2021 "عام عالم التشفير" الذي سيذكره التاريخ طويلاً

هل سيظل عالم التشفير ممتعاً كما كان في 2021؟
هل سيظل عالم التشفير ممتعاً كما كان في 2021؟ المصدر: غيتي إيمجز
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

شهدت العملات المشفرة عاماً من الرواج ناجحاً بكل المقاييس، فقد قفزت أسعار "بتكوين" و"إيثر" والعملات الأخرى إلى مستويات جديدة هي الأعلى في تاريخها. وبدأت مؤسسات كثيرة تقدم الخدمات والأبحاث للقطاع الذي هرول إليه مشاهير المستثمرين. وفي خضم ذلك، انضمت مصطلحات مثل الرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs) والتمويل اللامركزي (DeFi) إلى قاموس المفردات الدارجة.

اقرأ أيضاً: الأصول المشفرة جذبت أموالاً في 2021 أكثر من السنوات السابقة مجتمعة

كانت هناك جوائز كبيرة، واحتيال وغش كبيران، وتطورات هامة، وتضييقات كبرى، وبعض البرامج والأفكار التي سوف تستمر في عام 2022. فالبنوك المركزية أصبحت أكثر جدية في التعامل مع عملاتها الرقمية الخاصة، وصارت الأجهزة التنظيمية شديدة الاهتمام بما كان يُعتبر قبل ذلك "الغرب المتوحش" في أحد القطاعات.

اقرأ المزيد: 55% من حاملي "بتكوين" دخلوا السوق في 2021

لكي نتعرف على مضمون المسار المستقبلي، نعرض هنا بعض المحطات الكبرى في سوق الرموز المشفرة في عام 2021، ونوضح: لماذا هي مهمة؟ وبماذا تبشر مسقبلاً؟

"تسلا" تضع "بتكوين" في حساب ميزانيتها العامة

ماذا حدث؟ في 8 فبراير الماضي أعلنت شركة إيلون ماسك لصناعة السيارات الكهربائية (تسلا) أمام العالم أنها استثمرت 1.5 مليار دولار في عملة "بتكوين"، مشيرة إلى نيتها قبول مدفوعات بالعملة المشفرة أيضاً.

رفع ذلك الإعلان أسعار "بتكوين" إلى رقم قياسي، وأطلق في الوقت ذاته كل أنواع النقاشات عمّا إذا كانت شركات أخرى سوف تسير على خطاها.

ماذا بعد؟ خطوة "تسلا" الجريئة انتهى بها المطاف أن صارت خطوة شاذة ومنفردة، رغم أن شركة واحدة -هي "مايكروستراتيجي" (MicroStrategy) التي يقودها نصير لعملة "بتكوين" هو مايكل سايلور– اشتهرت بأنها انتقلت بالاستثمار في العملة المشفرة إلى مستوى جديد تماماً، بل إنها أصدرت سندات ديون حتى تشتري مزيداً منها. وما تحتفظ به "مايكروستراتيجي" الآن من عملة "بتكوين" يقدَّر بمليارات الدولارات.

اضطرّت شركتا "تسلا" و"مايكروستراتيجي" إلى الخصم من قيمة استثماراتهما بسبب تقلبات أسعار "بتكوين" التي ما زالت أصلاً تتسم بالتقلبات المستمرة. مع ذلك، ومع انتشار أكبر عملة مشفرة في العالم وسط التيار العام، من المتوقع أن يعتبرها عدد أكبر من مسؤولي التمويل في الشركات خياراً للاستثمار، وأن تدرس شركات أكثر قبولها وسيلة دفع.

اقرأ أيضاً: ثروة العملات المشفرة تشكّل الجيل القادم من مشتري السلع الفاخرة

بيع أحد الرموز غير القابلة للاستبدال بمبلغ 69.3 مليون دولار

ماذا حدث؟ عندما عُرضت في المزاد لوحة "كل الأيام: أول 5000 يوم" (Everydays: the First 5000 Days) للفنان الرقمي مايك وينكلمان، الشهير باسم بيبل، في دار "كريستيز" للمزادات، التفت بعض الناس فعلاً إلى ما يحدث. لكن إعلان السعر الفائز باللوحة في المزاد في 11 مارس –وكان رقماً مثيراً للدهشة بلغ 69.3 مليون دولار– أثار زلزالاً في عالم الفن التقليدي. ورغم أن الرموز غير القابلة للاستبدال (وهي بالأساس شهادات توثيق رقمية) كانت تكتسب مزيداً من الاهتمام فعلاً، فقد ساعد ذلك المزاد على إطلاق هذا المفهوم ووسع شهرته، مشجعاً الفنانين والمبدعين والمشاهير من كل نوع على التفكير في إنتاج هذا المحتوى.

