"مايكروسوفت" و"سيلزفورس" تتنافسان لإعادة إحياء خدمة العملاء

يتلقى موظف مكالمة في أحد مراكز الاتصال التي تخدم شركة "شاومي" في بنغالور، الهند.
يتلقى موظف مكالمة في أحد مراكز الاتصال التي تخدم شركة "شاومي" في بنغالور، الهند. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أصبح دعم العملاء ساحة معارك مزدحمة في مجال تكنولوجيا المؤسسات، حيث يندفع مزوّدو البرامج بدءاً من شركة "مايكروسوفت" وصولاً إلى "سيلزفورس" (Salesforce.com) لتزويد المؤسسات بأدوات لإنشاء مراكز خدمة شاملة.

وينصب الاهتمام على تنشيط مركز الاتصال الذي عانى من الركود طويلاً في السابق ومن معدلات دوران عالية وانخفاض استثمار الشركات. كما أن شركات "سيلزفورس"، و"سيرفيس ناو" (ServiceNow)، و"تويليو"، و"جينيسيس كلاود سيرفيسز" (Genesys Cloud Services) هي من بين الشركات التي ترى في مركز الاتصال جزءاً هاماً من الجهود المبذولة لتحويل قاعدة المستهلكين من بحر من الأشخاص مجهولي الهوية إلى الملايين من الشخصيات الفريدة. كما يُنظر إليه على أنه طريقة لتحسين خدمة العملاء وتعزيز الولاء للعلامة التجارية في وقت تزداد فيه مخاوف الشركات من الاضطرابات.

طفرة مراكز البيانات تشهد صفقتين بقيمة 18.8 مليار دولار في يوم

محرك ذو قيمة

وفي الواقع، كانت شركة "زووم فيديو كوميونيكيشنز" على استعداد لدفع أكثر من 14.7 مليار دولار من الأسهم لشراء شركة "فايف ناين" للحصول على موطئ قدم في صناعة مراكز الاتصال؛ إلا أن مساهمي "فايف ناين" رأوا في النهاية أن السعر كان منخفضاً للغاية ورفضوا الصفقة، وهي شهادة على مدى النمو المتوقع للقطاع في السنوات القادمة.

تعليقاً على الموضوع، قال فاسيلي تريانت، كبير مسؤولي التشغيل في شركة "يوجيت" (UJET)، وهي شركة تقدم برامج سحابية لمراكز الاتصال ومقرها سان فرانسيسكو: "بدلاً من أن يكون مركزاً للتكلفة، فهو محرك ذو قيمة مدى الحياة". نتيجة لذلك، "جذبت هذه المساحة الكثير من الاهتمام، خاصة في ظل احتياج الشركات إلى تحسين تجارب عملائها، وبالتالي، ضخ الكثير من الأموال فيها، وعندما يتدفق المال إليها، يرى الناس فرصة كبيرة".

هل تواصل عمليات الاندماج والاستحواذ التكنولوجية وتيرتها المتصاعدة؟

تاريخياً، كان يُنظر إلى برامج دعم العملاء على أنها حفرة مالية - أنظمة كانت ضرورية للمساعدة في الإجابة على شكاوى المستهلكين أو استفساراتهم، إلا أنها لم تحقق سوى عائد ضئيل على الاستثمار. وقد أرادت العديد من الشركات ببساطة اختيار منتج ونشره ونسيانه. نتيجة لذلك، انقسم السوق بين حفنة من كبار البائعين، بما في ذلك "جينيسيس"، و"سيسكو سيستيمز"، و"أفايا" (Avaya).

التحول

لكن مع قيام المزيد من الشركات بنقل تلك الأنظمة إلى الإنترنت، فإن هذه العقلية تمرّ بتحول ضخم. فعلى مدى السنوات العديدة الماضية، كان التركيز على مساعدة وكلاء مركز الاتصال على تقديم دعم أفضل للعملاء وتقليل أوقات الخدمة. وهذا يعني اتخاذ خطوات مثل دمج التطبيقات المختلفة في واجهة سطح مكتب واحدة، وتخفيف الحاجة إلى قيام الوكلاء بالتبديل بين علامات التبويب المختلفة لعرض بيانات العملاء المخزنة في أماكن مختلفة.

وما من شكٍ في أن المستقبل يتركّز على الذكاء الاصطناعي. حيث يروّج موفرو برامج مراكز الاتصال، بما في ذلك "جينيسيس"، و"أمازون ويب سيرفيسز" (Amazon Web Services)، و"فايف ناين"، للاستثمارات في معالجة اللغة الطبيعية، وهو نوع من الذكاء الاصطناعي الذي يُركّز على تمكين الآلات من فهم كيفية تواصل البشر، بما في ذلك تفسير المحادثات وتحليلها لمعرفة المشاعر.

أكبر استحواذ في تاريخها.. "زووم" تشتري "فايف 9" مقابل 14.7 مليار دولار

كما أن الهدف هو الاستفادة من التكنولوجيا لتشغيل البرامج التي يمكنها أن توفّر للوكلاء معلومات عن العملاء تلقائياً أثناء المكالمات لتحسين الاتصالات. وفي حين أن بعضاً من هذه الإمكانية متاحة مع المنتجات الحالية، إلا أنها ستستغرق عدة سنوات قبل أن تصبح جاهزة للعمل بشكل كامل.

"سيسكو" تريد العودة إلى القمة كما فعلت "مايكروسوفت" من قبل

من جانبه قال غوستافو سابوزنيك، الرئيس التنفيذي لشركة "أساب" (Asapp)، إحدى تلك الشركات الناشئة التي تركز على هذا المجال: "يُدرِك الكثير من الناس أن هذا واحد من أكبر الكنوز، إن لم يكن أكبرها، والتي لم يطالب بها أحد. فالفرصة الكبيرة هي رفع مستوى الأداء البشري، وجعل الأشخاص الذين يعملون في هذه الوظائف أفضل بكثير من خلال بناء التكنولوجيا التي تسمح لهم بذلك".

سوق مزدحمة

تعد الرؤية الأوسع أعظم بكثير. حيث تعمل وفرة من مقدمي الخدمات، بما في ذلك "سيلزفورس"، و"مايكروسوفت"، و"زووم"، و"زينديسك"، و"أدوبي" و"سيرفيس ناو"، على الترويج لمستقبل يتجاوز مركز الاتصال إلى آخر يركز على توفير تجربة عملاء أفضل بغض النظر عن كيفية تفاعلهم مع الشركة.

قال درو كراوس المحلل لدى "غارتنر" (Gartner): "في الوقت الحالي، هناك الكثير من المنافسين المختلفين الذين يدخلون هذه السوق من زوايا مختلفة، ويكاد يكون من المؤكد أنه سيشبه نوعاً من توحيد السوق. ولكن في الوقت الحالي، يدخل عدد أكبر من الشركات أكثر من الذين يخرجون".

"سلاك" تستحوذ على تطبيق "ووفن" لتعزيز المنافسة مع "غوغل" و"مايكروسوفت"

إن الهدف هو تسهيل مشاركة البيانات بين مجموعة متنوعة من البرامج، مثل تلك التي تدير موقع الويب، والعلاقات مع العملاء، والتسويق، والتجارة الإلكترونية، ووسائل التواصل الاجتماعي. أما بالنسبة للعملاء، سيُتيح مثل هذا النظام تفاعلات أكثر سلاسة مع الشركات؛ حيث يمكن للفرد التحدث إلى وكيل عبر الهاتف، ويقرر التبديل إلى الدردشة عبر الإنترنت، والاحتفاظ بتاريخ المناقشة السابقة.

هل ستكتفي "زووم" بدردشة الفيديو في المستقبل؟

في هذا الصدد، قالت سيمونيتا توريك، المديرة العامة لمنتج مركز الاتصال، الذي يحمل اسم "فليكس" (Flex) من شركة "تويليو": "يتم الآن تحدي كامل الفكرة التي تؤمن بوجود مركز اتصال يركّز بالكامل على الحد من التفاعلات مع العملاء لأنها تُشكّل تكلفة".

وبالنسبة للشركات، فإن تخزين هذه المعلومات داخل نظام واحد - ما يشير إليه البائعون بشكل متزايد على أنه منصة بيانات العملاء - سيمكنهم من إجراء التحليل والحصول على رؤى أعمق لعملائهم. كما أن معظم الشركات هي في المراحل الأولى من إنشاء هذا النوع من الدعم. وفي الواقع، يستخدم 32% فقط من وكلاء مركز الاتصال تقنية قائمة على السحابة، وفقاً لشركة "غارتنر".

