بعد التهديد باستخدام الاحتياطي.. هل تُفلح محاولات بايدن بخفض أسعار النفط؟

الرئيس الأمريكي جو بايدن يواجه ضغوطاً سياسية كبيرة مع ارتفاع أسعار الطاقة بالتزامن مع زيادات جميع السلع والخدمات
الرئيس الأمريكي جو بايدن يواجه ضغوطاً سياسية كبيرة مع ارتفاع أسعار الطاقة بالتزامن مع زيادات جميع السلع والخدمات المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أمضى الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي يواجه العواقب السياسية لأقوى زيادة تضخمية منذ عقود، شهراً جيداً في محاولة خفض أسعار النفط التي تؤتي ثمارها حالياً.

منذ أواخر أكتوبر- عندما تجاوزت أسعار النفط الخام 85 دولاراً للبرميل، ورفض تحالف "أوبك+" دعوات بايدن لزيادة الإنتاج بشكل أسرع – كان الرئيس الأمريكي يهدد باستخدام النفط من الاحتياطيات الأمريكية أثناء الطوارئ، ويطلب من البيروقراطيين التحقيق في التلاعب بالأسعار في صناعة النفط، وحث الدول الأخرى المستهلكة للنفط حول العالم على التحرك. وبحثت الإدارة الأمريكية استخدام خيار وضع الضوابط للتصدير.

متحدية "أوبك+".. أمريكا تطلب من كبار مستهلكي النفط بحث استخدام الاحتياطيات

يشكِّل ارتفاع أسعار البنزين خطراً سياسياً على أي رئيس أمريكي، لكنَّ بايدن أضاف سبباً للقلق؛ فارتفاع تكاليف الطاقة جاء جنباً إلى جنب مع ارتفاع أسعار كل السلع من اللحوم والملابس إلى مواد المصانع والسيارات، الأمر الذي يهدد انتعاشاً اقتصادياً من الوباء، ومدى قدرته على سنِّ قانون الإنفاق الاجتماعي الرئيسي.

انخفاض الأسعار

اللافت للنظر في معركة الرئيس ضد ارتفاع أسعار النفط؛ هو أنَّ إدارته، حتى الآن، لم تتخذ أي إجراء حقيقي.

مع ذلك؛ فإنَّ التكهنات حول ما يمكن أن تفعله الإدارة الأمريكية كانت كافية لوقف الارتفاع في أسعار النفط.

تراجعت العقود الآجلة للخام الأمريكي بنحو 7% منذ 26 أكتوبر، وتم تداولها دون 80 دولاراً للبرميل يوم الخميس.

ما تزال أسعار البنزين في محطات التعبئة بالقرب من أعلى مستوياتها منذ سبع سنوات، لكنَّها استقرت في الوقت الحالي.

حقق بايدن أكبر مكسب له حتى الآن فجأة، بعد قمة افتراضية بينه وبين شي جين بينغ، فقد أعلنت الصين – أكبر دولة مستوردة للنفط في العالم - عن خطة لاستخدام احتياطي البترول الاستراتيجي الخاص بها للمرة الثانية هذا العام.

بعد دعوة أمريكية.. الصين تبيع بعض النفط من احتياطياتها الاستراتيجية

قد تساعد جهود بايدن من أجل انخفاض الأسعار على المدى القصير. لكنَّ الأهمية الأكبر تكمن فيما إذا كانت القوتان الرائدتان في العالم ستعملان للتأثير في أسواق النفط معاً لأول مرة، وما إذا كانت منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" تنظر إلى هذا العمل المشترك على أنَّه بداية لتعاون أوثق بين أكبر دولتين مستهلكتين للنفط في العالم.

قال روبرت جونستون، كبير الباحثين في "مركز كولومبيا لسياسة الطاقة العالمية": "في حال وجود تنسيق بين الولايات المتحدة والصين لاستخدام خام احتياطي البترول الاستراتيجي؛ سيمثل ذلك واقعاً جديداً لمجموعة أوبك".

"هل سيغيرون استراتيجيتهم بشأن إدارة العرض في الأسواق العالمية؟. إنَّ بدء الولايات المتحدة والصين في العمل معاً سيكون أمراً مدهشاً، على افتراض أنَّ التعاون لن يحدث لمرة واحدة فقط"، بحسب ما قاله جونستون.

