الوظائف لا التضخم هي ما يحدِّد تحركات الاحتياطي الفيدرالي

المصدر: بلومبرغ
Conor Sen
Conor Sen

Columnist for @bopinion . Founder of Peachtree Creek Investments. Fintwit, demographics/elections, Atlanta.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

احتدم الجدل في الأشهر الأخيرة الماضية حول ما إذا كان مستوى التضخم المرتفع سيقود مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى تشديد السياسة النقدية في وقت أقرب مما كان متوقعاً: إنهاء مشتريات الأصول تدرجياً ثم يتبع ذلك رفع أسعار الفائدة. كانت ردة الفعل السلبية هي إلقاء اللوم بجزء كبير من ارتفاع الأسعار على اختناقات سلسلة التوريد التي ستنحسر بمرور الوقت - وإلى جانب ذلك، يحتاج بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى الاستمرار في هذا المسار من أجل ضمان تعافي سوق العمل بشكل كامل.

اقرأ أيضاً: الاقتصاديون يرفعون توقعاتهم للتضخم في الولايات المتحدة حتى نهاية 2022

لكن، كما أظهر تقرير الوظائف لشهر أكتوبر، فإن تحسن سوق العمل يتسارع مرة أخرى، ونحن أقرب إلى تدابير التوظيف الكامل أكثر مما هو متوقع بشكل عام. فبحلول منتصف العام المقبل، سيكون سوق العمل القوي، وليس التضخم، هو من يقود بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى البدء في رفع أسعار الفائدة.

تعافٍ أسرع من المتوقّع

إذا كنت قد خففت من توقعاتك بشأن تعافي سوق العمل خلال الأشهر القليلة الماضية، فمن المفترض أن يجعلك تقرير الوظائف لشهر أكتوبر تعيد التقييم. لم يكن نمو الوظائف هو الأقوى منذ يوليو فقط، بل وتم تعديل الأشهر السابقة بالزيادة أيضاً. على سبيل المثال، نحن نعلم الآن أن مستوى التوظيف في أغسطس كان 286 ألف وظيفة أعلى مما كنا نعتقد عندما صدر تقرير الوظائف لشهر أغسطس في أوائل سبتمبر. لذلك، فإنه مع انخفاض تأثير متحول "دلتا" في جميع أنحاء البلاد، كان سوق العمل يتسارع خلال الصيف بمستوى أعلى مما كنا نعتقد.

اقرأ المزيد: التضخم يهدد بعودة السياسة الأمريكية إلى حقبة ريغان

هذا مهم عند التفكير في وتيرة الانتعاش المتوقعة خلال منتصف العام المقبل. في الأشهر العشرة الأولى من عام 2021، انخفض معدل البطالة الرئيسي إلى 4.6% من 6.7%، وهو تحسن بنحو 0.2% شهرياً. وإذا استمرينا بهذه الوتيرة حتى منتصف العام المقبل، فسنحصل على معدل بطالة قدره 3.0% بحلول يونيو، أي أقل بنسبة نصف نقطة مئوية كاملة مما كان عليه عند بداية الوباء، وأدنى مستوى له منذ 70 عاماً تقريباً.

إنها قصة مماثلة لمعدل نقص العمالة الذي يأخذ في الاعتبار الأشخاص الذين يعملون بدوام جزئي لأسباب اقتصادية. فقد انخفض هذا المعدل إلى 8.3% من 11.7% هذا العام، أي أنه تحسّن بأكثر من 0.3% شهرياً. وبالتالي، فإن وتيرة مماثلة من التحسن ستجعله يسجل أدنى مستوياته بحلول منتصف العام المقبل.

المقياس الأكثر إثارة للجدل، هو معدل التوظيف في سن الرشد، أو النسبة المئوية للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و54 عاماً والذين لديهم وظائف. وقد ارتفع هذا المعدل إلى 78.3% من 76.3% هذا العام -وهو التحسن الشهري ذاته 0.2% الذي شهدناه مع معدل البطالة الرئيسي- ولكن الاستمرار على هذا المعدل سيعيده إلى حوالي 80% بحلول منتصف عام 2022. سيظل ذلك أقل بمقدار نصف نقطة مئوية عمّا كان عليه في يناير 2020، ويرجع ذلك بدرجة كبيرة إلى أن الأشخاص الذين تركوا سوق العمل لم يعودوا بعد.

العودة إلى العمل

كان كل من مجلس الاحتياطي الفيدرالي والاقتصاديين في القطاع الخاص متشككين بشأن عودة جميع هؤلاء الأشخاص إلى العمل، على الأقل في المدى القصير. أشار "غولدمان ساكس" إلى أن معظم الأشخاص الذين خرجوا من القوى العاملة هم فوق سن 55، أي خارج منطقة "سنوات الذروة"، لكن ليس من الواضح إن كانت ستكون هناك حتى عودة سريعة للعمال الأصغر سناً.

اقرأ أيضاً: ما الذي يقف فعلياً وراء أزمة نقص العمالة حول العالم؟

رأينا ذلك في عقد 2010 لا سيما في بداية عام 2016، عندما أدى تشديد سوق العمل إلى زيادة مشاركة القوى العاملة، لكن المعدل لم يكن أكثر من 0.5% سنوياً. قد يقرّر بنك الاحتياطي الفيدرالي الآن أن سوق العمل قويٌ بما يكفي للدفع بالمشاركة فيه لدرجة أعلى بمرور الوقت، مع إدراك أن هناك "حداً أقصى للسرعة" لمدى حدوث ذلك.

الفكرة الأساسية هي أن التوظيف الكامل -أو التوظيف على الأقل بمستوى مساوٍ لما كان لدينا في أوائل عام 2020- سيأتي في وقت أقرب مما توقعنا. وإذا كان انتعاش سوق العمل في 2010 قد حدث بسرعة 15 ميلاً في الساعة على سبيل المثال، فإن الانتعاش اليوم يحدث بسرعة 60 ميلاً في الساعة.

قلّل بنك الاحتياطي الفيدرالي من أهمية التضخم لأنه كان هناك الكثير من التحسينات في سوق العمل التي لا تزال مطلوبة. لكن نوعية سوق العمل التي يتطلعون إليها، تصل إلى هنا بسرعة -ربما بحلول منتصف العام المقبل. وعندها، دع الزيادات في أسعار الفائدة تبدأ.