ماذا بعد؟ يبدو أن الرموز غير القابلة للاستبدال تمتلك القدرة على البقاء، رغم وجود كثير من التساؤلات التي تتعلق بامتيازات من لديهم المعلومات الداخلية، والقيمة النسبية، وأنشطة غريبة في التداول، وغيرها.

بعض خبراء المجال يقول إن لديها فرصاً أبعد كثيراً مما شهدنا حتى الآن. ويقول أحد قدامى المشاركين في هذا النشاط إنّ الرموز غير القابلة للاستبدال ستنتشر في كل مكان خلال 10 سنوات، وستصبح نموذج تحقيق الإيرادات بالنسبة إلى "ميتافرس"، وهي بيئة افتراضية يستطيع فيها الناس أن يتفاعلوا مع الإنترنت بالإضافة إلى وظائف أخرى، تستبدل بمتصفحات الإنترنت وتطبيقات الهاتف المحمول.

من ناحية أخرى، قال فيغنش سوندارسان، مشتري لوحة "كل الأيام: أول 5000 يوم" بقيمة 69.3 مليون دولار، إنه سيسعده لو أن كل الناس حمّلوا نسخة من اللوحة.

عملات الميم تصبح قوة حقيقية

ماذا حدث؟ ابتُكرت العملة المشفرة "دوج كوين" (Dogecoin) في عام 2013 على سبيل الدعابة –هي: انظر، إنه كلب من نوع شيبا إينو على عملة!– واستمرت هكذا على هامش السوق إلى حد كبير، حتى جاء عام 2021.

حلّقت "دوج كوين" مرتفعة بنسبة 5000% في الأشهر الاثني عشر الماضية، التي تخلّلها أيضاً عدد كبير من التقلبات، وقد ساعدت على ارتفاعها إلى حد كبير تغريدات لإيلون ماسك على منصة "تويتر".

لم تكن العملة وحدها في ذلك، فقد أصبحت عملات الميم صيحة رائجة في عام 2021، تتصدرها عملة "دوج كوين" وأخرى مثل "شيبا إينو"، التي تجاوزت "دوج كوين" لفترة قصيرة من حيث القيمة السوقية، وتتقدم بقوة هي الأخرى.

ماذا بعد؟ تُعَدّ عملات الميم –التي يجري تداول معظمها مقابل أقل من بنس واحد– مصدراً من مصادر الجاذبية وموضوعاً للسجال. كما أنها كانت هدفاً سهلاً بالنسبة إلى أولئك الذين يتشككون في العملات المشفرة. وكانت شكوكهم حقيقية، إذ إنّ كثيراً منها كان أدوات للاحتيال في تداولات غير مشروعة وبرامج أخرى. ابحث عن "فلوكي" (Floki)، وهو اسم كلب إيلون ماسك، على منصة "كوين جيكو" (CoinGecko) وستظهر أمامك 6 خيارات.

بعض عملات الميم لم يكن التعامل عليها مربحاً لمن استثمروا فيها. دليل ذلك عملة "سكويد غايم" (Squid Game) التي لا علاقة لها بالمسلسل الشهير، والتي فرضت قيوداً على الانسحاب منها ثم ما لبثت أن انهار سعرها من آلاف الدولارات للوحدة إلى صفر تقريباً بطريقة مفاجئة.

في الوقت ذاته، حقق بعض هذه العملات –خصوصاً "دوج كوين" و"شيبا إينو"– تطوراً لتصبح عملات رسمية أكثر، وتحوّلت فعلاً إلى وسائل دفع بالنسبة إلى بعض السلع (تذاكر الأفلام في سينما "إيه إم سي"، وسلع من متاجر "هيوستن روكتس" على سبيل المثال).

لم تظهر حتى الآن أي إشارة على انطفاء جذوة الحماس لعملات الميم، غير أنه مع ضعف قوة الإلزام في هذه الزاوية من السوق وكثرة المخاطر، يحذر المشترون.

