خطة جين فريزر لإعادة هيكلة "سيتي غروب" والتفوق على المنافسين

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أصبح سطح مبنى مقر "سيتي غروب" الرئيسي، الذي شُيِّد حديثاً وسط مدينة نيويورك، أحد أفضل الاستثمارات العقارية للبنك بالصدفة، إذ يستطيع المصرفيون في البنك الاستثماري والمتداولون الهروب بعد ساعات العمل للاستمتاع في الهواء الطلق بالمشهد المطل على نهر هدسون، والقيام ببعض عمليات التواصل أو تناول الكوكتيل، وهو ما يمثل أمراً جيداً لأولئك الذين عادوا إلى العمل من المكتب وسط الوباء الذي طال أمده.

اقرأ أيضاً: "سيتي غروب" تطرح خدمة العملات المشفرة لعملائها الأثرياء

بالعودة إلى الطاولة في ذلك المكان الواسع، تناقش جين فريزر، الرئيس التنفيذي الجديد لـ"سيتي غروب"، أول انتصاراتها في منصبها الجديد، الذي حققته في وقت مبكر من الصيف بعدما نجحت في ما فشل فيه عدد كبير من الرؤساء التنفيذيين للبنوك المنافسة، الذين حاولوا إعادة الموظفين إلى مكاتبهم، فيما كانت سلالة "دلتا" تنتشر، ما أدى إلى زيادة الإصابات وإجبارهم على مراجعة خططهم مرة أخرى.

في المقابل، اتبعت فريزر نهجاً أكثر استرخاءً، إذ تركت قرار توقيت العودة بيد الموظفين. ورغم أن ذلك المنهج غامض، لكنه قد يكون طريقة جيدة لتوظيف المواهب والاحتفاظ بها، وذلك في الوقت الذي استقبلت فيه عديداً من استفسارات المديرين في البنك، بشأن التطلع إلى التفوق على المنافسين مثل "جيه بي مورغان" و"غولدمان ساكس".

تقول فريزر وهي تحتسي قهوتها: "أريد أن أتفوق على المنافسين".

من السهل أن تنسى أن أول امرأة تنفيذية في أحد البنوك الأمريكية الكبرى تولّت واحداً من أصعب المناصب في مجال التمويل على مستوى العالم في الوقت الحالي، إذ يتراجع سعر سهم "سيتي غروب" عن أدنى مستوياته التي سجّلها قبل أكثر من 3 سنوات بقليل، مقابل اقتراب أسهم بعض البنوك الأمريكية المنافسة من تسجيل ارتفاعات قياسية.

تشير فريزر الاسكتلندية الأصل، والبالغة من العمر 54 عاماً، إلى أن لديها خطة لإعادة هيكلة عمليات البنك، بدءاً من إدارة الثروات والخدمات المصرفية الشخصية العالمية.

تغيير نموذج العمل

تحاول فريزر تغيير نموذج العمل الراسخ للعملاق المصرفي. ويعتقد أحد المستثمرين أن نموذج عمل البنك قد أصبح معقداً للغاية، إذ يتبع مزيجاً خاطئاً من الأنشطة والمهام المتعددة.

رغم تاريخ "سيتي غروب" الذي يعود إلى ما قبل 210 أعوام، فإن المجموعة بدأت حقبة جديدة في تسعينيات القرن الماضي، بعد الاندماج وتولي سانفورد ساندي ويل الذي نجح في إقناع الكونغرس بوقف العمل بقانون حقبة الكساد الاقتصادي، الذي يقضي بفصل أعمال البنوك التجارية التي تقبل الودائع الفيدرالية المؤمنة عن الأعمال التجارية للشركات الأكثر خطورة في "وول ستريت". فقد قدّم "سيتي غروب" نموذجاً كلاسيكياً لمدى خطورة عدم الفصل، إذ كان البنك أكبر البنوك المستفيدة من دعم دافعي الضرائب مقارنة بباقي البنوك الأخرى، بعدما تكبَّد خسائر كبيرة بسبب الرهون العقارية المعدومة والقروض المتعثرة نتيجة الأزمة المالية في عام 2008، وقد انخفض سعر سهم البنك في عام 2009 إلى أقل من دولار واحد، فيما جرى تداوله الآن بأقل بنحو 86% عن مستوياته قبل 15 عاماً.

