"أوبك" والنفط الصخري يحددان اتجاه أسعار البنزين في 2022

لافتات كتب عليها "خارج الاستخدام" على المضخات في محطة بنزين "BP "في لوبورو، المملكة المتحدة
لافتات كتب عليها "خارج الاستخدام" على المضخات في محطة بنزين "BP "في لوبورو، المملكة المتحدة المصدر: بلومبرغ
المصدر: رويترز
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يتوقف انخفاض أسعار البنزين للمستهلكين في العام المقبل على مجموعتين من المنتجين تكافحان لزيادة الإنتاج النفطي في أعقاب جائحة كوفيد-19، وهما: "منظمة أوبك وحلفاؤها" في جانب، و"شركات النفط الصخري الأمريكية" في الجانب الآخر.

ساهم بطء استجابة صناعة النفط العالمية لزيادة الطلب في 2021 في ارتفاع أسعار الطاقة بشدة، ومعها الضغوط التضخمية في مختلف أنحاء العالم. ومع تعافي الاقتصاد، وعودة الناس للانتقال بركوب السيارات والقطارات والطائرات عاد الطلب العالمي على النفط إلى مستوياته قبل الجائحة تقريباً، لكن لم يتعافَ العرض بالسرعة ذاتها، ولذا؛ فإنَّ صناعة النفط تستهلك النفط الموجود في مخزوناتها لمجاراة الطلب.

ارتفعت أسعار النفط الرئيسية إلى أعلى مستوياتها منذ عدة سنوات متجاوزة 86 دولاراً للبرميل، ويحذر بعض الاقتصاديين من أنَّها قد تتجاوز 100 دولار للبرميل، مما يهدد التعافي.

وزير الطاقة السعودي: مخزونات البنزين والغاز منخفضة

توقعات بفائض نفطي العام المقبل

من جانبها، تتوقَّع وكالة الطاقة الدولية أن ينقلب الحال في سوق النفط الذي يبلغ حجمه قرابة 100 مليون برميل يومياً إلى فائض في الربع الأول من العام المقبل، وأن يفوق العرض الطلب بمقدار 1.1 مليون برميل يومياً، بما يخفف ويدفع الأسعار للتراجع، وتقدر الوكالة أنَّ الزيادة في المعروض قد ترتفع إلى 2.2 مليون برميل يومياً في الربع الثاني.

تتوقف هذه التقديرات على زيادة إنتاج منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" وحلفائها 400 ألف برميل يومياً كل شهر في إطار تراجع التكتل المعروف باسم "أوبك+" تدريجياً عن تخفيضات الإنتاج التي اضطر للجوء إليها خلال الجائحة.

انفراجة نسبية لأزمة الوقود في بريطانيا بعد تدخل الجيش

لكنَّ تقرير الوكالة الشهري الصادر أمس الثلاثاء أظهر أنَّ "أوبك+" ليست قريبة بأي حال من الأحوال من تحقيق أهدافها، إذ أنتجت نحو 700 ألف برميل يومياً أقل من هذه المستويات في سبتمبر وأكتوبر، ويرجع ذلك إلى حدٍّ كبير إلى اثنين من كبار المنتجين في أفريقيا، هما: نيجيريا وأنجولا اللتان يرجح أنَّ تؤثر مشاكل الصيانة والاستثمار لديهما سلباً في الإنتاج في العام المقبل.

وإذا استمر الإنتاج دون المستوى المستهدف، فربما يمحو قدراً كبيراً من الفائض في الربع الأول، ويبقي التوتر على صعيد العرض والطلب في الأسواق لفترة أطول.

نفط

التوجه لمصادر مستدامة للطاقة

رفعت وكالة الطاقة الدولية توقُّعاتها لمتوسط الأسعار في العام 2022 إلى 79.40 دولاراً للبرميل، برغم أنَّها قالت، إنَّ زيادة العرض قد تخفف من ارتفاع الأسعار بعض الشيء، في حين حذرت شركة "ترافيجورا" عملاق تجارة السلع الأولية يوم الثلاثاء من "سوق يقل فيها العرض عن الطلب جداً" مع تراجع الاستثمار في الإنتاج لأسباب منها: انتقال الصناعة إلى مصادر مستدامة للطاقة مما يزيد الضغوط السعرية.

طالبت الولايات المتحدة وغيرها من كبار مستهلكي الطاقة تكتل "أوبك+" بزيادة الإنتاج بوتيرة أسرع، غير أنَّ التكتل رفض بسبب المخاوف من أن تؤدي جائحة فيروس كورونا من جديد إلى تراجع الطلب خلال فصل الشتاء في نصف الكرة الأرضية الجنوبي.

البيت الأبيض يدعو "أوبك+" لزيادة إنتاج النفط لكبح ارتفاع أسعار البنزين

وتتطلع السوق الآن إلى صناعة النفط الصخري الأمريكية التي كانت مصدر معظم الزيادة في الإنتاج من خارج منظمة "أوبك" خلال السنوات العشر الأخيرة.

قال ماركو دناند الرئيس التنفيذي لشركة "مركوريا إنرجي" التجارية في قمة "رويترز لتجارة السلع الأولية" هذا الأسبوع: "ثمة عنصر واحد ربما يمكن فيه زيادة القدرة، وهو النفط الصخري في الولايات المتحدة".

وكالة الطاقة الدولية تتوقَّع زيادة كبيرة في الإنتاج الأمريكي من النفط الخام والسوائل المصاحبة للغاز الطبيعي، وقدره 480 ألف برميل يومياً خلال الربع الثاني من 2022، وبمقدار 1.1 مليون برميل يومياً خلال العام 2022 بأكمله، أما توقُّعات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية في الأجل القريب، فهي أقل، إذ إنَّها ترى أنَّ إنتاج النفط الخام وسوائل الغاز الطبيعي سيرتفعان بمقدار 220 ألف برميل يومياً في الربع الثاني، كما تتوقَّع الإدارة أن تتسارع وتيرة الإنتاج الأمريكي في الربع الثاني من العام المقبل لتصبح الزيادة في العام كله 1.25 مليون برميل يومياً من النفط الخام وسوائل الغاز الطبيعي.

كانت استجابة منتجي النفط الصخري أبطأ مما كان عليه الوضع خلال فترات الزيادة السابقة في الأسعار. فقد طالب المستثمرون وحملة أسهم الشركات بقدر أكبر من الانضباط في استثمارات الصناعة، مما كان عليه الوضع في دورات الصعود والهبوط السابقة، وعاقبوا الشركات التي تستثمر في القدرة الإنتاجية، وأثابوا الشركات التي توزع أرباحاً، وتعمل على تقليص ديونها.

قال جيفري كاري رئيس بحوث السلع الأولية في "غولدمان ساكس" في قمة "رويترز": "نحن عند سعر 83 دولاراً لمزيج برنت، ولا نرى زيادة كبيرة في عدد منصات الحفر".

وتكافح شركات النفط الصخري نقصاً في العمالة والمعدات، في حين يقول آخرون، إنَّ الغموض يلف الطلب بدرجة يستحيل معها زيادة الإنتاج في وقت تتعافى فيه الصناعة من الركود الناجم عن الجائحة.

قال وليام بيري الرئيس التنفيذي لشركة "كونتننتال ريسورسز" في مؤتمر عبر الهاتف عن أرباح الشركة: "الوضع ما يزال في غاية الهشاشة. لا أعتقد أنَّ من الملائم لأحد في الصناعة أن يزيد إنتاجه عن الحاجة في هذه السوق الهشة التي تنطوي على زيادة المعروض عن الطلب".

زيادة إنتاج أمريكا اللاتينية وكندا

يعمد منتجو النفط غير الأعضاء في منظمة "أوبك" في أمريكا اللاتينية لزيادة الإنتاج. ومن المقرر أن تنتج جايانا الجديدة نسبياً على مسرح النفط العالمي 220 ألف برميل إضافية في شبكة الإنتاج العائمة التي تديرها شركة "إكسون" في أوائل العام المقبل، كذلك تعمل شركة "بتروليو برازيليرو" التي تديرها الدولة في البرازيل على زيادة الإنتاج من منصتها العائمة كاريوكا التي تبلغ قدرتها الإنتاجية 180 ألف برميل يومياً، والتي بدأت الإنتاج في أغسطس في حقل "سيبيا" في المياه العميقة بحوض سانتوس.

أسعار الوقود في أمريكا لن تتراجع قريباً مع ارتفاع الطلب على البنزين

قال فرانشيسكو مونالدي، مدير برنامج الطاقة في أمريكا اللاتينية بمعهد بيكر بجامعة رايس، إنَّ فنزويلا شهدت زيادة في صادراتها بعد تلقيها مكثفات إيرانية، وإن كان الغموض يكتنف احتمال استمرار هذا الاتجاه.

قالت آن لويز هيتل، نائب الرئيس بشركة "وود ماكينزي" الاستشارية، إنَّه من المحتمل أن يرتفع الإنتاج الكندي بما يقرب من 100 ألف برميل يومياً في الربع الأول، غير أنَّ شركات النفط في كندا- رابع أكبر منتج للنفط في العالم- تعمل أيضاً على تقييد الإنتاج.

أضافت أنَّ إجمالي المعروض النفطي قد يبلغ 99.8 مليون برميل يومياً في الربع الأول من العام المقبل متجاوزاً الطلب الذي قدرته بنحو 98.9 مليون برميل يومياً، إلا أنَّ شركة "إف.جي.إي" لاستشارات الطاقة حذَّرت من أنَّ التوازن بين العرض والطلب في السوق، ربما يتغير بسرعة لانخفاض مخزونات الدول المتقدمة إلى أدنى مستوى منذ ست سنوات.

قالت الشركة: "برغم أنَّ الأسعار ستتجه على الأرجح للنزول من الذروة التي بلغتها الشهر الماضي؛ فإنَّ وضع المخزونات المنخفضة حالياً يغذي مخاطر ارتفاع الأسعار في الشهور القليلة المقبلة".