دبي للسلع: يجب النظر بدور منظمة التجارة العالمية

فريال أحمدي، الرئيس التنفيذي للعمليات في مركز دبي للسلع المتعددة
فريال أحمدي، الرئيس التنفيذي للعمليات في مركز دبي للسلع المتعددة المصدر: موقع مركز دبي للسلع المتعددة
المصدر: الشرق
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

حدَّدت فريال أحمدي، الرئيس التنفيذي للعمليات في مركز دبي للسلع المتعددة، في مقابلة خاصة مع برنامج "الصباح مع صبا" على قناة الشرق للأخبار، 4 عناصر ضرورية لتعزيز حجم التجارة العالمية إلى 18 تريليون دولار خلال السنوات العشر المقبلة. لافتةً إلى أنَّ التحدّيات الناجمة عن جائحة كورونا، تمثِّل في الوقت عينه فرصاً كبيرة للحكومات، والقطاع الخاص لتطوير مستقبل التجارة. وركَّزت على أهمية التجارة الإقليمية والثنائية في عالم يزداد تعقيداً، مشيرةً إلى اتفاق السلام بين الإمارات وإسرائيل من ناحية تعزيز التجارة والاستثمار؛ ليس بين البلدين، فحسب بل على مستوى الإقليم.

مرحلة مليئة بالغموض

استهلت أحمدي المقابلة بالقول: "لا يمكننا الهروب من الواقع بأنَّ التجارة العالمية تأثَّرت بشدة من جائحة كورونا في كل العالم. والتوترات الجيوسياسية، وخاصة الخلافات بين الولايات المتحدة والصين، بالإضافة إلى التعامل مع نتائج الجائحة، هي التي ستحدِّد الطريق إلى التعافي الاقتصادي للعقد المقبل. لقد شهدنا تحديات عظيمة جراء إجراءات الحجر الصحي، والقيود على التحرك عبر الحدود، وأيضاً التعقيدات التي طرأت على سلاسل التوريد".

ولفتت إلى تقرير "مستقبل التجارة"، "الذي يوفِّر لكلٍّ من الحكومات، والشركات توصيات ملموسة تمكِّنها من مواجهة بعض التحديات التي تمرُّ بها في هذه المرحلة الصعبة المليئة بالغموض".

ووضحت أنَّ حجم التجارة العالمية سجَّل انخفاضاً بلغ 5.6% في الربع الثالث من 2020، بالمقارنة مع الفترة عينها من 2019. "وللأسف، فإنَّ الجائحة وقعت حينما كان الاقتصاد العالمي في حالة الضعف. وإذا نظرنا إلى معطيات إحصائية صادرة عن منظمة التجارة العالمية لأبريل 2019، سنجد أنَّ المعدل السنوي للتجارة العالمية كان أقل بدرجة مئوية".

وتابعت: "ما نشهده الآن يضع التجارة العالمية في ظروف جديدة ومعقَّدة، حيث يجب على الأطراف المعنية والحكومات أن توحِّد الجهود بهدف تعزيز القدرة الإبداعية عند ممارسة السياسات التجارية، وتوقيع الاتفاقات، كالنظر في التوصُّل إلى اتفاقات ثنائية وإقليمية لتحقيق النمو التجاري في غياب الاتفاقات مُتعدِّدة الأطراف التي تُعدُّ أمراً معقداً في هذه المرحلة".

التعافي لن يكون سريعاً

أحمدي أكَّدت أنَّه "من المهم أن تدرك الشركات والقطاع الخاص أنَّ التعافي الاقتصادي لن يكون سريعاً، إذ سنمرُّ بمرحلة تتسم بقيود عديدة في مجال الخدمات العابرة للحدود والتجارة، بالإضافة إلى إجراءات الحجر الصحي، والرسوم، وغيرها العديد، خاصة في ضوء التوترات الجيوسياسية الحالية، وتنامي السياسات الحمائية مع الحديث عن الاقتصاد المعتمد على الاستهلاك الوطني، وإعادة المصانع إلى الداخل. لكن كل هذه التحديات، تمنح في الوقت عينه فرصة مثالية للشركات لإعادة النظر بسلاسل التوريد بغية تعديلها، وجعلها أقل تعقيداً، وأكثر تنوعاً، مع التركيز على التوازن بين المخاطر والمرونة".