مُشرعون أمريكيون يستهدفون مقاضاة "أوبك" عبر إحياء قانون "نوبك"

الكلام وحده ليس كافياً

في وقت ما، قد لا يكون الحديث كافياً، حتى مع عودة ظهور فيروس كوفيد خلال الشتاء وارتفاع الدولار، مما يؤدي إلى تخفيف التضخم على المدى القصير. سيحتاج بايدن إلى استخدام المخزونات الأمريكية، أو يواجه خطر أن يقوم المتداولون بكشف خداعه.

كما أنَّه لا يستطيع الاستمرار في ضخ النفط، وإلا فسيتم تفريغ الاحتياطي الاستراتيجي بسرعة. هناك احتمال أن يدفع الاستخدام المنسق للاحتياطي الاستراتيجي، "أوبك"و حلفاءها إلى تقليص خطط الزيادات التدريجية في الإنتاج.

قال جونستون: "إذا كان هناك استخدام منسق للاحتياطي الاستراتيجي من جانب الصين والولايات المتحدة؛ فقد يدفع ذلك "أوبك+" إلى إبطاء زيادات الإنتاج الشهرية المتوقَّعة والمستمرة 400 ألف برميل يومياً".

أوضح جونستون أنَّ تحالف "أوبك+" سيقيِّم عن كثب ما إذا كانت الاستخدامات للاحتياطي الاستراتيجي، تمثل خطراً بعودة الاختلالات العالمية، لا سيما إذا رأى التحالف النفطي عودة نمو النفط الصخري الأمريكي، وتراجع الطلب بسبب ارتفاع الأسعار.

تعافي الطلب

ما تزال الديناميكيات العامة لسوق النفط قوية. يتعافى الطلب مع ازدهار الاقتصاد الصناعي، ويُحلِّق المسافرون في السماء مرة أخرى.

تجد "أوبك" صعوبة في تلبية خطتها الحالية للزيادة الشهرية المتواضعة للإنتاج، وتواصل صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة وضع الأرباح قبل الحجم. لكن من الصعب تجاهل تحركات الرئيس الأمريكي.

تقدِّر ريبيكا بابين، كبيرة المتداولين بمجال الطاقة في "سي أي بي سي برايفت ويلث مانجمنت"، أنَّ حوالي ثلاثة أرباع الانخفاض الأخير في أسعار النفط ينتج عن الاستخدام المحتمل لاحتياطي البترول الاستراتيجي من جانب إدارة بايدن.

يؤيد جون كيلدوف، الشريك المؤسس في شركة "أجين كابيتال" وجهة النظر المماثلة نفسها.

قال كيلدوف: "أود أن أقول، إنَّ النصف إلى ثلاثة أرباع أسباب تراجع أسعار النفط، يعود بسبب اللجوء إلى الاحتياطي البترولي الاستراتيجي".

يساعد الانتعاش الأخير في مخزونات الخام الأمريكية، وزيادة حالات الإصابة بكوفيد أيضاً على تهدئة ارتفاع أسعار النفط.

أسعار بنزين قياسية

بالنسبة للبنزين، دفع الأمريكيون نحو 3.40 دولاراً للغالون في المتوسط بمحطات التعبئة، وهو أكبر سعر منذ عام 2014، وفقاً لبيانات الرابطة الأمريكية للسيارات، وهو اتحاد لنوادي السيارات في جميع أنحاء أمريكا الشمالية (AAA).

كما يلقي رئيس موظفي البيت الأبيض رونالد كلاين باللوم على صناعة النفط.

قال كلاين في تغريدة يوم الخميس "أسعار النفط تتراجع.. حالياً، متى ستُخفِّض الصناعة أسعار البنزين ؟؟؟؟".

في حين يترقبون بعض الإجراءات الملموسة من جانب بايدن؛ يواجه تجار النفط والمستثمرون الذين ينظرون إلى السوق على أنَّها تعاني من نقص المعروض، تقلبات الأسعار الهائلة بسبب تعليقات الإدارة على مدار الـ 45 يوماً الماضية.

يقول بعضهم، إنَّ بايدن من المرجح أن يشتري الوقت فقط، ويأمل أنَّه مع انخفاض نشاط التداول خلال فترة العطلة، ستنخفض الأسعار من تلقاء نفسها.

قال مايكل تران، العضو المنتدب لاستراتيجية الطاقة العالمية في "أر بي سي كابيتال ماركتس": "قد يتفاقم الوضع مما هو عليه حالياً.. استراتيجية خفض أسعار السوق قد يكون لها تأثير أكبر من عنصر المفاجأة".