لماذا لا تنخفض أسعار البنزين في محطات الوقود الأمريكية؟

عميل يحمل خرطوم مضخة وقود لتعبئة خزان مركبته في محطة في سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا الأمريكية، في 15 نوفمبر 2021. وصلت أسعار البنزين إلى مستوى قياسي في كاليفورنيا حيث تصارع الولاية الأمريكية الأكثر سكاناً أسوأ ارتفاع في أسعار الطاقة على مستوى البلاد، قبل عطلة عيد الشكر.
عميل يحمل خرطوم مضخة وقود لتعبئة خزان مركبته في محطة في سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا الأمريكية، في 15 نوفمبر 2021. وصلت أسعار البنزين إلى مستوى قياسي في كاليفورنيا حيث تصارع الولاية الأمريكية الأكثر سكاناً أسوأ ارتفاع في أسعار الطاقة على مستوى البلاد، قبل عطلة عيد الشكر. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يسافر أكثر من 48 مليون أمريكي بسياراتهم والإحباط الشديد يعتريهم قبل عطلة عيد الشكر، آملين بأن يحصلوا على الوقود بتكلفة أقل. رغم إعلان عدد من الدول الكبرى المستهلكة للنفط، ومن بينها الولايات المتحدة، خطة هذا الأسبوع لاستخدام النفط من الاحتياطي الاستراتيجي بهدف خفض تكلفة الطاقة المرتفعة، لم ينعكس ذلك حتى الآن في تخفيض أسعار البنزين عند محطات الوقود.

تزيد أسعار البنزين العادي الخالي من الرصاص في الولايات المتحدة، والتي تدور حول 3.40 دولار للغالون، بأكثر من 60% عن مستواها في نفس الفترة من العام الماضي، وهو ما يسهم في ارتفاع معدل التضخم الذي يوجه ضرباته العنيفة ضد الأسر الأمريكية مع بداية تعافي البلاد من آثار جائحة كورونا.

وهذه بعض العوامل التي تحافظ على ارتفاع أسعار البنزين:

تجار التجزئة يستفيدون في هذه الفترة

النفط الخام هو أكبر قاطرة لأسعار البنزين بوجه عام، وشكل نحو 57% من تكلفة إنتاج البنزين في الشهر الماضي. انخفضت أسعار النفط الخام على مدى أربعة أسابيع متتالية قبل أن تقفز مرة أخرى هذا الأسبوع. وعموماً، انخفضت أسعار العقود الآجلة للنفط الخام والبنزين بنسبة 7% في كل منها مقارنة مع الذروة التي بلغتها في الآونة الأخيرة.

غير أن أسعار البنزين في محطات الوقود التي يدفعها العملاء لم تتبع نفس المسار. بل إن الفجوة بين أسعار عقود البنزين الآجلة وأسعار محطات الوقود اتسعت إلى 1.20 دولار للغالون خلال الأسبوع الماضي، وهي أعلى فجوة بينهما منذ عام 2008، باستثناء فترة الموجة الأولى من انتشار جائحة كورونا.

هذا التباين في الأسعار يثير غضباً شديداً لدى إدارة الرئيس بايدن. ففي الأسبوع الماضي حث الرئيس "هيئة التجارة الفيدرالية" على التحقيق في احتمال وجود ممارسات غير قانونية في أسواق البنزين بالولايات المتحدة. وقال في خطابه:

أنا لا أقبل أن يدفع الأمريكيون الكادحون أسعاراً أعلى للبنزين بسبب ممارسة غير تنافسية محتملة أو أي تصرف غير قانوني آخر

عندما تتراجع أسعار الجملة تراجعاً سريعاً، فإنها تتيح فرصة لتجار التجزئة بأن يبيعوا المنتج بأسعار مرتفعة لأسابيع قليلة قبل تخفيض الأسعار، بحسب إيرني بارساميان، الرئيس التنفيذي لشركة "تانك تايغر" للوساطة في الخدمات اللوجستية.

يعتقد بارسامان أن الأسعار في محطات الوقود ستنخفض في نهاية المطاف، غير أن بعض مصافي النفط والمحطات ما زالت تتمتع بالهوامش الربحية الكبيرة حتى الآن. ويقول: "يمكن أن تستمر أسعار التجزئة على حالها بسبب اعتياد المستهلكين على الأسعار المرتفعة، ويستطيع تجار التجزئة ركوب موجة الأسعار هذه لمدة شهر أو شهرين. وهذه الفترة هي فترة ازدهار لتجار التجزئة، إذ يستطيعون تحصيل أرباح سنة كاملة في غضون شهور قليلة فقط".

استمرار ارتفاع الطلب

تلعب أساسيات العرض والطلب دورها هي الأخرى. فأكثر من 53 مليون أمريكي يستعدون للسفر لقضاء عطلة عيد الشكر، منهم 90% يسافرون بالسيارة وفقاً "للجمعية الأمريكية للسيارات".

