"نيوبنك" المدعومة من وارن بافيت تختبر طفرة شركات التكنولوجيا في أمريكا اللاتينية

ديفيد فيليز، المؤسس والرئيس التنفيذي لـ"نيوبنك"، يعرض بطاقة خاصة بالبنك خلال مقابلة في ساو باولو يوم الخميس 7 فبراير 2019، وإلى جانبه كريستينا جونكويرا، نائب الرئيس للعلامات التجارية وتطوير الأعمال في البنك.
ديفيد فيليز، المؤسس والرئيس التنفيذي لـ"نيوبنك"، يعرض بطاقة خاصة بالبنك خلال مقابلة في ساو باولو يوم الخميس 7 فبراير 2019، وإلى جانبه كريستينا جونكويرا، نائب الرئيس للعلامات التجارية وتطوير الأعمال في البنك. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يُغدق أصحاب رؤوس الأموال المغامرة أموالهم على الشركات الناشئة في أمريكا اللاتينية بوتيرة لم تشهدها الأسواق من قبل، ما يؤدي إلى ظهور عمالقة إقليميين جدد. لكنهم يتساءلون حول ما إذا كانت التقييمات متزايدة الارتفاع، التي تتمتع بها هذه الشركات، يمكن أن تستمر في ظل تباطؤ الاقتصادات الإقليمية؟

هناك اختبار رئيسي مقبل في هذا الشأن، حيث تخطط شركة البنك الرقمي البرازيلي "نيو هولدينغز" (Nu Holdings)، أكبر شركة يونيكورن في المنطقة، لإجراء اكتتاب عام أولي الشهر المقبل، حيث ستسعى الشركة إلى طرح أسهمها للمرة الأولى، مع مضاعفة تقييمها البالغ 25 مليار دولار، والذي حققته في شهر يناير الماضي.

اقرأ أيضاً: طرح "نيوبنك" الرقمي المدعوم من وارن بافيت بتقييم 50.6 مليار دولار

صحيح أن النجاح سيكون بمثابة نعمة للمستثمرين في الشركة، بما في ذلك شركة "بيركشاير هاثاواي" (Berkshire Hathaway) التابعة للملياردير وارن بافيت، إلا أن هذه العملية جذبت أيضاً موجة من التدقيق، حيث يتطلع المنافسون للحصول على بعض من هذا الحظ الجيد لأنفسهم. وسيتم استخدام الاكتتاب العام الأولي لـ"نيوبنك" (Nubank)، وهو الاسم الذي تُعرف به الشركة، كنقطة مرجعية للعديد من المعاملات المقبلة.

اقرأ المزيد: هل فقد "وارن بافيت" إيمانه بالاستثمار في البنوك التقليدية؟

لا تتأثر بالأداء الاقتصادي

قال بيدرو بيريرا، رئيس قسم شركات التكنولوجيا بأمريكا اللاتينية في الأعمال المصرفية الاستثمارية لـ"بنك أوف أميركا": "يصدق مستثمرو رأس المال الخاص فكرة أن الشركات الناشئة المدعومة بالتكنولوجيا يمكن أن تنمو بقوة بغض النظر عن الأداء الاقتصادي للدولة". وأضاف: "لكن يجب على الشركات أن تضع في اعتبارها نقطة الانحراف عن مسارها عند اختيارها لتوقيت الاكتتابات العامة الأولية، والتي توجد فيها أيضاً فرص لنمو مستثمرين من القطاع العام".

اقرأ أيضاً: غولدمان ساكس" وصندوق تابع لـ"سوفت بنك" يستثمران بشركة تشفير

قالت الشركات الناشئة التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، مثل شركة تزويد خدمات التوصيل "رابي" (Rappi)، وشركة توزيع السيارات المستعملة "كافاك" (Kavak)، وشركة السمسرة العقارية الرقمية "كوينتو أندار" (QuintoAndar)، إنها قد تسعى إلى إجراء اكتتاب عام أولي. ويمكن لشركات التكنولوجيا المالية (الفنتك) في أمريكا اللاتينية أيضاً، اتباع مسار "نيوبنك"، بما في ذلك "سي سيكس بنك" (C6 Bank)، المدعوم من "جيه بي مورغان تشيس آند كو"، ومصرف "بانكو نيون" (Banco Neon) المدعوم من "جنرال أتلانتيك" (General Atlantic)، وشركة المدفوعات المكسيكية "كليب" (Clip) التي تمتلك مجموعة "سوفت بنك" (SoftBank Group Corp) حصة فيها.

لكن هذه الشركات ستُطرح للاكتتاب العام في الوقت الذي يتباطأ فيه اقتصاد أمريكا اللاتينية، حيث يُتوقع أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي 2.5% العام المقبل، أي أقل من نسبة 6.7% التي حققها هذا العام، والمتوسط ​​التقديري للناتج المحلي الإجمالي حول العالم البالغ 4.4%، وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ". أما التوقعات الخاصة بالبرازيل، أكبر اقتصاد في المنطقة، فهي أضعف من ذلك المستوى، وتصل إلى 1.8%.

