السطوات تتمايز فيما تنحسر نزاعات الشرق الأوسط

ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ورئيس تركيا رجب طيب أردوغان يحضران مراسم توقيع الاتفاقيات الثنائية في المجمع الرئاسي في أنقرة في 24 نوفمبر 2021
ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ورئيس تركيا رجب طيب أردوغان يحضران مراسم توقيع الاتفاقيات الثنائية في المجمع الرئاسي في أنقرة في 24 نوفمبر 2021 المصدر: وكالة الأناضول / غيتي إيمجز
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أفلت شمس 2021 كما بزغت على شطر من العالم يتعذر الركون لاستقراره واستقراء تطوراته، حيث شهدت نهايته، كما في بدايته، مصالحات مفاجئة بين غرماء إقليميين وقد تأتي الأيام بمزيد من ذلك.

دعا ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في يناير 2021 أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى القمة الخليجية، حيث وقعوا اتفاقاً ينهي مقاطعة قطر بقيادة المملكة التي دامت ثلاث سنوات.

قطر عادت إلى مجلس التعاون.. وخلافات عالقة تنتظر الحل

التقى وزير خارجية الإمارات العربية المتحدة الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان بعد عشرة أشهر في دمشق بالرئيس السوري بشار الأسد، الذي كان حتى وقت قريب منبوذاً في معظم العالم العربي. عُلّقت عضوية سوريا في جامعة الدول العربية في عام 2011 بسبب حملة القمع العنيفة لنظام الأسد على الانتفاضة الشعبية، التي تصاعدت لاحقاً لتصبح حرباً أهلية. أشار الاجتماع الإماراتي السوري في نوفمبر لاحتمال تطبيع العلاقات السورية الإقليمية في قمة جامعة الدول العربية المقبلة، المقرر عقدها في الجزائر في مارس.

قام ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في نوفمبر أيضاً بزيارة إلى تركيا، حيث أطلق صندوقاً بقيمة 10 مليارات دولار للاستثمار في البلاد، منهياً عقداً من توتر العلاقات.

تركيا وإيران

قد يذهب هذا العام بصقيع علاقات تركيا ومصر، اللتين قلصتا علاقاتهما قبل حوالي تسع سنوات. كما أن هنالك علامات على تقارب تركي سعودي، حيث من المقرر أن يزور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المملكة في فبراير، رغم استمرار الاختلافات.

قد تُرفع العقوبات المفروضة على إيران إن أحرزت المحادثات النووية تقدماً، رغم أنها ما تزال في حال انهيار شبه دائم. أجرت إيران جولات من المحادثات مع السعودية في العراق، ودُعي الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى الإمارات، في زيارة يُتوقع أن تكون نقطة تحول في علاقات البلدين. قد يخفف أي تعزيز لروابط إيران ذات الغالبية الشيعية ودول الخليج ذات الأغلبية السنية، بما فيها الإمارات والسعودية، من حدة الصراعات الطائفية الإقليمية.

الإمارات ترغب بتأسيس مجموعات عمل مع إيران لتطوير العلاقات الاقتصادية

يبدو أن هناك عاملين رئيسيين يؤثران على تغير المشهد. أولهما هو أن الولايات المتحدة كانت تنفصل تدريجياً عن الشرق الأوسط منذ أكثر من عقد، تاركة بذلك مساحة أكبر للقادة الإقليميين للمناورة والبحث عن طرق أخرى لضمان أمنهم. لكن مساحة التصرف الإضافية، تصاحبها مخاطر أكبر كما يرى الدكتور هشام هيلر، الباحث لدى مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي والزميل في جامعة كامبريدج، الذي قال: "إن انسحب الأمريكيون أكثر، فسيشكل ذلك فراغاً إضافياً، وقد لا يكون هؤلاء القادة متيقنين تماماً حيال ما يملئ هذا الفراغ".

طي حقبة الربيع

العامل الآخر هو نهاية حقبة الربيع العربي، التي وترت العلاقات؛ حيث انحازت الدول إلى أطراف متباينة في نزاعات الحكومات والمتظاهرين. قال أيهم كامل، رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إأفريقيا في "مجموعة أوراسيا" الاستشارية للمخاطر السياسية، إن المرحلة التالية "ستنتقل من تخفيف التوترات إلى بناء الجسور، مع التركيز على المصالح المشتركة".

بيّن كامل أن القادة الإقليميين ما يزالون يخشون حدوث موجة أخرى من الاضطرابات الشعبية، ما يؤدي بدوره لتزايد القمع. ترى "هيومن رايتس ووتش" أن مصر تشهد أشد أزمة حقوق للإنسان منذ عدة عقودـ، وهناك مخاوف من أن تونس، التي نجحت بإقامة ديمقراطية فاعلة، تتقهقر نحو السلطوية بعدما استحوذ الرئيس في يوليو على سلطات إضافية وعلّق البرلمان.

بايدن لا يتجاهل الشرق الأوسط.. وهذا أمر جيد

قالت كارين يونغ، الزميلة البارزة في "معهد الشرق الأوسط"، الذي يتخذ من واشنطن العاصمة مقراً له، إن الفائزين من هذا التحول هم بالأساس دول الخليج. أضافت يونغ قولها: "الآن هناك الكثير من الإمكانات لكثير من التحركات وعقد الصفقات الثنائية... لكن هناك كثير من النفوذ في أيدي قلة".

تؤكد ذلك نظرة إلى الخريطة. لا توجد مؤشرات على نهاية الحرب المستمرة منذ ما يقرب من ثماني سنوات في اليمن. تراجعت حدة القتال في سوريا واستعاد الأسد أجزاء كبيرة من البلاد، لكن خارطة الطريق للسلام ما تزال موضع تساؤل. يدخل لبنان عاماً جديداً على حافة الهاوية حيث لا يلوح في الأفق انتعاش من انهيار الاقتصاد والعملة.