إدانة مروِّجة اختبارات الدم إليزابيث هولمز بالاحتيال على المستثمرين

إليزابيث هولمز
إليزابيث هولمز المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أُدينت إليزابيث هولمز بتهمة الاحتيال الجنائي لدورها في تحويل شركة "ثيرانوس" (Theranos) الناشئة لاختبارات الدم إلى شركة بقيمة 9 مليارات دولار، انهارت على خلفية فضيحة.

وفي هذا الصدد أعادت هيئة المحلّفين في سان خوسيه، بولاية كاليفورنيا، الحكم بعد سماع شهادات الشهود على مدى ثلاثة أشهر، التي كانت غالباً تقنية ومتنازعاً عليها بشدة وصادمة من هولمز نفسها، إذ تواجه المرأة البالغة من العمر 37 عاماً عقوبة قصوى تصل إلى 20 عاماً في السجن، على الرغم من أنها قد تحصل على أقل من ذلك بكثير، ومن المحتمل أيضاً أن تستأنف هولمز إدانتها وأي حكم تحصل عليه.

يُشار إلى أن هولمز، التي كانت ترتدي كمامة في قاعة المحكمة مثل أي شخص آخر، ظلّت ساكنة ومستقيمة تماماً في أثناء قراءة الحكم. وقد نظرت مباشرة إلى المحلّفين عندما جرى استطلاع رأيهم من قِبل القاضي لتحديد ما إذا كان الحكم يتطابق مع استنتاجاتهم.

وكان في قاعة المحكمة رد فعل ضئيل على الحكم، بخلاف صوت نقر لوحات المفاتيح من الصحافة. وقد جلس شريك هولمز ووالدتها ووالدها في الصف الأمامي.

اقرأ أيضاً: 4.5 مليون أمريكي يتركون وظائفهم طواعية في نوفمبر

قضية معقدة

وفي الواقع، أُدينت هولمز بأربع تهم من أصل 11 تهمة بالتآمر والاحتيال الإلكتروني، وحصلت على البراءة من أربع تهم. وفي حين لم تتوصل هيئة المحلفين إلى حكم في ثلاث من التهم، فقد وجدت أن هولمز غير مذنبة في جميع التهم المتعلقة بالاحتيال على المرضى.

"فايزر": الولايات المتحدة تطلب 10 ملايين جرعة إضافية من "باكسلوفيد"

من جانبها، قالت ستيفاني هيندز، المدعية الأمريكية في سان فرانسيسكو، في بيان لها: "انكبّ المحلّفون في هذه المحاكمة التي استمرت 15 أسبوعاً على دراسة قضية معقدة وسط الجائحة وعقبات الجدولة، وتعكس أحكام الإدانة في هذه القضية ذنب السيدة هولمز في الاحتيال على المستثمرين على نطاق واسع، إذ يجب أن تواجه الآن أحكاماً على جرائمها".

ويمثّل سقوط هولمز من مكانتها كرئيسة تنفيذية مشهورة إلى مجرمة مدانة قصة السقوط الأكثر دراماتيكية في تاريخ وادي السيليكون، فبعد التداول لمدة سبعة أيام كاملة، اتفق المحلفون يوم الاثنين الماضي مع المدّعين على أن هولمز كذبت على المستثمرين على مدى عدة سنوات حول دقة وقدرات أجهزة تحليل الدم في "ثيرانوس"، في حين قال موكب من الشهود للمحلفين إنهم تعرضوا لتضليل خطير من قِبل المتسربة من جامعة ستانفورد والتي تحولت إلى رائدة أعمال.

وقد تراوح الشهود بين المديرين التنفيذيين في شركتَي "والغرينز" (Walgreens) و"سيفواي" (Safeway) إلى جيمس ماتيس، وزير الدفاع الأمريكي السابق الذي خدم في مجلس إدارة "ثيرانوس"، بالإضافة إلى مستشارين للمستثمرين الذين ضخوا مئات الملايين من الدولارات في الشركة.

