عمالقة النفط لن يساعدوا العالم في مواجهة أزمة الطاقة

ألسنة اللهب تتصاعد من مصفاة تورانس التابعة لشركة إكسون موبيل في كاليفورنيا، الولايات المتحدة.
ألسنة اللهب تتصاعد من مصفاة تورانس التابعة لشركة إكسون موبيل في كاليفورنيا، الولايات المتحدة. المصور: باتريك تي فالون / بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تجني كبرى شركات الطاقة في العالم أرباحاً طائلة هي الأعلى منذ سنوات، لكن من المستبعد أن ينفقوا هذه الأموال على جلب إمدادات جديدة إلى الأسواق من النفط والغاز الطبيعي لمواجهة النقص في أوروبا والصين خلال هذا الشتاء.

أكدت شركات "إكسون موبيل" و"رويال دوتش شل" و"شيفرون" هذا الأسبوع أنها ستنفق غالبية أرباحها غير المتوقعة على عمليات إعادة شراء الأسهم وتوزيعات الأرباح، وسيرتفع الإنفاق الرأسمالي في العام المقبل، لكن هذه الزيادات تأتي من قاعدة منخفضة بشكل استثنائي لعام 2021 وضمن الأطر التي تم وضعها قبل الارتفاع الأخير في أسعار الوقود الأحفوري.

إنه تغيير تدريجي عن الارتفاعات السابقة في أسعار الطاقة، كما حدث في بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين عندما زاد نشاط شركات النفط الصخري الناشئة في الولايات المتحدة وارتفعت المخاوف بشأن نقص الوقود الأحفوري، ما أدى إلى زيادة هائلة في الإنفاق الرأسمالي.

اقرأ أيضاً: عمالقة النفط يستعدون لجني أكبر تدفقات نقدية منذ 13 عاماً

فائض الإنتاج وانعدام التحكم بالتكاليف

انتهى هذا الازدهار بشكل مؤلم لصناعة النفط العالمية، في ظل فائض كبير في الإنتاج وانعدام التحكم بالتكاليف، لكن هذه المرة، يبدو أن شركات النفط الكبرى راضية بجني الأموال وتسليمها إلى المساهمين، الذين سئموا من ضعف العائدات على مدار العقد الماضي ويشعرون بالقلق بشأن المخاطر المناخية الكبيرة التي تتعرض لها الشركات.

قال ستيوارت غليكمان، المحلل في "سي إف آر إيه ريسيرش" (CFRA Research) ومقرها نيويورك: "لم يمض وقت طويل على دهشتهم بسبب انهيار الأسعار، لذا ليس من المستغرب أنهم يبتعدون عن الإنفاق الرأسمالي. يبدو الأمر كما لو أنهم عالقون بين مجموعتين متطرفتين - حشد مناصري الاستثمارات البيئية والاجتماعية والحوكمة، والمساهمين المتعطشين للتدفق النقدي".

1500 مؤسسة تملك أصولاً بـ39 تريليون دولار تسحب استثماراتها من الوقود الأحفوري

إرضاء الطرفين ممكن

يمكن لشركات الإنتاج إرضاء المجموعتين من خلال عدم تكثيف الإنفاق على الوقود الأحفوري. لكن هذا نذير سيئ للمستهلكين الذين يطالبون بالمزيد من الإمدادات. تتنافس أوروبا وآسيا حالياً على الغاز الطبيعي، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية، بينما طلبت الولايات المتحدة والهند من "أوبك+" إنتاج المزيد من النفط. ودعت الصين الشركات المملوكة للدولة إلى تأمين إمدادات الطاقة بأي ثمن.

ربما تكون شركة "شيفرون" أفضل مثال على ابتعاد شركة عن مركز الإنتاج، فقد حققت شركة النفط العملاقة ومقرها كاليفورنيا أكبر تدفق نقدي حر في تاريخها البالغ 142 عاماً خلال الربع الثالث، لكنها تعتزم الحفاظ على الإنفاق الرأسمالي عند نسبة 20% وأدنى من مستويات ما قبل كوفيد العام المقبل مع زيادة عمليات إعادة شراء الأسهم.

ستكون ميزانية الشركة الرأسمالية لعام 2022 عند الحد الأدنى لنطاقها الذي يتراوح بين 15 مليار دولار و17 مليار دولار، وفقاً لما قاله المدير المالي بيير بريبر، أي أقل بحوالي 60% من مستويات 2014.

شركات الوقود الأحفوري لا تشبه "أسهم الخطيئة".. وهذه هي الأسباب

محور الكربون المنخفض

قال يوم الجمعة في مؤتمر عبر الهاتف مع المحللين: "مع مرور الوقت، ستعود الغالبية العظمى من الفائض النقدي إلى المساهمين على شكل توزيعات أرباح أعلى وإعادة شراء للأسهم".

حتى شركة "إكسون"، التي كانت حتى العام الماضي تشبه الطفل الذي تظهر صورته على الملصقات لمضاعفتها إنتاج الوقود الأحفوري، أصبحت الآن أكثر تحفظاً فيما يتعلق بأموالها.

"إكسون" تحقق أرباحاً هي الأعلى في 7 سنوات وتخصص 10 مليارات دولار لإعادة شراء أسهمها

أعلنت شركة الطاقة العملاقة التي تتخذ من تكساس مقراً لها عن إعادة شراء مفاجئة للأسهم يوم الجمعة وحبس إنفاق سنوي طويل الأجل في نطاق منخفض عند حوالي 20 مليار دولار، في تخفيض بأكثر من 30% عما قبل الوباء.

علاوة على ذلك، سيخصص حوالي 15% من ميزانية "إكسون" للاستثمارات منخفضة الكربون، وهو ابتعاد كبير عن استراتيجيتها السابقة، بعد أشهر فقط من إقناع المستثمر الناشط "إينجين 1" للمستثمرين باستبدال ربع أعضاء مجلس إدارتها. قال الرئيس التنفيذي دارين وودز إن الإنفاق على الطاقة النظيفة يوفر "خيارات ويبني المرونة في خططنا".

أما شركة "شل"، التي تواجه ضغوطاً من مستثمر نشط بعد أن كشفت شركة "ثيرد بوينت" (Third Point) العائدة لدان لويب هذا الأسبوع أنها استحوذت على حصة في الشركة، فإنها تبدو أكثر إحجاماً عن الإنفاق على أعمالها النفطية التقليدية. سيخصص أقل من نصف إنفاقها الرأسمالي للنفط، مع توجيه الجزء الأكبر منه إلى الغاز ومصادر الطاقة المتجددة والطاقة.

قال بن فان بيردن الرئيس التنفيذي لشركة "شل" هذا الأسبوع: "لن نضاعف إنتاجنا من الوقود الأحفوري".