فرقة "قرود" موسيقية افتراضية من الرموز غير القابلة للاستبدال

المصدر: "10:22 بي إم"
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أنشأت أكبر شركة موسيقية في العالم فرقة مكوّنة من أربعة قرود افتراضية. إذا كنت تظن أن هذه الجملة قد تدفعك إلى التشكيك في سلامتك العقلية أو في حال الحضارة الغربية، فتأكّد أنك لست وحدك من يفكّر بهذه الطريقة.

تجمع "يونيفرسال ميوزيك غروب" (Universal Music Group) بين مفهومين رقميين شائعين، قرأت عنهما في العام الماضي على الأرجح، وهما: "الرموز غير القابلة للاستبدال" (NFTs)، و"ميتافيرس". ويعود الفضل في ذلك، إلى التقدير الذي تحظى به العملات المُشفّرة، وكذلك بعض داعميها من المشاهير، من أمثال إيلون ماسك ومارك زوكربرغ، الذين ساهما في غضون أشهر قليلة في نشر هذين المفهومين في كل مكان، بعدما كانا مقتصرين على فئة معينة.

اقرأ أيضاً: هل ينجح "زوكربيرغ" في اللحاق بقطار "ماسك" عبر "ميتافيرس"؟

رغم أن طفرة الرموز غير القابلة للاستبدال تبدو في الغالب وكأنها تتعلق بمجموعة من الأشخاص الذين كسبوا الكثير من الأموال من خلال شراء العملات المُشفّرة، تحاول الشركات الكبرى معرفة كيفية الاستفادة من كل الرموز غير القابلة للاستبدال والـ"ميتافيرس" وتحويلها لصالحها. وتعد شركة "فيسبوك"، التي غيّرت اسمها إلى "ميتا بلاتفورمز إنك" (Meta Platforms Inc)، المثال الأبرز الذي يحتضن مفهوم العالم الافتراضي المترابط.

فرقة "كينغ شيب"

تعمل "يونيفيرسال ميوزك"، موطن الموسيقيين الأكثر مبيعاً من أمثال، دريك وتايلور، مع جامع الموسيقى، جيمي ماكنيلس، على تحويل أربعة من الرموز غير القابلة للاستبدال إلى فرقة باسم "كينغ شيب" (Kingship)، مكوّنة من أربع شخصيات رقمية تشمل ثلاثة قرود مملّة وقرد واحد متحوّل وراثياً، لكنها تندرج تحت مجموعة الرموز غير القابلة للاستبدال المعروفة باسم "بورد إيب ياكت كلوب"(Bored Ape Yacht Club). كان النادي واحداً من أنجح قصص الرموز غير القابلة للاستبدال في العام الماضي، ومنح الحقوق التجارية الكاملة لاستخدام الصورة لأي شخص اشترى أحد القردة.

اقرأ المزيد: داخل الـ"الميتافيرس".. حيث تتصادم الألعاب والعملات المشفرة والرأسمالية

كما قامت "10:22 بي إم" (10:22PM)، إحدى شركات التسجيلات التابعة لـ"يونيفرسال"، بتوظيف فريق من فناني التشفير والرسوم المتحركة لتحويل القرود ثنائية الأبعاد إلى كائنات ثلاثية الأبعاد. ستقوم الشركة بتسجيل الموسيقى لفرقة "كينغ شيب" التي سوف تُصدرها على خدمات البث. كما ستقدم الفرقة عرضاً، وستشارك في ألعاب الفيديو وتطبيقات الواقع الافتراضي، وعبر مجموعة من التجارب الرقمية المعروفة باسم "ميتافيرس".

قالت سيلين جوشوا، رئيسة "10:22 بي إم"، في مقابلة هذا الأسبوع: "يمكنك تسميتها فرقة (إن إف تي) أو التفكير فيها كشخصيات. سوف تدبّ الحياة في الشخصيات.. سوف تدب الحياة في القرود".

سوف تعمل جوشوا وفريقها على ابتكار قصص هذه الشخصيات من البداية، وسيقومون بحملة تسويقية لتقديم القرود إلى المعجبين المحتملين، وشرح كيفية لقائهم ووصف شخصياتهم، بطريقة "تشبه تماماً الطريقة التي نقدّم بها فنانين جدد إلى العالم"، على حد قولها.

الفرصة المؤاتية

تعتبر جوشوا من الشخصيات التنفيذية التي تحاول البقاء، حيث تتواجد الفرصة المالية الكبيرة المؤاتية، وخلال السنوات القليلة الماضية، تواجدت هذه الفرصة في وسائل التواصل الاجتماعي أو "ويب 2.0" بلغة التكنولوجيا. لقد حاولت تحويل شخصيات الوسائط الاجتماعية من أمثال "ليلي بونز" و"شانتيل جيفريز" إلى موسيقيين، وتشرف على الكثير من علاقة شركة التسجيلات بالمنصات الاجتماعية مثل "يوتيوب".