في هذا الصدد، استمعت اللجنة المكونة من ثمانية رجال وأربع نساء أيضاً إلى روايات مختلفة من عديد من موظفي "ثيرانوس" حول اتخاذ مختبر الشركة إجراءات خطيرة لإخفاء أوجه القصور مع المحللين، ومن المرضى الذين سردوا حصولهم على نتائج اختبارات غير دقيقة تركتهم قلقين بشأن صحتهم.

وكما كانت الحال مع مصير "ثيرانوس" نفسه، ارتبط دفاع هولمز بجاذبيتها ومصداقيتها، إذ اتخذت القرار المحفوف بالمخاطر وغير المعتاد في القضايا الجنائية للموظفين الإداريين، فقد أدلت بشهادتها دفاعاً عن نفسها.

اعترافات هولمز

أعطت هذه الخطوة هولمز الصوت الأخير في المحاكمة الطويلة، وساعدت على إضعاف شهادة العشرات من شهود الحكومة أمامها، إلا أنها أجبرتها أيضاً على تقديم اعترافات غير مريحة خلال استجواب شاقّ.

في أثناء مثولها على منصة الشهود على مدى سبعة أيام، تنوّعت شهادة هولمز بين صرف اللوم عنها، والفشل في تذكّر أحداث معينة، وقبول المسؤولية عن الأخطاء، حتى مع الإصرار على أنها لم تكن تنوي خداع أي شخص. كما كانت أكثر اللحظات إثارة في قاعة المحكمة عندما شهدت هولمز أنها تعرضت للاغتصاب عندما كانت طالبة في جامعة ستانفورد، وعانت سنوات من الإساءة اللفظية والجنسية من صديقها السابق ورئيس ثيرانوس السابق، راميش صني بالواني.

ووفقاً لرواية هولمز، استمرت الإساءة طوال عقد من العلاقة مع بالواني، وكان لها تأثير عميق إن لم يكن لا يُقاس، في حياتها. لكن قرار فريقها القانوني بعدم الاتصال بطبيب نفسي لديه خبرة في الصدمات الناجمة عن العلاقات ليكون شاهداً، ترك الأمر للمحلفين حول كيفية التعامل مع الشهادة في قرارهم.

الجدير بالذكر أن المدعي العام أخبر هيئة المحلفين في المرافعات الختامية أن الإساءة المزعومة ليست ذات صلة بالاحتيال الذي تُتهم به هولمز، في حين قال مساعد المدعي العام الأمريكي جون بوستيك للمحلفين: "في حال عدم وجود أي دليل يربط هذه التجربة بالسلوك المتهم، فيجب أن تخرجوها من عقولكم".

لأول مرة.. أمريكا تصبح أكبر مصدّر للغاز الطبيعي المسال في العالم

استبعاد تهمة الاحتيال على المرضى

وقد حاول فريق دفاع هولمز إقناع هيئة المحلفين بأنها بذلت جهداً صادقاً على مدار 15 عاماً لقيادة "ثيرانوس" نحو النجاح، ولا ينبغي معاقبتها لفشلها في تحقيق حلمها.

وقال المحامي كيفين داوني للمحلفين: "كانت إليزابيث هولمز تبني شركة لا مشروعاً إجرامياً".

تعليقاً على الموضوع، قالت ميشيل هاغان، المدعية العامة السابقة في مكتب المدعي العام لمنطقة سان فرانسيسكو، إنّ هيئة المحلفين ربما رفضت تُهَم الاحتيال على المرضى لأنه لم يكن يوجد دليل كافٍ على ارتكاب هولمز للمخالفات.

وقد سمع المحلفون شهادات المرضى الذين استخدموا "ثيرانوس" وقالوا إنّ نتائج اختباراتهم للدم قادتهم بشكل خاطئ إلى الاعتقاد بأنهم يعانون من ظروف غير صحية.

وقالت هاغان: "لم أرَ أي سبب يمنع هيئة المحلفين من إدانتها بهذه التهم، أعني، على سبيل المثال، فيروس نقص المناعة البشرية الإيجابي، الذي تبيَّن أنه إيجابي كاذب. لذلك يمكنني أن أرى كيف أمكنه تحديد شك معقول هناك".

