مخاوف "أوبك" من تخمة النفط قائمة على توقعات خاطئة

تُصرُّ دول "أوبك+" على زيادة متواضعة تدريجية في الإنتاج رغم ضغوط المستهلكين لزيادة المعروض للحد من ارتفاع الأسعار
تُصرُّ دول "أوبك+" على زيادة متواضعة تدريجية في الإنتاج رغم ضغوط المستهلكين لزيادة المعروض للحد من ارتفاع الأسعار المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يشير وزراء نفط مجموعة "أوبك+" إلى فائضٍ هائل العام المقبل لتبرير التزامهم بخطة زيادات الإنتاج المتواضعة، لكن هذه التوقعات مبنية على أرقام خيالية وهي خاطئة.

لن يفرق إذا نظرت إلى أي توقع من توقعات سوق النفط الثلاثة التي جرى تقديمها الأسبوع الماضي إلى مجموعة "أوبك+"، فإنها تُظهر جميعها نفس الشيء بدرجات مختلفة: سوق النفط ضيق المعروض حالياً سينتهي قريباً، ليحل محله واحد يسبق فيه العرض الطلب وترتفع فيه المخزونات العالمية مرة أخرى، ومع ذلك، يعتمد هذا التحول على تقديرات مبالغ فيها للغاية للإنتاج المستقبلي للمجموعة.

بعد تمسُّك "أوبك+" بزيادة متواضعة في الإنتاج.. كيف ستتأثر سوق النفط العالمية؟

في الحالة الأكثر تفاؤلاً، من وجهة نظر مجموعة المنتجين، سيتحول عجز المعروض البالغ 2.7 مليون برميل يومياً في الربع الثالث من عام 2021 إلى فائضٍ قدره 2.5 مليون برميل يومياً في الربع الأول من العام المقبل، وسيستمر المعروض في تخطي الطلب لعام 2022 بأكمله، ما يعيد مخزونات النفط العالمية إلى مستوى أعلى بقليل من تلك المشهودة في نهاية 2020 بحلول نهاية العام المقبل.

فيتول: "أوبك+" والسعودية سيواصلان الحذر تجاه إنتاج النفط

توقعات غير واقعية

لا عجب إذن في أن المنتجين مترددون في الاستماع إلى دعوات المستهلكين بفتح الصنابير أكثر. لكن هذه التوقعات تعطي صورة غير واقعية للعام المقبل، ومن الصعب التصديق أن هذه مجرد صدفة نظراً لأن توقعات إنتاج المجموعة هي أبرز التوقعات الخاطئة.

"أوبك" تتوقع طلباً أقل على النفط هذا العام بسبب الهند والصين

ولا أدعي أنني أعرف أكثر من المتنبئين في "أوبك" عن مدى قوة الطلب على النفط العام المقبل، لكن هناك العديد من الأجزاء المتغيرة - مثل التخفيف التدريجي لقيود السفر، وتفشي سلالات جديدة من فيروس كورونا، وارتفاع أسعار الطاقة - لدرجة أن توقعات الطلب غير مؤكدة بالضرورة، وكذلك تقديرات كمية النفط المستهلكة حالياً.

وهذا أقل صحة فيما يتعلق بتوقعات الإنتاج.

الإنتاج الفعلي أقل من التوقعات

بحلول سبتمبر، كانت مجموعة دول "أوبك+" تضخ أقل من المستوى المستهدف بحوالي 660 ألف برميل يومياً نتيجة عدم قدرة العديد من الدول الأعضاء على الوفاء بحصصها الفردية وبعضها الآخر مقيد بأعمال الصيانة.

ومع ذلك، تفترض توقعات توازن العرض والطلب في "أوبك" أن المجموعة تنتج بما يتماشى مع هدفها كل شهر بدءاً من أكتوبر فصاعداً، وهو ما يعني قفزة غير معقولة قدرها 1.1 مليون برميل يومياً في إنتاج المجموعة بين سبتمبر وأكتوبر.

وكما هو مقرر نشرت "أوبك" تقريرها الشهري، يوم الخميس، وكما كان متوقعاً، كانت الزيادة بدءاً من سبتمبر جزءاً صغيراً من تلك المستخدمة في التوقعات المعدة للتقديم لاجتماع الوزراء.

وارتفع إنتاج النفط الخام من قبل الدول العشرة الأعضاء في "أوبك" المشمولين في اتفاقية الإنتاج الحالية بمقدار 136 ألف برميل فقط يومياً من سبتمبر إلى أكتوبر، أي أقل من خُمس القفزة المفترضة في التوقعات.

وتشير التقديرات إلى أن إنتاج الدول الأعضاء الثلاثة المستثناة من التخفيضات - إيران وليبيا وفنزويلا - قد زاد بمقدار 82 ألف برميل يومياً، وهو ما عوّض بعض هذا النقص إذ يُفترض أن يظل إنتاجهم دون تغيير عبر فترة التوقعات، ومع ذلك لا يزال إنتاج "أوبك" في أكتوبر أقل من التوقعات بنحو 600 ألف برميل يومياً.

ولا يعود النقص المستمر في إنتاج دول مثل نيجيريا وأنغولا إلى الصيانة، كما ادعى وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان بعد اجتماع "أوبك+"، وإنما هو يعكس القدرة الإنتاجية المتضائلة لتلك الدول والناتجة عن نقص الاستثمار في الاستكشاف والتطوير.

وبالتالي فإن النقص سيستمر، بل في الواقع، سيزداد الأمر سوءاً، مع مواجهة المزيد من البلدان قيود القدرة الإنتاجية ومكافحتها لزيادة الإنتاج.

الفائض سيختفي

وحتى إذا تمكنت مجموعة المنتجين من إضافة 400 ألف برميل يومياً إلى المعروض كل شهر من المستويات الحالية، كما يخططون، فإن فائض المعروض العام المقبل سيكون أقل بكثير مما تشير إليه توقعات "أوبك+"، أما إذا أضافت أقل من ذلك بكثير، كما فعلت في الأشهر الماضية مع استبعاد تأثير الصيانة، فإن الفائض سيختفي تقريباً.

يبدو أن سوق النفط سيكون مشدداً أكثر بكثير مما يعتقد المنتجون.