هل يمكن للشركات الوثوق بالموردين بعد أزمة سلسلة التوريد العصيبة في 2021

أزمات الشحن وسلاسل التوريد تؤثر على المعروض من السلع والخدمات في العالم
أزمات الشحن وسلاسل التوريد تؤثر على المعروض من السلع والخدمات في العالم المصدر: بلومبرغ
 Anjani Trivedi
Anjani Trivedi

Anjani Trivedi is a Bloomberg Opinion columnist covering industrial companies in Asia. She previously worked for the Wall Street Journal.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تسببت أزمة سلسلة التوريد في قلب عالم التصنيع رأساً على عقب نتيجة حدوث اختلال شديد لدرجة وصلت تداعياتها للمستهلكين الذين يعانون في ظل تحملهم ارتفاع تكلفة أسعار المواد الخام والسلع. ما أدى إلى احتدام النقاشات بشأن الضغوط التضخمية.

ما الذي يمكن أن يحدث أكثر من ذلك؟ هناك الكثير قد يحدث وخاصة إذا اختفت الثقة التي تمثل في الوقت الحالي الشحوم التي تساعد العجلات على الدوران.

رغم أن الأمر كان مؤلماً بلا شك، لكن العالم استطاع أن يتعامل مع اختلال التوازن بين العرض والطلب على السلع، ولكن إذا استمر ذلك وغابت الحلول طويلة الأجل ستبدأ الضمانات التي تحافظ على استمرار الأعمال في التدهور، وهو الأمر المهم، حيث تلعب الثقة دوراً هاماً وإن كان لا يمكن قياسه في الترابط بين الشركات المصنعة والعديد من شرائح الموردين.

وبدون تلك الثقة، يضعف الالتزام باستلام وتسليم المنتجات وقطع الغيار والمدفوعات. وقد تتسبب حالة عدم اليقين في شلل الأعمال التجارية ورفع التكاليف وخفض الإنتاجية والكفاءة.

طالع المزيد: انفراجة نسبية في نقص الإمدادات بالولايات المتحدة والأزمة تتفاقم أوروبياً

انعدام الثقة بين الشركاء

أظهرت دراسة حول تصميم وإدارة سلاسل التوريد من التسعينيات أن نحو ثلث شراكات الأعمال تفشل بسبب انعدام الثقة بين الشركاء التجاريين.

في أدبيات سلسلة التوريد، تعرف الثقة على نطاق واسع بأنها إيمان الشركة بأن شركة أخرى ستنفذ إجراءات تؤدي إلى نتائج إيجابية للشركة، وأن الشركة الأخرى لن تتخذ إجراءات غير متوقعة تؤدي إلى نتائج سلبية للشركة. ويصعب قياس الثقة ولكن هناك من يعمل على ذلك مثل استطلاعات الرأي حول مستوى ثقة الأعمال والمديرين والموردين.

المشكلة الآن أن كل شيء أصبح هدفاً متحركاً. فالشركات لا تتخذ إجراءات للضرر بالشركات الأخرى، لكنها تحمي نفسها من نقص الإمدادات ومواطن الخلل التي تتطور باستمرار.

قال مارك سموكر الرئيس التنفيذي لشركة "جيه إم سموكر" لتصنيع المنتجات الغذائية في مؤتمر عبر الهاتف للتعليق على الأرباح، إن هناك حالة ديناميكية من عدم اليقين بشأن سلسلة التوريد. وإن التحديات يمكن أن تتغير من أسبوع لآخر ومن شهر إلى آخر، فقد يكون النقص في أحد المكونات أو مكون خاص بالتعبئة في وقت آخر، كما يمكن أن يكون أزمة عمالية بعيدة في منطقة جغرافية معينة. وقد خلص سموكر إلى أن تلك الديناميكية سوف تستمر في المستقبل القريب.

طالع أيضاً: أزمة سلاسل التوريد تهدد اقتصاد العالم بالهبوط

حالات عدم اليقين

تجبر حالات عدم اليقين الشركات على تغيير طريقتها في العمل والإنتاج. فعلى سبيل المثال يصف المسؤولون التنفيذيون في شركة "كاتربيلر" لتصنيع الآلات الثقيلة الحل الذي اتبعوه بالقول: "أعادت الشركة بشكل استباقي توجيه المكونات وغيرت عمليات التجميع قدر الإمكان للحفاظ على تدفق الإنتاج". نما المخزون بنحو مليار دولار في الربع الثالث مقارنة بالفترة السابقة، وكانت أكثر من نصف تلك الزيادة في مخزون الإنتاج.

