توقعات بزيادة الصين التحفيز المالي عقب وضع أهداف عام 2022

أحد المشاة يسير أمام المباني في منطقة الأعمال المركزية في بكين، الصين. يختبر التباطؤ الاقتصادي الملحوظ في الصين بالنصف الثاني من العام قوة سياسة البنك المركزي ويقسّم الاقتصاديين حول ما إذا كانت هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات أكثر جرأة لتجنب تدهور أعمق
أحد المشاة يسير أمام المباني في منطقة الأعمال المركزية في بكين، الصين. يختبر التباطؤ الاقتصادي الملحوظ في الصين بالنصف الثاني من العام قوة سياسة البنك المركزي ويقسّم الاقتصاديين حول ما إذا كانت هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات أكثر جرأة لتجنب تدهور أعمق المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يتوقَّع خبراء الاقتصاد أن تشرع الصين في زيادة برامج التحفيز المالي مع مطلع عام 2022 في أعقاب تصريحات صادرة عن كبار المسؤولين في البلاد بأنَّ أهدافهم الرئيسية خلال السنة القادمة ستتضمن التصدي لضغوطات النمو والعمل على تحقيق الاستقرار الاقتصادي.

ويرجح الخبراء أن يتواصل فرض القيود على القطاع العقاري، ولكن مع مفاجآت أقل من قبل الجهات التنظيمية بالمقارنة مع الإجراءات المفاجئة التي شهدها عام 2021، والتي هدفت إلى كبح جماح قطاعات اقتصادية بداية من التكنولوجيا وصولاً إلى التعليم والترفيه.

في ختام مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي السنوي الذي يعقد على مدى ثلاثة أيام، أوضح كبار صناع القرار داخل الحزب الشيوعي يوم الجمعة أنَّ "ضمان تحقيق الاستقرار الاقتصادي "يعتبر الأولوية القصوى خلال السنة القادمة. كما وعدوا بتطبيق سياسات "تكثيف إنفاق الموارد في البداية"، والإبقاء على سياسة نقدية ملائمة، وتتمتع بالمرونة.

قال دينغ شوانغ، كبير خبراء الاقتصاد حول الصين الكبرى لدى "ستاندرد تشارترد": "تشير التوقُّعات إلى أنَّ السياسة المالية ستلعب دوراً أساسياً في تعزيز النمو الاقتصادي خلال السنة القادمة"، في حين ستتعرض السياسات المتعلقة بقطاع الإسكان "لعملية ضبط دقيقة" عوضاً عن إحداث تغييرات كبيرة.

تراجع أداء الاقتصاد خلال الشهور الأخيرة مع الأوضاع الآخذة في السوء داخل السوق العقارية، والضعف الذي أصاب نمو الاستهلاك، وتجدد تفشي كوفيد-19، مما تسبب في تضرر ثقة الشركات والمستهلكين. تشير لهجة الاجتماع شبه المتشددة إزاء القطاع العقاري إلى أنَّ التباطؤ من قطاع العقارات سيتواصل في أغلب الأحيان.

ركزت السياسة النقدية في أغلب فترات العام الجاري على كبح جماح المخاطر المالية، وتقليص الديون في الاقتصاد. باتت مجموعة "تشاينا إيفرغراند" للتطوير العقاري الأسبوع الماضي الضحية الأكبر لحملة الإجراءات التنظيمية الصارمة التي شنها الرئيس الصيني شي جين بينغ للسيطرة على الشركات متعددة الأنشطة التي تعاني من إفراط في الاستدانة، ونشاط أكثر مما يبنغي في سوق العقارات.

قال محللو "باركليز" بقيادة جيان تشانغ في مذكرة، إنَّ المسؤولين وجهوا نداء خلال السنة الحالية بتبني سياسات معاكسة للدورات الاقتصادية، وهي المرة الأولى التي يستخدمون فيها هذا التعبير. وتوقَّعوا أنَّ هذا الأمر "سيؤدي إلى المساهمة في الحد من مخاوف السوق من تعرض النمو الاقتصادي لتباطؤ شديد".

اقرأ أيضاً: إعادة هيكلة ديون "إيفرغراند" تضع حاملي السندات تحت رحمة بكين

وبحسب توقُّعات الخبراء؛ فإنَّ النمو الاقتصادي سيتباطأ إلى 3.1 % خلال الربع الحالي، متراجعاً عن النمو البالغ 7.9% بين أبريل ويونيو، ونمو 4.9% في الربع السابق. لن يجري الإفصاح عن هدف السنة القادمة لنمو الناتج المحلي الإجمالي بطريقة رسمية إلا من خلال الاجتماع السنوي للبرلمان المقرر عقده في شهر مارس المقبل، كما توجد توقُّعات لدي محللين بأنَّ المسؤولين سيبذلون جهداً إضافياً للتأكد من تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 5% تقريباً.