يُعَدّ سهم "سيتي غروب" الوحيد بين البنوك الستة الكبرى في "وول ستريت" الذي يتداول بأقل من صافي قيمة الأصول إلى عدد الأسهم، والذي يمثل أحد أكثر المؤشرات شيوعاً التي تعكس قيمة المؤسسة. ورغم ذلك يبقى البنك أحد اللاعبين المؤثرين، إذ تنتشر أعماله في أكثر من 160 دولة حول العالم، التي تُنفَّذ من خلالها تحويلات بنحو 4 تريليونات دولار من المدفوعات يومياً، كما يضم البنك أكبر جهة إصدار لبطاقات الائتمان عالمياً.

دعم تنظيميّ واستثماريّ

تعتبر الجهات التنظيمية "سيتي غروب" واحداً من بين أكثر 3 بنوك تنظيماً على مستوى العالم، ولذلك تلقى جهود فريزر لإعادة هيكلة عمليات البنك دعماً من الجهات التنظيمية والمستثمرين على السواء.

يقول كريس كوتوفسكي، المحلل في "أوبنهايمر آند كو" (Oppenheimer & Co)، إن مشكلة "سيتي غروب" الأساسية تتمثل في عدم قدرته على تحقيق أرباح تتناسب مع حجم أصوله، إذ واصل من سبقوا فريزر قضاء معظم العقد الذي تلا الأزمة المالية محاولين تقليص حجم الأصول الرديئة البالغة قيمتها 800 مليار دولار. كما أن البنك، بحلول نهاية عام 2010، كان قد بدأ في ملاحقة المنافسين على صعيد الربحية، وإن كان "ببطء لكن بثبات، إلا أن كوفيد أعاد الوضع إلى المربع الأول.

تأثرت نتائج أعمال "سيتي غروب" سلباً بأنشطة البطاقات الائتمانية لسبب لم يكن متوقعاً، إذ مكّنت جهود الحكومة لدعم الاقتصاد العملاء من سداد الائتمان الخاص بهم حتى مع انخفاض إنفاقهم بسبب الإغلاق، فيما لم يتمكن البنك من الاستفادة من تلك الجهود، نظراً إلى صغر شبكة فروعه وقدرتها على جذب ودائع الأفراد مقارنة بفروع "جيه بي مورغان" و"بنك أوف أميركا".

مواضيع أخرى قد تهمك عن البنوك الأمريكية

تقول فريزر إن أول ما يريد المساهمون رؤيته هو "سد فجوة العائد مع منافسينا، والتركيز بشكل أكبر على الأنشطة ذات العائد المرتفع"، إذ بلغ العائد على حقوق المساهمين للأسهم العادية الملموسة لدى "سيتي غروب" 6.9% فقط بنهاية العام الماضي، مقارنة بـ14% لدى "جيه بي مورغان"، علماً بأن هذا المؤشر يعتبر المعيار الذهبي في "وول ستريت" لقياس مكاسب أي بنك مقابل كل دولار من حقوق المساهمين.

فشل طويل الأمد

لا يوجد لدى فريزر مجال للخطأ، إذ تولت المهمة وسط حملة البنك التي استمرت لسنوات من أجل تدعيم أنظمته الداخلية وبرامج البيانات التي تكلفه المليارات. وكان "سيتي غروب" البنك الوحيد الذي أشار "مكتب المراقب المالي للعملة" و"الاحتياطي الفيدرالي" العام الماضي إلى فشله "طويل الأمد" في إدارة المخاطر وضوابطها، بالإضافة إلى تغريم البنك 400 مليون دولار، وتكليفه اتخاذ خطوات لإصلاح تلك المشكلات. وتقضي الإجراءات أيضاً بطلب البنك الموافقة من "مكتب المراقب المالي للعملة" قبل إجراء أي عمليات استحواذ.

ظهر خلل وظيفي العام الماضي أيضاً لدى "سيتي غروب"، عندما أرسل موظفو البنك عن طريق الخطأ نحو مليار دولار لدائني شركة "ريفلون" (Revlon). ورغم عدم تناول الجهات التنظيمية لذلك الخطأ، فإنه أدى إلى معركة قضائية مطولة ومحرجة لاسترداد الأموال.

العودة إلى المكاتب

مثل كل رئيس تنفيذي في الوقت الحالي، يتعين على فريزر التعامل مع التحدي الرئيسي المتمثل في إدارة مكان عمل متوقف بالكامل. وفور تولي فريزر منصبها في مارس، طرحت فكرة مختلفة عما طرحه غيرها من رؤساء "وول ستريت"، إذ وعدت بعمل معظم موظفي البنك من المنزل يومين أسبوعياً على الأقل بشكل دائم. ويمثل الأمر صدمة لـ"وول ستريت"، في الوقت الذي طالب فيه جيمي ديمون من "جيه بي مورغان" وديفيد سولومون من "غولدمان ساكس" بعودة جميع الموظفين إلى مكاتبهم.

