باول: التوقيت الحالي غير مناسب لرفع الفائدة ونرغب في تعافي سوق العمل

الاحتياطي الفيدرالي يبقي على أسعار الفائدة
الاحتياطي الفيدرالي يبقي على أسعار الفائدة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أكد رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، جيروم باول، أنه بإمكان المسؤولين أن يتحلوا بالصبر فيما يتعلق برفع أسعار الفائدة، وذلك في أعقاب الإعلان عن تقليص مشتريات السندات، لكنهم في نفس الوقت لن يحجموا عن التحرك مع وجود مسوغ من التضخم.

جيروم باول أوضح خلال مؤتمر صحفي عقد أمس الأربعاء بعد أن أعلنت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة أنها بصدد تخفيض مشتريات السندات، بنحو 15 مليار دولار شهرياً بداية من شهر نوفمبر الجاري: "لدينا اعتقاد بأننا نستطيع أن نكون صبورين، وإذا تطلب الأمر تقديم استجابة فلن نتردد في القيام بذلك".

اقرأ أيضاً: الاحتياطي الفيدرالي يبدأ خفض مشتريات الأصول بـ 15 مليار دولار الشهر الحالي

الخفض التدريجي لبرنامج التحفيز المالي لا يعني أن متخذي القرار سيقومون برفع أسعار الفائدة الأساسية خلال وقت قريب، وفقاً لتصريحات باول الذي شدد على أنهم يرغبون في تجنب عرقلة نمو الوظائف المحتمل مستقبلا، قائلاً "لا نعتقد أن التوقيت الحالي هو الملائم للقيام بزيادة أسعار الفائدة الأساسية، لأننا نرغب في رؤية المزيد من التعافي في سوق العمل".

في أعقاب تصريحات باول، أنهى مؤشر "أس آند بي 500" ومؤشر "داو جونز" الصناعي ومؤشر "ناسداك 100" ومؤشر "راسل 2000" تعاملاتهم عند مستوى هو الأعلى على الإطلاق، وذلك لجلسة التداول الثانية على التوالي- وهو الأداء الذي لم تجر مشاهدته منذ شهر يناير لعام 2018.

طالع المزيد: كيف أقنع رئيس الفيدرالي مستثمري "وول ستريت" بموقفه من التضخم؟

الأميركيتان

خفض التحفيز المالي

كارل تانينباوم، كبير خبراء الاقتصاد في شركة "نورثرن ترست" (Northern Trust) قال: "أرغب في وصف القرار بأنه خفض تدريجي للتحفيز المالي من النوع المتشدد". تابع: "لم يظهر وكأنه شخص يشعر بالقلق حيال زيادة أسعار الفائدة اليوم قبل الغد".

اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة أعلنت أنها ستقلص مشترياتها من أذونات الخزانة الأمريكية بقيمة 10 مليارات دولار، والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري بنحو 5 مليارات دولار، وهو ما يعتبر بمثابة شروع في إنهاء برنامج التحفيز الذي كان يرمي إلى توفير الحماية اللازمة للاقتصاد من تداعيات وباء مرض كوفيد -19.

أبقى المسؤولون على المستوى المستهدف الخاص بسعر الفائدة القياسي ليتراوح بين صفر و0.25 %. وجاء صدور القرار بإجماع الآراء.

باول قال إن سرعة تنفيذ الخفض التدريجي لبرنامج التحفيز المالي كما هو مخطط له ستضعهم على طريق إتمام تلك العملية مع حلول منتصف عام 2022، بيد أنه في الإمكان القيام بالإسراع من وتيرة ذلك أو الإبطاء منها بناء على ما يأتي من توقعات اقتصادية.

في السابق، كانت مشتريات سندات الخزانة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي تبلغ 80 مليار دولار، علاوة على 40 مليار دولار من الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري شهرياً، بهدف المساهمة في تحفيز النشاط الاقتصادي الذي دمرته حالة الإغلاق الأولي الناجمة عن تفشي الوباء، ولاحقاً بسبب تفاوت مستويات التعافي.

اقرأ المزيد: محمد العريان: على "الفيدرالي الأمريكي" أن يبدأ خفض التسهيل الكمي

عائدات السندات الحكومية

المخاطر الناجمة عن التضخم

بدأت البنوك المركزية لدى اقتصادات الدول المتقدمة في أنحاء العالم توجيه أنظارها نحو المخاطر الناجمة عن التضخم، بينما تسفر معوقات سلاسل التوريد عن حدوث نواقص في البضائع في ظل وجود الطلب القوي عليها. كان مؤشر التضخم المختار من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي هو 4.4% خلال الـ 12 شهراً التي انتهت في شهر سبتمبر الماضي، ليكون المستوى الأعلى له في غضون ثلاثة عقود، ويزيد عن ضعف المستوى المستهدف من جانب البنك المركزي الأمريكي. صعدت توقعات المستهلكين للأسعار لتصل إلى 4.2% خلال ذات الشهر، وهي النسبة الأعلى المدونة في السجلات التي تعود بدايتها إلى عام 2013.

عدل المسؤولون من صيغة الخطاب عن التضخم في البيان الصادر عنهم ليعبر عن مزيد من حالة عدم اليقين إزاء الفترة الزمنية التي سيستمر فيها.

