قطر عادت إلى مجلس التعاون.. وخلافات عالقة تنتظر الحل

صورة جماعية لقادة وفود القمة 41 لمجلس التعاون لدول الخليج العربية أمام قاعة مرايا في محافظة العلا السعودية يوم الثلاثاء 5 يناير 2021
صورة جماعية لقادة وفود القمة 41 لمجلس التعاون لدول الخليج العربية أمام قاعة مرايا في محافظة العلا السعودية يوم الثلاثاء 5 يناير 2021 المصدر: (ا ف ب)
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

شارفت مقاطعة قطر على الانتهاء. وهي التي كانت السمة الغالبة على العلاقات الخليجية خلال إدارة ترامب بأكملها تقريباً.

وبينما يبدو الجميع فائزاً على المدى القريب، يبقى التنبؤ بما يخبئ المستقبل على المدى البعيد موضع تساؤل، نظراً لعدم حلّ خلافات أساسية أو الغموض بشأنها.

المملكة العربية السعودية، أعلنت عشية القمة 41 لمجلس التعاون الخليجي، أنها ستستأنف الرحلات الجوية مع قطر وتفتح الحدود البرية بين البلدين. ومن المتوقع أن تخفف كل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين، قيود السفر والتجارة مع قطر. بينما يُرجّح أن تتماشى مصر مع هذا التوجه أيضاً.

هذه الأنباء تلقتها الولايات المتحدة بترحيب كبير، وهي التي تحاول إنهاء النزاع بين حلفائها من دول الخليج العربي منذ بداية الأزمة بتاريخ 5 يونيو 2017. فإدارة ترمب، جعلت إنهاء الحظر أولوية دائمة بالنسبة لها، وستعلن تحقيق نجاح دبلوماسي جديد في الشرق الأوسط. في حين ستكون إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن سعيدة لعدم وراثة هذا الخلاف العصيب.

انقسامات سياسية تحتاج معالجة

بالنسبة لقطر، فإن هذه المصالحة تمثل اختراقاً طالما سعت إليه.

فمع أن الدوحة تمكنت من إيجاد حلول قصيرة ومتوسطة المدى للمقاطعة، من خلال تعزيز العلاقات مع الجيران غير العرب مثل تركيا وحتى إيران. إنما على المدى الطويل، لا بديل لقطر عن إقامة علاقات جيدة مع جيرانها في مجلس التعاون. ولكن ليس واضحاً لغاية الآن، ما تبدو قطر مستعدة لتقديمه لأجل الخروج الكامل من عزلتها الإقليمية.

ومع أن الدوحة ستقوم بإسقاط الشكاوى والدعاوى القضائية التي رفعتها ضد شركائها في مجلس التعاون الخليجي، غير أن هناك انقسامات سياسية وأيدولوجية أساسية تتوقع الدول العربية من قطر معالجتها أيضاً.

الجماعة والجزيرة

فقد كانت الإمارات العربية المتحدة على خلاف مع قطر بشكل خاص حول مشروعية الجماعات الإسلامية مثل جماعة الإخوان المسلمين، التي تدعمها الدوحة بقوة على حلبة السياسة العربية. ولطالما شاركت الرياض أبوظبي في تحفظاتها تجاه الدوحة في هذا الإطار، والسخط الأكبر كان ينبع من الدعم القطري للشخصيات السعودية المعارضة في المنطقة، وداخل المملكة نفسها.

وتضمنت المطالب الرئيسية للمجموعة الرباعية عندما فرضت المقاطعة على قطر لأول مرة، تضمنت انفصالاً تامّاً من قِبل الدوحة عن جماعة الإخوان المسلمين وإغلاق محطة الجزيرة القطرية. ومن الواضح أن القناة لن تغلق، لكن المتابعين عن كثب يترقبون حدوث تحول في السياسة التحريرية التي يرى جيران قطر أنها تهدد مصالحهم.

هذه الخلافات عميقة الجذور، وما شهدناه خلال السنوات الأربع الأخيرة لم تكن الجولة الأولى من المواجهة.

فقد كانت هناك نسخة شبه مماثلة، وإن كانت أقلّ حدّة، في العامين 2013 و2014، وتم حلّها آنذاك من خلال مجموعة تفاهمات عمومية وربما صعبة التنفيذ.

كانت التزامات قطر خلالها ضمنية، تستوجب تنفيذها بالتطبيق وليس بالوعود على الورق فحسب، فجاءت المقاطعة في 2017 كتعبيرٍ من قِبل جيران قطر أن الدوحة لم تلتزم بنصيبها من تفاهمات 2013/2014.

هل ستنفذ قطر ذلك الآن؟

بصرف النظر عن الإبقاء على بثّ "الجزيرة"، فمن غير المرجح أن يتم خفض مستوى العلاقات القطرية العميقة مع تركيا، التي تمس بشكل كبير الإمارات والسعودية.

ورغم تفاعل الإمارات مع المصالحة ووقف المقاطعة، إلاّ أن مخاوفها الرئيسية لم تُحلّ.

فك ارتباط الدوحة وطهران

في حين أن السعودية تركز بشكلٍ أكبر على التهديد الذي تمثله إيران، وأيّ احتمالٍ، مهما كان ضئيلاً، لجذب الدوحة بعيداً عن طهران سيكون موضع ترحيب. وبالنسبة للسعوديين، وصلت مقاطعة قطر منذ فترة إلى نقطة تراجع العوائد المستهدفة. لكنهم لم يروا أيّ حاجة فورية لتغيير المسار القائم.

غير أنه مع تصاعد التوتر مع إيران، ووصول بايدن الوشيك للبيت الأبيض، وهو صاحب الإدارة المنفتحة على عقد صفقة مع طهران، تغيّرت الحسابات.

فتح الأجواء السعودية أمام الخطوط الجوية القطرية، سيحرم طهران من نحو 100 مليون دولار تدفَعها قطر سنوياً لإيران مقابل استخدام أجوائها. ولا يعني رفع الحظر أن قطر ستنتقل من كونها صديقة لطهران إلى عدو لها، لكن السعوديين سيشعرون بالارتياح من تقليل اعتماد الدوحة على إيران، في وقتٍ أرى فيه التقارب بين دول مجلس التعاون ضمن تحالفٍ مُوالٍ للولايات المتحدة.

السؤال الحقيقي: إلى متى سيستمر هذا التقارب؟. ستبقى الهوة الأيديولوجية بين الإمارات وقطر واسعة ومريرة كما كانت دائمًا.

وبموازاة موافقة السعوديين على رفع الحظر، سيعتبر الإماراتيون أن قطر في مرحلة "تحت التجريب والمراقبة"، فالتجربة بعد عام 2014 ليست مشجعة.

سترتكب قطر خطأً كبيراً لو استنتجت أنها انتصرت في النزاع، فقد أظهرت المقاطعة أنه بإمكان جيرانها العيش بدون الدوحة بسهولة أكبر بكثير مما يمكن لقطر أن تعيش بمعزلٍ عنهم.

وبما أنه لم يتم حلّ القضايا الجوهرية على ما يبدو، فإن احتمالات مواجهة في المستقبل قد تكون احتمالاً قائماً.