"أوبك +" تحسم مصيرها اليوم.. مواجهة جيوسياسية مع بايدن أم حفاظ على انتعاش النفط

ضغوط متزايدة لزيادة إنتاج أوبك وحلفائها للنفط
ضغوط متزايدة لزيادة إنتاج أوبك وحلفائها للنفط المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يتجه تحالف "أوبك +" إلى خوض مواجهة ذات عواقب سياسية مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، حيث يتعين على المملكة العربية السعودية وحلفائها أن يختاروا ما إذا كانوا يستجيبون للمطالب الأمريكية بضخ مزيد من النفط أم لا.

إذا رفض التحالف الطلب الأمريكي، فإنه يتجه لخوض معركة صريحة مع البيت الأبيض، الذي يشعر بالقلق من أن التضخم الناجم عن ارتفاع أسعار الطاقة يمكن أن يعرقل أجندته الاقتصادية، كما أن الانصياع للضغوط وضخ مزيد من النفط، من شأنه الحفاظ على أقرب حليف للمملكة العربية السعودية، على حساب انتعاش أسعار النفط الخام الذي تم تحقيقه بشق الأنفس والذي أدى إلى تضخم إيرادات المملكة.

قال بايدن للصحفيين في مؤتمر صحفي أثناء قمة الأمم المتحدة بشأن المناخ في جلاسكو الثلاثاء الماضي "ألقوا نظرة على أسعار النفط.. تكاليف الوقود مرتفعة بسبب رفض روسيا أو دول أوبك ضخ المزيد من النفط".

إنها معركة تتجاوز سوق النفط وتتعمق في علاقة أمريكا المضطربة مع الحلفاء القدامى بالشرق الأوسط. رفض بايدن حتى الآن التحدث مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، مما أثار حفيظة القصر الملكي في الرياض، الذي كان له حق التواصل بأريحية تقريباً مع البيت الأبيض خلال إدارة ترمب.

اقرأ أيضاً: قبل اجتماع التحالف غداً.. بايدن يواصل الضغط على "أوبك +" لزيادة الإنتاج

"أوبك+" تتجه لصدام مع بايدن بعد رفض دعوته لزيادة إنتاج النفط

لا بوادر على الاستجابة

على الرغم من الإلحاح والضغط الذي يمارسه بايدين، الذي حظي بدعم اليابان والهند، فإن العديد من الأعضاء الرئيسيين في منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" وحلفائها لا يظهرون بوادر تذكر للاستجابة لطلبات البيت الأبيض.

أعلن العراق والكويت، على سبيل المثال، أنه يجب على التحالف الالتزام بالخطة الحالية- ضخ 400 ألف برميل فقط يومياً من الإمدادات المعطلة كل شهر، وترك السوق في حالة عجز خلال الفترة المتبقية من العام 2021.

يتوقع مراقبو أوبك هذه النتيجة على نطاق واسع، لكن الضغط الديبلوماسي استمر أمس الأربعاء، وفقاً لأشخاص مطلعين على المحادثات، مما يفتح الباب أمام التوصل لصفقة محتملة في اللحظة الأخيرة.

طالع أيضاً: مسح: إمدادات "أوبك" من النفط لم تتجاوز نصف المخطط لها

مع اتجاه سعر البرميل إلى 100 دولار.. مستهلكو النفط للمنتجين: هذا يكفي

بوب مكنالي، رئيس شركة "رابيدان إنرجي غروب" (Rapidan Energy Group) الاستشارية والمسؤول السابق في البيت الأبيض رجح أن يلتزم "أوبك +" بخطة ضخ 400 ألف برميل يومياً اليوم، باستثناء التوصل لصفقة في اللحظة الأخيرة بين واشنطن والرياض، أو ممارسة الضغوط".

في كلتا الحالتين، قد تشهد سوق النفط تقلبات خلال أسابيع قليلة مع اندلاع الصراع بين أكبر المنتجين والمستهلكين بالعالم في أعقاب اجتماع تحالف "أوبك +" اليوم الخميس.

كان ذلك واضحاً أمس الأربعاء، حيث انخفضت العقود الآجلة للخام بنسبة 3.6% إلى 80.93 دولار للبرميل بحلول الساعة 12:22 مساء في نيويورك.

