ماذا يحدث لليرة التركية؟

المصدر: الشرق
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

كان 2021 عاماً كارثياً بالنسبة لليرة التركية، التي تُعدُّ الأسوأ أداءً بين عملات الأسواق الناشئة، حيث فقدت أكثر من 65% من قيمتها منذ بداية العام، مسجلةً مستوىً قياسياً جديداً، اليوم الثلاثاء، عند 12.3 ليرة مقابل الدولار الأمريكي.

جاء هذا الانخفاض الجديد، رغم تعهد الرئيس رجب طيب أردوغان بالفوز في "حرب الاستقلال الاقتصادية" التي يخوضها، ودفاعه عن التخفيضات الحادة الأخيرة في أسعار الفائدة.

اقرأ المزيد: سجلت 12 ليرة مقابل الدولار.. عملة تركيا تفقد 62% من قيمتها في 2021

ويربط الكثير من المراقبين انخفاض الليرة بخفض سعر الفائدة في تركيا، وبالتدخل بسياسات البنك المركزي، الذي خفّض الفائدة يوم الخميس الماضي 100 نقطة أساس إلى 15% تحت ضغط من أردوغان، وهو أقل بكثير من معدل تضخم يبلغ نحو 20%، وهو أشار إلى مزيد من الخفض.

بذلك، يكون المركزي التركي قد خفض أسعار الفائدة بما يصل إلى 400 نقطة كإجمالي منذ سبتمبر، فيما وصفه المحللون بأنه خطأ سياسي خطير في ضوء النتائج السلبية العميقة وبالنظر إلى أن جميع البنوك المركزية الأخرى بدأت أو تستعد لتشديد السياسة المالية.

معركة استقلالية "المركزي"

فتح تدهور قيمة الليرة التركية مؤخراً المجال لبحث مدى استقلالية البنك المركزي التركي، وتأثره بالتوجهات السياسية، حيث صرح دولت بهجلي، حليف الرئيس التركي في الحكومة، أن استقلالية البنك المركزي يجب أن تكون موضع نقاش و"لا يمكن للمؤسسات المستقلة أن تكون فوق إرادة الأمة".

يراهن أردوغان على أن الفائدة المنخفضة ستعزز النمو وتحيي شعبيته المتدهورة قبل انتخابات 2023، فيما تتطلع الحكومات نحو أماكن أخرى للحد من ارتفاع الأسعار مع تعافي الاقتصاد العالمي من الوباء.

يجني المحظوظون من المصدرين إلى أباطرة العقارات الأموال مع انخفاض تكاليف الاقتراض وضعف الليرة، لكن تضخم أسعار المواد الغذائية المتسارع والإيجارات المتصاعدة تضغط على من هم في المستوى الأدنى وهم القاعدة التقليدية لأردوغان.

وأدى خفض تكاليف الاقتراض إلى ارتفاع الأسعار وإحباط المستثمرين الذين يشكون من أن السياسة النقدية التركية أصبحت على نحو متزايد غير عقلانية ولا يمكن التنبؤ بها.

ودافع أردوغان عن هذه السياسة في مؤتمر صحفي في ساعة متأخرة من مساء الاثنين، وقال إن تشديد السياسة النقدية لن يخفض التضخم. مصرحاً عقب اجتماع لمجلس الوزراء: "أرفض السياسات التي تؤدي إلى انكماش بلادنا وإضعافها، وتحكم على شعبنا بالبطالة والجوع والفقر"، وهو ما أدّى إلى تراجع الليرة في وقت متأخر من اليوم.

واعتبر الرئيس التركي الإجراءات الأخيرة، والتي قوبلت بانتقادات من قبل الاقتصاديين، بمثابة جزء من تحول طويل الأجل يعطي الأولوية للصادرات وخلق فرص العمل.

ضغوط الديون

يتعين على الشركات والحكومة التركية سداد ديون خارجية بقيمة 13 مليار دولار في الشهرين الأخيرين من العام، بحسب بيانات رسمية. يستحق أكثر من نصفها (8 مليارات دولار) في نوفمبر، وهو أكبر مبلغ يأتي موعد استحقاقه خلال الأشهر العشرة المقبلة، وفقاً لأحدث البيانات المتاحة.

اقرأ المزيد: مدفوعات دين تركيا الخارجي تمتحن الليرة في أسبوع عالي المخاطر

تتسبب مثل هذه المدفوعات برفع الطلب على العملة الأجنبية، ويزيد ذلك الضغوط على الليرة، كما يسلط الضوء على سبب خطورة الخفض الحاد للفائدة على الاقتصاد الذي يعتمد بشدة على التمويل الخارجي.

وكان بنك الاستثمار الياباني "نومورا" قد لفت في تقرير إلى أن عملات 4 دول ناشئة تشمل مصر وتركيا ورومانيا وسريلانكا هي الأكثر عرضة لمخاطر أزمات في أسعار الصرف خلال الاثني عشر شهراً المقبلة، وفقاً لمؤشر "داموكليس". مُضيفاً أنه رغم الهدنة التي قدمتها مخصصات حقوق السحب الخاصة بصندوق النقد الدولي، فإن العملات الأربع لم تخرج من دائرة الخطر.

دفع الهبوط الذي ضرب العملة التركية، البنك المركزي لتخفيض كمية الذهب المسموح للبنوك الاحتفاظ بها في إطار الاحتياطي الإلزامي، وكان لهذه الخطوة تأثير لناحية كمية العملة المحلية التي يتعين على البنوك إيداعها في البنك المركزي. كما رفع البنك المركزي نسب الاحتياطي الإلزامي للودائع بالعملات الأجنبية بمقدار 200 نقطة أساس (2%) لتعويض أي تأثير على احتياطياته.