إدراج شركة "كوين بيس"

ماذا حدث؟ كان إدراج منصة تداول العملات المشفرة "كوين بيس غلوبال" (Coinbase Global) على مؤشر بورصة ناسداك في 14 أبريل علامة فارقة بالنسبة إلى هذه السوق من حيث القبول وتعزيز المشروعية، كما أنه تزامن مع تحقيق سعر "بتكوين" ذروة جديدة آنذاك. وعند نقطة معينة حلقت القيمة السوقية لأسهم "كوين بيس" إلى 112 مليار دولار، رغم أنها تراجعت بعد ذلك في تداولات متقلبة.

ماذا بعد؟ حاولت "كوين بيس" جاهدة أن تعمل مع الهيئات التنظيمية في الولايات المتحدة، وبين حين وآخر كانت توجه انتقادات عنيفة ضد ما ترى أنه معاملة غير منصفة. ويبدو أن منصة "بينانس" (Binance)، وهي كبرى منصات تداول العملات المشفرة، تعمل باتجاه تأسيس جغرافي وتنظيمي جديد تماماً.

منصة "إف تي إكس" (FTX) ومنصات أخرى تتبع إستراتيجيات توسعية واضحة. فهل ستستطيع هذه المنصات التعامل مع جهات تنظيمية ورقابية يتزايد اهتمامها بها باستمرار؟

ظهور إيلون ماسك على برنامج "مباشر ليلة السبت" (SNL)

ماذا حدث؟ كان ظهور إيلون ماسك في 9 مايو على برنامج "مباشر ليلة السبت" (Saturday Night Live) على درجة من الإثارة، حتى إنّ معجبي الملياردير نظموا حفلات مشاهدة ورفعوا سعر عملة "دوج كوين" إلى رقم قياسي بلغ 73 سنتاً، غير أن مشكلة واحدة برزت على السطح، وهي أن التوقعات -لنا أن نقول إنها- كانت عالية نوعاً ما. ففي حين كان ماسك يروّج للعملة المشفرة، فقد وصفها أيضاً بأنها "خادعة"، ما أدى إلى انخفاض سعرها بسرعة فائقة.

ماذا بعد؟ أثبت ماسك قدرته على تحريك أسعار العملات المشفرة، وإن لم يكن في كل مرة ينشر تغريدة على منصة "تويتر"، بل في أغلب الأحوال.

إنّ حقيقة أنه يستطيع ذلك لا تعني بالضرورة أن العملات المشفرة فئة قوية من الأصول. فهل سيستحوذ على أغلب الاهتمام في سوق العملات المشفرة في العام الجديد كما فعل في عام 2021؟

انهيار العملات المشفرة في منتصف مايو

ماذا حدث؟ انهيار الأسعار بما يزيد على 30% ثم صعودها مرة أخرى بما يزيد على 30% -كان ذلك أداء عملة "بتكوين" في حركتها المذهلة يوم 19 مايو الماضي.

أشعلت هذه الحركات الدائرية جزئياً صدمة ماسك لمجتمع العملات المشفرة قبلها ببضعة أيام، عندما قال إنّ شركة "تسلا" لن تقبل عملة "بتكوين" وسيلة دفع بسبب قلقها بشأن استهلاك العملة للطاقة، علاوة على مخاوف تتعلق بتضييق الخناق عليها في الصين بعد أن أطلق البنك المركزي الصيني تحذيراً على موقعه الإلكتروني بشأن مخاطر العملات الافتراضية.

تعرّضت العملات المشفرة الأخرى لسيناريوهات مشابهة مع تصفية سريعة وتسييل استثمارات طويلة الأجل بمليارات الدولارات في العملات المشفرة، فيما تعطّلت منصات تداولها من بورصة "كوين بيس" إلى "بينانس".

واحتاجت "بتكوين" إلى شهرين حتى تتعافى من هذه الأزمة.

