توقعات الأرباح الإيجابية تدعم استمرار ارتفاع أسهم "وول ستريت"

تمثال الثور في وول ستريت في نيويورك، الولايات المتحدة
تمثال الثور في وول ستريت في نيويورك، الولايات المتحدة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

هل تتعجب من كيفية استمرار صعود الأسهم الأمريكية في مواجهة الميل الجديد للاحتياطي الفيدرالي لتشديد سياسته وسرعة انتشار سلالة "أوميكرون"؟ الإجابة مرة أخرى هي قوة غريبة في المعيار الأساسي لصحة الشركات الأمريكية.

بقدر ما كانت عناوين الأخبار مخيفة، لم تتمكن حتى الآن من إلحاق أي ضرر ذي شأن بتوقُّعات مكاسب مؤشر "ستاندرد أند بورز 500".

وبرغم ارتفاع عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا؛ وتزايد تعرض التعافي الاقتصادي العالمي لمخاطر تثير القلق، لم تنخفض تقديرات أرباح الشركات المكونة للمؤشر في عام 2022، بل قفزت فعلياً بنحو دولار، لتصل إلى 220.40 دولاراً لكل سهم في الشهر الأخير.

استراتيجيو "وول ستريت" ينصحون باقتناص الأسهم المتراجعة غير مبالين بارتفاع الإصابات

يحتمل أن يكون المحللون قد تباطأوا في تخفيض التوقُّعات مع اقتراب انتعاش ما بعد الجائحة من عامه الثالث.

وبالطبع، رفع بعض مديري المحافظ المالية ما يحتفظون به من سيولة نقدية مع تخفيض استثماراتهم في الأسهم، تحسباً لتدهور أوضاع الاقتصاد.

غير أنَّ المتفائلين يتعاملون كما لو أنَّ تقديرات الأرباح المستقرة قابلة للتصديق، ويرجحون عدم تغييرها.

ربحية الأسهم

في سنة تعج بالأزمات، من موجات انتشار فيروس كورونا إلى اختناق سلاسل التوريد، كان ارتفاع ربحية الأسهم بشكل قياسي هو ما حافظ على استمرار حجية التفاؤل دون خلل.

قال جيم بولسن، رئيس استراتيجية الاستثمار لدى شركة "لوثولد غروب" (Leuthold Group):"يعمل النمو الاقتصادي القوي وزيادة ربحية الأسهم كأساس تستند عليه سوق تؤثر في حركتها مخاوف مزمنة".

توقعات متباينة لأداء وول ستريت في 2022.. وهامش الفرق هو الأعلى في 10 سنوات

يتوقَّع بولسن أن يصل مستوى الربحية في عام 2022 إلى 240 دولاراً للسهم. وأضاف: "يمكن أن يساورك القلق من فيروس كوفيد، ومن التضخم، ومن الاحتياطي الفيدرالي، ومن الصين، ومن "روبين هود"، وشركات الاستحواذ ذات الغرض الخاص، والتقييمات الخ. ولكن في كل فصل تأتي أرقام ربحية الأسهم أفضل من المتوقَّع، وتجبر الجميع على رفع التوقُّعات، وهذا ما يشجع على شراء الأسهم في القاع عندما تتعرض لأي انخفاض ذي شأن".

اختبار أعصاب

تم اختبار أعصاب المستثمرين في شهر ديسمبر، عندما أعلن رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول عزمه وقف برنامج البنك المركزي لشراء الأصول بوتيرة أسرع، وألمح إلى زيادة أسعار الفائدة في 2022 لمواجهة ارتفاع التضخم.

فجّرت توقُّعات ارتفاع أسعار الفائدة، وتباطؤ النمو الاقتصادي موجة خروج جماعي من الأصول الخطرة.

تحملت شركات التكنولوجيا التي لا تحقق أرباحاً العبء الأكبر في موجة البيع، إلى جانب أسهم الشركات المدرجة حديثاً للتداول العام، ولم يكن الكثير منها قد جنى أي مكاسب.

"جيه بي مورغان": المستثمرون متشائمون للغاية.. ولا نتوقع تصحيحاً في الأجل القريب

غير أنَّ مؤشر "ستاندرد أند بورز 500"، الذي يرصد حركة الشركات الكبيرة والراسخة، استطاع الصمود نسبياً، ليدور في نطاق 4% من أعلى مستوى له بفضل قوة أرباح الشركات.