في نفس الوقت، ينخفض مخزون البنزين إلى أقل مستوى في أربع سنوات. فقد تراجع إلى نحو 211 مليون برميل في عموم البلاد، أي أدنى مستوى منذ نوفمبر 2017، لأن العرض لا يواكب موجة ارتفاع الطلب من الأسر الأمريكية التي تتحمس للسفر هذا العام بعد إغلاق البلاد في موسم عطلات عام 2020.

يتمثل "أحد أسباب عدم انخفاض متوسط الأسعار عن المستوى الوطني بشكل ملحوظ في حقيقة أننا على بعد أقل من 24 ساعة من أحد أيام انتعاش حركة السفر في السنة، بما لا يمثل حافزاً كبيراً لأن تعرقل نفسك. إن انخفاض الأسعار سيحدث، ولكن الأمر يحتاج بعض الوقت"، وفقاً لتغريدة من باتريك ديهام، رئيس تحليل قطاع البترول لدى شركة "غازبودي".

ارتفاع تكلفة الإيثانول

يقول البعض إن قائدي السيارات يستطيعون الاستفادة بانخفاض الأسعار إذا تم إعفاء شركات التكرير على الأقل من جزء من التزامها بخلط الوقود العضوي مع البنزين. فمعظم البنزين النهائي الذي يباع الآن في أسواق الولايات المتحدة يحتوى على نحو 10% من وقود الإيثانول، بسبب ما يسمى بقاعدة الوقود المتجدد التي تشترط على مصافي النفط ومستوردي الوقود شراء وقود من مصادر متجددة ومزجه مع ما يعرض من وقود بالولايات المتحدة.

ارتفعت الأسعار الفورية للإيثانول بأكثر من الضعف هذا العام، كما قفزت بأكثر من 60% في الأشهر الثلاثة الأخيرة فقط.

تستطيع مصافي النفط أيضاً أن تغطي حصتها من الإيثانول عن طريق شراء حقوق متداولة، التي تعرف باسم "الأرقام التعريفية للوقود الحيوي" (RINs). انخفضت أسعار هذه الحقوق عن مستوياتها القياسية بعد انتشار تقارير بأن "وكالة حماية البيئة" تدرس خفض مستهدفات الوقود الحيوي، ولكنها مازالت مرتفعة بسبب ارتفاع أسعار الإيثانول. ومازال القطاع بانتظار الكشف عن مقترحات المزج الإلزامي التي تأخر صدورها.

ينظر إلى ارتفاع أسعار الإيثانول و"الأرقام التعريفية للوقود الحيوي" باعتباره أحد العوامل التي يرجح أنها ساهمت في صدمة الأسعار في محطات الوقود. غير أن بعض المحللين لا يرون فيها سبباً مؤثراً. وقال بنجامين ساليسبري، المحلل لدى شركة "هايت كابيتال ماركتس" في مقابلة: "كان الإيثانول يباع بسعر أعلى من البنزين في معظم وقت انتشار الجائحة"، لافتاً إلى أن أسعاره عادة تقل عن سعر البنزين. وأضاف: "ربما يكون ذلك سبباً في ارتفاع أسعار التجزئة بنسبة ضئيلة".

كاليفورنيا تشوه الأرقام

إن أسعار البنزين على صعيد الولايات المتحدة والتي تعلنها "الجمعية الأمريكية للسيارات" هي متوسط للأسعار في مختلف المناطق، وتتعرض للتشويه بتأثير ارتفاع الأسعار الكبير في ولاية كاليفورنيا. لقد ارتفعت الأسعار في محطات توزيع الوقود في الولاية إلى رقم قياسي بلغ 4.705 دولار للغالون بسبب تزامن زيادة الطلب على السفر مع طوفان تعطل المصافي المحلية، غالباً لأسباب مناخية.

في عام 2021، واجهت منطقة الساحل الغربي صعوبات إضافية في الإمدادات بسبب تراجع الطاقة الإنتاجية لمصافي النفط.

قال ديهام من شركة "غازبودي" في رسالة بالبريد الإلكتروني: "لولاية كاليفورنيا تأثير كبير على متوسط السعر على الصعيد الوطني إذ أن لديها أكثر من 10 آلاف محطة وقود، وقد مالت الأسعار بها إلى الارتفاع. غير أن هذا الميل سيعكس اتجاهه قريباً وأعتقد أن تجار التجزئة سيستغلون هذه الفترة ويستفيدون منها على خلفية أن ملايين الأمريكيين يخرجون إلى الشوارع في عطلة عيد الشكر، غير أنني أتوقع انخفاض الأسعار في أي وقت".

نفط