تقسيم "جنرال إلكتريك" يثير تساؤلات حول مستقبل التكتلات المشابهة

المصدر: غيتي إيمجز
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يثير تقسيم شركة "جنرال إلكتريك" (General Electric) سؤالاً، حول العدد المتبقي من الشركات العملاقة ذات الأنشطة المتعددة، التي ستتمكن من تجنب المصير ذاته.

تنتظر "جنرال إلكتريك"، الشركة الأيقونية التي بناها على مدى عقود رؤساء تنفيذيون من أمثال جاك ويلش، أن يقوم رئيسها التنفيذي الحالي لاري كالب بتقسيمها، في خطوة تعتبر الأكثر دراماتيكية في تاريخها.

يركز السجال الدائر بشأن هيكل مجموعة "جنرال إلكتريك"، الأضواء على شركات مثل "بيركشاير هاثاواي" (Berkshire Hathaway) التابعة لـ"وارن بافيت"، التي أمضت أعواماً تناقش أسباب نجاح نموذجها الخاص، كمجموعة متعددة الأنشطة.

اقرأ أيضاً: السجن 30 عاماً لمحتال خدع الملياردير وارن بافيت في 340 مليون دولار

كانت التكتلات فيما مضى تعتبر وسيلة تجمع شركات متعددة الأنشطة تحت شركة واحدة، حتى تجني مزايا التآزر والحجم والاتساع، إلا أنها الآن تفقد جاذبيتها.

اعترف بافيت نفسه بأن التكتلات (أو مجموعة الشركات متعددة الأنشطة) "اكتسبت سمعة فظيعة" على مدى سنوات. وقال رئيس "جنرال إلكتريك" يوم الثلاثاء إن التركيز أكثر فائدة من مزايا التآزر "الوهمية" في أغلب الأحوال.

نموذج يتلاشى

ربما أصبحت أيام التكتلات الصناعية التقليدية معدودة، حتى وإن كانت شركات التكنولوجيا العملاقة تتبنى نموذجاً مركباً مماثلاً لها إلى حدٍّ ما.

قالت كاترين رودي هاريغان، أستاذ قيادة الأعمال في كلية الأعمال هنري كرافيس في جامعة كولومبيا: "لا أعرف كم عدد الشركات الصناعية حقاً التي سوف تستمر في استخدام هيكل مركب من هذا النوع. لأنه بدرجة ما يطرح سؤالاً حول ماذا يضيف إلى الشركة ضمّ كل هذه الأنشطة تحت مظلة شركة واحدة".

اقرأ المزيد: "ناسا" تستعين بخبرات "بيزوس" وجنرال إلكتريك ولوكهيد لإطلاق رحلات إلي المريخ

على مدى الأعوام الخمسة الماضية، كان المستثمرون أقل حماسة بشأن بعض تكتلات الشركات مقارنة مع السوق الأوسع. وقد خسرت أسهم "جنرال إلكتريك" 51% من قيمتها في هذه الفترة، بينما ارتفعت أسهم "بيركشاير" بنسبة 90%، وربحت أسهم الشركة القابضة "لويس كورب" (Loews Corp) بنسبة 34%، وزادت أسعار أسهم شركة "ثري إم" (3M) العملاقة للسلع الصناعية والاستهلاكية بنسبة 6.4% فقط. في هذه الأثناء، حلق مؤشر "ستاندارد آند بورز 500" بنسبة 117%.

في بعض عمليات تقسيم الشركات المركبة، استفادت الأنشطة المتبقية. في واقعة شهيرة، فصلت شركة "داناهر كورب" (Danaher Corp)، وهي الشركة التي جاء منها كالب، بعض أنشطتها في السنوات الأخيرة. وعلى مدى الأعوام الخمسة الماضية، تفوق أداء سهمها على بقية السوق، وقفز بنسبة 273%.

اقرأ أيضاً: بعد تقسيمها.. من ينال شعار "جنرال إلكتريك" الذي يساوي 20 مليار دولار؟

في مذكرة لعملائه يوم الثلاثاء الماضي، قال دين دراي من شركة "آر بي سي لأسواق رأس المال" (RBC Capital Markets): "نعتقد بأن البندول مازال يتأرج باتجاه الاندفاع نحو الانفصال. وإعلان شركة (جنرال إلكتريك) ربما يشجع مجالس الإدارة في العديد من الشركات الأخرى متعددة الأنشطة، لكي تتحرك من أجل تبسيط محافظها بدرجة كبيرة، بما فيها شركات (إيمرسون)، و(روبر تكنولوجيز) و(ثري إم)".