لم تتوقف أفكار فريزر في ذلك الشأن عند هذا الحد، بل سمحت للموظفين بتحديد أوقات العمل، إذ قالت إنه "لا بأس إذا أراد الناس الذهاب مبكراً لاصطحاب الأطفال من المدرسة وتسجيل الدخول في المساء لإنهاء العمل". وأضافت: "قد ترى أطفالك أو تتجنب وقتاً معيناً للتنقل حيث يكون الأمر جحيماً".

اقرأ المزيد: "غولدمان ساكس" ينضم إلى موجة الإصدارات البنكية ويصدر سندات من 5 شرائح

تمثل تلك الأفكار تحوّلاً كبيراً في "وول ستريت"، إذ يُطالَب المصرفيون المبتدئون ومسؤولو قاعات التداول الصاخبة، الذين كان معظمهم تاريخياً من الموظفين الذكور، العمل لنحو 100 ساعة أسبوعياً، لأن "سيتي غروب" في تلك الحالة يطرح دراسة حالة هي الأولى من نوعها للبنوك لمعرفة ما إذا كان اتباع نهج مختلف قد ينجح لدى جميع الأطراف. تقول فريزر: "عدد كبير من الآباء جاؤوا وقالوا إن الأمر جيّد للغاية، لأنني أستطيع العمل من المنزل وبالتالي يمكنني الذهاب إلى مسرحية الطفل المدرسية".

تجديد الطاقة

يراقب البنك عن كثب كيفية استجابة الناس، ولا توجد مؤشرات حتى الآن على تراخي الموظفين. وتقول فريزر: "يمكنك أن ترى التأثير من الناتج النهائي. الأمر يجدد الطاقة للتخلص من بعض الثقافات القديمة التي عفا عليها الزمن، أو طرق القيام بالأشياء وأنت تطلق العنان لهذه الطاقة".

يأمل "سيتي غروب" أن يرى طاقات جديدة في مكان واحد يتمثل في نشاط إدارة الثروات. يمثل بيع "سيتي غروب" شركة "سميث بارني للوساطة" (Smith Barney brokerage) بعد الأزمة المالية، إلى "مورغان ستانلي"، بمثابة أكبر التحولات في "وول ستريت" بالنسبة إلى المشتري.

يقول كوتوفسكي: "من المؤسف أنهم اضطروا إلى بيع (سميث بارني)"، إذ أسهمت الصفقة في توسع طموح للمنافس "مورغان ستانلي" في مجال إدارة الثروات وتقديم الاستشارات للأثرياء، ما أسهم في حصول "مورغان ستانلي" على تدفق مستقر من الإيرادات، وأدى ذلك إلى ارتفاع أسهم البنك. كما عزز "مورغان ستانلي" من نشاطه في مجال إدارة الأصول بعد الاستحواذ مؤخراً على "إيتون فانس" (Eaton Vance).

اقرأ أيضاً: صفقات الإدماج والاستحواذ تنعش أرباح "مورغان ستانلي" في الربع الثالث

حدّ قرار "مكتب المراقب المالي للعملة" من قدرة "سيتي غروب" على عقد الصفقات، وجعله في وضع يصعب عليه تكرار محاولة "مورغان ستانلي" الذي يحاول عديد من البنوك العالمية تقليد استراتيجيته، وهو ما تعتقد فريزر بأنه قرار خاطئ، إذ تعتمد استراتيجيتهم على شراء وحدة إدارة أصول يمكنها تقديم منتجات لأسطول من الوسطاء أو المستشارين الماليين، الذين يساعدون في بيعها إلى العملاء. وبرأي فريزر فإن المشكلة تكمن في أن الصناعة على وشك أن تشهد تغييرات كبيرة.

الوساطة "ستتلاشى"

تقول فريزر: "يمثل الوسيط عاملاً محورياً ورئيسياً في النموذج الأمريكي، وهو ما أعتقد أنه سيتلاشى في السنوات المقبلة". وقد بدأت الفعل شركات ناشئة في وادي السيليكون وكذلك بعض البنوك في توفير منصات تداول واستثمار آلي مجانية تقريباً، وهو ما يسهل على المستثمرين تدقيق منتجاتهم الاستثمارية واختيارها بأنفسهم، الأمر الذي يتزامن مع خروج فرق عمل الوساطة الناجحة من البنوك.

