ضعف الطلب على صلب السيارات يكشف تصدع السوق الأمريكي

مصنع "يو إس" للصلب في غاري، إنديانا. عرضت الشركة الأسبوع الماضي بيع كمية تصل إلى 50 ألف طن من الصلب في مصنع بمنطقة "غاري" باعتبار أنها "صلب أولي فائض"، والتي كانت بالفعل قد تم صهرها وصبها وتشكيلها لصالح عملاء يعملون في تصنيع منتجات مثل صفائح صناعة السيارات، والذين قرروا أخيراً أنهم ليسوا في حاجة إلى ذلك المعدن. بحسب مستندات اطلعت عليها بلومبرغ.
مصنع "يو إس" للصلب في غاري، إنديانا. عرضت الشركة الأسبوع الماضي بيع كمية تصل إلى 50 ألف طن من الصلب في مصنع بمنطقة "غاري" باعتبار أنها "صلب أولي فائض"، والتي كانت بالفعل قد تم صهرها وصبها وتشكيلها لصالح عملاء يعملون في تصنيع منتجات مثل صفائح صناعة السيارات، والذين قرروا أخيراً أنهم ليسوا في حاجة إلى ذلك المعدن. بحسب مستندات اطلعت عليها بلومبرغ. المصدر: غيتي إيمجز
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

بدأت علامات الضعف المبكر في الظهور على الصعود القياسي لسعر الصلب، بينما يفتش أحد كبار المنتجين الأمريكيين عن مشترين للطلبيات الراكدة لديه من المعادن فائقة الجودة التي تستخدمها شركات تصنيع السيارات.

توفر شركة "يو إس ستيل كورب" معادن مخصصة في الأساس لصالح عملاء من شركات السيارات والتي قررت عدم استلام طلبياتها كاملة، وهو ما يدل على أن العجز المتواصل في أشباه الموصلات أسفر عن هبوط قد يمتد لفترة أطول أكثر من المتوقع في إنتاج السيارات ويقلص الطلب على الصلب.

في الأسبوع الماضي، عرضت الشركة بيع كمية تصل إلى 50 ألف طن من الصلب في مصنع بمنطقة "غاري" بولاية إنديانا باعتبار أنها "صلب أولي فائض"، والتي كانت بالفعل قد تم صهرها وصبها وتشكيلها لصالح عملاء يعملون في تصنيع منتجات مثل صفائح صناعة السيارات، والذين قرروا أخيراً أنهم ليسوا في حاجة إلى ذلك المعدن. بحسب مستندات اطلعت عليها بلومبرغ.

قطاع الصلب الأمريكي إلى ازدهار.. حتى من دون تعريفات ترمب

قالت الشركة في بيان أرسلته عبر البريد الإلكتروني: "لا يعد من أساليب ممارستنا قطعاً بيع إنتاج ضخم مخصص لعملاء صناعة السيارات في السوق الحرة باعتباره صلباً أولياً فائضاً". أضافت الشركة أنها حققت "أداء قياسياً حتى الآن خلال عام 2021، كما من المتوقع استمرار عمل السوق وسط بيئة قوية".

مستوى تشغيلي اعتيادي

يعد الصلب المنتج في مصنع منطقة "غاري" – وهو واحد من أكبر موردي الصلب لسوق السيارات الأمريكية- معدناً جديداً ويشتمل على أنواع متينة للغاية تتمتع بمستويات من الجودة هي الأعلى في قطاع الصلب. ويتم استخدامه في تصنيع المركبات خفيفة الوزن بهدف الوفاء بالمعايير البيئية. لم يتم التعرف وقتها على هوية شركات صناعة السيارات التي لم تتسلم كامل حصص طلباتها.

قالت الشركة في بيانها: "في الوقت الذي يعد فيه توافر ألواح غير أولية وأخرى خليطة من ضمن نمط التشغيل المعتاد بالنسبة للشركة والتي نقوم في النهاية ببيعها، إلا أن (يو إس ستيل) كانت تعمل بمستويات تشغيلها الاعتيادية لفترة زمنية طويلة، بما في ذلك الأسبوع الماضي، كما أن تلك المخزونات منخفضة عن المستويات المشار إليها بكثير". تابعت: "بالإضافة لذلك، لم تكن مبيعاتنا الحديثة تضم مخزوناً من لفات الصلب الأولي المنتجة لصالح العملاء من شركات تصنيع السيارات".

يكشف التحول في سجلات طلبيات الصلب لشركة "يو إس ستيل" عن ضعف الطلب بالتزامن مع توصل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لهدنة تجارية بشأن الصلب والألمنيوم. صعد سعر المعدن بقوة ليقترب من مستويات قياسية، ليسهم في رفع التضخم في نمو الاقتصاد الأمريكي المتباطئ بسبب عثرات سلاسل التوريد.

منعت أزمات التوريد الشركات المصنعة من إنتاج المزيد من السيارات لبيعها عن طريق حصص الوكلاء، ورغم أنه يبدو إلى وقتنا هذا أنهم يتفادون تلك المشكلة من خلال طلبهم الكميات القصوى من الصلب في تعاقداتهم.

