جاك دورسي يترك خلفه في تويتر "إرثاً معقّداً"

جاك دورسي.. لم يعد مضطراً للشهادة أمام "الكونغرس" بسبب قضايا ومشكلات شبكات التواصل الاجتماعي
جاك دورسي.. لم يعد مضطراً للشهادة أمام "الكونغرس" بسبب قضايا ومشكلات شبكات التواصل الاجتماعي المصدر: صحيفة "ذا هيل"
محررو بلومبرغ
محررو بلومبرغ

الهيئة التحريرية في (رأي بلومبرغ)

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

برغم تأثير "تويتر" في مجتمعنا، إلا أنَّ هذا التأثير كان من الممكن أن يكون أكبر لو حاول الرئيس التنفيذي السابق للشركة جاك دورسي، الاستفادة من تقنية الفيديو القصير -الذي أسهم من خلال تطبيق "تيك توك" في إحداث زخم كبير على وسائل التواصل الاجتماعي.

اقرأ أيضاً: بعد تنحي جاك دورسي.. من هو الرئيس التنفيذي الجديد لـ "تويتر"؟

لتحديد إرث دورسي بعد استقالته المفاجئة هذا الأسبوع من منصب الرئيس التنفيذي لشبكة التواصل الاجتماعي، يمكنك الانضمام إلى تيم أوبراين، أحد روّاد كتابة المقال في "رأي بلومبرغ"، وكيرت واغنر، المسؤول عن تغطية "تويتر" في "بلومبرغ نيوز"، إذ تدور مناقشة واسعة النطاق بشأن خيارات واستراتيجيات "تويتر".

اقرأ المزيد: كاثي وود تقتنص أسهم "تويتر" عند أدنى مستوياتها في عام

يظهر النص التالي الذي تم تعديله بشكل طفيف من أجل أن يكون أكثر وضوحاً، محادثة من قبل كاتب المقال في مساحة الرأي المخصصة للتكنولوجيا، تاي كيم، والتي تلقي الضوء على الدور المزدوج لـ"دورسي" كرئيس تنفيذي لكل من "تويتر" و"سكوير" (Square)، وهوسه بالعملات المشفَّرة، وتأثير ذلك على قراراته.

  • تاي كيم: ماذا كان رأيك بمجرد سماعك خبر تنحّي دورسي؟

تيم أوبراين: شعرت أنَّ القرار تأخر كثيراً. لو كنت الرئيس التنفيذي لشركتين، فأنت لست الرئيس التنفيذي لأيٍّ منهما. وكثيراً ما تساءلت عن شعورك كمدير ومدى جديتك تجاه الاستراتيجية والموظفين في الشركتين؛ إنْ كنت تدّعي أنَّك قادر على إدارة شركتين بذلك الحجم الكبير بشكل فعّال. اشتهر جاك بتأسيسه "تويتر" عندما اكتشف أنَّه يمكنه استخدام الرسائل النصية كركيزة أساسية لتأسيس منصة وسائط واتصالات رقمية قوية. لكنَّني لا أعتقد أنَّ جاك لم تكن لديه رؤية كاملة للمكان الذي يريد أن يصل إليه بالمنصة، ومدى التطوير الذي يمكنه فعله لتحسين جودة الخدمة، وزيادة تأثير "تويتر" في حياة المستخدمين. أقول هذا بصفتي مستخدماً متحمساً على "تويتر"، إذ تتم إزالة الحواجز فيما بين الناس، ولكن في الغالب ضمَّ "تويتر" الصحفيين، والمشاهير، والسياسيين، والرياضيين، وبعض المجموعات المثيرة للاهتمام أيضاً، في حين لم يثبت بعد ما إذا كان بإمكان المنصة أن تتوسع وتواصل الازدهار وسط عالم تنافسي.

