إلى إيلون ماسك.. هذه خطة بـ6 مليارات دولار لإنهاء الجوع العالمي

42 مليون شخص حول العالم على شفا مجاعة، ويمكن أن يساهم المليارديرات من أمثال إيلون ماسك في الاستثمار بالتكنولوجيات الغذائية والزراعية التي توفر غذاءً مستداماً للعالم
42 مليون شخص حول العالم على شفا مجاعة، ويمكن أن يساهم المليارديرات من أمثال إيلون ماسك في الاستثمار بالتكنولوجيات الغذائية والزراعية التي توفر غذاءً مستداماً للعالم المصدر: غيتي إيمجز
Amanda Little
Amanda Little

Amanda Little is a professor of journalism and science writing at Vanderbilt University. She is the author of a Bloomberg Opinion series on the fate of food after Covid-19 as well as the book "The Fate of Food: What We'll Eat in a Bigger, Hotter, Smarter World."

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

عندما دعا ديفيد بيزلي، مدير برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة المليارديرات مؤخراً إلى المساعدة في حل مشكلة الجوع العالمي، تناول إيلون ماسك الطعم وتعهَّد ببيع أسهم من "تسلا" بقيمة 6 مليارات دولار، في حال تمكَّن بيزلي من كتابة تغريدة تشرح "بالضبط" كيفية قيام الأموال بإطعام البشرية. كما كان متوقعاً، ثارت وسائل الإعلام و"عالم تويتر" احتجاجاً في الغالب.

"ماسك" يتحدى الأمم المتحدة أن تثبت قدرة 6 مليارات دولار على محاربة الجوع بالعالم

لم يكن تحريض بيزلي قابلاً للدفاع عنه فقط، بل كان ضرورياً تماماً مثل الاستثمارات الكبيرة من ماسك وقادة القطاع الخاص الآخرين.

هناك 42 مليون شخص على شفا المجاعة، ويُمكن أن يشتري ماسك لكل واحدٍ منهم وجبة بقيمة 43 سنتاً للفرد يومياً، أي بتكلفة تصل إلى 6.6 مليار دولار في 365 يوماً.

من الصعب أن يحل هذا التدخل مشكلة الجوع في العالم، لكنه سيُنقذ حياة العديد من الأشخاص على المدى القصير.

تفاقم نقص التغذية

مع ذلك، ضاعت فكرة امتداد الاستثمارات في الأمن الغذائي إلى ما هو أبعد من المساعدات الطارئة في الشجار الذي أعقب ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي.

ففي تعليقاته الأخيرة بقمة المناخ "كوب 26"، شدَّد بيزلي على تأثير تغيُّر المناخ. أثَّرت الحرارة والجفاف، والفيضانات والعواصف الخارقة، وأنواع الحشرات الدخيلة، والمواسم المتغيِّرة والآفات البكتيرية على المزارعين الذين تحملوا أيضاً ضغوطات جائحة كورونا.

إجمالاً، ارتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية في العالم من 650 مليون شخص في العام 2020 إلى 810 ملايين شخص اليوم، مثلما أخبرني كبير الاقتصاديين في برنامج الأغذية العالمي، عارف حسين، أي زاد العدد بحوالي 150 مليون شخص في عام واحد.

برنامج الأغذية العالمي

لقد تفاعلت عن قرب مع موظفي برنامج الغذاء العالمي أثناء تجنُّبهم المجاعة في إثيوبيا، وأدركت سبب حصول هذه المنظمة على جائزة نوبل للسلام العام الماضي، فهي تساعد السكان على النجاة من انهيار النظام الغذائي.

وللحفاظ على الأرواح، يجب على برنامج الأغذية العالمي ألا يستثمر فقط في مؤن الإعاشة، ولكن أيضاً في إدارة سلسلة التوريد الأكثر تعقيداً، ومرافق التخزين، وبناء الطرق والجسور من أجل توزيع أكثر كفاءة للمساعدات.

الأهم من ذلك، عليهم الاستثمار في المراقبة عبر الأقمار الصناعية وفي تكنولوجيا الاتصالات الميدانية لتتبُّع مستويات المخاطر.

حلول على الأرض

إذا لم يرغب إيلون ماسك في إنفاق 6 مليارات دولار في المساعدات الطارئة، فربما يقوم بتسييل أسهمه في "تسلا" للاستثمار في الابتكارات الذكية المناخية التي تحمل وعوداً هائلة طويلة الأمد للأمن الغذائي، بما في ذلك تقنيات الذكاء الاصطناعي والروبوتات التي يُمكن أن تُخفِّض استخدام الكيماويات الزراعية، وأنظمة الزراعة الداخلية، والتقدم في تربية الأسماك المستدامة، والزراعة الخلوية، واللحوم البديلة، والهضم من دون أكسجين، والمُكمِّلات التي يمكن أن تُخفِّض انبعاثات الميثان من الماشية، وحلول النانو تكنولوجي التي يُمكن أن تعزز غلّة المحاصيل، وتقليل الكربون.