اقرأ أيضاً: تأثر بأفكار جده الأكبر... كيف شكّل الخيال العلمي عقلية إيلون ماسك؟

مع التفاف عشاق التكنولوجيا حول فكرة "ويب 3.0"، أي الإنترنت اللامركزي، قفزت جوشوا إلى عالم الرموز غير القابلة للاستبدال. بهذه الطريقة، قابلت جوشوا ماكنيلس، أحد الجامعين الرائدين الذي استحوذ على مئات من الرموز غير القابلة للاستبدال للقرود من "يوغا لابز" (Yuga Labs)، مؤسس نادي "بورد إيبس ياكت كلوب"، ولديه مجموعة تصل قيمتها إلى أكثر من 100 مليون دولار. كان أيضاً من أوائل المشترين للعملة المُشفّرة "إيثريوم".

عرضت جوشوا فكرة إنشاء الفرقة الجديدة على ماكنيلس، واختارت أربع شخصيات اعتقدت بأنها تصلح لتشكيل فرقة، تضمّنت قرداً ذهبياً، والذي تم بيع مثيله مؤخراً في دار "سوذبيز" مقابل 3.4 مليون دولار. وتُقدّر قيمة القرد الذهبي في فرقة "كينغ شيب" بحوالي 190 ألف دولار بالأسعار الحالية، وفقاً لبيانات العرض على أكبر سوق للرموز غير القابلة للاستبدال "أوبن سي" (OpenSea).

قال ماكنيلس: "مازلنا نحاول معرفة ما هو بالضبط. أود أن تصبح فرقة (كينغ شيب) أحد الاتجاهات السائدة للرموز غير القابلة للاستبدال في (ميتافيرس)".

فكرة قديمة

في الوقت الذي تملك فيه جوشوا فكرة جديدة لفرقة من الرموز غير القابلة للاستبدال، لا تبدو الفرقة الافتراضية استثنائية. في العام 1998، أنشأ الموسيقي، دامون ألبارن، والفنان، جيمي هيوليت فرقة رباعية افتراضية باسم "غوريلاز"(Gorillaz). قام ألبارن بتأليف الموسيقى وصمّم هيوليت أربع شخصيات متحركة ظهرت في مقاطع فيديو موسيقية وفي مقابلات متفرقة وعروض حية. أجرى ألبارن أيضاً مقابلات بالنيابة عن المجموعة، وقام بالعزف مع الموسيقيين المتعاونين.

إلا أن الأمر المختلف هذه المرة أنه يتعلّق بكيفية قيام "كينغ شيب" بتحقيق الأرباح والتفاعل مع المعجبين. تخطط جوشوا لبيع الرموز غير القابلة للاستبدال من "كينغ شيب"، ما يتيح للمشترين الوصول إلى تجارب الموسيقى الحصرية والأحداث الواقعية. فكّر في الأمر على أنه نادي معجبين للعالم الافتراضي.

اقرأ أيضاً: "مايكروسوفت" على خُطى "فيسبوك"... طرح منتجات جديدة لاقتحام عالم "ميتافيرس"

كان المعجبون دائماً على استعداد لدفع مبالغ كبيرة مقابل العناصر المتعلّقة بمجموعاتهم المفضلة، سواء كان ذلك قميصاً (تي -شيرت) أو قسيمة تذكرة أو غيتاراً قديماً. المختلف حالياً هو أن الناس يدفعون أكثر من أي وقت مضى لتلك المقتنيات، سواء كانت بطاقات تجارية أو أحذية أو رموزاً غير قابلة للاستبدال.

لحظة الانتهازيين

بدت مبيعات الرموز غير القابلة للاستبدال الكبيرة وكأنها عمليات شراء نقدية فارغة، استغل فيها الانتهازيون اللحظة لبيع سلعة افتراضية ليست مميّزة للغاية.

قال جو كونيرز الثالث، مدير موسيقي سابق يعمل حالياً في الرموز غير القابلة للاستبدال لدى "كريبتو دوت كوم"(Crypto.com): "سيضم الفضاء الكثيرين من السياح الذين سيتوقفون عن المشاركة".

يقول المتفائلون الحقيقيون إن الرموز غير القابلة للاستبدال تُقدّم للمشترين شيئاً حقيقياً مثل ملكية الفنانين الذين يحبونهم أو الوصول إلى تجارب خاصة. تجمع الرموز غير القابلة للاستبدال أيضاً بين نقاط الالتقاء غير الواضحة بين عالمنا المادي والافتراضي. وربما إعادة تسمية "فيسبوك" نفسها، تحت مسمى "ميتا"، ليست إلا إعادة تسمية لشركة مثل "غوغل" التي أصبحت "ألفابيت". لكن الشركة محقة في أن الناس يعيشون بشكل أكبر في عالم الإنترنت، ويميلون إلى التجارب الافتراضية مثل الحفلات الموسيقية في ألعاب الفيديو والسلع الافتراضية مثل الصور الرمزية.

مع ذلك، ستتعرّض فرقة "كينغ شيب" للتحدي ذاته الذي تواجهه كل الفرق الموسيقية الأخرى، وهو ضرورة أن يكون الفن جيداً.