نظام موحد

قد يكون من الصعب أيضاً إنشاء نظام تعمل فيه كل هذه البرامج معاً. فعلى مدى العقدين الماضيين، بنى مقدمو البرامج حواجز حماية حول منتجاتهم منعت مشاركة البيانات بسهولة. حيث ساعد ذلك العملاء على تبني التطبيقات بسرعة، مما يؤكد نمواً هائلاً في المبيعات، إلا أنه خلق تحديات للشركات التي تريد بشكل متزايد أن ترتبط تلك الأنظمة بعضها ببعض. وهذا هو السبب في أن الموردين الذين يقدمون التكنولوجيا لربط البرامج المختلفة، مثل "إنفورماتيكا" و"ووركاتو"، يشهدون طفرة في الأعمال.

فضلاً عن ذلك، يؤدي العدد الهائل من التطبيقات المستخدمة حالياً في معظم الشركات إلى تفاقم هذه المشكلة. فعلى سبيل المثال، قد تستخدم شركة "جينيسيس" لمركز الاتصال خدمات "رينغسنترال" كمزود للهاتف، و"غليا" (Glia) للمراسلة عبر الويب أو تطبيقات الهاتف المحمول، و"سيلزفورس" لإدارة قاعدة بيانات العملاء، و"شوبيفاي" (Shopify) للتجارة الإلكترونية، وعدداً كبيراً من البرامج الأخرى التي تحتوي على أنواع مختلفة من بيانات العملاء.

الروبوتات تهدّد العاملين في خدمة العملاء حول العالم

كما علّق بول جارمان، الرئيس التنفيذي لشركة "نايس سيكسون" (Nice CXone)، منتج البرامج السحابية من شركة "نايس" على الموضوع قائلاً: "يجب أن يجتمعوا جميعاً، لأن ما تريده الشركات هو نظام كامل لمساعدتها على رؤية جميع تفاعلاتها، ولم يتوصل أحد لحل هذه المسألة لأن كل جزء معزول عن الآخر".

شبكة من الشراكات

من غير المحتمل أن يتمكن أي مورد واحد من دمج كل هذه الخدمات وإدارتها في عرض واحد. وهذا هو السبب في اندفاع صانعي البرامج للدخول في شراكة مع البائعين الآخرين، وإنشاء تحالفات جديدة بين الشركات المتنافسة تُركّز على دمج البرامج معاً لتأمين الجزء الأكبر من استخدام العملاء لها.

وفي الشهر الماضي، على سبيل المثال، أعلنت شركة "جينيسيس" عن تمويل جديد بقيمة 580 مليون دولار من الشركاء الاستراتيجيين "سيلزفورس"، و"زووم"، و"سيرفيس ناو" - حيث تحاول جميع الشركات تعميق وجودها في صناعة مراكز الاتصال. وتمتلك "سيلزفورس"، على سبيل المثال، نظامها الأساسي الخاص لوكلاء مركز الاتصال والذي يتنافس مع أنظمة "جينيسيس"، ولكن يُنظر إليه على أنه خيار قابل للتطبيق فقط للعملاء الذين هم بالفعل مستخدمون أقوياء في "سيلزفورس" أو الشركات الأصغر التي ليس لديها الكثير من البرامج القديمة باقية، وفقاً لكراوس من شركة "غارتنر".

"كارلايل" توافق على شراء مشغّلة مراكز البيانات "إنفولتا" الأمريكية

ومع ذلك، فإن لدى "سيلزفورس" شراكة عميقة أيضاً مع "أمازون ويب سيرفيسز"، التي تبيع منتج مركز الاتصال الخاص بها المسمى "كونكت" (Connect) والذي يتنافس بشكل متزايد مع "جينيسيس".

كذلك، أطلقت "جينيسيس" أيضاً شراكات مع أمثال "أدوبي"، و"غوغل كلاود" (Google Cloud) من شركة "ألفابت"، ولديها مبادرة مستمرة مع شركة "مايكروسوفت" التي تُعدّ المنافسة الأولى لشركة "سيلزفورس"، والتي تبيع أيضاً تطبيق مركز الاتصال. وعلى الرغم من الاستثمار من "سيلزفورس"، لا يرى الرئيس التنفيذي لشركة "جينيسيس"، توني بيتس، أي سبب يمنع توسع الجهود المبذولة مع "مايكروسوفت"، مما يؤكد شبكة الشراكات المعقدة للصناعة.

وقال: "بالتأكيد، لا نرى أن ذلك يُشكّل أي نوع من العوائق أمام تنمية أعمالنا؛ فالعالم هو كون هائل من التعاون".