هل تنجح وول ستريت في حل لغز التضخم؟

هل التضخم مؤقت أم سيستمر طويلاً؟.. هذا هو السؤال الأهم حالياً في وول ستريت
هل التضخم مؤقت أم سيستمر طويلاً؟.. هذا هو السؤال الأهم حالياً في وول ستريت المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

ليكن الله في عون من يتعامل بطريقة خرقاء مع نداءات التضخم في وول ستريت.

فبعد استقرار دام ثلاثة عقود، بدأ القلق بشأن ارتفاع أسعار المستهلكين يختبر المهارات التحليلية لمديري الأموال والمتداولين المحترفين بطريقة ليس لها مثيل منذ ذعر الجائحة الذي لم يدم طويلاً.

حيث لا يمكن أن تكون المخاطر أكبر: فقد ساعد النظام الطويل للتضخم المعتدل وأسعار الفائدة المنخفضة في رفع تقييمات الأسهم والسندات.

أما الآن، ومع بلوغ التضخم بشكلٍ غير متوقع نسبة 6.2٪ في أكتوبر مقارنة بالعام السابق، فهناك شيء جديد يلوح في الأفق. حيث أدت سلسلة مترابطة من اختناقات العرض إلى ارتفاع الأسعار في ظل نضال الشركات لحماية أرباحها، وما يزال طلب المستهلكين مرتفعاً.

هل هي صورة خاطفة لما بعد الجائحة وستحل نفسها بنفسها؟ أم علامة على مزيد من الاضطراب في المستقبل؟

التضخم الأمريكي يترسخ بأعلى ارتفاع للأسعار منذ 1990

مخاطرة مهنية

في الواقع، بالنسبة للأشخاص الذين يعملون في مجال التمويل، فهذه لحظة تنطوي على مخاطر مهنية شديدة - أو فرصة ليكونوا أبطالاً أمام رؤسائهم وعملائهم في حال فهموها بالشكل الصحيح، حيث لم يسبق للكثير منهم أن كانوا في مثل هذا الموقف من قبل.

تقول كيم فورست، المؤسسة وكبيرة مسؤولي الاستثمار في شركة "بوكيه كابيتال بارتنرز": "هناك أشخاص في منتصف مسيرتهم المهنية، وآخرون في ثلثها ولم يشهدوا تضخماً".

التضخم هو العقبة الأولى التي يجب على كل مستثمر أن يتخلص منها، وهو مدمج في كل نموذج مؤيد للسعر العادل لدفع ثمن السند أو السهم. ولكن ليس من السهل الحصول على قراءة حول كيفية معالجة المستثمرين لأحدث ارتفاع مفاجئ.

كما أن إستراتيجيي وول ستريت مرتبكون، فمن بين 21 متنبئاً اقتصادياً تتبعهم بلومبرغ، فإن أدنى هدف في نهاية العام لمؤشر "ستاندرد آند بورز 500" هو 3800 والأعلى هو 4800 – وبالتالي فإن نسبة الـ26٪ هذه هي من بين الأوسع خلال عقد من الزمن.

التضخم يهدد بعودة السياسة الأمريكية إلى حقبة ريغان

تقلبات في سوق الخزانة

في سوق الخزانة، تتزايد التقلبات، حيث أشارت ملاحظة حديثة من "غولدمان ساكس" إلى أن أكثر الشركات التي يحبها متداولو صناديق التحوط الطويلة الأجل هي أيضاً ذات الأسهم الأكثر تفضيلاً لدى بائعي صناديق التحوط على المكشوف - أولئك الذين يراهنون على انخفاض الأسهم. بعبارة أخرى، من الواضح أن المضاربين المحترفين يتوقعون أن ترتفع الأسهم نفسها وتنخفض.

بالطبع، لكل شخص وجهة نظر مختلفة، ولكن يركز الجميع بشكل متزايد على إصدارات مؤشر أسعار المستهلك نفسها.

تقول كاثي جونز، كبيرة محللي الدخل الثابت في شركة "تشارلز شواب": "هناك الكثير من القلق لأننا لم نشهد هذا النوع من التضخم منذ سنوات عديدة. حيث كان يُعتقد حقاً أنه سينخفض ​​بسرعة كبيرة، إلا أنه لم ينخفض ​​بالسرعة المتوقعة، لأننا على ما يبدو نتدحرج من عدم توازن بين العرض والطلب إلى آخر".

