وقف تطوير حقل "كامبو" النفطي لن يخفض انبعاثات الكربون بالمملكة المتحدة

أعلنت شركة "شل" عن وقف تطوير حقل "كامبو" النفطي في بريطانيا وسط ضغوط من نشطاء البيئة
أعلنت شركة "شل" عن وقف تطوير حقل "كامبو" النفطي في بريطانيا وسط ضغوط من نشطاء البيئة المصدر: أ.ف.ب
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

قد يرغب نشطاء المناخ، الذين يزعمون أنَّهم حققوا انتصاراً بعد قرار شركة "رويال داتش شل" بالتوقف عن تطوير حقل "كامبو" النفطي، في التفكير مرة أخرى بهذا الأمر، إذ لن يقلل هذا القرار بشكل كبير من انبعاثات الكربون في المملكة المتحدة.

وإلى أن يتم اتخاذ خطوات جادة لتقليل الطلب على الوقود الأحفوري؛ فإنَّ محاولات وقف إنتاجه ستؤدي ببساطة إلى نقص الإمدادات، وتحويل العرض إلى مناطق أخرى من العالم.

أعلنت "شل"، يوم الجمعة الماضي، أنَّها ستنسحب من مشروع تطوير الحقل، الذي يقع على عمق 1100 متر تحت المياه على بعد حوالي 80 ميلاً شمال غرب جزر شيتلاند.

المملكة المتحدة ترفض الانضمام إلى تحالف يُنهي إنتاج الوقود الأحفوري

ضغوط نشاط البيئة

وتُقدِّر شركة "سيكار بوينت إنرجي"، المالكة لحصة الأغلبية، أنَّ الحقول تحتوي على 800 مليون برميل من النفط، ويمكن استخراج ما بين 240 مليوناً، و280 مليون برميل منها.

وهذا العدد كافٍ لتلبية الطلب الإجمالي على النفط في المملكة المتحدة لـ 6 أشهر تقريباً، لكنَّه يُشكل جزءاً بسيطاً من 3 مليارات برميل من النفط المكافئ تم ضخها من حقل نفط خام برنت البريطاني، في الفترة بين عامي 1976 و2008.

لا يعني قرار "شل" بالضرورة نهاية خطط تطوير حقل "كامبو". وتقول الشركة، إنَّها ستحتفظ بحصتها، وتراجع خطط التطوير في المستقبل، بالرغم من أنَّه من الصعب توقُّع احتمال حدوث تأجيلات في أي وقت قريب، ويتم الاستشهاد بذلك جنباً إلى جنب مع الأسباب الاقتصادية في اتخاذ قرار "شل".

وأصبح المشروع بمثابة نقطة تجمع لنشطاء البيئة، وسوف يكون كذلك مرة أخرى إذا تمت إعادة إحياء المشروع. ومن المؤكد أنَّ التحديات القانونية ستتبع أي موافقة على التطوير.

إذاً... ما هو تأثير إيقاف "كامبو"؟

من المؤكد أنَّ المملكة المتحدة ستخسر الوظائف ذات المهارات الكبيرة والأجور العالية المرتبطة بتطوير الحقل.

وقالت "سيكار بوينت"، إنَّ رقم الخسارة "يتجاوز أكثر من ألف وظيفة مباشرة، بالإضافة إلى آلاف الوظائف الأخرى في سلسلة التوريد".

أيضاً يشكل ذلك مزيداً من التراجع في أمن الطاقة بالمملكة المتحدة، إذ يتم دفع الإمدادات التي كان من الممكن توفيرها من مصادر محلية إلى الخارج، مما يؤدي إلى إطالة سلاسل التوريد –إضافة إلى الخسارة البيئية التي تتسبب فيها- وزيادة الاعتماد على الحكومات الأجنبية، التي قد لا تتمنى للمملكة المتحدة الخير دائماً.

بالطبع، لا يُعتبر الجدل حول أمن الطاقة بهذه السطحية. فالمملكة المتحدة جزء لا يتجزأ من شبكة تجارة النفط العالمية.

وتم تصدير ما يصل إلى 85% من الخام المُنتج في المملكة المتحدة خلال 2019، وفقاً للأرقام الحكومية، كما تم استيراد رقم أكبر.

وجاءت نصف هذه الواردات تقريباً من النرويج، فضلاً عن ربع آخر من أمريكا الشمالية. وبالإضافة إلى النفط الخام؛ استوردت المملكة المتحدة أيضاً أكثر من نصف المنتجات النفطية التي استهلكتها في العام السابق لتفشي وباء كوفيد -19.

ولا يقتصر الأمر على تجارة النفط العالمية فحسب؛ إذ إنَّ هناك أزمة المناخ أيضاً.

المملكة المتحدة تكشف عن تصميم لطائرة ركاب تعمل بالهيدروجين

فوائد وهمية

الفوائد المناخية التي يزعم النشطاء تحقيقها بعد توقف تطوير حقل "كامبو" -للأسف- ستكون وهمية.

فوضع المشروع على الرف، بالإضافة إلى مشاريع النفط والغاز المحتملة الأخرى حول شواطئ بريطانيا، سيؤديان إلى وقف الانبعاثات المباشرة المرتبطة ببنائها وتشغيلها.

وقد يكون ذلك جيداً بالنسبة لأرقام الانبعاثات في المملكة المتحدة، لكنَّه سيتسبب فقط في نقل المشكلة إلى خارج البلاد، ومن المرجح جداً أن تنتقل إلى الدول التي تكون فيها انبعاثات غازات الاحتباس الحراري لإنتاج النفط أعلى بكثير مما كانت ستصبح عليه في "كامبو".

وإذا ما استمر البريطانيون في حرق النفط، مع استخدام معظمه لتشغيل الشاحنات والطائرات والسيارات الخاصة؛ فسيقوم شخص ما بإنتاجه.

أعلم أنَّ شركات النفط تشكل أهدافاً كبيرة وواضحة للغاية وهشة جداً أمام النشطاء، –إذ إنَّ شن حملة إعلامية ضد شركة "شل" أقل خطورة بكثير من التوقف لوقت طويل على طريق سريع- لكن هذا التركيز خاطئ.

معالجة الأزمة

يجب أن تبدأ معالجة أزمة المناخ من جانب الطلب في ميزان الطاقة. وإلى أن يتم اتخاذ إجراءات جادة لمعالجة مخاوف المستخدمين المحتملين للسيارات الكهربائية -سواء كان ذلك يتعلق بنطاقها أو تكلفتها وسهولة شحنها- سنستمر في استهلاك كميات هائلة من البنزين والديزل.

و من دون القيام بحملة منسقة لعزل المنازل؛ وتبديل مصادر التدفئة بعيداً عن الغاز الطبيعي؛ ستظل الهيدروكربونات جزءاً لا يتجزأ من مزيج الطاقة.

بدأ تأثير النقص في إمدادات الغاز في الظهور بالفعل، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار لمستويات قياسية في جميع أنحاء أوروبا (بما في ذلك المملكة المتحدة)، وتسبب ذلك في انهيار أكثر من 24 شركة طاقة بريطانية.

نقص النفط قد يأتي في المرحلة التالية. ويتوقَّع المحللون في"جيه بي مورغان" تضاعف أسعار النفط خلال العامين المقبلين.

ويمكن أن يصل خام برنت إلى 150 دولاراً للبرميل في عام 2025، إذ تتضاءل احتياطيات الطاقة الإنتاجية الفائضة في العالم وسط قلة الاستثمار.

وقد يسعد النشطاء في مجال حماية البيئة بارتفاع أسعار النفط، لكن معظم السكان لن يشعروا بذلك.