تشير فريزر إلى رغبة "سيتي غروب" في أن يكون مستشاراً أكثر موضوعية، إذ تقول: "نظراً إلى عدم وجود مدير أصول لدينا، فإننا واضحون جداً بأننا موجودون لخدمة عملائنا".

في الأشهر الأخيرة من عملها رئيسة للبنك، وقبل ترقيتها إلى منصب الرئيس التنفيذي، أدمجت فريزر وحدة إدارة الثروات للمدخرين المتقاعدين في "سيتي غروب" مع بنك المجموعة الخاص بنشاط الأثرياء. وتعتمد الإدارة المدمجة على مجموعة من العملاء، تتضمن عملاء البنك التجاري، كما تقدم خدماتها للشركات متوسطة الحجم.

تهدف فريزر من ذلك الإدماج إلى مساعدة رواد الأعمال في بناء شركاتهم والعمل معهم على رعاية ثرواتهم، وكذلك تقديم المساعدة لهم في الاستحواذ على المنافسين أو إصدار السندات أو جمع التمويل. تقول فريزر، في إشارة إلى شركات "اليونيكورن" التي تبلغ قيمتها أكثر من مليار دولار: "بدأت (أوبر) و(إير بي إن بي) في بنكنا التجاري في الولايات المتحدة كعميلين، وبدأت شركات اليونيكورن في أمريكا اللاتينية وآسيا في بنكنا التجاري كعملاء أيضاً. نحن نساعد هذه الشركات على تكوين تلك الثروة، وبعد ذلك يمكننا مساعدة ملاك تلك الشركات".

قد يسخر البعض من العاملين في البنوك الأمريكية من ذلك، إذ إن نشاط إدارة الثروات في "سيتي غروب" ليس من الأكبر هناك، لكنه يحتل المرتبة الثالثة في آسيا.

الحضور الدولي

قد يكون التوسع الدولي في إدارة الثروات من مميزات "سيتي غروب"، لكنه من وجهة نظر بعض المستثمرين يحمل مشكلات أخرى. يقول جيم شاناهان المحلل في "إدوارد جونز": "لديهم عمليات مصرفية في كل أنحاء العالم، وأعتقد أن هذا قد شكل ضغطاً كبيراً على كفاءة العمل. فمن الصعب إدارة العمليات المصرفية العالمية بكفاءة كما لو كانت إدارة استراتيجية مصرفية محلية فقط للأفراد".

يضرب ذلك النقد الركيزة الأساسية للهوية التاريخية لـ"سيتي غروب"، فعند الجلوس مع قادة البنك على مدار عقود، كان لا بد من الاستماع إليهم وهم يتباهون بقوتهم وانتشارهم عالمياً. وقد تفاخر فيكرام بانديت، الرئيس التنفيذي للبنك آنذاك، أمام المساهمين عام 2011 قائلاً: "لا يمكن أن تذكر أي دولة فيها بنك أجنبي وصل قبلنا إلى هناك، أو كان هناك منذ ذلك الحين".

اقرأ أيضاً: دخل الشخصيات المؤثرة في "وول ستريت" يفوق رواتب المصرفيين

أمضت فريزر وقتاً طويلاً من حياتها المهنية في بيع وحدات من إمبراطورية "سيتي غروب" العالمية، بداية من الإشراف على العمليات في أمريكا اللاتينية، والآن كرئيس تنفيذي للمجموعة، إذ تعرض للبيع العمليات المصرفية الاستهلاكية في عشرات الأسواق في أنحاء آسيا وأوروبا، التي فشلت في جني الأرباح العام الماضي. قالت فريزر إن فريق العمل سيكون "تحليلياً وغير عاطفي عند تقييم الأشياء، ونحن واثقون باتجاهنا لنكون أقل تعقيداً".

أهداف لا تتحقق

حدّد "سيتي غروب" مراراً وتكراراً أهدافاً لخفض التكاليف وتحسين الإيرادات على حد سواء، ولم يحققها. فقد أخبرت المجموعة المستثمرين في عام 2008 بأنها تسعى إلى تحسين مؤشر كفاءتها -مقياس مقدار ما تنفقه لتوليد دولار واحد من الإيرادات- بخفضها إلى 58%. ومع نهاية النصف الأول من العام الجاري لم تستطع المجموعة تحقيق الهدف الذي تحدّد قبل 13 عاماً.