احتيال كبير

قال روبرت وايزبرغ، أستاذ القانون في جامعة ستانفورد، إنّ تفاصيل التهم المحددة التي أُدينت بها هولمز، وتلك التي لم تُدَن بها، "لا تهمّ كثيراً لأن لديها بالفعل مخططاً واسعاً للاحتيال، وهذا ما اعتقدته هيئة المحلفين".

وأضاف وايزبرغ: "دفاعات شخصيتها فشلت تماماً، وكذلك فشلت ادعاءاتها بأنها متأزمة نفسياً من صني بالواني وما إلى ذلك. وبسبب إدانتها بتهم احتيال كبير، فمن الواضح أن تلك الدفاعات فشلت، وفي حال تجنبت الإدانة لأسباب أخرى فتلك الأسباب تتعلق بأمور فنية".

الجدير بالذكر أن القاضي سمح لهيئة المحلفين بإصدار حكم في ثمانٍ فقط من التهم الـ11 التي واجهتها، بعد أن قالوا إنهم لم يتمكنوا من التوصل إلى قرار بالإجماع في جميع التهم.

ولم يعلق أبراهام سيمونز، المتحدث باسم هيندز، على ما إذا كان المدّعون سيسعون لإعادة محاكمة هولمز بشأن التهم الثلاث التي لم يتمكن المحلفون من التوصل إلى حكم بشأنها.

وبعد النطق بالحكم، خرجت هولمز من الباب الأمامي للمحكمة وتابعتها وسائل الإعلام حتى وصلت إلى فندق "ماريوت" في سان خوسيه، في حين تجاهلت جميع الأسئلة التي طُرِحت عليها، ورفض محامو هولمز التعليق.

من جانبه، قال قاضي المحكمة الجزئية الأمريكية إدوارد دافيلا إنّ هولمز ستبقى طليقة بموجب الكفالة في الوقت الحالي.

أصغر مليارديرة عصامية

يُشار إلى أن نجم هولمز سطع على خلفية وعدها بإحداث ثورة في مجال الرعاية الصحية، بناءً على ادعاءاتها بأن أجهزة "ثيرانوس" المدمجة يمكنها إجراء مئات الاختبارات التشخيصية بشكل أسرع وأكثر دقة وأرخص من الآلات التقليدية الأكبر حجماً.

وكانت نقطة البيع الكبيرة هي أن محللي "ثيرانوس" يمكنهم الوصول إلى النتائج بوخزة إبرة بدلاً من قوارير الدم المسحوبة. واستشهدت هولمز بخوفها من الإبر باعتباره مصدر إلهام لها وراء هذا الاختراع، وكان هذا جزءاً من السرد الذي سمعه المستثمرون والجمهور على مدى سنوات من ترويجها للتكنولوجيا.

وبحلول عام 2015، أطلقت مجلة "فوربس" على هولمز لقب "أصغر مليارديرة عصامية"، وكانت تتصدر أغلفة المجلات. ولكن في نفس العام نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" قصصاً تشير إلى عيوب في تقنية "ثيرانوس"، مما دفع المنظمين في العام التالي إلى استنتاج أن الآلات تشكّل خطراً على صحة المريض.

أدّت هذه الاكتشافات إلى دعاوى قضائية مدنية، بما في ذلك قضية واحدة جرت تسويتها بواسطة هولمز مع هيئة الأوراق المالية والبورصات، إلى جانب التحقيق والملاحقة القضائية من قِبل وزارة العدل.

ولا تزال هولمز وبالواني ووالغرينز يواجهون ادعاءات بشأن اختبارات الدم غير الدقيقة من قِبل عملاء سلسلة متاجر الأدوية في دعوى قضائية في ولاية أريزونا.

في هذا الصدد، دفع بالواني الذي يواجه محاكمة منفصلة في فبراير بشأن نفس تهم الاحتيال مثل هولمز، بأنه غير مذنب، ونفى مزاعم إساءة معاملتها.