بدء الثورة المصرفية الهندية بدون البنوك التقليدية

خدمات "إتش دي إف سي بنك" تتعرض لانقطاعات تقنية متكررة
خدمات "إتش دي إف سي بنك" تتعرض لانقطاعات تقنية متكررة المصدر: بلومبرغ
Andy Mukherjee
Andy Mukherjee

Andy Mukherjee is a Bloomberg Opinion columnist covering industrial companies and financial services. He previously was a columnist for Reuters Breakingviews. He has also worked for the Straits Times, ET NOW and Bloomberg News.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

لا تحظى أي مؤسسة تقوم بتلقِّي الودائع في العالم بثقة أكبر من قبل المُدّخِرين وتتمتع بجاذبية أكبر مع المستثمرين مثل "إتش دي إف سي بنك" HDFC Bank. لكن هذه الوفرة لدى البنك الأكثر قيمة في الهند جعلته خاملاً بشكل كبير حرفياً، وأدت إلى تعرّض خدماته الرقمية إلى انقطاعات تقنية متكررة، مما دفعه إلى عدم إصدار بطاقات ائتمانية جديدة لمدة ثمانية شهور. مع ذلك، لا تعد هذه الصفعة التنظيمية حلاً دائماً.

اقرأ أيضاً: بعد أزمة "أمباني".. لماذا يكره "المركزي الهندي" بنوك الظل؟

تعتبر تراخيص البنوك تصريحاً لكسب الأموال من الفراغ، وقد يضع منح هذا الامتياز لمجموعة جديدة من المنافسين الرقميين الأكثر فاعلية بنك "إتش دي إف سي" والبنوك التقليدية الأخرى في حالة تأهب.

فيما يتعلق بمقاييس التقييم، يصل مضاعف السعر إلى القيمة الدفترية لبنك "إتش دي إف سي" إلى 4 أضعاف، ويتقدم بذلك على أكبر البنوك في الصين والولايات المتحدة واليابان وأستراليا وأوروبا وسنغافورة وهونغ كونغ. كما يعتبر بعض نظائره في إندونيسيا والشرق الأوسط وكوريا الجنوبية، وحتى بعض المنافسين الهنود بمن فيهم "كوتاك ماهيندرا بنك" Kotak Mahindra Bank ومقره مومبا، أغلى سعراً على أساس السهم. إلا أنه لا يمكن لأي منهم التباهي بقاعدة ودائع بنك "إتش دي إف سي" البالغة 189 مليار دولار.

طالع أيضاً: أداء قوي لعملة الهند بعد تخطي ذروة أزمة كوفيد 19

إيقاظ البنك الراكد

مع ذلك، هذا الركود الذي ورثه الرئيس التنفيذي الجديد، ساشيدهار جاغديشان، دفعه لأن يشكر المنظمين على الحظر المفروض على إصدار بطاقات الائتمان والمبادرات الرقمية الجديدة، وبعد تخفيف القيود في شهر أغسطس، قال الرئيس التنفيذي للموظفين: "لقد فتح هذا الأمر أعيننا على عالم الاحتمالات". لكن بدلاً من أن يُحيّي نفسه على إيقاظ البنك الراكد، ينبغي على بنك الاحتياطي الهندي أن يسأل نفسه عمّا إذا كان يتعين عليه القيام بدور السوق المُتمثِّل في دفع الشركات إلى تبني أفضل التقنيات في فئتها.

تجاوزت سياسة الترخيص للمؤسسات المالية المتّبعة في البلاد فعّاليتها وأصبحت الحلول المبتكرة متوفرة ولكنها تتطلب التنظيم.

تعمل التقنيات الجديدة على إعادة تشكيل مشهد التمويل، فبعد أن كانت منعدمة قبل خمس سنوات، يدفع ويتلقّى الهنود حالياً 7.7 تريليون روبية (102 مليار دولار) شهرياً عبر تطبيقات تعمل على شبكة عامة مشتركة. كما سيتمكن قريباً 440 مليون من أصحاب الهواتف ذات المميزات الأرخص ثمناً من إجراء معاملات غير نقدية. لكن لأن الابتكار نشأ في المدفوعات، لم ينتبه المموّلون للأمر.

أوداي كوتاك، رئيس مجلس إدارة "بنك كوتاك ماهيندرا"، قال في حديث له مؤخراً: "عاني المصرفيون وكان ردهم الاعتيادي هو يا للهول.. لا توجد مدفوعات مالية".

المدفوعات الإلكترونية

مع هذا، توجد مدفوعات مالية حالياً. يقوم التجار بجمع حوالي 20% من المدفوعات الإلكترونية عبر الشبكة العامة المشتركة ويتجنّبون أنظمة بطاقات الائتمان المُكلّفة، لكنهم حريصون على استخدام بيانات المبيعات الإلكترونية كضمانة معلوماتية للحصول على قروض لرأس المال العامل.