ماذا بعد؟ بقدر ما تعمل العملات المشفرة بطريقة ناجحة، وبقدر ما تكون الأنظمة المرتبطة بها أفضل أداءً، يزداد شعور الناس بالارتياح نحو الاستثمار فيها. فهل يستطيع عالم الرموز المشفرة الحدّ من الأزمات المفاجئة في عام 2022؟

في الوقت ذاته، يرجح أن تستمر المخاوف البيئية في احتلال مقدمة ومركز المشهد. كما سيكون مثيراً أن نرى ما إذا كانت الصين ستواصل حصارها ضد العملات المشفرة، فيما تطرح هي اليوان الرقمي. وقد أثبتت بكين أنها جادة في ذلك حتى الآن، بصدور مراسيم عديدة من مختلف الهيئات، بما في ذلك إعلانات أواخر شهر سبتمبر، باعتبار التعاملات المشفرة مخالفة للقانون، والقضاء على تعدين العملة، ما يجعل من الصعب أن نعرف كيف تستطيع أي مؤسسات خاصة مرتبطة بنشاط الرموز المشفرة أن تزدهر في الصين.

السلفادور تجعل "بتكوين" عملة رسمية

ماذا حدث؟ رئيس السلفادور الشاب المثير للجدل نجيب بُقيلة، خاطب الجمهور في "مؤتمر بتكوين 2021" الذي عُقد في ميامي في أوائل شهر يونيو، قائلاً إنه يعتزم أن يجعل أكبر عملة مشفرة عملة قانونية في بلاده. وبعد أيام قليلة فقط وافق كونغرس السلفادور على قرار بأغلبية كاسحة بتبني "بتكوين" عملة رسمية. وبعدها بثلاثة أشهر دخلت الخطة حيز التنفيذ. والآن يروج بُقيلة لإمكانية بيع "سندات بركانية" (volcano bonds) مشفرة مرتبطة بعملة "بتكوين".

ماذا بعد؟ ما زالت توابع قرار السلفادور تتوالى مع قلق صندوق النقد الدولي ومؤسسات أخرى بشأن تأثير تقلب سعر "بتكوين" على أمور مثل حماية المستهلك والاستقرار المالي. الوحيد الذي لا يبدي قلقاً هو بُقيلة، الذي ينشر تغريدات على "تويتر" حول شراء العملة في القاع عندما ينخفض سعرها.

سرّعت خطوة السلفادور مناقشة تدور حول تبني العملات المشفرة رسمياً في بلاد أخرى. ويروّج أنصار التشفير لهذه الإمكانية، كما دعم هذه الفكرة أيضاً حساب "تويتر" الخاص برئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، غير أن هذه المبادرة ما زالت جديدة ومحفوفة بالمخاطر. ومن ناحية أخرى تدرس حكومات عديدة، وقليل منها بدأ فعلاً في طرح عملات رقمية صادرة عن البنوك المركزية (CBDC).

تطوير أصحاب الوزن الثقيل

ماذا حدث؟ يُعَدّ تطوير لندن بالنسبة إلى شبكة "إيثيريوم" في أوائل شهر أغسطس الماضي جزءاً من سلسلة تعديلات على نظام "بلوكتشين" يغير هيكلها تغييراً كبيراً، على سبيل المثال تغيير نموذج عمل النظام الذي ينشئ ويقر سجلاً في سلسلة "بلوكتشين" من أسلوب "إثبات العمل" إلى أسلوب "إثبات الحصص"، بهدف تسريع عمل الشبكة وجعلها أقل كثافة في استهلاك الطاقة وأرخص تكلفة في استخدامها. إضافة إلى ذلك، يقلّص تطوير لندن عرض عملة "إيثر" المشفرة.

كذلك فإنّ تحديث "تابروت" (Taproot) الخاص بعملة "بتكوين" في منتصف نوفمبر الماضي أدخل بعض التغييرات. وتكشف هذه التغييرات أن أكبر عملتين مشفرتين تحاولان أيضاً تحسين الأداء وتغيران أسلوبهما بين الحين والآخر.

ماذا بعد؟ تطوير "إيثيريوم" لم ينتهِ بعد. فما زلنا ننتظر رؤية النتائج طويلة الأجل، وما إذا كانت ستحافظ على صدارة العملات المشفرة القديمة والأكثر رسوخاً على العملات الأحدث والأكثر تعطشاً، مثل "سولانا" (Solana) و"أفالانش" (Avalanche)، التي تزعم أنها تقدم تجربة أفضل وأسرع وأقل تكلفة.

صندوق مؤشرات متداول لعملة "بتكوين" في الولايات المتحدة

ماذا حدث؟ وافقت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية في أكتوبر الماضي على صندوق المؤشرات "بروشيرز بتكوين استراتيجي" المتداول (ProShares Bitcoin Strategy) –الذي يتتبع حركة العقود الآجلة على العملة الرقمية– في مبادرة مقصودة تواكباً مع صعود أوّلي في الطلب.