أمر آخر قد يكون غير واضح وهو أن القاعدة الأساسية للعرض تقع في آسيا وتتركز إلى حد كبير في الصين، بينما يتركز الطلب في الغالب في الولايات المتحدة في الوقت الذي تتبع فيه الدولتان استراتيجيات متباينة من صفر كوفيد والتي يقابلها التعايش مع كوفيد، ما يؤدي إلى اختلافات واضحة في كيفية عمل اقتصادات كل منطقة. حيث يمكن للخيارات التي يتم تطبيقها في الصين وأجزاء أخرى من آسيا والتي لا تزال مقيدة بشدة أن تزيد من حالة عدم اليقين في أماكن أخرى، حيث غالباً ما يتم فرض الإغلاق المحلي فجأة، ما يجبر الشركات على تغيير مسارها بسرعة أيضاً.

الاحتفاظ بمزيد من المخزون

تمثل "تويوتا" مثالاً واضحاً على أهمية الثقة بين الشركاء، فبعد سنوات من تعديل نظامها ليصبح مقاوماً للكوارث الطبيعية وإتقان فن التصنيع في الوقت المناسب، بدأت الشركة في الاحتفاظ بمزيد من المخزون في وقت مبكر من الوباء، وحافظت على اتصالات واضحة وتبادل للمعلومات مع الموردين من خلال نظام "الإنقاذ". وفي نفس الوقت بدأت بسرعة محادثات مع التجار، حيث قامت بتعديل المعروض من سياراتها في أجزاء من الولايات المتحدة، ما ساعد على تجنب المشكلات الخطيرة التي واجهتها شركات صناعة السيارات الأخرى.

لكن "تويوتا" وإلى حد كبير لا تمثل الغالبية الذين يعتقدون أن التغييرات تقيد الأعمال وتؤثر على الطلبيات. ولكن على الرغم من ارتفاع الطلب إلا أن معنويات الشركات المصنعة تتدهور كما الحال في الشركات اليابانية الكبيرة، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض الإنفاق الرأسمالي في المستقبل، حيث تتسبب حالة عدم اليقين في اضطراب الميزانيات العمومية نتيجة اعتماد الموردين على التمويل قصير الأجل، ما يزيد الضغوط على عمليات السداد والتسليم وتوافر الائتمان ويخلق دائرة من المعاناة.

الركائز الرئيسية

مع تجمع تلك الظروف يظهر تأثيرها على العلاقات التي بدأت تعاني من نقص الثقة. وقد أوضحت إحدى الدراسات ذلك، حيث ذكرت: "غالباً ما يؤدي الافتقار للثقة بين الشركاء التجاريين لحالة يجب فيها فحص كل معاملة والتحقق منها، ما يؤدي لزيادة التكاليف لمستويات عالية بشكل غير مقبول ويخفض الإنتاجية والكفاءة والفعالية، حيث تتعرض الركائز الرئيسية لأهداف سلسلة التوريد للخطر.

يجدر بنا هنا أن نتساءل عما إذا كان كل شيء سيعود لطبيعته بنهاية المطاف مع عودة الإمدادات وخطوط الإنتاج في الوقت المناسب فهل ستعود الثقة وقتها؟ والإجابة ربما تعود الثقة ولكن المشكلة أنه وفي حالة التخفيف من حدة أزمة سلسلة التوريد، سيتعين على الشركات البحث عن كيفية التعامل مع الوضع الطبيعي الجديد. ومن المحتمل أن يكون للمصنعين منظور جديد حول كيفية تصرف عملائهم ومورديهم بعد خبراتهم في إدارة العمل في أوقات عصيبة للغاية، الأمر الذي من شأنه أن يغير العلاقات للأفضل - أو للأسوأ.

يرى الخبراء أن إحدى طرق تخفيف الضغوط تتمثل في دفع المديرين إلى الانخراط بشكل أكبر في العلاقات مع الموردين واعتياد التواصل وتبادل المعلومات، مثلما فعلت "تويوتا". فكلما بدأت الشركات مبكراً في الاعتراف بفجوة ثقة متنامية، كلما بدأت في العثور على الحلول بشكل أسرع. وحتى ذلك الحين، ستبقى سلاسل التوريد تعاني من الاضطرابات.