  • كيم: لماذا يتنحّى دورسي الآن؟ هل "سكوير" أكثر إثارة للاهتمام بالنسبة إلى جاك؟ وهل يتعلق ذلك بهوسه بالعملات المشفَّرة والـ"بتكوين"؟

كورت واغنر: أرى أنَّ الهوس بالأشياء الأخرى قد أبعده أخيراً، فقد فضَّل جاك قضاء وقته في العمل على أشياء من هذا القبيل، في الوقت الذي اعتقد فيه أنَّ العملات المشفَّرة، وعمل "سكوير" لا يتوافقان مع مستقبل "تويتر". وبحسب معلوماتي؛ فإنَّ جاك هو من اتخذ القرار، إذ لم تتم إقالته، بل إنَّ المستثمرين الناشطين كانوا يسارعون إلى "تويتر" في العام الماضي برغم ما شهدته الشركة من بعض الفصول الصعبة المتتالية على صعيد الأعمال.

أوبراين: أعتقد أنَّ هناك ضرورة للمزيد من التقارير والتحقيقات حول علاقة جاك بمجلس الإدارة، والخطوات التي اتخذها مجلس الإدارة لحماية الشركة ومستقبلها من رئيس تنفيذي يتوزّع تركيزه على أشياء كثيرة جداً. كما أرغب في معرفة المزيد عن مقدار احتمال أن يكون القرار طوعياً، أو ما إذا كان قد تم دفع جاك لاتخاذ القرار.

  • كيم: ما رأيك في إرث دورسي؟

واغنر: نشاط "تويتر" يبدو جيداً في الوقت الحالي كما كان دائماً، لكنَّ المشكلة هي أنَّه لم يكن عملاً تجارياً كما كان يأمل الكثير من الناس بشأن مدى تأثير "تويتر" كخدمة. فتلك المنصة كانت و ماتزال الخدمة المفضلة للأشخاص الأكثر نفوذاً في العالم، والمكان الذي أمضى رئيس الولايات المتحدة فيه 4 سنوات يدلي بالتصريحات. وكان هناك شعور دائم بضعف أداء "تويتر" من وجهة نظر الأعمال لذلك السبب، إذ يتساءل الكثيرون: ألا يجب أن يكون لذلك المكان الذي يزداد تأثيره، أي ارتباط أقوى بعالم الأعمال؟

أوبراين: أحترم كثيراً قيَم جاك وطريقة تفكيره، فقد حاول أن يكون "تويتر" منصة مسؤولة في عالم فوضوي، خصوصاً في حالة الفوضى التي شهدتها حقبة ترمب، والانتهاكات التي تعرّضت لها المنصة. إلا أنَّه نجح في تحقيق نجاحات على صعيد أنشطتها ومعدلات الاختراق. فقد فعل الكثير من الأشياء الجيدة، وأعتقد أنَّ جاك دورسي اتخذ قرارات سبق فيها مارك زوكربيرغ بشأن التفاعلات المقبولة، والتفرقة بين التضليل والدعاية، وتحديد نقاط الضعف في ذلك الشأن، ولذلك أعتقد أنَّه أراد أن تكون المنصة قوة من أجل الخير، ومن وجهة نظر صحفية؛ فأنا أحترم ذلك حقاً.

واغنر: خسارة "فين" (Vine) كانت أكبر ما افتقدته "تويتر"، إذ يرجع ذلك جزئياً إلى أنَّ الاستحواذ كان فعالاً للغاية، وكان جاك من أشدّ المؤمنين به، ويمكن أن ترى كيف أصبحت "تيك توك"، وأين ذهبت "إنستغرام" مع "ريلز" (Reels)، وعليك التفكير كيف كان ذلك سيؤثر في "تويتر"، وقد كانت موجودة قبل تلك المنصات، ولديها تقنية الفيديو القصير مع المبدعين من خلال "فين"، ولكنَّها لم تنجز شيئاً. ووصف ذلك بالفرصة الضائعة، يمثل بخساً كبيراً للأمر. وعليك أن تتساءل كيف سيختلف مشهد وسائل التواصل الاجتماعي إذا احتفظت بـ"فين"، واكتشفت طريقة للاستفادة من ذلك.

أوبراين: إذا لم تداوم –يوماً بعد يوم– على العمل الشاق لتطوير الأعمال التجارية بشكل أفضل، وحماية سبل عيش موظفيك، وتنفيذ رؤية طويلة الأجل بطريقة تنافسية قوية، أعتقد أنَّك بغض النظر عن الأعمال التي تقوم بها، ستكون في طريقك إلى الانتهاء. فالمقارنة هنا بين "تيك توك" و"فين" واضحة حقاً.