زيادة رغم التباطؤ

رغم التباطؤ الاقتصادي المتوقع، شهدت المنطقة زيادة كبيرة في الاستثمارات الخاصة بالشركات الناشئة خلال عام 2021، لكن مع ذلك فشلت أسواق الأسهم العامة في مواكبة هذه الوتيرة. وجمعت الشركات الناشئة في المنطقة رقماً قياسياً بلغ 14.1 مليار دولار من رأس المال الخاص هذا العام حتى 12 نوفمبر الجاري، أي أكثر من ثلاثة أضعاف المبلغ الذي تم جمعه في عام 2020 بأكمله، وفقاً لشركة "بيتش بوك" (PitchBook). وجمعت هذه الشركات من خلال أسواق الملكية الخاصة ثلاثة أضعاف ما جمعته من خلال البورصات العامة، سواء تم ذلك على المستوى المحلي أو في الولايات المتحدة، وفقاً لما أوضحه بيريرا من "بنك أوف أميركا". وبالنسبة إلى الشركات التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، كانت النسبة أقرب إلى 1.5 ضعف ما تم جمعه.

تتطلع "نيوبنك" لجمع أكثر من 3 مليارات دولار في اكتتاب عام أولي يمكن أن يصل تقييمها فيه إلى 50.6 مليار دولار، وفقاً لملفات الإيداع المُقدمة للجهات التنظيمية. ويتفوق ذلك التقييم على أي مؤسسة مالية أخرى في أمريكا اللاتينية. وفي حين أن البنوك التقليدية في المنطقة مثل "إيتاو يونيبانكو هولدينغ" (Itau Unibanco Holding) تدرّ أرباحاً عالية للغاية، حيث تحقق عائدات على حقوق الملكية تصل إلى 20% تقريباً، سجلت "نيوبنك" خسارة تبلغ 99.1 مليون دولار في الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي حتى سبتمبر.

قال إدواردو ميراس، رئيس الخدمات المصرفية الاستثمارية في "سيتي غروب" في البرازيل، والذي رفض التعليق على مجموعة محددة من الصفقات: "يمكن أن يكون للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا هياكل تكلفة أكثر كفاءة من الشركات القائمة حالياً؛ لذلك يكون المستثمرون منطقيين للغاية بتسعيرهم معدلات عائد أعلى لتلك الشركات في المستقبل".

بيئة مثالية للنمو

مع ما يقرب من 700 مليون شخص و8% من سكان العالم، أثبتت أمريكا اللاتينية أنها بيئة مثالية تقريباً للشركات الناشئة، التي تتطلع إلى الانقلاب على الشركات القائمة. فالخدمات المالية باهظة الثمن، ومتاحة فقط لجزء بسيط من السكان، وهناك حواجز بيروقراطية في كل مكان، ونسبة عالية من الناس يمتلكون هواتف محمولة.

أصبحت شركات اليونيكورن في أمريكا اللاتينية شديدة الأهمية لدرجة أن الأسواق العامة المحلية أصبحت الآن صغيرة جداً بالنسبة إليها. ومع حصولها على تقييم بنحو 30 مليار دولار في الجولة الأخيرة من جمع الاستثمارات الخاصة في يونيو، تقدمت شركة "نيوبنك" لإجراء اكتتابها العام الأولي في الولايات المتحدة. وتعتبر الشركة البرازيلية، التي تملك أيضاً أعمالاً في المكسيك وكولومبيا، تاسع أكبر شركة يونيكورن في العالم، وفقاً لـ"سي بي إينسايتس" (CB Insights).

قال إدواردو مينديز، رئيس مبيعات حقوق الملكية وأسواق رأس المال لأمريكا اللاتينية في "مورغان ستانلي": "أسواق الولايات المتحدة هي الأكبر، والأكثر سيولة في العالم، وهي أعمق بكثير من أي أسواق أخرى". وهناك ميزة أخرى أيضاً، وهي أنه يمكن للشركات التي لديها خطط للتوسع عالمياً، وربما الاستحواذ على شركات أخرى خارج أوطانها الأم، أن تجمع التمويلات بالدولار الأمريكي، على حد قوله.

تحت الاختبار

أيضاً، من السهل على المستثمرين في الولايات المتحدة أن يحتفظوا بحصة مسيطرة من أسهم الفئتين (أ) و(ب). على سبيل المثال، سيحتفظ ديفيد فيليز، المؤسس المشارك في "نيوبنك"، بحصة تصويت بنسبة 75% بعد الاكتتاب العام، وفقاً لنشرة الإصدار (دعوة الاكتتاب).

خلال العام المقبل، سيخضع إصرار المستثمرين على الاستثمار في حقوق الملكية الخاصة للاختبار. فمن المقرر أن تُجري البرازيل انتخابات رئاسية، والتي يُتوقع تسببها في حدوث تقلبات. وفي المكسيك، تتراكم نقاط الضعف أيضاً، بما في ذلك ارتفاع الدين العام. ومع مواصلة أسعار الفائدة الارتفاع في جميع أنحاء العالم -في ظل محاولة البنوك المركزية احتواء التضخم- سيضرّ ذلك بأسهم الشركات التي تعتمد على نمو مستقبلي مرتفع بصفة خاصة.

قال منديز: "إذا زادت التقلبات وعدم اليقين في بيئات الاقتصاد الكلي والأوساط السياسية خلال عام 2022؛ قد يقلّل المستثمرون من توقعات التقييم، لا سيما في الأسواق الخاصة الأقل سيولة".