أسرار "ديدي" تهدّد مستقبل الشركات الصينية في وول ستريت

المصدر: بلومبرغ
Tim Culpan
Tim Culpan

Tim Culpan is a Bloomberg Opinion columnist covering technology. He previously covered technology for Bloomberg News.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يثير احتمال إلغاء إدراج شركة "ديدي غلوبال" (DiDi Global) بناءً على طلب من بكين، عدة مخاطر قد تتجاوز تداعياتها بكثير ثروات أولئك الذين اشتروا في شركة سيارات الأجرة الصينية. وبالتالي؛ فإنَّ على شركات التكنولوجيا من أمثال "تينسنت" و"سوفت بنك"، وصولاً إلى مديري الأصول مثل "بلاك روك"، ومجموعة "فانغارد"، أن تكون مستعدة لذلك.

اقرأ أيضاً: الصين تفرض فحوصات أمنية على الاكتتابات العامة في هونغ كونغ

من خلال استخدام الصين لذريعة الأمن القومي في إلغاء عرض "ديدي" في نيويورك في يونيو الماضي، أعطت الجهات التنظيمية الصينية إشارات فحواها أنَّ أي شركة في الصين قد تجد نفسها مجبرة على سحب إدراجها من البورصات الأجنبية. وكانت "بلومبرغ" قد ذكرت الأسبوع الماضي أنَّه من المحتمل أن تقوم إدارة شركة "ديدي" بتحويل ملكيتها إلى ملكية خاصة، أو يمكن للشركة أن تقوم بالإدراج في هونغ كونغ قبل إزالتها من أكبر بورصة في العالم.

اقرأ المزيد: "تنسينت" تقود موجة تخارج بحجم 60 مليار دولار مع تنامي مخاوف التشديد

قد يُنظر إلى طلب كمية بيانات كبيرة من "ديدي" على أنَّها ذريعة لمعاقبة قرارها بالمضي قدماً في بيع الأسهم قبل حصولها على موافقة واضحة من بكين. لكنَّ الشركات الأمريكية، مثل "بالانتير تكنولوجيز" (Palantir Technologies)، و"لوكهيد مارتن" (Lockheed Martin)، و"بوينغ"، تجمع وتحتفظ ببعض الأسرار الأكثر حساسيةً بالنسبة إلى أمريكا، في حين تمكنت من القيام بطرح أسهمها للتداول العام دون تسرّب تلك المعلومات.

اقرأ أيضاً: "كريدي سويس" يتوقع انتعاش إدراج الشركات الصينية في هونغ كونغ

علاوة على ذلك، لن تسمح الصين لشركاتها بالخضوع للتدقيق في الولايات المتحدة، لذلك هناك احتمالية أقل من أن تسرّب شركة سيارات الأجرة "ديدي" بيانات قريبة من أن تكون حساسة، مثل تلك التي يحتفظ بها مقاولو الدفاع في أمريكا. يعني مفهوم بكين عن "الأسرار" أنَّ كل الأعمال التجارية تقريباً في البلاد يمكن أن تخضع لقيودها.

أسرار الدولة

قال بول غيليس، أستاذ المحاسبة في جامعة بكين، في بودكاست من إنتاج "بلومبرغ" يسمى "توكينغ تاكس" (Talking Tax): "لدى الصين تعريف واسع للغاية لأسرار الدولة، مثال ذلك هو أنَّ أي معاملة تجارية مع شركة مملوكة للدولة في الصين تعتبر من أسرار الدولة... من الناحية الفنية، فإنَّ فاتورة هاتفي المحمول هي من أسرار الدولة".

في ضوء ذلك، قد يتم الحكم يوماً ما على مجموعة "علي بابا"، أو "جيه دي دوت كوم" (JD.com) اللتين تديران أعمالاً تجارية، ولوجستية، وحوسبة سحابية، على أنَّهما تتعاملان مع بيانات حساسة. وفيما قد يبدو من غير المعقول حالياً أن تُجبر شركات صينية كبيرة مثل تلك على وقف إدراجاتها الخارجية القديمة؛ فإنَّه إذا حدث ذلك، فإنَّ المساهمين العالميين -من المتداولين اليوميين إلى أكبر مديري الصناديق- قد يتضرّرون بشدة بسبب التحوّل الزلزالي في الأصول من الولايات المتحدة إلى الصين، أو ربما إلى أيدي القطاع الخاص.

الأمر الأكثر ترجيحاً هو أنَّ أحلام قيام الشركات غير المدرجة في البورصة ستنتهي بإدراج نفسها في "وول ستريت". فقد أفادت "بلومبرغ" في أكتوبر، أنَّ الشركة المزودة لمحتوى أسلوب الحياة "شياو هونغ شو" (Xiaohongshu)، التي تعد "تينسنت" من بين مستثمريها، قد أوقفت بالفعل خططها في الولايات المتحدة بسبب الحاجة إلى الخضوع لمراجعة الأمن السيبراني، وبدأت منذ ذلك الحين بالتفكير في القيام بظهورها الأول في هونغ كونغ. أفادت "بلومبرغ" أنَّ شركة "هورايزون روبوتكس" (Horizon Robotics)، وشركة "شيمالايا" (Ximalaya) لتبادل المحتوى الصوتي، قد راجعتا أيضاً خططهما الخارجية.

شركات عديدة أخرى

هناك كذلك شركة "بايت دانس" (ByteDance)، أكبر شركة "يونيكورن" في العالم، وفقاً لشركة الأبحاث "سي بي إنسايتس"(CB Insights)، وشركة أخرى من بين شركات صينية عديدة يستثمر فيها "صندوق رؤية سوفت بنك". وقد يتم اعتبار الشركة المالكة لمنصات الفيديو القصيرة "تيك توك"، و"دوين" (Douyin)، ومنصة الأخبار "توتياو" (Toutiao) يوماً ما، أنَّها تحتفظ ببيانات حساسة مثل تلك التي تجمعها شركة "ديدي".

مثل هذا التصنيف سيكون بمثابة ضربة لأي مستثمر يمتلك أسهماً في الشركات الناشئة الصينية، لأنَّ سحبها من كل أسواق الأسهم الأجنبية يقلّل حتماً من مجموعة الأموال التي يمكن أن تستفيد منها الشركات التي استثمرت فيها خلال الاكتتاب العام.

من المرجح أن يتردد أصحاب رؤوس الأموال من المغامرين، الذين أجبروا على قبول البورصات الصينية كوسيلة للتخارج، في تمويل مثل هذه الشركة الناشئة، أو يفعلون ذلك، لكن بتقييمات أرخص بكثير فقط. قد تكون "سوفت بنك"، و"تينسنت" من بين الأكثر تضرراً، إذ إنَّ الأولى تمتلك 19% من أصول "صندوق رؤية سوفت بنك" في الصين، في حين تعتمد الأخيرة بشكل متزايد على محفظتها من الاستثمارات لتعزيز الأرباح، وسط تباطؤ في قطاع الألعاب، وشركات وسائل التواصل الاجتماعي. لكنَّهما لن يكونا وحدهما. فتفسير الصين الواسع للأمن القومي يلقي حالياً بظلاله على جميع الأسهم المدرجة في البورصات الأجنبية، وعلى كل مستثمر يمتلك حصة فيها.