وركَّزت على أنَّه "ينبغي للشركات أن تحتضن التكنولوجيا في خططها، إذ يُمكن عند تطبيق الحلول التكنولوجية في مجال التجارة أن يعزز التجارة العالمية بحوالي 4.7 تريليون دولار في العقد المقبل. كما أنَّ استخدام التكنولوجيا يسمح بتخفيض التكاليف، وزيادة الفاعلية، بل ويفتح أسواقاً جديدة عديدة، ويقدِّم فرصاً جديدة كانت غير متاحة من قبل. إضافة إلى ذلك، يجب على الشركات أن تسعى في عملها مع الحكومات إلى احتضان التكنولوجيات المُمكِّنة للتجارة، لاسيَّما سلسلة الكتل (بلوكتشين)، بما يتيح معالجة الوثائق رقمياً، وتسهيل التجارة. الأمر الذي يدفع بالحكومات لبدء توقيع الاتفاقات المتعلقة بسياسات حفظ البيانات، وحماية عناوين بروتوكول الإنترنت، وتنقل المعطيات بين البلدان ذات التشريعات المختلفة".

فجوة البنية التحتية

أما من ناحية الحكومات: "فمن المهم للغاية أن تتعاون الدول دفاعاً عن التجارة العالمية. ولا بد أن يبدأ ذلك من النظر في دور المؤسسات العالمية، مثل منظمة التجارة العالمية، بغية إيجاد الحلول التي ستُمكّن هذه المنظّمة من مواجهة بعض التحديات التي تمرُّ بها اتفاقات تجارية متعددة الأطراف في يومنا هذا. كما ينبغي للحكومات أن تتحلى بالإبداع حيال سياساتها التجارية، والتطلّع للتطورات، والفرص على المستوى الإقليمي أو الثنائي"، وفقاً للرئيس التنفيذي للعمليات في مركز دبي للسلع المتعددة.

وأشارت أحمدي إلى أنَّ "اتفاق السلام بين دولة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل، يشكِّل مثالاً للاتفاقات الإقليمية والثنائية، حيث يرغب الطرفان بقوة بتعزيز التجارة البينية. وأتاحت هذه الشراكة فرصاً عديدة، وفتحت أسواقاً جديدة، ليس للدولتين المعنيتين فحسب، بل على مستوى الإقليم، فضلاً عن إطلاق الشراكة في قطاعات مثل الرعاية الصحية، والتكنولوجيا، والتنمية المستدامة البيئية. ويُعتبر ذلك دافعاً كبيراً للنمو الاقتصادي في هذه المرحلة الغاية في التعقيد".

وشددت على أهمية الاستثمار في البنى التحتية، "لاسيما الاستثمار في البنية التحتية الرقمية التي تلعب دوراً محورياً في الظروف الحالية. كذلك يجب على الحكومات التركيز على تقليل المخاطر الاقتصادية والمالية، وحماية القوى العاملة، بالإضافة إلى تطوير الحلول التكنولوجية في مجال التعليم". وأشارت إلى وجود " فجوة كبيرة في مجال تمويل البنية التحتية على مستوى العالم، تصل إلى 6 تريليون دولار حالياً، ويُحتمل أن تفوق 15 تريليون دولار حتى 2040".

وحدَّدت فريال أحمدي 4 دوافع رئيسية قادرة على تعزيز حجم التجارة العالمية إلى حوالي 18 تريليون دولار في العقد المقبل، بشرط التعاون المكثَّف بين القطاعين العام والخاص. وهذه الدوافع هي: تطبيق التكنولوجيا، ورقمنة الخدمات المتعلقة بالتجارة العابرة للحدود، والابتكار على صعيد السياسات التجارية، والاستثمار في البنى التحتية وخاصة الرقمية منها.