عقار "ميرك" المضاد لـ"كوفيد" يأتي في توقيت مناسب لمكافحة "أوميكرون"

"ميرك آند كو"
Therese Raphael
Therese Raphael

Therese Raphael is a columnist for Bloomberg Opinion. She was editorial page editor of the Wall Street Journal Europe.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

ربما تكون اللقاحات، سلاح "البازوكا" الفتاك المستخدم في مكافحة فيروس "سارس-كوف-2" (SARS-CoV-2)، لكنَّ العقاقير المضادة للفيروسات، هي سلاح المدفعية المساهم في إنقاذ الأرواح، خصوصاً بالنسبة إلى أولئك الذين ترتفع مخاطر تعرّضهم لحالات الإصابة الشديدة. والآن بعد التوصل إلى عقاقير مناسبة مضادة للفيروسات؛ أصبحت السلطات الصحية بحاجة إلى إيجاد أفضل السبل لتوزيعها.

اقرأ المزيد: فيروس "أوميكرون" يهدد بمزيد من التأخير في محاولة تطعيم العالم

أصبحت المملكة المتحدة في نوفمبر الماضي أول دولة في العالم توافق على عقار "مولنوبيرافير" (molnupiravir) المضاد لفيروس كوفيد-19، الذي أنتجته مختبرات شركتي "ريدجباك بايوثيرابيوتكس" ( Ridgeback Biotherapeutics)، و"ميرك آند كو" (Merck & Co). كما صوّتت لجنة استشارية شكلتها إدارة الغذاء والدواء الأمريكية يوم الثلاثاء، بالموافقة على إتاحة الاستخدام الطارئ للعقار المضاد للفيروسات أيضاً. لكن برغم هذه الموافقات؛ أصدرت شركة "ميرك" بيانات تُظهر أنَّ مستوى فاعلية العقار أقل مما كان يُعتقد في البداية، وهي أقل بكثير من فاعلية عقار منافس تنتجه شركة "فايزر" (Pfizer)، التي تقدَّمت أيضاً بطلب للحصول على ترخيص الاستخدام الطارئ.

اقرأ أيضاً: "فايزر" تتحرك للسماح بإنتاج نسخ رخيصة الثمن من حبوب كوفيد

التعايش مع الفيروس

تعد العقاقير الجديدة أرخص وأسهل في تناولها من العقاقير الحالية مثل "ريمديسيفير" (remdesivir). فإذا استُخدمت في غضون أيام من الإصابة، ووفقاً لإرشادات العلاج؛ فإنَّها تجعل الحاجة إلى المستشفى إثر الإصابة بـ"كوفيد" شيئاً نادراً بشكل أكثر، وبالتالي؛ فإنَّها تتيح فرصة التعايش بشكل أفضل مع الفيروس.

اقرأ المزيد: "بيونتيك": تعديل لقاح كوفيد قد يزيد المناعة في مواجهة "أوميكرون"

تحدثت تريز رافائيل، وهي إحدى كاتبات الرأي في "بلومبرغ"، مع سام فاضلي، الذي يغطي قطاع الأدوية في "بلومبرغ إنتليجنس"، بشأن كيفية عمل هذه العقاقير، وما هي المخاطر المتعلقة بها.

تريز رافائيل: لم يحظَ عقار شركة "ميرك" المضاد لـ"كوفيد" بتأييد قوي من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية. لماذا كان التصويت بين جبهتي التأييد والمعارضة متقارباً للغاية؟

سام فاضلي: في الواقع، لم يكن التأييد حاسماً، فقد كانت النتائج هي 13 مؤيداً في مقابل 10 معارضين، لذلك فهو حكم هامشي تماماً. وأشار بعض أعضاء اللجنة الاستشارية الذين صوتوا بـ "نعم" أيضاً إلى أنَّ إدارة الغذاء والدواء يجب أن تعيد النظر في ترخيص الاستخدام الطارئ لعقار "مولنوبيرافير" بمجرد الموافقة على "عقار آخر"، خاصة أنَّ القضايا عديدة، بما فيها انعدام اليقين بشأن الفعالية والتساؤلات بشأن الآثار الجانبية، والمخاوف بشأن تطور المتحورات، إذ يتسبب العقار في تحور الفيروس.

