بعد مكاسب قوية في 2021.. النفط يدخل العام الجديد بتفاؤل حذر

المصدر: الشرق
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

رغم خروج قطاع النفط من عام 2021 بتحقيق مكاسب قوية، بعد أن لامس سعر البرميل أعلى مستوى له منذ عام 2014 عند نحو 85 دولاراً، ليعاود التراجع إلى ما دون 80 دولاراً للبرميل نهاية ديسمبر، إلاّ أنَّ التوقُّعات لعام 2022، رغم التفاؤل الحذر، تشوبها حالة من عدم اليقين، فالمخاوف من وباء كورونا ما زالت تساهم في تقلبات الأسعار، إذ أدّى ظهور متحوِّر "أوميكرون" أواخر نوفمبر 2021 إلى انخفاض أسعار النفط مجدداً، وسط المساعي من دول العالم لاحتواء انتشاره.

مع دخول العام الجديد قد تجد مجموعة الدول المنتجة للنفط نفسها أمام عودة لفوائض المعروض من الخام في الأسواق، الأمر الذي قد يعزز الحاجة لخفض الإنتاج مرة أخرى. في الوقت نفسه، تواجه الدول المنتجة للنفط ضغوطاً من الدول المستهلكة التي تشعر بالقلق إزاء موجة التضخم، والتي كان اضطراب إمدادات الطاقة أحد أسبابها.

اقرأ المزيد: روسيا: "أوبك+" تقاوم دعوات واشنطن لزيادة إنتاج النفط

نفط

الطلب المتزايد

الطلب المتزايد خلال عام 2021 والمصاحب لتخفيف قيود كورونا؛ دفع الدول الكبرى كالولايات المتحدة واليابان إلى اللجوء لاستخدام احتياطاتها من الاستراتيجية من النفط، سعياً منها لتهدئة ارتفاع أسعار الطاقة.

من جانب آخر، يستقبل قطاع النفط العام الجديد بتحديات وقيود تتمثل في مخرجات مؤتمر "كوب 26" التي تحد من الاستثمار في الوقود الأحفوري لمجابهة أزمة المناخ المتفاقمة إلى جانب وضع مستهدفات جديدة في الاعتماد على الطاقة المتجددة.

الأسواق تترقب بحذر ما ستؤول إليه الأمور خلال الربع الأول من العام الجديد بسبب التوقُّعات المتباينة، إذ تقدّم منظمة "أوبك" توقُّعاتها الأكثر تفاؤلاً على افتراض أنَّ تأثير متحوِّر "أوميكرون" بالنسبة للطلب على النفط سيكون "معتدلاً وقصير الأجل".

في المقابل، خفّضت وكالة الطاقة الدولية وحدها توقُّعاتها لكل من مستوى الطلب في الربع الأول من عام 2022، والنمو على أساس سنوي.

"الشرق"، في إطار تغطيتها لأبرز الأحداث المؤثرة في عام 2021، والتي يُتوقَّع أن يستمر تأثيرها للعام المقبل، استضافت الخبير النفطي ومدير إدارة المعلومات بمنظمة "أوبك" سابقاً فؤاد الزاير ، والرئيس التنفيذي في "سي ماركتس لندن" (C MARKETS LONDON) يوسف الشمري، لمناقشة آفاق أسعار النفط خلال العام 2022.

اقرأ أيضاً: "أوبك+" تتفق على تثبيت زيادة الإنتاج عند 400 ألف برميل يومياً في يناير

التعايش مع كورونا

فؤاد الزاير أكد أنَّ الأسواق استوعبت المخاطر المصاحبة للمتحور الجديد "أوميكرون"، والجميع أدرك أنَّ السلالة الجديدة تحمل أخطاراً قصيرة المدى، لذلك عاودت أسعار الخام اتجاهها نحو الصعود من جديد، مشيراً إلى أنَّ العالم بدأ يعي أهمية التعايش مع فيروس كورونا بمختلف متحوراته.