طالع أيضاً: "كاش فري" الهندية تستثمر 15 مليون دولار بمنصة الدفع الإماراتية "تلر"

انتهز لاعبو التكنولوجيا المالية بالتالي هذه الفرصة، خصوصاً مع بدء مؤسسات تلقِّي الودائع تزويد الأموال سلباً. يقول مركز الأبحاث الحكومي "نيتي أيوغ" NITI Aayog: "ظل العبء الرئيسي لتقديم الائتمان وإصدار الودائع تحت الطلب، وفي هذه الحالة هو البنك المعني، بلا انقطاع".

هذا يحتاج إلى التغيير. تجادل الورقة البحثية لـ"نيتي" حول البنوك الرقمية بأن تكلفة تمويل أكبر بنك استهلاكي غير مصرفي في الهند زادت عن 7% في العام الماضي، بينما انخفضت عن 4% في بنك جيد الرسملة. إذاً لماذا لا يتم ترخيص البنوك الإلكترونية فقط من أجل الاستفادة من الودائع منخفضة التكلفة أيضاً، خصوصاً إذا كان بإمكانها استخدام التكنولوجيا لسد 400 مليار دولار من الاحتياجات الائتمانية التي لم تتم تلبيتها لأصحاب الأعمال الصغيرة؟

إذا بقيت البنوك جاثمة على مستحقاتها، فسوف يستيقظ العملاء ويغادرون. ينقل تطبيق "فون بي"PhonePe، التابع لشركة "ولمارت"، 47% من الأموال الإلكترونية في الهند، بينما يمتلك تطبيق "باي تيم" Paytm المحلي نسبة قدرها 10%. تستخدم "غوغل باي"، التابعة لشركة "ألفابيت" والتي تسيطر على 37% من السوق، خبرتها في البحث للتأثير على اختيار العملاء للودائع المصرفية. ما يزال بنك "إتش دي إف سي" ومنافسه الأكبر المملوك للدولة، "ستيت بنك أوف إنديا" State Bank of India، يسيطران على المدخرات، ولذلك يعتبر المصرفان أكبر المحوّلين للمدفوعات الهاتفية. أما فيما يتعلق بتلقّي الأموال، فيعتبر "باي تيم بايمينتس بنك" Paytm Payments Bank الأكبر، مع أنه يضع حداً على الإيداعات من قبل كل عميل. لا يقوم البنك بتقديم القروض أو إصدار بطاقات ائتمان رغم أنه تمكّن أخيراً من الوصول إلى نافذة السيولة الطارئة للبنك المركزي.

قروض الطرف الثالث

لا يُسمح لـ"باي تيم" بالعمل كبنك حقيقي، ولكنه يقتنص ائتماناً للآخرين. في الربع الأخير، قفزت قروض الطرف الثالث التي قدمتها شركة التكنولوجيا المالية غير المربحة ستة أضعاف ما قدمته بالعام السابق. مع ذلك، تراجع سهم "باي تيم" بنسبة 27% عن سعر الاكتتاب العام الأولي الأخير، وبدلاً من كسب الرسوم عن طريق إنشاء فرص ائتمانية سنوية بقيمة مليار دولار لشركاء من أمثال بنك "إتش دي إف سي"، قد يكون التطبيق أكثر قيمة كبنك رقمي لأنه يقوم بالإقراض من تلقاء نفسه.

تسبب نظام الترخيص المُتخلف عن الابتكار التقني في إحداث فراغ تنظيمي. تُقدّر مجموعة عمل "آر بي أي" RBI عدد تطبيقات الإقراض الرقمي غير القانونية بـ 600 في الهند و"يقوم العديد منها بجمع بيانات جهات الاتصال في هواتف المستخدمين بالكامل إلى جانب الوسائط والصور وما إلى ذلك، وتُستخدم هذه المعلومات في مضايقة المقترضين ومعارفهم"، وفقاً للمجموعة.

يحتاج نظام الترخيص القديم الهندي إلى التحديث لمواكبة اتجاهات الرقمنة في الاقتصاد الأوسع. سيُجبِر هذا اللاعبين التقليديين على التخلّص من خمولهم، والتحرّك من مسار أكثر تركيزاً على الربحية إلى التكنولوجيا المالية ذات رأس المال الجيد. ستحصل الشركات التجارية الصغيرة على ائتمان أرخص، ولن يُترك المدخرون تحت رحمة المبتزين المتنكّرين في صورة تطبيقات الإقراض.