فيروس "أوميكرون" يختبر مرونة الاقتصادات الأوروبية في مواجهة الإغلاق

زيادة الإصابات بفيروس كورونا أجبرت بعض الدول مثل النمسا على الإغلاق مجدداً، ويثير المتحوِّر الجديد مخاوف بشأن تأثير التوسع في الإغلاقات على اقتصادات الدول الأوروبية
زيادة الإصابات بفيروس كورونا أجبرت بعض الدول مثل النمسا على الإغلاق مجدداً، ويثير المتحوِّر الجديد مخاوف بشأن تأثير التوسع في الإغلاقات على اقتصادات الدول الأوروبية المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يختبر فيروس "أوميكرون"وهو سلالة جديدة من كورونا قدرة الاقتصاد الأوروبي الأخيرة على التصدي للقيود الجديدة المفروضة على الأنشطة.

مع ظهور السلالة الجنوب أفريقية الجديدة في الأفق، والمُهدِّدة للصحة العامة، يضيف المتحوِّر إلى الصداع الحالي المُتمثِّل في زيادة الإصابات التي أجبرت النمسا وسلوفاكيا فعلياً على فرض الإغلاقات.

تعلمت الدول في جميع أنحاء المنطقة سابقاً من الجائحة كيفية التعايش مع تأثيرها على آفاق المنطقة.

الاتحاد الأوروبي يصف سلالة كورونا الجديدة بـ"متغير مثير للقلق"

عبَّر محافظو البنوك المركزية الأوروبية عن ثقتهم الهادئة في قدرة الاقتصاد على تجاوز القيود الجديدة، قبل الكشف عن البديل، وسط قيود السفر العالمية.

في الوقت نفسه، تشير البيانات عالية الدقة إلى أن تأثير هذه الإجراءات على النمو أصبح أقل إيلاماً مع كل إغلاق متتالي، مما يمنح بعض الأمل.

بريطانيا تحظر السفر من جنوب أفريقيا وجيرانها بسبب سلالة كورونا الجديدة

تراجع تأثير الإغلاقات

في فرنسا على سبيل المثال، انخفض النشاط الاقتصادي بثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو بما يصل إلى 29 نقطة مئوية خلال الإغلاق الأول من شهر مارس، حتى مايو العام الماضي.

مع ذلك، أدى الإغلاق اللاحق في شهر أكتوبر من العام 2020 إلى تراجع النشاط بمقدار 4 نقاط مئوية فقط، في حين كان للإغلاق الذي بدأ في شهر أبريل تأثيراً ضئيلاً تقريباً.

وإذا كان قد سرى هذا النمط في جميع أنحاء المنطقة، مثلما تشير بيانات "بلومبرغ إيكونوميكس"، فإن ذلك يثير احتمالية قدرة الاقتصاد الأوسع على مواجهة شتاء ثانٍ من الإغلاق الشديد دون الحاجة إلى اللجوء لمساعدات مالية طارئة جديدة، أو تعطيل خطط البنك المركزي الأوروبي للابتعاد عن الحزم التحفيزية للأزمة.

المستثمرون يتخلون عن رهانات رفع الفائدة وسط مخاوف سلالة كورونا الجديدة

وقال فيليروي دي غالو، محافظ بنك فرنسا لصحيفة "بورسين زايتونغ" الألمانية في وقتٍ سابق من هذا الأسبوع: "تظهر تجربة العشرين شهراً الماضية أن كل موجة جديدة من فيروس كورونا تسبَّبت في أضرارٍ اقتصادية أقل من سابقتها. هناك شيء واحد لا يجب نسيانه أيضاً، وهو أن نسبة التطعيم متقدمة في أوروبا أكثر من أي قارة أخرى. هذا إنجاز صحي عظيم، ولكنه أيضاً ميزة اقتصادية".