توقَّع الزاير أن تستقر سوق النفط خلال العام الجديد بدعم تزايد الطلب مع تعافي الاقتصاد العالمي، مشيداً بالدور الذي قامت به منظمة "أوبك" في إدارة قطاع الطاقة، والتزام أعضاء المنظمة بقيادة السعودية وروسيا بالإجراءات، وأخذ القرارات المناسبة لإدارة سوق الطاقة.

طالع أيضاً: منتجو "أوبك+" سيواجهون سنوات حافلة بالتحديات

الخبير النفطي رجح أن تستمر" أوبك+" بالمنهج نفسه في إدارة السوق بحذر وحرفية خلال العام 2022، معتبراً أنَّ السحب من احتياطيات النفط الاستراتيجية لم يكن له أي جدوى، مرجحاً عدم اللجوء لهذه السياسة من قبل الدول المستهلكة في المستقبل.

أضاف أنَّ توقُّعات الربع الأول من العام المقبل تأتي متفائلة، وتصب في خانة تزايد الطلب والتعافي الاقتصادي لغاية الوصول إلى مستويات ما قبل الجائحة من الطلب العالمي عند 99.5 مليون برميل يومياً.

اقرأ أيضاً:"أوبك" ثابتة على نظرتها.. وتتوقع زيادة الطلب على النفط 4.2 مليون برميل يومياً في 2022

محفوفة بالمخاطر

من جانبه، قال يوسف الشمري إنَّ الأسواق ما زالت محفوفة بمخاطر فيروس كورونا، لكنَّ مستوى رد فعل ومرونة الأسواق قد تغيّر، مشيراً إلى عودة الأسعار بعد أن أثبتت التقارير أنَّ متحور "أوميكرون" أقل حدّة من السلالات السابقة.

الشمري أكد على أهمية الحذر خصوصاً في حال تم توسيع القيود، وفرض إغلاقات من جديد من قبل الحكومات، مشيراً إلى أنَّ "أوبك+" تتجه نحو ضخ الزيادة الشهرية المقررة، والتي تبلغ 400 ألف برميل وصولاً إلى سبتمبر المقبل، ليبلغ مجمل الإضافة نحو 5 ملايين برميل، خصوصاً مع توجه وزراء الطاقة بمنظمة "أوبك" لزيادة الإنتاج.

في المقابل يواجه بعض الأعضاء مثل نيجيريا صعوبات في زيادة الإنتاج، وتلبية الحصص المقررة، الأمر الذي ساهم في دعم أسعار الخام.

الاحتياطات الاستراتيجية

من ناحية لجوء الدول المستهلكة إلى استخدام احتياطاتها الاستراتيجية، أوضح الشمري أنَّ ذلك لم يكن له الأثر الملموس في انخفاض الأسعار مستشهداً بإفراج الولايات المتحدة عن 50 مليون برميل من احتياطيها الاستراتيجي، والذي تبعه ارتفاع في أسعار النفط، معللاً ذلك بتأثير هذه السياسة في أمن الطاقة، وواصفاً إياها بالسياسة غير الصحيحة.

الشمري أضاف أنَّ الاستثمارات بمجال الطاقة ما زالت دون المستويات المطلوبة، والبالغة 350 مليار دولار، وأنَّ ذلك قد يؤدي إلى تعميق أزمة الطاقة خلال السنوات الـ5 إلى الـ10 المقبلة، وتتمثل في ارتفاع أسعار البترول والغاز، وما له من تبعات على التضخم، خصوصاً مع اتساع تبني السياسات الخضراء من قبل الكثير من الدول.

كما أكد الشمري على أهمية توسيع الاستثمار في البنية التحتية لقطاع الطاقة لزيادة الإمدادات في الفترة المقبلة، مما قد يساهم باستقرار الأسعار للدول المستهلكة.