اقرأ أيضاً: 149.2 مليار دولار سيولة في جعبة وارن بافيت

ارتفعت أسهم "جنرال إلكتريك" بنسبة 2.7% يوم الثلاثاء الماضي، بعد إعلان خطط الانقسام. وقد ارتفعت أسهمها 29% خلال العام الجاري حتى يوم الثلاثاء.

بعض رؤساء الشركات المركبة دافعوا بشراسة عن التكوين المعقد لشركاتهم. وكتب بافيت في خطاب سنوي أوائل العام الحالي أن التكتلات أصبحت سيئة السمعة، لأنها أفرطت في دفع أموال في أنشطة رديئة أو عادية، بالإضافة إلى بعض الشركات التي تستخدم مناورات محاسبية "خيالية".

مع ذلك، يقول رئيس شركة "بيركشاير" الذي يبلغ من العمر 91 عاماً، إن شركته التي تتخذ من مدينة أوماها بولاية نبراسكا مقراً لها، تختلف عن "النموذج" الشائع للتكتلات، وذلك بشكل جزئي، لأنها تسيطر على بعض الشركات وتمتلك حصصاً دون المسيطرة في شركات أخرى.

جيمس تيش، الرئيس التنفيذي لشركة "لويس"، وصف شركته، التي تمتلك عدداً من الفنادق، وشركة تأمين، وبعض الشركات العاملة في مجال الطاقة، بأنها "تكتل مجموعة شركات بشكل صريح". وأعرب عن اعتقاده بأن الشركة تستطيع تحقيق أقصى قيمة ممكنة عبر التواجد في قطاعات متعددة.

من جانبها، كانت شركة "بيركشاير" محمية نوعاً ما من الدعوات إلى التقسيم، جزئياً بسبب بقاء بافيت في قيادتها. غير أنه كشف في بداية العام الحالي عن أن خليفته ربما يكون غريغ أبيل، أحد النواب الرئيسيين له، عندما يترك منصبه – في تذكير للمستثمرين بأنه سوف يسلّم زمام الأمور في يوم من الأيام.

الطابع اللامركزي

قال ديفيد كاس من "جامعة ميريلاند" إن جزءاً من تفسير قدرة شركة "بيركشاير" على الاستمرار كمجموعة شركات، يعود إلى نموذج إدارتها القائم على اللامركزية.

أوضح كاس، الذي يعمل أستاذاً للتمويل في "كلية روبرت سميث للأعمال" بالجامعة، أن "مديري شركة (بيركشاير) يتمتعون باستقلال كامل تقريباً في إدارة شركاتهم، وهم لا يضطرون إلى الغرق في بيروقراطية المقار الرئيسية للشركات مثلما يحدث في شركة (جنرال إلكتريك)، وفي معظم الشركات الأخرى. وما دام بافيت على رأس الشركة، سوف يظل هيكلها دون تغيير. وعندما يغادرها وارين بافيت، ربما يتولى إدارتها غريغ أبيل، وقد تعهدا فعلاً بالمحافظة على ثقافة الشركة الحالية".

اقرأ أيضاً: الملياردير "بافيت" يرى "غريغ أبيل" خليفته المحتمل في "بيركشاير"

يعمل عمر أغويلار، عضواً منتدباً أول ومديراً مشاركاً لأساليب التحويل المؤسسي لدى شركة "إف تي آي الاستشارية" (FTI Consulting). ويقول أغويلار إن شركات كثيرة تتجه بصورة طبيعية نحو الرغبة في دمج أنشطة في إطار سعيها إلى تعظيم حجمها وكفاءتها. غير أن أحد أهم العوامل الرئيسية في قدرة مجموعة الشركات على البقاء، هو ما إذا كانت تستطيع الاستمرار في زيادة أرباحها. وأضاف: "إذا استطاعت أن تستمر في النمو، فهو أمر جيد بالنسبة إليها".

حتى إذا تمكّنت بعض التكتلات الصناعية من الاستمرار في ظل الانقسام، هناك أيضاً اتجاه لدى عمالقة التكنولوجيا نحو التوسع في صناعات متنوعة، ولكنها متميزة، وبذلك تتطور إلى نموذج شبيه بالتكتلات، كما قالت هاريغان من جامعة كولومبيا. وهكذا، توسعت شركة "أمازون" خارج مجال التجارة الإلكترونية إلى مجال الرعاية الصحية ومتاجر البقالة. وتحقق الشركة مكاسب لأنها غالباً تستهدف العميل ذاته في مختلف أنشطتها.

أضافت هاريغان: "بالنسبة إلى الشركات القائمة على الإنترنت، فمن تنجح منها ربما ينتهي بها الحال لأن تصبح بالغة التعقيد والتركيب عن طريق تنويع الأنشطة. فهي تستطيع أن تحقق مزايا التآزر اعتماداً على تتبع حركة وتنقل العملاء".