ما الذي يتطلبه الأمر لوقف انحدار الليرة التركية؟ هذا هو السؤال الذي يطرحه المستثمرون مع دخولهم إلى 2022 وهم يفكرون في أسوأ العملات أداءً في الأسواق الناشئة هذا العام. وحتى تعهُّد البنك المركزي يوم الخميس بوقف تخفيضات أسعار الفائدة لم يتمكن من وقف تراجع الليرة والهبوط المفاجئ في سوق الأسهم في اليوم التالي.
كان هذا الاجتماع هو أحدث معالم عام قاسٍ على الأسواق التركية، بدأ في مارس بالإطاحة بناجي أغبال حاكم البنك المركزي، والصديق المؤيد لقواعد للسوق. بعدها بدأت عملية تخفيف السياسة جدياً، مع تكريس الرئيس رجب طيب أردوغان لسياسة معدلات منخفضة غير تقليدية في صميم استراتيجيته لترويض التضخم المتصاعد وخلق فرص العمل.
اقرأ أيضاً: بعد انهيار الليرة.. وزير المالية التركي يكشف عن نموذج اقتصادي جديد
قال أوجيداي توبجولاش، مدير المال في "رام كابيتال" (RAM Capital): "لكي تعود تركيا منتصرة فإنها بحاجة إلى تغيير في العقلية الاقتصادية والسياسية. ورغم أن حدوث تحوّل في السياسة النقدية للبنك المركزي التركي يمكن أن يكون بمثابة مُغيِّر لقواعد اللعبة على المدى القصير، فإنه قد لا يُقنِع المستثمرين".
كثير من الأضرار.. على رأسها:
وفي ما يلي بعض المحاور الرئيسية التي يمكن أن تحدد مسار الأصول التركية في عام 2022:
هل سيُضطر البنك المركزي إلى تغيير وجه السياسة بالكامل كما فعل خلال أزمات الليرة في الماضي؟ يعتقد الاستراتيجيون، بمن فيهم العاملون في مجموعة "غولدمان ساكس"، أن فرصة حدوث ارتفاع كبير في النصف الأول من العام تتزايد مع انتقال صدمة السوق من تخفيضات أسعار الفائدة إلى الاقتصاد الأوسع.
لكن الإشارات قليلة على أن أردوغان سيتراجع عن موقفه بشأن أسعار الفائدة، وهو موقف تعود جذوره إلى مفاهيم الربا والاعتقاد بأن تكاليف الاقتراض المرتفعة ستنتقل إلى المستهلكين، ما يؤدي إلى زيادة التضخم. وقال بول غرير، مدير الأموال في "فيديليتي إنترناشيونال" (Fidelity International) التي يقع مقرها في لندن: "يبدو أن الإدارة الحالية مدفوعة بإيجاد الوظائف والنمو الاقتصادي، وهي أقلّ اهتماماً بالعملات الأجنبية واستقرار التضخم. يتعارض هذا المزيج من الأولويات الكلية مع ما يبحث عنه مستثمرو الدخل الثابت في الخارج في الوقت الحالي".
اقرأ أيضاً: جمعية رجال الأعمال الأتراك تدعو أردوغان للتخلي عن النموذج الاقتصادي الفاشل
لا توجد خطط لإجراء الانتخابات العامة المقبلة في تركيا قبل يونيو 2023، لكن هذا لا يخفف من التكهنات حول إمكانية إجراء تصويت مبكر. وقال لوتز رويمير، كبير مسؤولي الاستثمار في "كابيتولوم أسيت مانجمنت" (Capitulum Asset Management) التي يقع مقرها في برلين: "إذا حدث ذلك فيجب أن تخشى السوق بعض الإجراءات اليائسة بشأن الإنفاق أو الحكومة في محاولة لتحسين ترتيبها لدى الناخبين. ومن المرجح أن يلقي ذلك بثقله على العملة بشكل أكبر".
مع مغادرة معظم المستثمرين الأجانب منذ فترة طويلة، يبدو أن مدخرات العملة الصعبة بمليارات الدولارات التي تحتفظ بها الأُسَر التركية والشركات المحلية هي التي ستؤدي إلى تقلبات الليرة في عام 2022. يمتلك المواطنون 226 مليار دولار من العملات الأجنبية بتاريخ 3 ديسمبر، أي ما يعادل أكثر من 60% من جميع الودائع، حسب آخر بيانات البنك المركزي.
اقرأ أيضاً: إنفوغراف.. الليرة التركية تدفع ثمن تدخلات أردوغان
قال نيك ستادميلر، مدير استراتيجية الأسواق الناشئة في "ميدلي غلوبال أدفيازرز" (Medley Global Advisors): "ربما كان لفقدان ثقة المواطنين الأتراك بالليرة تأثير أكبر في انخفاض العملة من تصورات المستثمرين الأجانب". ومع ذلك فإن الشركات والأفراد بحاجة إلى مبلغ معين من الليرة في الودائع لدفع النفقات العادية، ما سيبقي على وجود قدر معين من الليرة في النظام".
توجد مخاطر خارجة عن سيطرة أردوغان. ففي الوقت الذي تستعد فيه البنوك المركزية في الغرب، ومن بينها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، لمواجهة التضخم في المستقبل، تتزايد المراهنات على تشديد السياسة النقدية في الاقتصادات المتقدمة في العالم. ستضعف الأسعار المرتفعة للأصول الأكثر أماناً في العالم جاذبية الأسواق الناشئة المحفوفة بالمخاطر، بما في ذلك تركيا.
قال كارلوس هاردنبرغ، مدير المحفظة في "موبيوس كابيتال بارتنرز" (Mobius Capital Partners): "إلى جانب فقدان الثقة بإدارة البنك المركزي، سيضعف الاهتمام الأجنبي".
وفي ما يلي بعض الأحداث والبيانات الرئيسية في الأسواق الناشئة هذا الأسبوع: