أيرلندا.. نقطة ضعف أوروبا في خصوصية البيانات

أيرلندا مسؤولة عن مراقبة مجموعة من شركات التكنولوجيا الكبرى
أيرلندا مسؤولة عن مراقبة مجموعة من شركات التكنولوجيا الكبرى المصدر: بلومبرغ
Parmy Olson
Parmy Olson

Parmy Olson is a Bloomberg Opinion columnist covering technology. She previously reported for the Wall Street Journal and Forbes and is the author of "We Are Anonymous."

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

في طموح أوروبا لقيادة العالم في مجال خصوصية البيانات نقطة ضعف، هي أيرلندا.

تعمل "مفوضية حماية البينات" الأيرلندية نيابة عن 447 مليون مواطن من الاتحاد الأوروبي للدفاع عن بياناتهم في منصات "ميتا" و"ألفابت" الشركات الأم لـ"فيسبوك" و"غوغل" على التوالي، و"مايكروسوفت" و"أبل" وحوالي اثني عشر شركة تكنولوجيا عملاقة أخرى – لكن أيرلندا كانت متراخية في أداء العمل.

بالكاد قامت "مفوضية حماية البينات" الأيرلندية بعملها في القضايا ذات الصلة بصفتها الجهة الرئيسية المنفذة للخصوصية في أوروبا، حيث نشرت قرارات بشأن حوالي 2% من 164 قضية خصوصية ذات أهمية "عابرة الحدود"، وفقاً لدراسة أجراها في سبتمبر "المجلس الأيرلندي للحريات المدنية"، المصنف كمنظمة حقوق إنسان. شغلت أيرلندا هذا الدور منذ أن تم تطبيق اللائحة العامة لحماية البيانات العامة في أوروبا قبل ثلاث سنوات. لذا أيرلندا مسؤولة عن مراقبة مجموعة من شركات التكنولوجيا الكبرى لأن الأخيرة أقامت مقراتها الأوروبية على الأراضي الأيرلندية.

تضيف نفس الدراسة أن إسبانيا لديها ميزانية مماثلة لميزانية أيرلندا، لكن منظم الخصوصية الإسباني تعامل مع 52% من القضايا، بينما أتمت هولندا 36% منها. بينما تصدر إسبانيا ما يقرب من قرارين أو ثلاث قرارات يومياً، تتخذ أيرلندا قرارين أو ثلاث قرارات سنوياً. تعد هذه مشكلة لأن أيرلندا تقوم بمراقبة العديد من الشركات التي لها تأثير هائل على المجتمع.

الشكاوى تعزز القضايا

لماذا يحدث هذا يا ترى؟ لقد دافعت هيلين ديكسون، رئيسة "مفوضية حماية البينات" الأيرلندية، هذا الشهر عن أداء وكالتها لوكالة بلومبرغ، قائلة إن التنظيم أكثر تعقيداً مما يدركه الناس ويستغرق وقتاً. قال متحدث باسم "مفوضية حماية البينات" الأيرلندية، إن الشكاوى تعزز القضايا، إذ تتلقى الوكالة الأيرلندية أيضاً عدداً أكبر بكثير من نظيراتها، لأنها تشرف على شركات مشهورة، مضيفاً أنها حلّت 600 من أصل 1200 شكوى عبر الحدود منذ عام 2018.

مع ذلك، فإن الانتقادات التي ظهرت على مدار سنوات أصبحت مؤخراً ملازمة للهيئة، وتشير إلى مشكلات تتعلق بالسرعة والجودة في العمل:

  • قالت محكمة العدل الأوروبية في وقت سابق من هذا العام إن "مفوضية حماية البينات" الأيرلندية أظهرت "الجمود الإداري المستمر" في طريقة عملها في القضايا.
  • قال برلمان الاتحاد الأوروبي العام الماضي إن لديه "قلق بارز" نابع من أن العديد من قضايا الخصوصية المحالة إلى أيرلندا لم تصل إلى مرحلة مسودة القرار.
  • قامت وكالات حماية البيانات الأوروبية الأخرى بعدد كبير غير اعتيادي من الاعتراضات على قرارات الوكالة الأيرلندية، مع تذمر العديد من نوعية الغرامات الضئيلة، فضلاً عن رداءة التحقيقات ونقص الوثائق، وفقاً لمحامي الخصوصية النمساوي، ماكس شريمس، الذي كان بمثابة شوكة في خاصرة الوكالة الأيرلندية لمدة عقد من الزمان.