ومع ذلك، ارتفع مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنحو 25٪ في عام 2021. وعلى المدى الطويل، دائماً ما تكون الأسهم حاجزاً ضد التضخم: حيث تستطيع الشركات الجيدة رفع أسعارها - والأرباح - حتى مع ارتفاع تكاليفها.

وقبل عام، أحبّ بعض المضاربين على الارتفاع التحدث عن تداول "الانكماش"، أو مزيج سعيد من النمو المزدهر وزيادة قوة التسعير للشركات.

الوظائف لا التضخم هي ما يحدِّد تحركات الاحتياطي الفيدرالي

الرهان على الشركات الجيدة

بالنسبة لمستثمري الشراء والاحتفاظ على المدى الطويل - بما في ذلك الأفراد الذين يستثمرون أموالهم الخاصة - فإن هذا قد يجعل تصحيح التضخم مشكلة أقل خطورة. وبالتفكير في المستقبل خلال العامين أو الثلاثة أعوام المقبلة، تقول فورست: "أبحث عن أفضل الشركات على الإطلاق؛ وسواء كان هناك تضخم أم لا، فهذه المعادلة لم تتغير". وتقول إن التضخم يمثل تهديداً بالنسبة للمستثمرين الذين يواجهون آفاقاً زمنية أقصر: "إذا كنتُ أتطلع إلى عام كامل، فأنا في موقف دقيق نوعاً ما، حيث يجب أن أكون على صواب".

كما تتجسد إحدى المخاطر التي تتعرض لها الأسهم في مسألة ما إذا كان التضخم مفاجئاً ومزعجاً لدرجة أنه يفرض تغييراً مفاجئاً في أسعار الفائدة وعِلم نفس السوق - ويدفع المستثمرين إلى إعادة تقييم محافظهم الاستثمارية.

هل ينهي بايدن حرب ترمب التجارية على الصين لمكافحة التضخم؟

خسائر متوقعة

ومن جانبه يقول مايكل شاؤول، الرئيس التنفيذي في شركة "ماركتفيلد لإدارة الأصول": "لن يكون تصحيحاً بنسبة 5٪ إلى 10٪ ثم ارتداد مرة أخرى. بل سيكون هناك خاسرون بارزون".

يكمن الخطر بالنسبة لشاؤول في أن مستثمري السندات يصلون إلى "نقطة الانهيار النفسي" فيما يتعلق بالعوائد المنخفضة التي يجمعونها.

وبالفعل، فإن العائد السنوي الحقيقي لسندات الخزانة الآمنة لمدة 10 سنوات - وهو ما يمثل التضخم المتوقع في السوق - هو نقطة مئوية أقل من الصفر.

وفي الوقت الحالي، يبدو أن المستثمرين يهتمون كثيراً بالحصول على ملاذ مثلما يهتمون بالبقاء في طليعة التضخم.

الضغط على السندات

لكن ماذا لو تغير ذلك؟ لتجنب خسارة المزيد من الأموال بسبب التضخم، قد يبدأ مديرو الأموال ذات الدخل الثابت في المطالبة بعائدات أعلى، مما يعني دفع أسعار السندات إلى الانخفاض.

كما يقول شاؤول إن الألم في أسواق السندات يمكن أن يزعج الأسهم بطريقة مماثلة لأواخر الستينيات وأوائل الثمانينيات.

وفي بيئة معدلات الفائدة المرتفعة، يمكن للمستثمرين إعادة تقييم الأسعار التي كانوا على استعداد لدفعها مقابل الأسهم، مما يؤدي إلى خفض نسب السعر إلى الأرباح حتى إذا ظلت الأرباح قوية.

وما سيحدث بعد ذلك قد يتوقف على البنك الاحتياطي الفيدرالي. حيث يبدأ البنك المركزي في خفض برنامج شراء السندات هذا الشهر وقد ينهيه بحلول منتصف عام 2022، وتتوقع الأسواق أن يتبعه حفنة من الزيادات في أسعار الفائدة.

وتعليقاً على الموضوع، قالت ماري دالي، رئيسة البنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو في 10 نوفمبر، إنه من السابق لأوانه معرفة ما إذا كان التضخم سيُسرِّع هذا الجدول الزمني.

تغير مزاج المستثمرين

في حين يقول مات كينغ، محلل الأسواق العالمية في "سيتي غروب"، إن البنك المركزي قد يحتاج إلى التحرك بشكلٍ أسرع.