نفط

مشاكل الإنتاج

إذا استجاب تحالف "أوبك +" للمطالب الأمريكية، فليس من الواضح مقدار النفط الإضافي الذي يتجاوز الزيادة المقررة البالغة 400 ألف برميل يومياً، وسيكون كافياً لبايدن. لكن إذا تعهد التحالف بزيادة قدرها 600 ألف أو حتى 800 ألف برميل يومياً في ديسمبر، فستكون هناك تساؤلات حول ما إذا كان بإمكان التحالف مواصلة ضخ تلك الكمية لاحقاً.

يكافح التحالف بالفعل لتحقيق أهداف إنتاجه الشهرية، حيث يعيق نقص الاستثمار بحقول النفط الإنتاج في دول مثل أنغولا ونيجيريا وحتى الكويت.

قد يكون لدى المملكة العربية السعودية وروسيا والإمارات العربية المتحدة القدرة على تجاوز حصصها لتعويض الدول الأضعف، لكن القيام بذلك سيتطلب تغييرات في اتفاق (أوبك +) الحالي.

أحد أسباب مقاومة "أوبك +"، لزيادة الإنتاج، هو الخطر المتمثل في أنه إذا تم توفير النفط الإضافي، فقد يؤدي ذلك إلى دفع الأسواق بسرعة في الاتجاه الآخر. العرض يواجه نقصاً حالياً، لكن من المتوقع أن تشهد السوق فائضاً مرة أخرى في وقت مبكر من العام المقبل.

ماثيو هولاند، المحلل لدى شركة "إنرجي أسبكتس ليمتد" (Energy Aspects Ltd) الاستشارية قال: "يتوقع أوبك + عاماً حافلاً بالتحديات في 2022". يعتقد بعض الأعضاء أن ضخ مزيد من الإنتاج حالياً، سوف يتطلب الأمر حجبه عن السوق في وقت لاحق.

هولاند أضاف "العائق مرتفع للغاية أمام أوبك + لإضافة أكثر من 400 ألف برميل يومياً في ديسمبر".

اقرأ أيضاً: وزير الطاقة السعودي لـ"الشرق": أوبك لن تغير استراتيجيتها.. وليس عليها حل مشكلة لم تصنعها

الاحتياطيات البترولية

إذا تجاهل أوبك + طلب بايدن ، فإن الولايات المتحدة لديها أدوات أخرى تحت تصرفها. يمكن أن تعيد إحياء تشريع مكافحة الاحتكار ضد التحالف، وهو أمر من غير المرجح أن يكون له أي تأثير على الأسعار خلال المدى القصير.

هناك إجراءات أكثر جذرية، مثل حظر صادرات الخام الأمريكية، لكنها قد تضر صناعة النفط المحلية في الولايات المتحدة وتزيد من اضطراب الأسواق العالمية.

طالع المزيد: بايدن يصدر أمراً بتسريع الاستجابة لنقص الإمدادات من مخزون الدفاع الأمريكي

الإجراء الأكثر فاعلية، وربما الأكثر ترجيحاً، سيكون اللجوء إلى الاحتياطي البترولي الاستراتيجي. يمكن أن يكون لمثل هذا الإجراء تأثير أكبر على الأسعار إذا تم بالاشتراك مع الدول الصناعية الأخرى الأعضاء في وكالة الطاقة الدولية.

يمكن أيضاً أن يُطلب من الهند والصين الانضمام إلى هذا التحرك، باعتبارهما أكبر مستهلكين للنفط في آسيا ولديهما احتياطيات استراتيجية خاصة بهما خارج نظام وكالة الطاقة الدولية.

منذ إنشاء وكالة الطاقة الدولية في عام 1974، كانت هناك ثلاثة استخدامات منسقة لمخزونات الوقود أثناء الطوارئ. الأول كان في الفترة التي سبقت حرب الخليج عام 1991، بعد أن أدى الغزو العراقي للكويت إلى توقف جزء كبير من صادرات النفط الخام في الشرق الأوسط. جاء الثاني بعد إعصاري كاترينا وريتا، اللذين ألحقا أضراراً بالغة بالمنشآت النفطية البحرية الأمريكية في عام 2005.

وكان اللجوء الأخير في عام 2011 للتخفيف من تأثير انقطاع الإمدادات الناجم عن الحرب الأهلية الليبية.

قالت هيليما كروفت، محللة السلع في "آر بي سي كابيتال ماركتس" (RBC Capital Markets LLC) ومحللة سابقة في وكالة المخابرات المركزية (سي آي ايه): "نعتقد أن إدارة بايدن مستعدة لاستخدام النفط الخام من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي في محاولة للحد من صعود الأسعار".

اقرأ المزيد