كيف تفسر "ميرك" تباين مستويات الفعالية الأعلى في الجزء "المؤقت" السابق من التجربة، والنتائج اللاحقة المخيبة للآمال من "التحليل الكامل"؟

في الواقع، لم توضح "ميرك" بالفعل التباين الغريب في الفعالية بين التجربتين، لكنَّها قدمت بعض الأسباب المحتملة بسبب اختلاف البيانات بشكل كبير في الجزء الثاني من التجربة، فقد اختفت فعالية العقار ضد دخول المستفشى أو الوفاة بشكل أساسي.

هذه الأسباب المحتملة تشمل تقدّم السكان في العمر، وزيادة عدد مرضى السكري (إذ يبدو العقار وكأنَّه يكافح لإحداث فاعلية كبيرة)، وزيادة نسبة مشاركة الإناث، وارتفاع نسبة الأشخاص الذين تظهر عليهم علامات سابقة للإصابة بعدوى كوفيد (وبالتالي؛ وجود أجسام مضادة)، وزيادة أعداد المرضى المقيمين في أوروبا، والأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو احتمالية أن يكون المرضى الذين شاركوا في الجزء الثاني من التجربة أكثر عرضة للإصابة بمتحور "دلتا". لكن لا شيء من هذا يُحدث أي فرق في حقيقة أنَّ العقار يكافح لإظهار أي فاعلية في بعض الحالات.

غالباً ما تتم الإشارة إلى عوامل خطر عديدة متعلقة بعقار "مولنوبيرافير"، أحدها، يتمثل في الطفرات الجينية (أو مخاطر تسببه في الإصابة بالسرطان)، إذ لا يبدو أنَّه يثير قلقاً شديداً بالنسبة إلى اللجنة الاستشارية. ما هي المخاوف الأخرى، وهل يمكن معالجتها عبر تقييد طريقة وصف الدواء؟

برغم أنَّ الطفرات الجينية لا تشكِّل مصدر قلق كبير؛ فإنَّ قدرة العقار على إحداث طفرات في الفيروس، أثارت نقاشات كثيرة بين أعضاء اللجنة. ووُجد أنَّ المشكلة تكمن فيما إذا كان استخدام العقار على أرض الواقع -على سبيل المثال مع أشخاص يُحتمل ألا يكملوا دورة العلاج الكاملة التي تستغرق خمسة أيام- من شأنه زيادة مخاطر تحور الفيروس إلى متحورات جديدة مثيرة للقلق.

ثمة بيانات أخرى توضح أنَّ العقار يتداخل مع النمو الطبيعي للعظام الخاصة بصغار الحيوانات، ولهذا السبب من المحتمل ألا يُسمح للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً بتناول هذا العقار. وأخيراً، هناك خطر حدوث مشكلات في الأجنة بسبب الطفرات التي تصيب نمو الجنين، ولهذا السبب يتعين على المرضى من النساء التأكد من أنَّهن لسن في حالة حمل عند تلقي العلاج.

ثمة خيار آخر متاح أمام إدارة الغذاء والدواء، وهو عقار شركة "فايزر" المضاد للفيروسات المعروف باسم "باكسلوفيد" (Paxlovid) الذي أظهر فاعلية أعلى بكثير في تجربته الأخيرة. كيف يعمل هذا الدواء بشكل مختلف؟

يتمتع "باكسلوفيد" بآلية عمل مختلفة تماماً عن "مولنوبيرافير" الذي يسبب تراكم الطفرات في الفيروس، لأنَّه يعمل على نسخ نفسه، مما يجعل الفيروسات الناتجة غير قادرة على العمل بشكل طبيعي، وآلية العمل هذه هي التي تسبب مشكلات عدة متعلقة بالطفرات الجينية.

يعمل "باكسلوفيد" من خلال تثبيط الجزيء الذي يحتاج إليه الفيروس لتجميع نفسه، والذي يعرف باسم البروتياز. وهذا إنزيم يقطع البروتينات الأخرى التي يحتاج إليها الفيروس لتكرارها في الخلية، وينقسم البروتين الشامل الذي يتكون في البداية من الجينوم الفيروسي إلى 29 بروتيناً فردياً حتى يتم تجميع جسيم فيروسي قابل للحياة. تشبه آلية عقار "فايزر" بعض العقاقير المستخدمة في علاج فيروس نقص المناعة البشرية، والتهاب الكبد الوبائي فيروس "سي"، وبالتالي لن تكون لها مشكلات مشابهة لعقار "مولنوبيرافير"، برغم أنَّه قد تكون له آثار جانبية خاصة به. مع ذلك؛ مازلنا بحاجة إلى الاطلاع على البيانات المفصلة من "فايزر".