ساهم الحماس الذي نتج عن هذا الحدث في دفع سعر "بتكوين" إلى رقم قياسي بلغ 69 ألف دولار للوحدة، مع فكرة أنه يجعل العملة المشفرة متاحة أكثر أمام المستثمرين الأفراد والمؤسسات.

ماذا بعد؟ يرجح أن تواصل آلية الاستثمار في الأصول الرقمية نضوجها في العام الجديد، مع زيادة أنصار منتجات مثل العقود الآجلة من شركة "سي إم إي غروب" (CME Group)، بل حتى اختيارات العملات المشفرة من المنصات الرقمية الأوتوماتيكية دون تدخل بشري. ومع ذلك، بينما كان بعض اللاعبين يأملون في الموافقة على صندوق مؤشرات متداول للتعاملات الفورية في الولايات المتحدة قريباً، ترجّح تصريحات مسؤولي الجهات التنظيمية أن ذلك لن يحدث في المدى القريب.

التمويل اللامركزي.. والجيل الثالث للويب.. والميتافرس

ماذا حدث؟ مفاهيم عديدة من تلك التي كان يجري تداولها في دوائر مناصرة التشفير شقّت طريقها إلى الثقافة الشعبية.

أعلنت شركة "فيسبوك" في أواخر أكتوبر أنها ستغير اسمها إلى "ميتا بلاتفورمز"، كاشفة إلى أي مدى اخترقت فكرة الميتافرس تفكير الشركات والمستهلكين.

التمويل اللامركزي (DeFi)، حيث لا يوجد وسطاء ويستطيع أطراف المعاملة أن يتفاعلوا مباشرة عن طريق العقود الذكية، تجاوزت قيمته السوقية 100 مليار دولار في أكتوبر الماضي. كما تردد شركات التكنولوجيا باستمرار مصطلح "الجيل الثالث للويب" (Web3) الذي يعرف بطريقة غامضة بأنه الجيل القادم للإنترنت، إذ يفترض أن تمتلك مجتمعات المستخدمين الخدمات وتديرها بنفسها.

ماذا بعد؟ يرجح أن تتطور كل هذه المجالات بصورة كبيرة خلال 2022. والسؤال المطروح هو: هل ستهيمن الشركات العملاقة عليها بالطريقة ذاتها التي تهيمن بها حالياً على سوق التكنولوجيا والقطاع المصرفي؟ أم أن اللامركزية ستسيطر على الوضع وتقرر القواعد؟

الهيئات التنظيمية تستيقظ

ماذا حدث؟ شهدت الرموز المشفرة زيادة في التمحيص الرقابي هذا العام في الولايات المتحدة وفي مناطق أخرى، مع ارتفاع أسعارها واكتساب هذا النوع من الأصول أهمية أكبر بصورة منتظمة، دون أن نذكر حصار الصين لها على مدى شهور. وقد وصلت إلى النقطة التي تجد فيها الحكومات نفسها عاجزة عن تجاهل الأصول الرقمية، في ضوء نموها الفائق ودورها في الأنشطة السرية غير القانونية مثل مدفوعات برامج الفدية، علاوة على عمليات الاحتيال والانسحاب الفجائي التي تحيط بها، باعتبارها مخاطر تواجه من يدخلون في هذا المجال.

ماذا بعد؟ سيكون التنظيم مشروعاً هائلاً بالنسبة إلى الرموز المشفرة في عام 2022 على مستوى العالم، إذ تفكر دول مثل الولايات المتحدة والهند وتايلاند وأستراليا والبرازيل ملياً في كيفية مقاربة السياسة العامة في مجال يتسم بسرعة النمو والتغير.

تنظر الحكومات في مختلف أنحاء العالم في ظاهرة الرموز المشفرة من "العملات المستقرة" –ستيبل كوينز (stablecoins)– حتى التمويل اللامركزي. وهي تبدي قلقاً من أن يخسر المستثمرون الأفراد أموالاً لا يستطيعون تحمّلها، سواء بسبب التقلبات أو فوضى عدم التنظيم أو ما يطلق عليه الانسحاب المفاجئ، أو سحب السجادة، علاوة على قضايا أخرى مثل كيفية تحصيل الضرائب على هذا النوع من الأصول.