رأي "بلومبرغ إيكونوميكس"

قد لا تأتي إجراءات التيسير على صعيد الاقتصاد الكلي مفاجئة من ناحية الحجم، بيد أنَّها ستكون مكثفة منذ البداية على الأرجح مع مطلع سنة 2022. ويرى تشانغ شو، كبير خبراء الاقتصاد المتخصصين في منطقة آسيا في "بلومبرغ إيكونوميكس" أنَّ البيان الصادر عقب انتهاء الاجتماع اشتمل على تلميحات تعطي إشارة لوجود احتمالية قيام الجهات التنظيمية بتخفيف قيودها، حتى في ظل مواصلة السعي نحو "الازدهار المشترك"، والحياد الكربوني كأهداف أساسية، وإبقاء العمل على منع المضاربة في السوق العقارية من بين مجالات السياسة الأساسية.

في مذكرة إلى العملاء، توقَّع لاري هو، كبير خبراء الاقتصاد الصيني في مجموعة "ماكواري" أن تكون بداية تحرك صنّاع السياسة من خلال الأدوات النقدية والمالية التقليدية، على غرار عمليات تقليص متطلبات الاحتياطي النقدي لدى البنوك وزيادة الإنفاق بطريقة متسارعة على مشاريع البنية التحتية، ومن الممكن أن تخفف القيود المفروضة على قطاع العقارات وعمليات إصدار الديون من قبل الحكومات المحلية، في حال فشلت الجهود التقليدية المبذولة في تحقيق غاياتها.

السياسة المالية ستلعب دوراً أساسياً في تعزيز النمو الاقتصادي خلال السنة القادمة

تشير التوقُّعات أيضاً إلى أنَّ بكين ستوجه البنوك لزيادة وتيرة تقديم القروض على نحو أسرع خلال السنة القادمة، عقب حذف إشارات حول المساعي الخاصة بجهود كبح مستويات الديون في الاقتصاد من ملخص الاجتماع المنشور.

بحسب تشن لونغ، الذي يعمل محللاً في شركة الخدمات الاستشارية "بلينوم" (Plenum)، والتي تتخذ من بكين مقراً لها؛ فإنَّ صانعي السياسة "حذفوا كلمات متشددة كثيرة متعلقة بنمو الائتمان".

من جهته، أكد المسؤول الاقتصادي الكبير هان وينكسيو في تصريح صحفي في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، أنَّ هناك حاجة إلى أن يفكر المسؤولون المحليون طويلاً قبل تبني سياسات نقدية من المحتمل أن تكون ضارة بالنمو الاقتصادي.وقال هان: "يتعين على كل المناطق والهيئات أن تتحمل المسؤولية لتعزيز الاستقرار الاقتصادي، وتقديم سياسات من الممكن أن تسهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي بطريقة فعالة، مع التزام الحذر عند فرض إجراءات ينجم عنها تأثير يؤدي لحدوث انكماش في النمو".

كشفت صحيفة "ذي21 سينشري هيرالد بيزنس" في تقرير لها يوم الإثنين أنَّ بكين أبلغت الحكومات المحلية أنَّه بإمكانها الشروع في بيع السندات "الخاصة" التي جرى تخصيصها لسنة 2022 بداية من الأول من يناير المقبل، وهو تحرك سيؤدي إلى تعزيز عمليات الإنفاق المالي في وقت مبكر من السنة القادمة. لا تجري عملية اعتماد مبيعات السندات بصفة رسمية حتى يكتمل التصويت في البرلمان على الميزانية خلال شهر مارس من كل عام. بيد أنَّ الصين أعطت الإذن للحكومات المحلية بإطلاق عمليات بيع السندات قبل حدوث ذلك خلال الأعوام القليلة الماضية.

في عام 2021، سُمح للحكومات المحلية بإصدار سندات "خاصة" بلغت قيمتها 3.65 تريليون يوان (574 مليار دولار)، (تسمى "خاصة" لأنَّها تستهدف تمويل مشروعات محددة عوضاً عن تمويل نفقات عامة)، وباعت سندات بقيمة 3.58 تريليون يوان إلى حد الآن بعد أن سارعت بقوة إلى الوفاء بحصة الإصدار المسموح بها في غضون الشهور الأخيرة، بحسب بيانات بلومبرغ.

برغم ذلك، تشير الدعوة الموجهة عبر الاجتماع للحكومات المحلية إلى تفادي تحمل ديون أكثر، إلا أنَّ الاستمرار في المستويات العالية من الإنفاق المالي في الأجل البعيد سيكون أمراً بالغ الصعوبة.

وقال هوزي سونغ، الذي يعمل زميلاً باحثاً في معهد بولسون: "سيوجد برنامج تحفيز مالي قوي خلال الربع الأول من العام المقبل فقط، بحسب ما يبدو لي". وأضاف: "يأتي ذلك لأنَّه ما تزال توجد سيطرة على الديون الجديدة الخاصة بالحكومة المحلية خارج حدود الميزانية بطريقة صارمة، وسيتراجع التحفيز المالي في ظل رجوع مستويات عمليات الإنفاق المالي داخل حدود الميزانية إلى حالتها الطبيعية خلال النصف الثاني من السنة القادمة."

آسيا والمحيط الهادئ