وفي حين فاجأ صعود المؤشر بنسبة 27% الكثيرين بسبب صعوبة تفسيره؛ فإنَّ وتيرة ارتفاعه تواكبت تقريباً مع زيادة الأرباح المتوقَّعة هذا العام. بمعنى آخر، كانت زيادة أسعار الأسهم مدفوعة بتحسن مؤشرات الشركات الأساسية.

هوامش الأرباح

حتى التضخم – الذي يعد العدو الأول لسوق أوراق الدخل الثابت – كان في معظمه عبارة عن رياح مواتية بالنسبة للشركات الكبيرة.

بفضل قدرة الشركات على تمرير زيادة التكاليف إلى المستهلك النهائي؛ ارتفع هامش الربح، وهو مقياس لقدرة أي شركة على الاحتفاظ بإيراداتها في صورة دخل، إلى رقم قياسي، ومن المتوقَّع وفقاً لمحللين أن ينمو خلال العامين المقبلين.

وفي حين لا تمتلك كل الشركات القدرة على الدفاع عن ربحيتها وسط تصاعد ضغوط التسعير، تفوز فقط من تمتلك منها تلك القدرة.

"جنرال موتورز" ترفع توقعاتها لأرباح 2021 مع حدها من تأثيرات نقص الرقائق

تفوقت سلة من الأسهم انتقاها "غولدمان ساكس"، تتسم بهوامش أرباحها المرتفعة نسبياً والمستقرة، على أداء الأسهم التي تنخفض قدرتها على تسعير منتجاتها بمقدار 7 نقاط مئوية خلال الفصل الحالي، وهي أعلى نسبة منذ الجائحة في مارس 2020.

قال جيورجيو كابوتو، مدير محافظ أول لدى شركة "جيه أو هامبرو كابيتال مانجمنت": "إنَّ ما نريد أن نكتشفه يتمثل في الشركات التي تمتلك قدرة على تسعير منتجاتها. ففي بيئة يسودها التضخم؛ تكون هذه الشركات هي الهدية التي تستمر في العطاء، لأنَّها تستطيع تمرير الزيادة إلى أسعارها كلما ارتفعت التكاليف، ولا تضطر بالضرورة إلى تخفيضها عندما تتراجع التكاليف".

الدفاعية

والآن، مع قرب نهاية العام، أصبح شعار السوق "انتقاء الأسهم الدفاعية" الذي حل مكان "الخوف من ضياع الفرصة".

في آخر مسح أجراه "بنك أوف أميركا" رفع مديرو المحافظ العالمية هذا الشهر حيازتهم من السيولة إلى أعلى مستوى منذ مايو 2020، في حين قلّصوا استثماراتهم في الأسهم إلى أدنى مستوى منذ 13 شهراً.

ومع ذلك، ووسط ضغوط مؤشرات الاقتصاد الكلي المتنافرة؛ ظلت صورة الأرباح القوية سليمة إلى حد كبير. بالنسبة إلى موسم إعلان نتائج الأعمال للربع الأخير الذي يوشك على بدايته في الأسابيع المقبلة، ينتظر أن تعلن شركات مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" قفزة في أرباحها بنسبة 19%، وفق البيانات التي جمعتها "بلومبرغ إنتيليجنس".

2021.. عام الانفعالات الجامحة التي غيّرت عالم الاستثمار وربما للأبد

إذا كان لنا أن نسترشد بالتاريخ، ربما يكون المحللون قد قللوا من تقدير فرص الربحية مرة أخرى؛ فقد حطمت شركات "ستاندرد أند بورز 500" تقديرات المحللين بنسبة 10% على الأقل في ستة فصول على التوالي. حالة واحدة كانت إيجابية؛ فعند 51.29 دولاراً للسهم، يمثل الدخل التقديري انخفاضاً بنسبة 5% مقارنة مع الأشهر الثلاثة السابقة. ويتناقض ذلك مع وضع اقتصاد ينتظر أن ينمو بـ 6% خلال ربع السنة الحالي.

في مقابلة مع أليكس ستيل على تليفزيون بلومبرغ، قال جاي بيلوسكي، مؤسس ورئيس شركة "تي بي دبليو إنفستمنت مانجمنت": " لا أعتقد أنَّ الوقت الحالي هو وقت التشاؤم على الإطلاق. والسؤال المطروح على أولئك الذين ابتعدوا فعلاً عن المخاطرة – علماً أنَّ كثيرين قد فعلوا ذلك – هو متى ستعودون؟. إنَّ أرباح الربع الأخير من العام ستكون مذهلة، ولا أعتقد أنَّ بإمكانكم الانتظار حتى أوائل يناير. سترون أنَّ ذلك يعد خطأ حينذاك".