حدّدت فريزر لنفسها ولنوابها موعداً نهائياً ليتأكد المستثمرون من أن الأمور تتحسن، لكن الوقت ضيق، فقد أعلن البنك مؤخراً عن عقد يوم للمستثمر في مارس، الذي يُعقد للمرة الأولى منذ نحو 5 سنوات. وتمثل تلك المناسبات فرصة -بعيداً عن إعلانات الأرباح الفصلية العادية- للتحدث مع كبار المساهمين وإثبات أنها تقدم أفضل أداء يمكن القيام به، إذ ستصبح فريزر على أرض الواقع، بعدما اكتسبت خبرات واسعة في أثناء عملها مستشارة في "ماكينزي آند كو" تقدّم النصائح للبنوك عمّا يجب عمله.

يقول مايك مايو، المحلل في "ويلز فارغو"، الذي اعتاد نقد "سيتي غروب" منذ فترة طويلة: "من المرجح أن يكون يوم المستثمر عرضاً لتوصيات (ماكينزي)، فليس لدي شك في أنه سيكون واضحاً في الخطط الاستراتيجية وركائز العمل".

الاستعداد للمستقبل

لكن مايو يريد من فريزر أن تذهب إلى أبعد من ذلك في إعادة هيكلتها للبنك، إذ يقول: "ما فعلته حتى الآن أشبه بإجراءات انتقائية لمرضى العيادات الخارجية الذين هم بحاجة إلى بعض العمليات الجراحية الأكثر جدية لتهيئة (سيتي) للمستقبل". ومن بين ما يريده مايو من فريزر التركيز على عمليات الخزانة مترامية الأطراف، وحلول التداول للشركات، التي تنقل الأموال إلى عديد من كبريات الشركات حول العالم.

انتقد مايو في مذكرة بحثية للعملاء بتاريخ 11 أكتوبر برنامج مكافآت 3 من كبار مساعدي فريزر، وهُم المدير المالي للبنك، ورئيس مجموعة العملاء من الشركات، ورئيس عمليات الشركات والتكنولوجيا، وتصل المكافآت إلى ملايين الدولارات في حال تحقيق أهداف غير معلنة وتنفيذ خطة "التحول" الخاصة بالبنك. وكتب مايو أن تلك المكافآت ترقى إلى كونها "رواتب إضافية للمديرين التنفيذيين لمجرد قيامهم بعملهم".

يبدو أن فريزر لا تواجه صعوبة كبيرة في جذب المواهب للعمل في البنك، فقد نجحت خلال الأشهر الأخيرة في تعيين روب كاسبر من "جيه بي مورغان" رئيساً لعملية تحول البيانات، كما اقتنصت إريكا أيريش براون من "غولدمان ساكس" لقيادة جهود تنويع العمليات وشموليتها. كما سينضم قريباً برينت ماكنتوش، المسؤول السابق في "وزارة الخزانة"، ليعمل مستشاراً عامّاً وسكرتيراً للمجموعة، فضلاً عن أن البنك الاستثماري أضاف عدداً كبيراً من المواهب الجديدة، من بينها بريان ترويسدال من "جيه بي مورغان"، وتشاك آدامز من "غولدمان"، وديرين شاه من مجموعة "كريدي سويس". تقول ميندي لوبر المديرة التنفيذية لمنظمة "سيريس" (Ceres) غير الربحية التي تقوم بحملات من أجل الاستثمار المستدام، عن فريزر: "تأتي بحفنة من الهواء النقي، كما أنها منفتحة للنظر إلى العالم الجديد".

رغم الوباء، أمضت فريزر جزءاً كبيراً من الصيف في السفر وعقد مئات الاجتماعات مع الموظفين والمستثمرين والمسؤولين الحكوميين والعملاء، إذ سافرت في الأسابيع الأخيرة إلى كينيا والمكسيك وبريطانيا وألمانيا، من بين أماكن أخرى.

تقول فريزر، الآن انتهت جولة الاستماع، وسوف "نصوغ طريقنا الخاص لنكون مؤهلين للعقود المقبلة كما كنا على مستوى العالم في الماضي، ونحن على استعداد لأن نتحلى بالجرأة للقيام بذلك"، سواء حدث ذلك في المكتب أو عن طريق "زووم" أو على السطح، فذلك لا يهم كثيراً.