روسيا تتربع على عرش الأسواق الناشئة في 2021.. لكن أزمتها مع أوكرانيا تهدد بمحو المكاسب

الحشود العسكرية الروسية على حدود أوكرانيا تثير مخاوف كبيرة وسط تهديدات أمريكية وأوربية بعقوبات ضد موسكو
الحشود العسكرية الروسية على حدود أوكرانيا تثير مخاوف كبيرة وسط تهديدات أمريكية وأوربية بعقوبات ضد موسكو المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أداء روسيا العام الماضي جعلها الدولة التي تتربع على قمة الأسواق الناشئة.

ولكن مع اقتراب عام 2022، احتشد عشرات الآلاف من الجنود الروس بالقرب من الحدود الأوكرانية، مما يجعل داعميها يتوقفون للتفكير في واقع الحال.

وفي هذا الصدد، يقول المحللون إنه على الرغم من جميع المكاسب التي حققتها أصول البلاد في الـ 12 شهراً الماضية، فإن التوغل العسكري في أوكرانيا من شأنه أن يُحوِّل مسار الرواية على الفور.

ومن شأن العقوبات الأمريكية والأوروبية غير المسبوقة أن تترك روسيا بعيدة عن متناول العديد من المستثمرين، مما يجعل فوائد ارتفاع أسعار السلع الأساسية، والاحتياطيات الدولية القياسية، والتحول المتشدد للبنك المركزي غير ذي صلة.

بنك روسيا يرفع الفائدة 1% لمواجهة ارتفاع التضخم

تعليقاً على الموضوع، قالت إيلينا لوفن، مديرة الصناديق في "سويد بنك روبور فوندر إيه بي" في ستوكهولم، التي تُشرف على أكثر من مليار يورو (1.13 مليار دولار) من الأصول التي يُستثمر الجزء الأكبر منها في روسيا: "في حال غزت أوكرانيا، فستختفي روسيا كفئة أصول، وستُفرض عقوبات عليها، وسيكون من المستحيل معرفة ما يمكنك وما لا يمكنك فعله. وفي مرحلة ما، ستصبح روسيا غير قابلة للاستثمار".

تماسك الروبل

في حين أن معظم عملات الأسواق الناشئة قد ضعفت مقابل الدولار المتصاعد في عام 2021، ظل الروبل مرناً، ولم يتغير حالياً إلا قليلاً عما كان عليه قبل عام. والقصة مماثلة لسندات العملة المحلية والدولار، والتي تكبدت خسائر، إلا أنها ما زالت تفوق متوسط ​​الأداء بين أقران روسيا. في غضون ذلك، ارتفع مؤشر بورصة موسكو (MOEX) القياسي للأسهم بنسبة 14% بالروبل.

وفي حين يُصرّ الكرملين على أنه ليس لديه نية لغزو أوكرانيا، فإن التوترات مع الولايات المتحدة وأوروبا لم تكن مشحونة بهذا الشكل منذ أزمة القرم في عام 2014. حيث يقول المحللون إن العقوبات المفروضة في ذلك الوقت ستبدو ضئيلة مقارنة بتلك التي يتم التفكير فيها حالياً في واشنطن وبروكسل، والتي تتضمن قيوداً أكثر صرامة على البنوك الروسية واستبعاداً من شبكات المعاملات الدولية الرئيسية مثل "سويفت" (SWIFT).

الجدير بالذكر أنه على الرغم من قعقعة السيوف، لا يعتقد معظم المستثمرين أن الأمر سيصل إلى هذا الحد، وأي علامات على انفراج دائم وذا مغزى ستكون سبباً لارتفاع الأسعار. كما يعتزم الرئيس الأمريكي جو بايدن إجراء محادثات هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في وقت لاحق من يوم الخميس.

هل يمارس بوتين سياسة حافة الهاوية في أوكرانيا؟

الصراع في أوكرانيا

يمكن للمستثمرين أيضاً أن يشعروا بالراحة من الهوامش الوقائية التي بنتها روسيا لنفسها منذ عام 2014. حيث أكد الرئيس فلاديمير بوتين أن البنك المركزي قد زادت احتياطياته الدولية إلى مستوى قياسي بلغ 626 مليار دولار مع الحفاظ على زمام الدين الخارجي.

بالإضافة إلى ذلك، لا يوجد الكثير مما يمكن للولايات المتحدة وأوروبا القيام به بحيث لا يلحق الضرر بالنظام المالي العالمي الأوسع، خاصة في ضوء مكانة روسيا كواحدة من أكبر مُصدِّري الطاقة في العالم.

فضلاً عن ذلك، كان بنك روسيا أحد أكثر البنوك المركزية تشدداً في الأسواق الناشئة هذا العام. فقد قام صانعو السياسة بقيادة المحافظ إلفيرا نابيولينا برفع سعر الفائدة الرئيسي في البلاد بمقدار 425 نقطة أساس إلى 8.5% وأشاروا إلى أن المزيد من الزيادات قد تتبع للحد من ارتفاع أسعار المستهلكين.

