قريباً ستقول "هناك تطبيق بلوكتشين لهذا الأمر"

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

كانت ماريا-يوغينيا فالي بحاجة إلى إظهار دليل يوضح تلقيها للقاح كوفيد-19 لتتمكن من حضور حفل لموسيقى البوب في بوغوتا في سبتمبر، لذلك أخرجت هاتفها، وفتحت تطبيق "فيتال باس" (VitalPass) المعتمد على تقنية الـ"بلوكتشين" لخلق رمز استجابة سريع يسمح بالتحقق من وضع المستخدم. وتعتقد الفتاه البالغة من العمر 22 عاماً، أنَّ شهادة التلقيح الرقمية تُعد أكثر موثوقية من شهادة التلقيح الورقية التي يمكن تزويرها بسهولة، وتقول: "يمكنك الوثوق بشهادة التلقيح الرقمية بشكل أكبر نظراً لاعتمادها الكبير على تقنية البلوكتشين".

تشتهر "البلوكتشين" بدعمها لـ"العملات المشفرة" مثل بتكوين، لكنَّ إصدارات هذه التكنولوجيا تشق طريقها سريعاً نحو جوانب عديدة للحياة اليومية، بدءاً من جوازات سفر اللقاحات، إلى التمويل، والألعاب، والمدفوعات العابرة للحدود.

اقرأ أيضاً: استثمارات بصبغة مشفرة في أماكن غير متوقعة

وتتوقَّع شركة الأبحاث "ماركت ستاند ماركتس" (MarketsandMarkets) نمو سوق تكنولوجيا وخدمات "البلوكتشين" من 4.9 مليار دولار فقط هذا العام إلى 67.4 مليار دولار بحلول عام 2026.

بكل بساطة، تُعرف "البلوكتشين" بأنَّها قاعدة بيانات مشتركة تُستخدم لتسجيل المعلومات الرقمية وتخزينها في "سلسلة كُتل" غير قابلة للتغيير على الإطلاق، مما يوفر أماناً تاماً للبيانات المتاحة على السلسلة، وإمكانية التحقق منها. تسمح شفرة البرمجيات- المسماة بالعقود الذكية- لـ"البلوكتشين" بتولي بعض الوظائف المصرفية أو الألعاب دون أي تدخل بشري.

اقرأ المزيد: فرقة "قرود" موسيقية افتراضية من الرموز غير القابلة للاستبدال

يقول علي يحيى، الشريك العام في شركة رأس المال الاستثماري "أندريسن هورويتز" (Andreessen Horowitz): "أفضل طريقة للتفكير في الـ"بلوكتشين" هي التعامل وكأنَّك حاسوب يتمتع بإمكانات لم نكن نمتلكها من قبل". وبمجرد أن يطوِّر المطور البرنامج؛ فإنَّ "الشفرة ستواصل التشغيل والعمل إلى أجل غير مسمى"، بحسب ما أوضح يحيى.

العديد من هذه التطبيقات الجديدة تقوم على تقنية "الـبلوكتشين" العامة اللامركزية، وهي مفتوحة للجميع، ولا يسيطر عليها أي شخص أو مجموعة، فعلى سبيل المثال؛ فإنَّ بيانات "فيتال باس" تكون على سجل حسابات رقمي مفتوح يُعرف باسم "ألغوراند" (Algorand).

في شبكات "البلوكتشين" العامة، يمكن لأي شخص المساعدة في التحقق من المعاملات الشبكية، فضلاً عن أنَّ العديد منها أثبت مرونته وأمانه. كما أنَّ مطوري التطبيقات الذين يستخدمون بنية "البلوكتشين" العامة لا يحتاجون للدفع مقابل إنشاء أو صيانة تلك التطبيقات، برغم اعتيادهم على دفع رسوم المعاملات.

اقرأ أيضاً: مبرمج أسترالي يعرض آلاف الصور الرقمية باهظة الثمن "مجّاناً"

إليك بعض المجالات الرئيسية التي تحقق فيها تقنية "البلوكتشين" أوجه التقدم:

التمويل اللامركزي

بحسب البنك الدولي؛ هناك 1.7 مليار شخص تقريباً في العالم لا يستطيعون التعامل مع المؤسسات المالية التقليدية لأسباب عديدة، منها الافتقار لمقدِّم خدمات قريب، أو ارتفاع رسوم الخدمات. ولحل هذه الأزمة؛ ظهرت تطبيقات التمويل اللامركزي التي تعمل عبر البرامج المعتمدة على تقنيات "البلوكتشين" التي تعتبر متاحة بالنسبة لأي شخص متصل بشبكة الإنترنت، وهذه البدائل المصرفية تقدم حسابات تجني الفوائد على العملات الرقمية. كما يمكن للمستهلكين أيضاً الحصول على قروض أو إقراض النقود للآخرين.

يوضح متتبع "ديفي بلس" (DeFi Pulse) أنَّ المستخدمين ضخوا أكثر من 110 مليارات دولار في هذه المنتجات، بارتفاع من 21 مليار دولار تقريباً قبل عام. ومع ذلك؛ تنطوي المشاركة في "ديفي" على مخاطر عديدة. فليس هناك بنك لدعمك، وليس هناك تأمين مقدم من شركة "تأمين الودائع الفيدرالية" (Federal Deposit Insurance) فضلاً عن كثرة عمليات الاحتيال. لكن هذا الأمر يمكن أن يتغير مع تشديد الجهات التنظيمية الفيدرالية للرقابة اللازمة لتجنُّب غسيل الأموال والاحتيال.

حتى المؤسسات المالية الكبيرة بدأت في مراقبة "ديفي". ومن هذا المنطلق؛ يخطط مصرف "سوسيتيه جنرال" لتسهيل قرض تبلغ قيمته نحو 28.6 مليون دولار عبر هذه الخدمة في أوائل العام المقبل.

في إشارة إلى حلول "البلوكتشين" اللازمة لأسواق رأس المال؛ يقول جان مارك ستينغر، الرئيس التنفيذي لمؤسسة "سوسيتيه جنرال - فورج" (Société Générale Forge)، وهي شركة فرعية تركز على "البلوكتشين": "إذا نظرت اليوم إلى أكبر 20 عميلاً للبنك؛ فلن تجد واحداً منهم لا يبحث بجدية في هذه الحلول". وأوضح أيضاً أنَّ المناقشات تتمحور الآن حول كيفية الحصول على تقنية "البلوكتشين" الكبيرة، ومدى سرعة حدوث ذلك.

الألعاب

يشعر اللاعبون بإحباط كبير بسبب عدم قدرتهم على نقل أسلحتهم أو شخصياتهم من لعبة إلى أخرى، وأحياناً لا يستطيعون أيضاً بيع الأسلحة التي يفوزن بها، أو يشترونها بسهولة، لكنَّ "البلوكتشين" تمنح اللاعبين فرصة للاستفادة من مهاراتهم.

هناك أكثر من مليون مستخدم نشط بشكل يومي يلعب لعبة الفيديو "أكسي إنفينيتي" (Axie Infinity)- ومعظمهم يدفع مقابل اللعب- وهؤلاء المستخدمون يربحون عملات رقمية عند هزيمة المنافسين، ويقومون بإنشاء وحوش لطيفة معتمدة على تقنية الرموز غير قابلة للاستبدال (NFTs)، وهي أصول يتم تعقبها عبر "البلوكتشين"، ويمكن بيعها في بورصات العملات المشفَّرة.

يقول بعض الأشخاص في الدول النامية، إنَّ مثل هذه الألعاب التي يمكن أن نجني أرباحاً من لعبها؛ أصبحت بالفعل مصدر دخل رئيسي بالنسبة إليهم. ومن جانبه، يقول يات سوي، الرئيس التنفيذي لشركة "أنيموكا براندز" (Animoca Brands)، وهي صانع ومستثمر في ألعاب "البلوكتشين" في هونغ كونغ: "هذا نموذج مشاركة مختلف تماماً، وأقرب إلى مستوى العمل".

في الوقت ذاته، تشارك شركات ألعاب الفيديو التقليدية في مثل هذا الأمر أيضاً. فقد استثمرت شركة "يوبي سوفت إنترتينمنت" (Ubisoft Entertainment SA)، وهي الشركة الفرنسية المصنّعة لألعاب شهيرة، مثل "أساسنز كريد" (Assassin’s Creed)، في شركة "أنيموكا". وقد أعرب إيف غيليموت، الرئيس التنفيذي لشركة "يوبي سوفت"، عن رغبته في أن تكون شركته مشاركاً رئيسياً في ألعاب "البلوكتشين" التي يعتقد أنَّها محرِّك للنمو في هذه الصناعة.

مع ذلك؛ وفي ظل مخاطر الاحتيال، وعدم اليقين التنظيمي الذي يلوح في الأفق؛ يتخذ بعض العاملين في قطاع الألعاب نهجاً حذراً. ففي الآونة الأخيرة؛ حظرت شركة "فالف" (Valve)، التي تدير متجر الألعاب الشهير "ستيم" (Steam)، نشر المطورين الموجودين على منصتها للألعاب القائمة على "البلوكتشين" التي تسمح بتبادل العملات المشفَّرة أو الرموز غير القابلة للاستبدال.

المدفوعات التجارية والعابرة للحدود

اعتاد الأشخاص الذين يرسلون أموالاً من الولايات المتحدة إلى أقاربهم في الخارج على إجراء تخفيضات كبيرة لصالح الوسطاء مثل شركة "ويسترن يونيون"، لكن هذا الأمر يتغير الآن. ففي أكتوبر، بدأت شركة "ميتا بلاتفورمس" (Meta Platforms)، الشركة الأم لـ "فيسبوك"، برنامجاً تجريبياً للسماح للمستهلكين في الولايات المتحدة وغواتيمالا بإرسال الأموال دولياً دون أي مقابل. هذه الخدمة تدعم أيضاً الشركة الناشئة "باكسوس ترست" (Paxos Trust)، التي تعمل بنظام العملة المستقرة المعروفة باسم "بلوكتشين إيثريوم"، التي لا تتغير قيمتها كثيراً من يوم لآخر.

كذلك؛ يتوقع أن تسهم البنية التحتية لـ"البلوكتشين" في جعل تسوية المدفوعات والمعاملات التجارية أسرع وأرخص. فعلى الرغم من أنَّ التسوية التقليدية لمبيعات الأسهم تستغرق يومين عادةً، إلا أنَّ شركة "باكسوس ترست" اختبرت بداية العام الجاري تسويات مبيعات الأسهم في اليوم ذاته مع كلٍّ من "كريدي سويس"، و"إنستينيت"، و "بنك أوف أمريكا".

ويقول تشارلز كاسكاريلا، الرئيس التنفيذي لشركة "باكسوس"، إنَّ شركته تأمل في تسويق إمكاناتها خلال العام المقبل. ويوضح: "نحن على وشك إتمام هذا الأمر. ومن ثم؛ فإنَّ الاستخدام التالي لـ"البلوكتشين" لا يعتمد بشكل كبير على العملات المشفَّرة كفئة أصول، بل على استخدام تلك العملات من أجل خدمات الحياة الواقعية".