مسؤولون ذكروا في البيان أن "تضخماً عالياً هو ما يعبر بطريقة كبيرة عن وجود عوامل ستكون مؤقتة كما هو متوقع".

تابعوا: "ساعدت الاختلالات في ميزان العرض والطلب ذات الصلة بالجائحة وإعادة فتح الاقتصاد على حدوث ارتفاعات هائلة في الأسعار في بعض من القطاعات الاقتصادية".

اقرأ أيضاً: هل خرج التضخم عن سيطرة "الاحتياطي الفيدرالي"؟

مسح "بلومبرغ": الفيدرالي الأمريكي بصدد خفض التسهيل الكمي في نوفمبر بضغط التضخم

اختلال ميزان العرض والطلب

صرح باول للصحفيين بأن حالات الضيق في جانب العرض جاءت على نحو أكبر ولفترة زمنية أطول بما يفوق توقعاتهم، حيث قال: "بيد أنه، على غرار غالبية أصحاب التوقعات، ما زلنا نؤمن بأن اقتصادنا الذي يتسم بالديناميكية سيتواءم مع الاختلالات في ميزان العرض والطلب".

قام بالرد على أسئلة عديدة تدور حول الأسعار العالية، بيد أنه رفض طرح تقييم أكثر تشدداً على صعيد المخاطر – وذلك باستثناء التنويه عن تزايد حالة عدم اليقين والتقيد من جانب محافظي البنك المركزي الفيدرالي بمعدل التضخم المستهدف عند مستوى 2% في الأجل الطويل.

كان لدى المستثمرين توقعات كبيرة حول القيام بالإعلان عن شراء الأصول خلال هذا الاجتماع، حيث أشار مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، ومن بينهم باول إلى ذلك التحرك.

من المقرر انتهاء فترة ولاية باول في شهر فبراير المقبل. ورفض تقديم تعليق حول عملية إعادة الترشح للمنصب. كان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد قال يوم الثلاثاء إنه سيقوم بالإعلان عن اختياره للشخصية التي ستتولى منصب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي ومناصب شاغرة أخرى "سريعاً نوعاً ما".

طالع المزيد: "وول ستريت" تراهن على استمرار "باول" في منصبه وسط مخاوف من تغييره

تباطؤ مبيعات الائتمان الأمريكي الممتاز.. وتزايد الاقتراض

آراء خبراء الاقتصاد

يبدو أن متخذي القرار لديهم رغبة في الإبقاء على خيار زيادة سعر الفائدة الأساسي بمجرد الانتهاء من الخفض التدريجي لبرامج التحفيز المالي عند حدوث صعود في معدل التضخم. وبالرغم من ذلك، فإن إتمام عملية الخفض التدريجي تعتبر ذات أهمية قصوى، بيد أن ذلك الشرط لا يكفي من أجل اللجوء لزيادة سعر الفائدة الأساسي"، وفقاً لخبراء الاقتصاد آنا وونغ وأندرو هوسبي وإليزا وينغر.

أصبحت عملية إعادة الترشح أكثر صعوبة جراء فضيحة أخلاقية تتعلق بنشاط تجاري غير اعتيادي قام به بعض المسؤولين خلال العام الماضي. قدم اثنان من محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي الإقليميين استقالتهما من منصبيهما بعد الاكتشافات المتعلقة بهذا الأمر. قال باول إنه قام بإطلاع إدارة بايدن وكذلك المشرعين على الموضوع بجانب الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي لتشديد قواعد العمل.

تمهد سرعة عملية الخفض التدريجي لبرنامج التحفيز المالي الطريق لرفع محتمل لأسعار الفائدة الأساسية خلال النصف الثاني من عام 2022، في ظل قيام 9 من أصل 18 مسؤولاً بتوقع حدوث تحرك خلال العام القادم لدى الكشف عن توقعاتهم خلال شهر سبتمبر الماضي. شدد البيان الصادر يوم الأربعاء على أنه سيجري الاحتفاظ بأسعار الفائدة الأساسية قرب مستوى الصفر لحين وصول الاقتصاد للحد الأقصى من التوظيف.

مازال المستثمرون يتوقعون حدوث صعود بنحو ربع نقطة في غضون عام 2022 على أن يبدأ ذلك في منتصف العام تقريباً، بحسب تسعير لأسواق عقود أسعار الفائدة الآجلة.

طالع أيضاً: يلين تتوقع استمرار ارتفاع التضخم في أمريكا حتى منتصف 2022

يبقى أن العديد من مؤشرات سوق العمل بلغت مستويات أضعف من فترة ما قبل الجائحة، وسيكثف متخذو القرار على الأرجح من نقاشاتهم إزاء كون الفترة السابقة لتفشي مرض كوفيد -19 تعتبر أفضل مقياس لسوق العمل الذي تعرض لتغير كبير على مدى العامين الماضيين أم لا.

باول أضاف: "ليس لدي اعتقاد بأننا متخلفون عن الركب. أضاف: أعتقد أن سعر الفائدة الأساسي في موقف جيد للتعامل مع نتائج مقبولة".