التأثير على التعافي الاقتصادي

مثل زميلتها الفرنسية، كانت إيزابيل شنابل، عضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي، متفائلة بشأن إمكانية فرض مزيد من القيود في مقابلة مع بلومبرغ هذا الأسبوع.

في غضون ذلك، أعربت زميلتها المتشددة، محافظة المركزي الهولندي، كلاس نوت، عن ثقتها في عدم تأجيل القيود لخطة البنك المركزي الأوروبي الخاصة بإنهاء شراء السندات الطارئة في شهر مارس.

قالت شنابل، إنه من المرجح أن يكون لإجراءات الاحتواء الجديدة "تأثيرٌ معتدلٌ على النشاط على المدى القصير، لا سيما في قطاع الخدمات كثيفة الاتصال، ولكنني لا أعتقد أن هذا سوف يعرقل الانتعاش العام".

هذا ما نعرفه عن سلالة فيروس كورونا الجديدة

التعايش مع الوباء

رسمت لوحة بلومبرغ إيكونوميكس عالية الدقة صورة مماثلة لقوة الاقتصادات الكبرى الأخرى في أوروبا، وتعود إحدى تلك الأسباب إلى أن السياسة السائدة حالياً تتعلَّق بإبقاء المدارس مفتوحة، مما يسمح للآباء بالتركيز بشكلٍ أقل على رعاية الأطفال حتى لو كانت بلادهم تحت الإغلاق.

تعلَّمت المصانع أيضاً كيفية العمل أثناء الوباء، إذ ساعدت اللقاحات ومرافق الاختبار المتاحة على نطاق واسع ذلك القطاع وقطاعات أخرى من الاقتصاد على أن تبقى مفتوحة رغم أن ذلك قد لا يكون كافياً لبعض الأعمال الموجهة مباشرة للمستهلكين مثل المطاعم.

لاحظ بول دونوفان، الاقتصادي لدى "يو بي إس إيه جي"، أن أكبر ضرر اقتصادي يأتي من الخوف من الفيروس، وتشير البيانات النمساوية إلى أن المشاعر هدأت حالياً، بعد اعتياد الناس على التعايش معها.

مخاوف من السلالة المجهولة

لكن السلالة الجديدة المجهولة هي التي يُمكن أن تُربك توقعات الاقتصاديين إلى حد ما.

تحمل سلالة "أوميكرون" عدداً كبيراً من الطفرات في البروتين الشائك، الذي يلعب دوراً رئيسياً في اختراق الفيروس لخلايا الجسم، وهو أيضاً ما تستهدفه اللقاحات.

إذا استمر المتحوِّر وضعفت فعالية التطعيمات ضده، فقد يؤدي ذلك إلى تغيير طريقة احتساب النمو الاقتصادي.

حتى وإن لم يحدث ذلك، فإن المنعطف الحالي يجلب فعلياً تحديات نتيجة لارتفاع معدلات العدوى.

قد تظل تكلفة عمليات الإغلاق الكامل عند نسبة 0.5% من إجمالي الناتج المحلي الفصلي أسبوعياً، وفقاً لحسابات خبراء الاقتصاد لدى "سيتي"، الذين لاحظوا أن مثل هذه الإجراءات تميل إلى تخفيف التضخم، وقد تؤدي إلى مزيد من الاقتراض الحكومي والدعم النقدي في حال استمرارها.

ما يزال الاقتصاديون من أمثال "ألين شيولينغ" لدى "إيه بي إن أمرو"، يشيرون إلى كيفية اختلاف هذه المرة عن عمليات الإغلاق الأولى في العام الماضي، التي تسببت في تلاشي النمو العالمي فوراً، رغم بقاء إرث هذا الركود.

وقالت إن "الاقتصادات أكثر مرونة فعلاً، ولهذا سيكون التأثير أقل دراماتيكية مما كان عليه خلال الموجات السابقة. لكنك مازلت في الاقتصاد الذي لم يتعافَ بالكامل بعد من الموجات التي شهدناها حتى الآن".