إدارة "بايدن" تدرس فرض عقوبات مُشددة على أكبر شركة رقائق صينية

معركة الرقائق لا تنتهي بين أمريكا والصين
معركة الرقائق لا تنتهي بين أمريكا والصين المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تدرس إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن فرض عقوبات أعنف على أكبر شركة صينية لصناعة الرقائق الإلكترونية، وفق مصادر مطلعة، في خطوة تعزز الجهود الأمريكية للحد من فرص الصين في الحصول على التكنولوجيا المتقدّمة.

قالت المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها بسبب سرية المناقشات، إنَّ مجلس الأمن القومي يستعد لعقد اجتماع غداً الخميس بهدف مناقشة التغييرات المحتملة. وتشمل الأجهزة والهيئات التي يمثلها مندوبون في هذا الاجتماع وزارات التجارة، والدفاع، والخارجية، والطاقة.

قد يؤدي الاقتراح الذي تجري دراسته إلى تشديد قواعد التصدير إلى شركة "سيمي كونداكتور مانيفاكتشرينغ إنترناشيونال" (SMIC-Semiconductor Manufacturing International)، والتي يقع مقرها في شنغهاي.

و إذا تبنى المجلس أحد القرارات المقترحة، ستواجه شركات مثل "أبلايد ماتريالز" (Applied Materials)، و "كيه إل إيه" (KLA)، و "لام ريسيرش" (Lam Research) قيوداً عنيفة تحد من قدرتها على إمداد شركة "إس إم آي سي" بالمعدات والأجهزة.

تقضي القواعد الحالية بعدم السماح بتصدير الآلات "الضرورية والفريدة" في صناعة الرقائق المتقدّمة.

يتمثل أحد الاقتراحات التي ستدرس في الاجتماع في تعديل تلك الصياغة كي تصبح: "الآلات التي يمكن استخدامها"، التي قد تشمل آلات تستخدم أيضاً في صناعة مكونات إلكترونية أقل تقدّماً.

اقرأ أيضاً: تقرير: تقدم الصين في تصنيع الرقائق يهدد أمن أوروبا القومي

قال متحدث باسم وزارة التجارة، إنَّ الوزارة لا تعلق على المداولات التي تدور بين الوزارات والهيئات الحكومية فيما يتعلق بسياسات ضبط الصادرات.

أضاف المتحدث أنَّ الوزارة، مع ذلك، تعمل على تطبيق ضوابط تعزز الأمن القومي للولايات المتحدة، ومصالح السياسة الخارجية بدون تقويض القيادة التكنولوجية لأمريكا، فيما رفضت متحدثة باسم مجلس الأمن القومي التعليق.

و في مؤتمر صحفي روتيني في بكين، اليوم الأربعاء، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية جاو ليجيان: "إنَّ الصين تشعر بقلق شديد إزاء مثل هذه التقارير..بعض السياسيين في الولايات المتحدة يوسعون من مفهوم الأمن القومي أكثر مما ينبغي، ويستخدمون القضايا العلمية والتجارية أداة سياسية لتحقيق أغراض إيديولوجية الطابع".

تعقيد الأمور

انخفضت أسهم شركة "إس إم آي سي" بنسبة 6.4% في بورصة هونغ كونغ، وأغلقت على أدنى مستوى فيما يقرب من عام. وتراجعت أسهم الشركة المدرجة في بورصة شنغهاي بنسبة 1.6%.

ومن شأن اتخاذ الولايات المتحدة لإجراءات إضافية ضد شركة "إس إم آي سي" أن يعقد الأمور أكثر بالنسبة للشركات التي تعمل في سلسلة التوريدات للرقائق.

تعد الصين أكبر سوق لأشباه الموصلات، إذ إنَّها موطن العديد من المصانع التي تنتج كمية ضخمة من الأجهزة الإلكترونية في العالم.

وأعلنت شركات مثل "أبل"، وشركات صناعة ألعاب الفيديو أنَّها لا تستطيع صناعة ما يكفي من المنتجات لتلبية الطلب بسبب نقص أشباه الموصلات.