يحتاج المستثمرون كذلك إلى دعم حلول المناخ الطبيعي، بما في ذلك ممارسات الزراعة المتجددة التي يمكن أن تُحسِّن قدرة الأراضي الزراعية على تخزين الكربون، وتمويل أسواق القطاع الخاص المتنامية التي تدفع للمزارعين مقابل عزلهم للكربون.

لماذا يجب أن يقود القطاع الخاص معركة المناخ؟

الزراعة الذكية

في محادثة بقمة المناخ "كوب 26" في مدينة جلاسكو، أخبرني وزير الزراعة الأمريكي، توم فيلساك، أننا ندخل عصراً ذهبياً من الاستثمار، و"ستدخل حيز التنفيذ مجموعة غير عادية من التقنيات التي ستغيِّر قواعد اللعبة".

تخطط وزارة الزراعة الأمريكية، تحت إدارة فيلساك، لاستثمار مئات الملايين في الزراعة الذكية مناخياً. لكن شخصيات من أمثال ماسك، التي قادت الطريق في استثمارات الطاقة والنقل، لا تُقدِّر حتى الآن إمكاناتها الكاملة.

يجب أن يُفكِّر ماسك بشكل خاص في تمويل مجالين هامين بنفس الدرجة للمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة وأصحاب الأعمال التجارية الزراعية، وهما البذور الذكية وإمدادات المياه المقاومة للجفاف.

بعد حماسة "كوب 26".. التريليونات الخضراء أمام اختبار حقيقي

يُمكن لأدوات التكاثر وتحرير الجينات المُتقدِّمة، مثل "كريسبر"(CRISPR)، تقليل الوقت اللازم لتطوير أصناف محاصيل جديدة مقاومة للمناخ إلى أقل من عام، بينما تستغرق طرق الزراعة التقليدية ثمانية أضعاف هذا الوقت.

يقوم المزارعون في غواتيمالا، على سبيل المثال، بتطوير المحاصيل، بينما يعتمد المهندسون الزراعيون في فلوريدا على أساليب التكاثر لتطوير عنب النبيذ ونباتات الطماطم التي يُمكِّنها تحمُّل الصدمة الحرارية.

التكنولوجيا الزرقاء

يجب أن يفكر ماسك أيضاً في الاستثمار بـ"التكنولوجيا الزرقاء"، وهي ابتكارات المياه التي تشمل مياه الصرف الصحي المُعاد تدويرها، ومحطات تحلية المياه، وتقنيات وأنظمة الري عالية الكفاءة في المناطق الريفية والمُتضرِّرة من الجفاف التي تشمل أحواض المياه ودروع الألواح الشمسية فوق القنوات التي تحفظ الموارد الشحيحة.

يُمكن أن تساعد هذه الابتكارات، إلى جانب البذور الذكية، المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة على النجاة من الجفاف وتجنُّب الحاجة إلى المساعدات الغذائية.

هناك أسباب وجيهة للشك حول المساعدات الطارئة، فإذا أعطيت سمكة للناس، كما يقول المثل، فسوف يأكلون ليومٍ واحد، ومع ذلك، لم يعد صحيحاً أنك إذا علّمت الناس الصيد، فسوف يأكلون مدى الحياة.

تحالف "جلاسكو المالي" يقود معركة التغير المناخي مُتسلِّحاً بـ130 تريليون دولار

ففي عالمٍ يزداد احتراراً، خصوصاً في أفغانستان، وإثيوبيا، ومدغشقر، والسودان، واليمن ودول أخرى تواجه المجاعة، هناك عدد أقل من الأسماك التي يُمكن تناولها إلى جانب تقلّص عدد المراعي الطبيعية. لا جدال في أننا سنحتاج إلى تدابير طارئة في المستقبل المنظور.

توقع الفريق الدولي المعني بتغيُّر المناخ أنه بحلول منتصف القرن "سيصل العالم إلى عتبة الاحتباس الحراري التي لن تتمكَّن الممارسات الزراعية الحالية بعدها من دعم الحضارات البشرية الكبيرة".

العبارة الحيوية هنا هي الممارسات الزراعية الحالية. سيتغيَّر ما نأكله وما نزرعه بشكلٍ جذري في العقود القادمة، ونحن بحاجة إلى تكاتف الجميع، من أمثال إيلون ماسك والأمم المتحدة على حد سواء، من أجل تمويل التحوُّل إلى الاستدامة.