أصول مطوري عقارات الصين.. هل من مشترٍ؟

مجمعات سكنية قيد الإنشاء في منطقة نانتشوان في شينينغ، مقاطعة تشينغهاي، الصين.
مجمعات سكنية قيد الإنشاء في منطقة نانتشوان في شينينغ، مقاطعة تشينغهاي، الصين. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تواجه شركات التطوير العقاري الصينية، الطامحة لجمع سيولة تحتاجها بشدة من خلال بيع الأصول، صعوبات في عقد صفقات، حيث يلجأ المشترون المحتملون في هذا القطاع إلى اكتناز السيولة في أعقاب هبوط مبيعات المنازل، وبعد أن صعدت بكين من حملة الإجراءات التنظيمية الصارمة على الاستدانة.

خلال الشهر الماضي، أغلقت "إيفرغراند غروب" صفحة المناقشات لبيع حصتها المسيطرة في شركة إدارة العقارات التابعة لها والتي كان من الممكن أن تدر 2.6 مليار دولار تقريباً.

"إيفرغراند" الصينية تطوي صفحة صفقة "هوبسون"

وكشفت مؤسسة كايليان الإعلامية في تقرير لها عن تعثر خطط بيع برج مكتبي بارز في هونغ كونغ أيضاً، بينما شهد الأسبوع الماضي تخلف شركة "مودرن لاند تشاينا" عن موعد سداد سندات تصل قيمتها إلى 250 مليون دولار إثر عجزها عن بيع جزء من أصولها. تحاول شركة "أوشين وايد هولدينغز" بيع مجمعها المكتبي الرئيسي في بكين بعد تخلف إحدى وحداتها عن سداد مستحقات عليها.

اقرأ المزيد: "مودرن لاند" تنضم إلى قائمة الشركات الصينية المتخلفة عن سداد الديون

يسهم فشل محاولات بيع الأصول في تصاعد نقص السيولة النقدية لدى بعض الشركات العقارية العملاقة في البلاد، وتواجه الكثير منها حظراً على الوصول للأسواق المالية جراء زيادة تكاليف الاقتراض وسياسة "الخطوط الحمراء الثلاثة" التي تتبعها بكين لوضع حد للإقراض في القطاع.

ثلثا المطورين الصينيين يفشلون في تطبيق معايير الاستدانة

من جانبه، قال ماثيو تشاو، الذي عمل مديراً في "إس آند بي غلوبال راتينغس": "أغلب المشترين المحتملين للأصول العقارية المطروحة للبيع هم أيضاً شركات تطوير عقاري، بيد أنه وفقاً للقيود الخاصة بالديون ذات الخطوط الحمراء الثلاثة، يحجم كثيرون عن التهام أصول ضخمة". وأضاف: "حتى المطورين أصحاب السيولة النقدية الوفيرة، يفضلون الاحتفاظ بها، في ظل وجود دورة اقتصاد هبوطية".

على مدى سنوات، كانت لدى المطورين، بداية من شركة "داليان واندا غورب " ووصولاً إلى "سيزان غروب"، القدرة على تجاوز نقص التمويل من خلال بيع قطع أراضٍ أو مشاريع قيد التشييد أو أية أصول أخرى. ففي الكثير من الأحيان كان المشترون هم كبار المنافسين في سوق العقارات، بمن فيهم شركة "إيفرغراند" وشركة "سوناك تشاينا هولدينغز" و"تشاينا فانك"، الذين تتوافر لديهم الرغبة في الشراء في الكثير من الأحيان.

لم يعد الحال كما كان، ففي ظل أزمة ديون "إيفرغراند" التي ابتلعت القطاع، كما وضعت حملة إجراءات بكين التنظيمية الصارمة قيوداً على عمليات الاقتراض الحديثة. تكشف بيانات جمعتها بلومبرغ عن خرق ثلثي أكبر 30 شركة عقارية في البلاد من حيث المبيعات، لواحد من معايير الخطوط الحمراء الثلاثة على الأقل. يُحظر على شركة تطوير العقارات زيادة حجم القروض المستحقة عليها إذا خالفت الخطوط الثلاثة جميعها.

الصين بصدد فرض ضرائب على مالكي العقارات السكنية

قال تشواني تشو، محلل ائتمان لدى "لوكور إنلاتيكس": "في المعتاد تترافق المشروعات العقارية مع الديون". وتابع: "هناك في الوقت الحالي عدد محدود من اللاعبين في السوق ممن لديهم استعداد لإضافة المزيد من الديون المستحقة عليهم".

أسفرت أزمة نقص السيولة النقدية لدى "أيفرغراند" عن تراجع الثقة في قطاع العقارات الذي يمثل ربع الناتج المحلي الإجمالي تقريباً وفقاً لبعض التقديرات. سادت مخاوف إزاء حدوث عدوى مالية تضرب القطاع بأسرة، في ظل تخلف 4 شركات تطوير عقاري على الأقل عن سداد سندات دولارية خلال الشهر الماضي. تخلف المقترضون الصينيون عن سداد ما يفوق 9 مليارات دولار من السندات الخارجية خلال العام الحالي وكانت شركات العقارات مسؤولة عن ثلث هذا المبلغ.

عدوى "إيفرغراند" تنتشر.. "سينيك" الصينية تتخلف عن السداد

تزداد صعوبة بيع الأصول مع تراجع أسعار المساكن وهبوط مبيعات الأراضي. هبطت أسعار المساكن للمرة الأولى منذ ما يزيد على 6 سنوات في شهر سبتمبر الماضي، بينما صعدت نسبة قطع الأراضي التي لم يتم بيعها إلى مستوى هو الأعلى منذ عام 2018 على أقل تقدير. تراجعت مبيعات المنازل الجديدة وفقاً لكل منطقة لدى أكبر 100 شركة تطوير عقاري في البلاد بنسبة 32% خلال شهر أكتوبر الماضي مقارنة بنحو عام سابق، بحسب إحصاءات أوردتها شركة "تشاينا ريل أستيت إنفورميشن كورب" من المحتمل أن تواصل المبيعات التباطؤ خلال الفترة المتبقية من العام الجاري.

يعتبر ركود قطاع العقارات السكنية مصدر تهديد بمزيد من الاضمحلال في القيمة المحتملة للمشروعات العقارية المعروضة للبيع من قبل شركات على غرار "إيفرغراند"، والتي تطمح إلى بيع حصة إضافية أيضاً من أنشطتها التجارية في مجال السيارات الكهربائية بهدف إيجاد تمويل لسداد التزاماتها التي تفوق الـ 300 مليار دولار. وتستطيع شركة التطوير العقاري المتأزمة بيع المزيد من شركتها لخدمات الإنترنت "هينغ تن"، أو منصة البيع عبر الإنترنت "إف سي بي غروب" (FCB Group).

من جهته، صرح يو ليانغ، رئيس مجلس إدارة "تشاينا فانك"، لمؤسسة "سيكيوريتيز تايمز" الإعلامية المملوكة للدولة عند تعرضه لسؤال عن الصفقات المحتملة مع شركة "إيفرغراند" قائلاً: "عندما يحل فصل الشتاء، يشعر جميع الناس ببرودة الطقس". تابع: "يتعين على الشخص أن يضمن توافر السلامة لنفسه قبل أن يمد العون للآخرين".