من المتوقَّع أن تفقد صناعة السيارات وحدها أكثر من 200 مليار دولار من المبيعات، لأنَّها لا تستطيع أن تحصل على ما يكفي من رقائق إلكترونية حتى تصنع سيارات تغطي طلب المشترين.

اقرأ أيضاً: أزمة الرقائق تُشعل صداماً بين أمريكا وكبار المنتجين بسبب "الأسرار التجارية"

على مدى عقود، اعتمدت الدولة الآسيوية إلى حد كبير على تكنولوجيا صناعة الرقائق الأمريكية، غير أنَّ الصين تسعى الآن إلى بناء صناعة محلية في مجال أشباه الموصلات، مما سيجعلها سوقاً أكبر للمعدات الصناعية.

ويواجه الموردون من خارج الولايات المتحدة معضلة أيضاً، إذ ستضطر شركة "إيه إس إم إل هولدينغ"، التي يقع مقرها في هولندا، إلى حساب العواقب إذا تجاهلت ضغوط إدارة "بايدن"، واستمرت في شحن البضائع إلى "إس إم آي سي" ونظيراتها المحلية.

انقسام أمريكي

غير أنَّ الوكالات الفيدرالية تحتاج إلى الاتفاق على الأسلوب الذي ستتبعه، وربما لا يكون ذلك أمراً سهلاً، إذ إنَّ هناك انقسامات بين مختلف الهيئات، وترى وزارة الدفاع ومجلس الأمن القومي أنَّ إدارة "بايدن" ينبغي أن تتابع هذه التعديلات بطريقة أحادية.

من ناحية أخرى، تضغط وزارة التجارة من أجل التنسيق مع بلاد أخرى تنتج التكنولوجيا نفسها، وتشعر بالقلق من أن يؤدي التغيير الأحادي إلى منح ميزة تنافسية لشركات مثل "طوكيو إليكترون" (Tokyo Electron) في اليابان، وشركات منافسة أخرى في كوريا الجنوبية وتايوان، تستطيع منتجاتها أن تحل كبديل عن صادرات الولايات المتحدة.

يدافع عضو مجلس النواب الأمريكي مايكل ماكول، وهو جمهوري من ولاية تكساس، منذ ما يقرب من عام عن تعديل سياسة الولايات المتحدة في التعامل مع شركة "إس إم آي سي".

اقرأ أيضاً: الصين تواصل بحثها عن "تقدّم" في صناعة الرقائق يغيّر قواعد اللعبة

وقال في بيان يوم أمس الثلاثاء: "إنَّ تحديث سياسة تراخيص شركة (إس إم آي سي) لا علاقة له بنقص الرقائق الإلكترونية في الوقت الحالي"، وإنما يتعلق بما إذا كان ينبغي على الولايات المتحدة أن تبيع إلى جيش التحرير الشعبي الصيني "الأدوات التي يحتاجها في صناعة أشباه موصلات متقدّمة".

يسعى البيت الأبيض إلى ضمان تعاون دول أخرى، خاصة في آسيا، من أجل تنسيق السياسات، كما قالت وزيرة التجارة جينا ريموندو للصحفيين والمحررين في "بلومبرغ" أثناء مائدة مستديرة في نيويورك الأسبوع الماضي.

تقوم الإدارة أيضاً بترويج ما يسمى بـ "قانون الرقائق"، وهو برنامج بقيمة 54 مليار دولار يهدف إلى تنشيط إنتاج أشباه الموصلات.

و قالت "ريموندو": "إذا فرضت أمريكا قيوداً على التصدير ضد الصين بالنسبة لأجزاء معينة من معدات إنتاج أشباه الموصلات – ولم يفعل حلفاؤنا الشيء نفسه، بحيث تستطيع الصين أن تحصل على هذه المعدات من دولة حليفة لنا – فلن يكون القرار فعالاً ".

أضافت أنَّ "الشيطان يكمن في التفاصيل"، وأنَّ الإجراءات لا ينبغي أن "تتوسع أكثر من اللازم"، وتحرم الشركات من إيرادات تحتاج إليها لتمويل أنشطة البحث والتطوير.