أول أسبوع بدون صادرات نفط سعودي لأمريكا منذ 35 عاماً

ناقلة نفط سعودية أمام ميناء رأس الخير جنوبي الدمام
ناقلة نفط سعودية أمام ميناء رأس الخير جنوبي الدمام المصدر: أ.ف.ب
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

للمرة الأولى منذ سبتمبر 1985، مر الأسبوع الماضي بالكامل دون أن تستورد الولايات المتحدة الأمريكية أي نفط من المملكة العربية السعودية، على عكس الموقف قبل أشهر فقط عندما هددت المملكة بقلب صناعة الطاقة الأمريكية من خلال إطلاق موجة تسونامي من الصادرات في سوق أهلكه وباء كورونا.

ويأتي عدم تسليم نفط سعودي في أعقاب تراجع شحنات الخام إلى الولايات المتحدة التي غادرت المملكة في أكتوبر.

ونظراً لأن الناقلات الخارجة من المملكة تستغرق حوالي ستة أسابيع للوصول إلى محطات الاستيراد على السواحل الغربية أو الخليجية؛ فإن هذا الانخفاض بدأ في الظهور الآن فقط. وهذا هو الأسبوع الأول الذي لم تحصل فيه أمريكا على أي شحنات وفقاً للبيانات الأسبوعية الصادرة من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية منذ يونيو 2010. ويظهر تاريخ أطول للأرقام الشهرية أن هذه هي المرة الأولى التي لا توجد فيها واردات سعودية منذ أكثر من 35 عاماً.

استهلاك أقل

وفي وقت سابق من هذا العام، اتفقت الدول المُنتجة للنفط في أوبك وعشرة حلفاء من خارجها على خفض الإنتاج بمقدار 9.7 مليون برميل يومياً بعد فترة وجيزة من "الإنتاج الحُر للجميع" ما أدى إلى انخفاض الأسعار. وقد ساعد خفض الإمدادات في دعم النفط الخام، حتى في الوقت الذي يكافح استهلاك الوقود للعودة إلى مستويات ما قبل الوباء. وخلال الشهر الماضي، ارتفعت أسعار النفط على أمل أن يتحسن الطلب، حيث تم الإعلان عن عدد من اللقاحات لمكافحة الأزمة الصحية.

لكن أمريكا لا تزال تتألم من جراء الوباء، في ظل تسجيل إصابات قياسية في العديد من الولايات وفرض قيود جديدة، بينما تتعافى أجزاء أخرى من العالم. ولقد شهد استهلاك البنزين انخفاضاً في الولايات المتحدة إلى أدنى مستوياته منذ سنوات خلال فترة إجازة عيد الشكر التي عادةً تُعرف بالطلب المُرتفع.

ويقول "ساندي فيلدن" الذي يشغل منصب مدير أبحاث النفط والمنتجات في شركة "مورنينغ ستار" إن "الخسارة في الطلب شديدة إلى درجة أن بعض مصافي التكرير الأمريكية تعطلت عن العمل. ولا يزال الإنتاج الإجمالي دون المستوى الذي كان عليه قبل الأزمة بسبب انخفاض الطلب المحلي، فلماذا يتوجب إرسال المزيد إلى هُنا في الوقت الذي كان فيه تعافي آسيا واضحاً".

انقطاع الشحنات السعودية إلى الولايات المتحدة يمثل أسرع طريقة لإرسال رسالة إلى السوق الأوسع بأنها تقلص العرض

بالنسبة للمملكة العربية السعودية، فإن انقطاع الشحنات إلى الولايات المتحدة هو أسرع طريقة لإرسال رسالة إلى السوق الأوسع بأنها تقلص العرض.

والحكومة الأمريكية هي الوحيدة التي تنشر بياناتها بشكل أسبوعي عن مخزونات الخام والواردات، والتي لها تأثير هائل بين تجار النفط. أما الدول الكبيرة الأخرى المُستهلكة للبترول، مثل الصين، تنشر معلومات أقل وبوتيرة أقل عن إمدادات النفط.

وخلال كل من شهر مايو وحزيران، زادت شُحنات السعودية إلى الولايات المتحدة بأكثر من الضعف عما كانت عليه قبل عام. ما دفع السيناتور الجمهوري عن ولاية تكساس "تيد كروز" إلى الهجوم على الأمر عبر تغريدة نشرها في شهر أبريل: "رسالتي إلى السعوديين: غيّروا وجهة ناقلاتكم". ولقد تلقت مصافي التكرير الأمريكية الدفعة الأخيرة من حمولة ضخمة في أوائل شهر يوليو.

ومنذ ذلك الحين، انخفضت شحنات النفط السعودي إلى الولايات المتحدة بشكل مُطرد. وتظهر البيانات الأولية لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية أنه قبل أسبوعين، قاموا بتسليم 73000 برميل فقط يومياً للعملاء.

الدفاع عن الحصة السوقية

ومع ذلك، لم تتخل المملكة العربية السعودية عن إمداد الولايات المتحدة بالخام في أي وقت قريب حتى أثناء هذا الوباء. حيث تظهر بيانات تتبع الناقلات التي رصدتها بلومبرغ ارتفاع عدد الشحنات من المملكة خلال شهر نوفمبر. ومع ذلك، بعد وصول أولى هذه السفن لقُبالة الساحل الغربي في هذا الأسبوع، هُناك فجوة طويلة الأمد حتى موعد السفينة التالية في 23 ديسمبر.

وقال "ساندي فيلدن" من شركة "مورنينغ ستار": "سيضع السعوديون في اعتبارهم وجوب عدم خسارتهم أي حصة سوقية أمريكية لصالح بائعين آخرين، إلا إذا كانوا يساعدون على ذلك". ويرى " فيلدن" أن هذا هو السبب الذي دفع السعوديين لخفض أسعار شُحنات شهر يناير للمُشترين الأمريكيين، على الرغم من الطلب الأمريكي الموسمي المُنخفض.

ساندي فيلدن: سيضع السعوديون في اعتبارهم وجوب عدم خسارتهم أي حصة سوقية أمريكية لصالح بائعين آخرين

وعلى المدى القصير، قد يفيد انتخاب جو بايدن المملكة العربية السعودية. وفي حين سيكون للتحول عن الهيدروكربونات تأثير طويل الأجل على الطلب على النفط، فإن الآمال في إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 سيُمهد الطريق لتدفق المزيد من النفط الإيراني على مستوى العالم. ويرى "آندي ليبو"، رئيس شركة " ليبو أويل أسوشيتس" التي تتخذ من هيوستن مقراً لها أن "هذه المبيعات ستحل محل النفط السعودي وهذا يعني أن المملكة العربية السعودية ستضطر إلى التوجه إلى الولايات المتحدة للحفاظ على المبيعات".