حذرت فرانسيس هوغن، المبلغة عن أسرار "فيسبوك"، المشرعين الأوروبيين الشهر الماضي من أن المنظم الأيرلندي عانى من تضارب في المصالح لأن العديد من عمالقة التكنولوجيا كانوا متمركزين في البلاد.

عيوب البنية الضخمة لأوروبا

تتمثل إحدى عيوب البنية الضخمة للاتحاد الأوروبي في أنه إذا فشلت دولة عضو في دورها، لا يمكن لدولة أخرى أن تقوم بتحمل جزء لتحسين هذا الركود، الأمر الذي يترك منظمي الخصوصية الآخرين محبطين. العديد من مجموعات الناشطين، الذين عادة ما يلاحقون شركات التكنولوجيا الكبيرة، يستهدفون الآن أيضاً "مفوضية حماية البينات" الأيرلندية. يقول شرمس "إنه أمر غير مسبوق"، وهو الذي قدم الأسبوع الماضي شكوى إلى مكتب النمسا لمحاكمة الفساد ضد الوكالة الأيرلندية.

بدوره، قدم جوني رايان، وهو زميل رفيع في المجلس الأيرلندي للحريات المدنية، أيضاً شكاوى بشأن عمل "مفوضية حماية البينات" الأيرلندية. إذ يقول: "إنهم صندوق أسود". بينما قال متحدث باسم "مفوضية حماية البينات" الأيرلندية إنها ملزمة بالحفاظ على سرية الكثير من أعمالها. كما رفض التعليق على شكوى شرمس بالتفصيل، لكنه ذكر أن الوكالة "يجب أن توازن بين التزاماتها لحماية المعلومات السرية ضد حقوق مقدم الشكوى وحقوق المراقب في الإجراءات العادلة".

ثقافة أيرلندا

الكثير من هذا كان متوقعاً. إذ استقطبت ثقافة أيرلندا طويلة الأمد المتمثلة في ضرائب منخفضة وقوانين تنظيمية مخففة العديد من الشركات متعددة الجنسيات الكبيرة، ومن المحتمل أن يؤثر ذلك على قدرة البلاد على فرض ضوابط وتوازنات رقابية. لم يكن لدى ديكسون مهنة سابقة في التنظيم أو القانون عندما عينتها الحكومة الأيرلندية في عام 2014، تشرف وزارة العدل الأيرلندية على ميزانيتها أيضاً، ولا يتم تمويل ديكسون من خلال الرسوم التي تدفعها الشركات، كما هو متبع في المملكة المتحدة وإسبانيا ودول أخرى.

تحتاج هيئة مراقبة الخصوصية في أوروبا إلى نوع من الإصلاح. التقاضي المدني والشكاوى، مثل تلك التي يقدمها شرمس من شأنها أن تساعد على ذلك، لكن يجب على الحكومة الأيرلندية أيضاً القيام بمراجعة مستقلة للوكالة. بإمكانها تعيين مفوضين إضافيين للعمل مع ديكسون، كأشخاص يتحلون بخبرة أعمق في تنظيم الخصوصية ولديهم نهج أكثر صرامة تجاه شركات التكنولوجيا. اقترحت هوغن المبلغة عن أسرار "فيسبوك" خياراً أكثر جذرية: إعداد منظم خصوصية واحد لجميع دول الاتحاد الأوروبي، يجمع بين المتخصصين التقنيين المنتشرين عبر الوكالات الوطنية المختلفة.

على الأرجح أن ديسكون لم تكن تنوي أبداً منح "فسيبوك و"غوغل" معاملة هينة، لكن النظام الذي تعمل بموجبه يجعل من الصعب للغاية ضبط تلك الشركات.