هل خرج التضخم عن سيطرة "الاحتياطي الفيدرالي"؟

ترقب في أسواق المال لموعد خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي لبرامج التحفيز ورفع الفائدة
ترقب في أسواق المال لموعد خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي لبرامج التحفيز ورفع الفائدة المصدر: بلومبرغ
Ramesh Ponnuru
Ramesh Ponnuru

Ramesh Ponnuru is a Bloomberg Opinion columnist. He is a senior editor at National Review, visiting fellow at the American Enterprise Institute and contributor to CBS News.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

إذا انتهى الأمر بأي استطلاع للرأي بإجراء مسح لأكثر الكلمات غير المفضلة في عام 2021، فإن كلمة "مؤقت" و"سلسلة التوريد" قد تدخل القائمة بعد كلمة "التضخم" مباشرة.

وما يجعل وضعنا محبطاً للغاية، ليس هو فقط أننا لم نشهد مثل هذه السلسلة من الزيادات الشهرية في الأسعار منذ عقود. بل أيضاً نوع التضخم الذي نشهده فهو مؤلم على وجه الخصوص.

مسح "بلومبرغ": الفيدرالي الأمريكي بصدد خفض التسهيل الكمي في نوفمبر بضغط التضخم

تضخم مؤلم

فكر مرة أخرى في التفسير الأساسي للتضخم: إنه "الكثير من المال يطارد عدداً قليلاً جداً من السلع". هذا إلى حد ما تبسيط كبير: سيكون من الأدق القول إنه "إنفاق كبير يطارد عدداً قليلاً جداً من السلع والخدمات".

فعندما ترتفع الأسعار لأن الناس يُنفقون أكثر، يكون هذا تضخماً مدفوعاً بالطلب. وعندما ترتفع الأسعار بسبب النقص أو الانتكاسات في الإنتاجية، يكون ذلك مدفوعاً بالعرض. وبالطبع يمكن أن ترتفع الأسعار لكلا السببين.

يمكن أن يؤدي أحد أنواع التضخم أيضاً إلى النوع الآخر منه. إذ أعرب بعض المعلِّقين عن قلقهم من أن سلاسل التوريد المعطلة قد تغير توقعات الناس بشأن التضخم بطريقة تحقق ذاتها.

الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أمام مهمة شبه مستحيلة

إذا كنت تعتقد أن الأسعار سترتفع قريباً، فقد تنفق المزيد الآن. ومع ذلك، فإن مناقشة هذا الاحتمال يمكن أن يترك انطباعاً مضللاً بأنه سيكون سبباً للامتنان مجرد أن التضخم هو من النوع الذي يحركه العرض.

التضخم بسبب الطلب

للحصول على مثال مرجعي عن التضخم في جانب الطلب، تخيل أن البنك المركزي يصدر إعلاناً مفاجئاً بأنه سيدير أسعار الفائدة ويتعهد بشراء الأصول بهدف هندسة مضاعفة إجمالي الإنفاق في جميع أنحاء الاقتصاد خلال العام المقبل.

إذا صدق الناس أن ذلك سيحقق هذا الهدف، فعليهم أن يتوقعوا أنه في غضون عام، ستكون الأسعار، بما في ذلك الأجور، حوالي ضعف ما هي عليه الآن.

سيؤدي هذا التضخم إلى تحويل الأموال من المقرضين إلى المقترضين (بما في ذلك معظم أصحاب الرهن العقاري). ستنخفض القيمة الحقيقية للدين الثابت إلى النصف.

كما أن التضخم سيزيد العبء الحقيقي لضرائب أرباح رأس المال، حيث يدفع المستثمرون ضرائب على الأصول التي تبدو ذات قيمة مضاعفة، ولكنها ليست كذلك. سيتعين على المطاعم طلب قوائم طعام جديدة. وقد يكون هذا الانتقال قاسياً.

على الرغم من ذلك، في نهاية تلك العملية، يجب أن تكون القيمة الحقيقية لأجور معظم الناس هي نفسها تقريباً كما كانت من قبل: سيكون لديهم ضعف الأجر الصافي الذي يحصلون عليه، لكن كل دولار سيساوي نصف ما كان يساويه سابقاً.

التضخم بسبب العرض

يعمل التضخم في جانب العرض بشكل مختلف. يشهد الاقتصاد نفس القدر من الدولارات التي يتم إنفاقها، لكن يتم إنفاقها على أشياء أقل وبأسعار أعلى. ولا يزال يتعين أيضاً على الشركات تغيير أسعارها مع تقلب ظروف العرض.

لكن المقترضين لا يتقدمون من ناحية الأرباح. ولا يتم تعديل الأجور، حتى مع مرور الوقت، بحيث تكون هي نفسها من حيث القيمة الحقيقية.

لن ترتفع الضرائب على رأس المال، ولكن فقط لأن قيم الأصول لن ترتفع أيضاً. يمثل كل التضخم انخفاضاً في النشاط الاقتصادي. إنها خسارة محضة للاقتصاد بشكل عام.

ومما يجعل الأمور أسوأ، هو أن البنك المركزي لا يستطيع فعل أي شيء حيال ذلك. إذا أراد تجنب اضطرابات التضخم الافتراضي في جانب الطلب، فكل ما عليه فعله هو إلغاء خطته لمضاعفة الإنفاق.

أزمة سلاسل التوريد تواصل الضغط بقوة على قطاع الصناعة الأمريكي

مهمة معقدة

من ناحية أخرى، إذا كانت الأسعار أعلى لأن الموانئ لا تعمل بكفاءة، فما العمل؟ هندسة زيادة في الإنفاق سترفع الأسعار أكثر. كبحها سيقلل الإنتاج أكثر. لن يؤدي تخفيف الأموال أو تشديدها إلى تحريك البضائع عبر الموانئ بشكل أسرع. تجب معالجة قضايا التوريد مباشرة.

يعكس التضخم الذي شهده هذا العام كلاً من العرض والطلب، لكن يبدو أن العرض هو السائد. نما إجمالي الإنفاق، لكنه تجاوز بقليل المستوى المتوقع.

مع أخذ ذلك في الاعتبار، فإن المقارنة مع آخر تضخم مطول حصل في الولايات المتحدة تعطينا أخباراً جيدة وأخرى سيئة.

التضخم اليوم ليس بالارتفاع الذي كان عليه في أواخر السبعينيات –عندما وصل إلى رقم يتكون من خانتين في ثلاث سنوات متتالية من 1979 إلى 1981 - ولا تزال توقعات السوق للتضخم أقل بكثير من المعدلات التي بلغها في ذلك الوقت.

ولكن في حين شهدت السبعينيات صدمتين في العرض في شكل حظر نفطي (في 1973-1974 و1979-1980)، فإن معظم التضخم في ذلك العقد كان يعكس السياسات النقدية الرخوة التي انتهجها الاحتياطي الفيدرالي.

لكن التضخم الذي مررنا به هذا العام كان يعتمد في أغلبه على قضايا العرض - وبالتالي، في هذا الصدد، فإنه أسوأ.

لسنوات، كان الاحتياطي الفيدرالي يبدو وكأنه صانع السياسة الأكثر كفاءة لدينا. لكن الإصلاحات التي يجب إجراؤها لتخفيف التضخم الحالي الذي يحركه العرض خارجة عن سيطرته.