولكنني لم أقدر قيمته جيداً إلى حين انتهى كلّ شيء، هو أن لهذه العملية جانباً عاطفياً بالنسبة إلى المالك السابق، وأعني في ما خصّ التخلي عن قيادة الشركة وتسليمها إلى شخص آخر. فحين تتذكر ذلك، تحرص على السيطرة على مشاعرك الخاصة. وفي حالتي، أبقيت على والدي كمستشار، وهذه علاقة فعّالة بالنسبة إلى كلينا. فقد فوّض لي الأجزاء من العمل التي كانت توتره، وأنا ألجأ إليه طلباً للنصيحة من حين إلى آخر.

هل هناك أي أمور أخرى يجب أن يأخذها الشخص في عين الاعتبار قبل أن يتولى قيادة شركة عائلية؟

أنصح بأن تبني مجموعة من الاستشاريين وشبكة دعم خاصة بك، تضمّ أشخاصاً لا تقتصر مساعدتهم على إدارة شركة عائلية، بل تتخطى ذلك إلى إدارة العمل بشكل عام. الحقيقة أن أياً من أصدقائك لن يفهموا ما الذي تمرّ به، لذا من المهم أن تكون قادراً على الوصول إلى قادة أعمال آخرين ليمدوك بالدعم. لقد انضممت إلى مجموعة تدريبية للرؤساء التنفيذيين في ذلك الوقت، وقد شجعوني في خلال كامل العملية. تذكروا، يعتقد الجميع بأن مسألة الخلافة هذه إمّا غامضة جداً أو أن الناس يعرفونها غريزياً، ولكن هذا ليس صحيحاً. لا داعي للخجل من طلب المساعدة.