على الرغم من أن رفع الأسعار لن يؤدي بالضرورة إلى "تحسين توافر سائقي الشاحنات"، كما قال مؤخراً في بودكاست "أود لوتس" الخاص ببلومبرغ، إلا أنه قد يقلل الطلب.

لكنه قال إن تحركاً أسرع في معدل الفائدة من شأنه أيضاً أن يبطئ النمو - ويكون مؤلماً للمستثمرين الذين اعتادوا على دعم الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الأصول.

كذلك يشير شاؤول من شركة "ماركتفيلد" إلى أن الخطر يكمن في أن يبدأ المستثمرون برؤية العالم بشكل مختلف - كمكان به تضخم – وأن يكون من الصعب التنبؤ بتحول من هذا القبيل.

ويقول: "تستغرق التغييرات العاطفية وقتاً طويلاً ومن غير المرجح أن تحدث دائماً، ولكن في حال حدثت، يمكن للعالم أن يتحرك بسرعة كبيرة. وبمجرد تغيّر الحالة سيكون من الصعب جداً إعادتها إلى سابق عهدها".

البحث عن مأوى

يدفع ارتفاع الأسعار المستثمرين إلى البحث عن طرق لحماية قوتهم الشرائية. وقد تكون بعض الأفكار أفضل من غيرها، بحسب ما قالته فيلدانا هاجريك.

أفضل الرهانات

  • سندات الادخار الأمريكية من السلسلة الأولى

تُعدَّل معدلاتها بشكل دوري لاستيعاب التضخم، وهي تدفع الآن أكثر من 7٪.

  • الرهن العقاري بسعر ثابت

ما تزال الأسعار منخفضة جداً، حيث تزيد قليلاً على 3٪، وإذا قمت بثبيتها الآن، فلا داعي للقلق بشأن ارتفاع تكاليف السكن.

  • الأسهم

يقول كيث ليرنر، كبير مسؤولي الاستثمار في "ترويست للخدمات الاستشارية"، إنه طالما أن التضخم ليس شديد الارتفاع لفترة طويلة جداً، فإن العديد من الشركات لديها القدرة على التسعير لتمرير التكاليف إلى المستهلكين.


نقاط تستحق أخذها بعين الاعتبار

صناديق الاستثمار المتداولة المحمية من التضخم

كان لدى كل صندوق متداول في البورصة يضم في اسمه كلمة تضخم تدفقات داخلية هذا العام. حيث يركز البعض على الأسهم في الصناعات التي تعمل بشكلٍ جيد عندما ترتفع الأسعار، مثل الطاقة والمواد.

صناديق الاستثمار العقاري

لست في السوق لشراء منزل الآن؟ تعتبر صناديق الاستثمار العقاري طريقة سهلة للحصول على تعرض متنوع لأسعار المساكن. إلا أن السوق يمكن أن تهدأ إذا ارتفعت الأسعار.

صناديق نوع الاستثمار ذو الدخل الثابت

تشتري هذه الصناديق سندات الخزانة الخاصة التي عُدّلتْ قيمتها الأساسية وفقاً للتضخم. والجانب السلبي أنه في حال هدأ التضخم، فقد تربح المزيد من الأموال في سندات الخزانة العادية، كما تقول محللة إستراتيجية الدخل الثابت كاريسا ماكدونو من شركة "كوميونيتي بنك تراست سيرفيسز".

دحرج النرد

الذهب والعملات المشفرة

المعجبون بكل منهما يعتبرونهما تحوطين ضد انخفاض قيمة العملة. إلا أن كام هارفي، أستاذ التمويل في جامعة ديوك، يقول إن كليهما عرضة أيضاً لهوس المضاربة والانهيار. وقد يكون توقيت الشراء أكثر أهمية مما يحدث لأسعار المستهلك.

المقتنيات

نبيذ نادر، والسيارات القديمة، والأعمال الفنية هي عناصر قد يكون امتلاكها ممتعاً ولكن يصعب على الهواة تقديرها، ويصعب بيعها بسرعة، كما أن تخزينها باهظ الثمن. حيث يقول جورج بيركيس من مجموعة "بيسبوك إنفستمنت غروب": "غالباً ما تكون مجرد منتج يتم بيعه بأية وسيلة ضرورية بدلاً من تحوط حقيقي من التضخم".