ويبلغ معدل التضخم حوالي 8%، وهو ضعف هدف البنك. كما من المتوقع أن تبدأ السلطات في تخفيف الزيادات في وقت ما من عام 2022.

وفيما يلي تعليقات المستثمرين والمحللين حول التوقعات بالنسبة لروسيا في عام 2022. وقد جرى تنقيحها للإيجاز.

مارك موبيوس، الشريك المؤسِّس لشركة "موبيوس كابيتال بارتنرز" في لندن، التي استثمرت 350 مليون دولار في الأسواق الناشئة:

"في حال كان هناك غزو، فسيكون التأثير سلبياً للغاية، ليس فقط على السوق الروسية ولكن على الأسواق في أوروبا وربما حتى بالنسبة للولايات المتحدة، اعتماداً على كيفية رد فعل الحكومة الأمريكية".

"وسيكون من الجيد النظر إلى أي من السلع الخام؛ حيث كان هناك بعض الضعف، ولكن يبدو أن أسعار جميع السلع ستكون قوية بشكل معقول، على الرغم من أن طفرة الأسعار الكبيرة التي شهدناها بدأت في التصحيح الآن".

ألكسندر كودرين، كبير الاستراتيجيين في شركة "آتون"(Aton) ومقرها موسكو، والذي يدير ما يعادل حوالي 4.6 مليار دولار من الأصول:

"من الصعب التحوط ضد المخاطر الجيوسياسية. حيث يمكن للمستثمرين المراهنة على توسيع مقايضات التخلف عن السداد الائتماني، والتي تعد تحوطاً إلى حد ما ضد أي نوع من الأحداث الجيوسياسية".

"كما لدى المستثمرين الدوليين حالة واضحة من تجارة فروق الفائدة في روسيا، فالعلاوة مرتفعة الآن؛ وحتى لو رفع الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 25 نقطة أساس، فما يزال هناك ما يكفي. وفي حال ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية لمدة 10 سنوات إلى 2.5%، فإنني سأقول إن روسيا وبقية الأعضاء في قطاع الأسواق الناشئة سيفقدون جاذبيتهم".

"يُشار إلى أن لدى أسعار الروبل الروسي، التي ارتفعت بشكل كبير بسبب زيادات البنك المركزي، احتمالية كبيرة للهبوط، وهذا ما يجعل روسيا حالة صعودية".

ريناتناديكوف، مدير الأموال في شركة "إن إن إنفستمنت بارتنرز" في لندن، التي استثمرت 160 مليون دولار في الأسهم الروسية:

"هناك احتمال كبير أن يتمكّن البنك المركزي من خفض التضخم في عام 2022، بافتراض انخفاض التقلبات الجيوسياسية، وعدم وجود تأثير شديد من متحوِّر أوميكرون على الاقتصاد العالمي، والمحلي وعدم وجود تغييرات مخصصة في السياسة المالية المحلية".

تاثا غوس، المحلل في "كوميرزبنك" في لندن:

"عندما تضعف جميع عملات الأسواق الناشئة خلال النصف الأول من العام المقبل، فإننا لا نتوقع سوى ضعف متواضع في الروبل".

"كما تستند توقعاتنا بضعف الروبل خلال عام 2022 إلى رؤيتنا العالمية بأن عملات الأسواق الناشئة ستضعف في جميع المجالات بسبب الموقف الأكثر تشدداً في الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي".

بريندان ماكينا، محلل استراتيجي للعملات في شركة "ويلز فارغو" في نيويورك:

"نتوقع ضعف الروبل، إلا أن الانخفاض الذي نتوقعه هو في الواقع تدريجي إلى حد ما".

"ويمكن لأسعار النفط المرتفعة، والبنك المركزي المتشدد، والأساسيات القوية، وكذلك احتياطيات الأصول الكافية أن تدعم الروبل وتدافع عنه ضد عمليات بيع أكبر".

"كما نتوقع في الواقع أن يرتفع الدولار الأمريكي مقابل معظم عملات الأسواق الناشئة العام المقبل، في ظل تسريع بنك الاحتياطي الفيدرالي لوتيرة تخفيف مشتريات الأصول وتعجيل رفع أسعار الفائدة".

فيليبي دي لا روزا، كبير مسؤولي الاستثمار في "جنرال إنفست" في موسكو:

"من الجيد أن تحصل روسيا على قصص جديدة - غير مرتبطة بالاقتصاد القديم - مثل قطاع التكنولوجيا. حيث يؤدي هذا إلى زيادة جاذبية السوق الروسية للمستثمرين الدوليين في ضوء المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة".