جدل بين مستثمري الاستدامة حول سندات السعودية الخضراء

مستثمرو الاستدامة منقسمون حول سندات السعودية الخضراء
مستثمرو الاستدامة منقسمون حول سندات السعودية الخضراء المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

بينما تستعد المملكة العربية السعودية، أكبر دولة في أهم تكتل في العالم لإنتاج النفطـ، لأول إصدار على الإطلاق للسندات الخضراء، يتجادل مستثمرو الاستدامة حول ماذا يمكن أن يستفيدوا من ذلك.

تمثل خطط السعودية لدخول سوق السندات الخضراء لحظة فاصلة، ويقول بعض المستثمرين إنها تشكل خطوة مشجعة للدولة الخليجية شديدة الاعتماد على النفط لرسم مسار بعيد عن الوقود الأحفوري، ويسأل آخرون عن دليل موثوق بأن الدين سيكون أخضرَ حقاً.

مع ذلك، فإن الخلاصة هي أن أكبر دولة مصدرة للبترول في العالم ستجد على الأرجح الكثير من المشترين لسند تقول عنه إنه سيكون صديقاً للمناخ.

طالع أيضاً: السعودية ستجمع تمويلا "أخضر" يصل لـ 2.67 مليار دولار لمشروع بـ"البحر الأحمر"

"البحر الأحمر" السعودية تحصل على تمويل "أخضر" بـ14 مليار ريال من بنوك محلية

جنى أرباح السندات الخضراء

هوازن نزيه نصيف، نائب رئيس الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات "ESG" والشئون الخارجية في "ناشونال إنرجي سيرفيسيز ريونايتد كورب" وهي شركة خدمات حقول نفط مقرها هيوستن وتعمل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قالت: "عادة، لا يستثمر المستثمرون فقط في المبادرات أو السندات الخضراء ليكونوا مواطنين صالحين فحسب، وإنما يريدون أيضاً جني أرباح، وهذه هي الحقيقة".

تستعد الحكومة السعودية والصندوق السيادي للمملكة لبيع سندات خضراء في الأشهر المقبلة، قد تجمع كل صفقة مليارات الدولارات، وستساعد صندوق الاستثمارات العامة في تمويل مشاريع مثل ما يعرف بمنتجع السياحة المستدامة على البحر الأحمر والذي سيتم تشغيله بالكامل من خلال الطاقة المتجددة، وفقاً لمصادر مطلعة على الخطط.

تحاول السعودية إعادة تصوير نفسها كوجهة عملية لرأس المال في عالم تشكله المخاوف البيئية بشكل متزايد، والشهر الماضي، تعهدت المملكة بتحييد انبعاثات الغازات الدفيئة داخل حدودها بحلول عام 2060، وخصصت المليارات لتكنولوجيا احتجاز الكربون كجزء من هذا الهدف.

قالت نصيف التي تعمل في شركة خدمات حقول نفط مقرها هيوستن وتعمل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إن مثل هذه التعهدات تتخذ ليس لأنها رائعة، وإنما يتخذونها لأنهم مجبرون على ذلك، لأنهم إذا لم يفعلوا وواصلوا إنتاج النفط بنفس طريقة اليوم، فسيتوقف الناس عن شرائه بالأخير".

اقرأ أيضاً: مسؤول: السعودية ستصدر سندات خضراء قريباً

السعودية تجمع 3.25 مليار دولار من ثالث بيع لسندات في 2021

تفاصيل قليلة

لكن يشير المتشككون إلى أن أول التزام صافٍ صفري تقدمه عملاقة أوبك تفاصيله قليلة بشكل واضح، وأكدت السعودية على حقها في مواصلة ضخ النفط الخام لعقود قادمة، كما رفضت أيضاً تحليلاً أجرته وكالة الطاقة الدولية، والذي يدعو إلى وضع حد لعمليات التنقيب الجديدة عن النفط والغاز إذا كان على الكوكب تجنب الاحتباس الحراري الكارثي.

وفقاً لحكومة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فإن المذنبين الرئيسيين وراء زيادة أسعار الطاقة العام الجاري هم نشطاء المناخ، في الوقت نفسه، لا يوجد بلد آخر في مجموعة العشرين ينبعث منه نفس القدر من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون للفرد مثل السعودية.

من بين المستثمرين المتشككين شركة "نورديا أسيت مانجمنت" (Nordea Asset Management)، التي تشرف على حوالي 300 مليار دولار نيابة عن عملائها، وقال ساشا ستالبرغ، مدير محفظة في "نورديا"، إن مشاركته في الإصدار السعودي للسندات الخضراء سيعتمد على نوع المشاريع الممولة، ومدى ملاءمتها للطموح الأخضر العام للدولة، وإذا نُشرت أهداف مناخية مفصلة على المدى القريب مع الإصدار".

لكن هناك الكثير من المستثمرين الذين من غير المرجح أن تردعهم فكرة شراء سندات خضراء من منتجة نفطية كبرى، داخل وخارج منطقة الخليج على حد سواء.

طالع المزيد: وزير الطاقة السعودي لـ"الشرق": العالم بحاجة لكل مصادر الطاقة المتاحة

نهج حذر

أوداي باتنايك، مدير الأموال في "ليغال أند جنرال غروب" ( Legal & General Group Plc) ومقرها لندن، قال إن مديري الأصول سيتبنون نهجاً حذراً، وسيقيّمون الاستثمارات الأساسية التي سيتجه إليها السند الأخضر السعودي، وسيكون هناك اهتمام بالإصدار.

كما أشار إلى جهود ولي العهد لإدخال مصادر أخرى للطاقة في المزيج السعودي، وسط إدراك أن الدولة أكثر عرضة للتداعيات الحقيقية للاحتباس الحراري العالمي مع تجاوز درجات الحرارة بشكل متكرر 50 درجة مئوية (122 فهرنهايت) خلال موجات الحر في السنوات الماضية.

في ظل تحول خفض انبعاثات الكربون بشكل متزايد إلى عمل من أعمال حفظ الذات، تحظى الطاقة المتجددة بمزيد من الاهتمام، وتخطط السعودية لزيادة مزيج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في شبكتها المحلية إلى 50% بحلول عام 2030 مع تشكيل الغاز الطبيعي بقية المزيج، أيضاً تستثمر الدولة بكثافة في الهيدروجين، والذي يُنظر إليه على أنه حاسم في تحولها في نهاية المطاف عن النفط والغاز.

اقرأ المزيد: أكوا باور: مشروع "نيوم" سيدفع السعودية لتصدر إنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر بالعالم

تنويع الاقتصاد

باتنايك قال: "يتطلع محمد بن سلمان لتنويع الاقتصاد منذ سنوات عديدة، وبالتالي فإن المصداقية موجودة".

كما أن الاستثمار البيئي والاجتماعي والاستثماري في طريقه ليصبح عنصراً أساسياً في المناقشات المالية في المنطقة.

فرانسيس لا سالا، الرئيس التنفيذي لخدمات الإصدار في "بي إن واي ميلون" قال: "لقد اجتمعنا مع عدد من المصدرين المختلفين في السعودية خلال الأيام القليلة الماضية وطُرح موضوع معايير الحوكمة "ESG" في كل اجتماع، وفي الخليج، وبالأخص في السعودية، هناك وعي قوي للغاية بأنه لكي تتمكن من استغلال الأسواق الرأسمالية العالمية، عليك التفكير في السندات الخضراء".

وفقاً لتود شوبيرت، مدير أبحاث الدخل الثابت في بنك سنغافورة المحدود، فإن ماهية المصدر لا تشكل أي اختلاف بالنظر إلى الشهية النهمة على الأصول الخضراء، قائلاً: "الطلب على السندات الخضراء وغيرها الممتثلة لمعايير "ESG" قوي للغاية لدرجة أني أتوقع ألا تواجه السعودية أي مشكلة في إتمام هذه الصفقة، وبينما سيكون هناك بعض المستثمرين الذين سيرفضون الشراء استناداً إلى قيمهم الخضراء، لا أتوقع أن تكون هذه الفئة كبيرة بما يكفي للتأثير على فنيات الصفقة بقدر كبير".

علاوة على ذلك، قال شوبيرت إن هناك فرصة جيدة للسعودية، مثلها مثل مصدري السندات الخضراء الآخرين، لأن تتمكن من البيع بشروط أفضل من مصدري السندات غير الخضراء، مضيفاً "لن أندهش إذا أتممت الصفقة بـ"علاوة خضراء".