  • كيم: يبدو أنَّ "وول ستريت" تشعر بخيبة أمل؛ لأنَّ الرئيس التنفيذي الجديد لا يملك رؤية لمنتج نهائي. برأيك ما الذي تعكسه خلفية الرئيس التنفيذي الجديد باراغ أغراوال؟ وكيف ستؤثر في استراتيجية "تويتر" الأساسية؟

واغنر: يعمل باراغ في "تويتر" منذ أكثر من عقد. لكنَّ العام الماضي كان الأكثر إثارة بالنسبة إليه. فأنت تدري عن مشروع "بولسكي" (Bluesky) الذي يمثل رؤية جاك دورسي لشبكة اجتماعية لامركزية. لقد قاد باراغ المشروع داخلياً حتى وجدوا شخصاً يدير المشروع لأنَّه لم يعد جزءاً من "تويتر"، وبرغم أنَّه أصبح مشروعاً خارجياً، إلا أنَّ باراغ كان مسؤولاً عنه. كذلك يقود باراغ وحدة التشفير، و"البلوكتشين" التي بدأتها "تويتر" مؤخراً. ولديه خبرة فنية طويلة في العديد من الموضوعات التي كان يهتم بها جاك دورسي كثيراً. فالاتجاه الذي اتخذته الشركة كان مثيراً للاهتمام، إذ لم يختاروا شخصاً يركز على منتج استهلاكي. كما يركز باراغ الآن على ما كان يتحدث عنه جاك كثيراً من "البلوكتشين"، والعملات المشفَّرة، مما يجعلني أتساءل عما إذا كانت ستكون هناك دفعة أكثر دراماتيكية تجاه التشفير في المستقبل القريب.

كيم: هل تعتقد أنَّ ذلك سيكون له تأثير على قواعد وسائل التواصل الاجتماعي أو سياساتها؟ فمن بين مكاسب جاك من الاستقالة أنَّه لم يعد مضطراً للشهادة أمام "الكونغرس" بعد الآن -وهو الأمر الذي فعله مرات عدة في السنوات القليلة الماضية.

أوبراين: لا أعتقد أنَّ المشكلات المتعلقة بحرية التعبير والاستخدام المسؤول التي تفرض على جاك التعامل معها ستختفي، بل ستبقى موجودة. ولكن ما رسخه جاك من ركائز أساسية قوية كانت تمثل رمزاً أخلاقياً جيداً بشأن محاولة مراقبة المعلومات المضللة والخاطئة على "تويتر"، وقد يكون استمرراه محل شكوك. فما يبدو، هو أنَّ هناك تغييراً محتملاً. لكن علينا ترقب ما الذي سيحدث. بخلاف ذلك، لا أعتقد أنَّ تغيراً كبيراً سيحدث فيما يتعلق بالمشكلات التنظيمية بسبب رحيله.

  • كيم: أي أفكار نهائية؟

واغنر: لا يكره جاك إلا قلة ممن تحدثت إليهم، إذ يعتقد الجميع بأنَّه شخص طيب، ويتمتع بأخلاق حسنة، وهو الشخص الذي يحب الناس العمل من أجله. لكنَّ التحدي يتمثل في التساؤل حول مدى قدرته على أن يكون رئيساً تنفيذياً رائعاً لشركة مطروحة للتداول العام؟ لا أعتقد أنَّ الإجابة كانت دائماً نعم. وهنا تكمن صعوبة السؤال حول كيف يمكن قياس إرث جاك ومدى نجاحه؟ فبالتأكيد هو مخترع رائع، وقد جنى الكثير من المال، وقام بأشياء لا يفعلها إلا عدد قليل جداً من الأشخاص في تاريخ العالم. لكن لا يعني ذلك أنَّك ستكون رئيساً تنفيذياً رائعاً لشركة يتعين عليها الإبلاغ عن الأرباح الفصلية كل ثلاثة أشهر.

أوبراين: سأظل على "تويتر".