تراجعت أسهم "يو إس ستيل" بنسبة 2.7% يوم الإثنين، لتصل مكاسبها إلى 50% خلال العام الجاري.

الهدنة

أبرمت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اتفاقاً يوم السبت يجيز للحلفاء إلغاء رسوم جمركية على ما يتجاوز 10 مليارات دولار من قيمة صادراتهم من الصلب والألومنيوم سنوياً. بموجب الاتفاق سيتم إعفاء ما يقرب من 3.3 مليون طن من واردات الاتحاد الأوروبي من الصلب من الرسوم، وهو ما يدلل على أنه من الممكن أن يصل المزيد من المعدن في وقت قريب إلى شواطئ الولايات المتحدة، بينما تتسلم شركات صناعة السيارات الأمريكية كميات منخفضة عن كامل طلبياتها.

اتفاق أمريكي أوروبي ينهي حرب الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم

جاءت هذه الهدنة أيضاً مع استمرار تراجع ​​الواردات الأمريكية من الصين على أساس سنوي، في طريقها لتسجيل هبوط للعام السابع على التوالي، وتسببت الرسوم الجمركية في ارتفاع تكلفة شراء المعادن من البلاد. في هذه الأثناء، تنوي الصين التي تعد أكبر منتج على مستوى العالم، تقليص إنتاجها، وهو ما قد ينجم عنه زيادة الضغوط على السوق العالمية في وقت تعاني فيه بالفعل من نقص في المعروض.

الجودة

وتظهر المستندات أن كمية الصلب المتبقية المتاحة من قبل الشركة، التي يقع مقرها في بيتسبرغ، تزيد عن نحو 65 ألف طن تم طرحها للبيع في شهر سبتمبر الماضي. تفوق هذه الكميات بكثير 3000 إلى 5000 طن كانت متاحة مؤخراً للشراء الفوري من المصنع في الصيف الماضي، وقت أن كان الطلب متزايداً.

بينما لم يكن من المعتاد أن تقوم المصانع ببيع الكميات المتبقية من الصلب، والتي من الممكن أيضاً أن تستخدمها شركات تصنيع أنابيب النفط وأعمال الإنشاءات. إلا أن الجودة العالية والحجم الذي توفره شركة "يو. إس. ستيل" يضيف من أهميتها. لم يكن عرض الشركة لتلك الكمية المنخفضة في الصيف يشتمل على مواصفات عالية من ذلك النوع، بحسب مصدر مطلع على العملية، بيد أنه غالباً كان عبارة عن صلب به "عيوب" لأنه لا يفي بالمواصفات الكيميائية على نحو دقيق والتي طلبها العميل.

سيتحول العرض المقدم من شركة "يو. إس. ستيل" مباشرة نحو ما يسمى بمراكز الخدمة التي توفر المعدن لشركات تصنيع المعدات وشركات تصنيع قطع غيار السيارات. لا يترك عرض المعدن لهذه المراكز في البداية عوضاً عن طرحه على نطاق واسع لكافة المشترين أثراً على المؤشر الرئيسي لأسعار الصلب محلياً، وهو المؤشر الذي قد يهبط إ​ذا عرف السوق بوجود فائض في المعروض في حال واجه مشترو المعدن صعوبة في الحصول على الصلب.

الرقائق وصناعة السيارات

أعلنت شركات صناعة السيارات في مطلع أكتوبر الماضي عن مبيعات ضعيفة في الولايات المتحدة على مدار الربع الثالث من العام الحالي، على خلفية عجز الرقائق الإلكترونية عالمياً. تعرضت "جنرال موتورز" لضربة هي الأكبر بعد أن تراجعت مبيعاتها بقدر يصل إلى الثلث، رغم توقع الشركة حدوث تحسن خلال الربع الأخير في ظل استقرار تدفق إنتاج المركبات داخل المصانع تمهيداً لطرحها على وكلاء التوزيع.

بطبيعة الحال، قال الرئيس التنفيذي لشركة "يو. إس. ستيل"، ديفيد بوريت، خلال مؤتمر مناقشة تقرير الأرباح عبر الهاتف في 29 أكتوبر الماضي إن العملاء من شركات السيارات يوجهون "تنبيهاً" من احتمال تجاوزهم مرحلة عجز الرقائق الإلكترونية، وذلك ما يفتح المجال لشركاتهم لزيادة جداول التصنيع للربع الأخير من العام الحالي والربع الأول من العام المقبل.

توقعات بزيادة الطلب على الصلب في 2022 رغم أزمة الطاقة

من المعتاد أن تضع شركات تصنيع السيارات حداً أدنى وأقصى للكميات في تعاقداتها مع شركات إنتاج الصلب. وبحسب مصدر مطلع، تسلم صانعو السيارات الحد الأقصى من عمليات تسليم الصلب خلال أغلب فترات العام الجاري في ظل الطلب القوي على المعدن، بيد أنهم خلال الشهرين الماضيين تسلموا كميات أقل من الحد الأقصى في ظل استمرار أزمة عجز الرقائق الإلكترونية.

معادن أساسية