هل هناك مخاطر مماثلة كامنة خلف قيام "فايزر" بمراجعة نتائجها السابقة؟

دائماً ما تكون هناك احتمالية لازدياد بيانات فاعلية العقار سوءاً عند إجراء فحص لعدد أكبر من المرضى، لكن حالات دخول المستشفى أو الوفاه منخفضة جداً بالفعل في تجربة عقار "باكسلوفيد" المنتج من قبل شركة "فايزر"، لدرجة انخفاض مخاطر خسارة قدر كبير من الفاعلية. وحتى لو كان هناك بعض التراجع في الفاعلية؛ فإنَّ انخفاضها من 85% من شأنه أن يترك قدراً عالياً من الحماية.

أحد مخاطر العقاقير المضادة للفيروسات ينطوي على تطوير الفيروس لسلالات مقاومة، وبالتالي؛ تراجع فعالية العقار. هل من المرجح أن تنطوي تركيبة "ميرك"، أو "فايزر" على مثل هذا الخطر؟ وهل هناك طريقة لخفض مستوياته؟

أفضل طريقة للحد من مخاطر مقاومة عقار مضاد للميكروبات؛ تتحدد في استخدامه بحسب التعليمات تماماً، وهذا الأمر سهل التطبيق في التجارب السريرية، لكن على أرض الواقع قد تصبح الأمور فوضوية جداً. ربما يتناول الناس العقار لمدة تقل عن خمسة أيام، خصوصاً بالنظر إلى أعباء تناول الأقراص لكلا العقاريين، أو لاحقاً خلال بدء ظهور المرض في مقابل الأيام الخمسة الأولى من الأعراض، لكنَّني لست قلقاً للغاية بشأن المقاومة بالنظر إلى عدم استخدام العقاقير سوى لفترة قصيرة فقط.

مع ذلك؛ فإنََّ إحدى طرق خفض المخاطر تتمثل في الجمع بين الآليات المختلفة، لكنَّني لا أعتقد أنَّ هذا يحتمل مع هذه المنتجات الأولى بسبب عدد الأقراص المطلوب تناولها.

الآن، بعد ظهور متحور "أوميكرون"، كيف تتوقَّع أن تتناسب هذه العقاقير مع مناعة استجابات البشر؟

يعتمد هذا الأمر على عاملين، أولهما؛ هو ما إذا كان "أوميكرون" أكثر مقاومة بالفعل للمناعة الناتجة عن التلقيح والعدوى السابقة، كما يوحي نمط الطفرات. وإذا كان هذا هو الحال، وكان الفيروس مسبّباً للمرض مثل المتحورات الموجودة؛ فإنَّ الأقراص ستكون مهمة للغاية. وهذا صحيح بشكل خاص إذا ثبت أنَّ عقاقير الأجسام المضادة أحادية النسيلة مثل "ريجينيرون" (Regeneron) أقل فاعلية ضد المتحوّر الجديد.

نحن بحاجة أيضاً إلى فهم كيفية تأثير الطفرات الموجودة في متحور "أوميكرون" على العقاقير، ونحن نعلم أنَّ هناك طفرات مفردة في أهداف البروتين لكلٍّ من العقارين. وحالياً، يدور التفكير حول فكرة أنَّ هذا لا ينبغي أن يسبب الكثير من المتاعب لهم، لكنَّنا بحاجة إلى البيانات اللازمة للتأكد من الأمر.

تعتبر هذه الموافقات المضادة للفيروسات علاجاً، لكن كانت هناك نقاشات حول نشرها (بالإضافة إلى علاجات الأجسام المضادة أحادية النسيلة التي تحدثنا عنها) باعتبارها وقائية. ما هو رأيك في ذلك؟

العلاج الوقائي ممكن تماماً، لكن تذكري أنَّك ستقدمين العقار لأشخاص أصحاء، لذلك يتغير حساب المخاطر والفوائد، مما يخلق شريحة أعلى بكثير. كما أنَّ بعض عقاقير الأجسام المضادة أحادية النسيلة طويلة المفعول، مما يمنح الأفراد المعرضين للخطر درجة حماية جيدة لفترات تزيد على ستة أشهر. لذلك أرى أنَّها أكثر ملاءمة للأدوية المضادة للفيروسات.