مستثمرون يتخلون عن الدولار لصالح الذهب وأسهم الأسواق الناشئة

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

ينصح مديرو الثروات ببيع الدولار وضخ الأموال للاستثمار في أصول، على غرار الأسهم في الأسواق الناشئة والذهب، فيما يتزايد زخم تعافي الاقتصاد العالمي.

اقرأ أيضاً: صعود الدولار يستمد قوة جديدة فائقة من الاحتياطي الفيدرالي في 2022

يضع عدد متنام من المستثمرين رهاناتهم على أن ارتفاع عملة الاحتياطي النقدي الرئيسية في العالم بلغ ذروته، في تحوّل سريع عن شهر مضى عندما كان التمركز في العملة الأمريكية هو الأكثر صعوداً منذ عام 2015. تقدم شركة " كيه 2 أسيت مانجمنت" (K2 Asset Management) توصية ببيع الدولار في مقابل السندات الآسيوية الناشئة والأسهم الأوروبية، بينما توصي شركة "برانديواين غلوبال إنفستمنت مانجمنت" (Brandywine Global Investment Management) بشراء العملات المرتبطة بسوق السلع الأساسية. وتعطي مجموعة "بليكلي أدفيسورز" (Bleakley Advisory Group) الأفضلية لشراء الذهب والفضة.

اقرأ المزيد: "بلاك روك" تحذّر من التسرع بشراء سندات وعملات دول شرق أوروبا

قال جاك ماكنتاير، مدير الثروة في شركة "برانديواين"، الذي لجأ إلى خفض مركزه الاستثماري في الدولار خلال الشهر الماضي لصالح السندات الأسترالية المقومة بالدولار والعملة التشيلية البيزو: "بلغ سعر صرف الدولار مستوى الذروة". وأضاف: "جرى الإفراط في عملية تقييم سعره، واستثمر الناس فيه بطريقة هائلة. من وجهة نظري، فإن العامل الأهم الذي سيُضعف الدولار، هو فقط التحسن في معدلات نمو الاقتصاد العالمي".

اقرأ أيضاً: "لومبارد أودييه": الدولار أقوى عملة في 2022

بيع بعد بيانات التضخم

يوم الأربعاء الماضي، هبط مؤشر "بلومبرغ" لسعر صرف الدولار الفوري بأكبر معدل له منذ شهر مايو الماضي، حيث تراجع بنسبة 0.6%، عندما باع المضاربون العملة الأمريكية عقب صدور بيانات التضخم المواكبة بصفة عامة للتوقعات الخاصة بالسوق. اتسع نطاق الخسائر في ظل قيام الصناديق التي كانت تتطلع إلى إدارة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي المتشددة، بإلغاء مراكزها الاستثمارية الكبيرة، بينما مثّل هذا التحسن في معدلات النمو الاقتصادي بداية من ألمانيا ووصولاً إلى الصين، إضافة إلى وعاء القيمة خارج أكبر اقتصاد في العالم.

من جانبه، قال بيتر بوكفار، كبير مسؤولي الاستثمار في مجموعة "بليكلي أدفيسوري" في نيوجيرسي: "بات جلياً بعد أن فات الأوان، أن الدولار ينحدر، حيث صعد فعلاً العام الماضي لمجرد أن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي كان سباقاً على صعيد تشديد السياسة النقدية قبل بنك اليابان والبنك المركزي الأوروبي". وأضاف أنه في ظل وجود تلك البيئة "مازال الاستثمار في الذهب والفضة الأفضل بالنسبة إليّ" كبديل للدولار.

يقول مستثمرون إن الدولار سيواصل على الأرجح تراجعه، حيث بدأت تظهر بشكل جلي، تأثيرات فرضية وجود عجز أكبر للولايات المتحدة، وتعاف أوسع على مستوى العالم، لصالح الأصول خارج أمريكا.

داخل مكاتب شركة "كيه 2 أسيت مانجمنت" في شارع كولينز في ملبورن في أستراليا، يعمل جورج بوبوراس على البحث عن فرص لشراء كل شيء، بداية من العملة التشيلية البيزو، وصولاً إلى السندات السيادية في منطقة دول جنوب شرق آسيا.

مستوى الذروة

قال بوبوراس رئيس وحدة الأبحاث في صندوق إدارة الأصول: "من المؤكد أننا تخطينا مستوى الذروة للدولار". وأضاف: "مضاربو العملات يحللون تأثير عوامل زيادة أسعار الفائدة الأساسية لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، والانتعاش الاقتصادي يسير بطريقة جيدة وحقيقية في الوقت الحالي. توجد فرص كثيرة من خلال السندات السيادية والائتمان والأسهم التي تمتد من الأسواق الناشئة إلى أوروبا، في ظل حضور لقناعات بأن الدولار ربما يتراجع على نحو أشد".

تعتبر شركة "بارينغز إنفستمت إنستيتيوت" (Barings Investment Institute) واحدة فقط من بين الشركات التي تتوقع تراجع الدولار في مقابل العملات الأخرى في الأسواق الناشئة.

قال كريستوفر سمارت، كبير الإستراتيجيين العالميين في شركة "بارينغز إنفستمت" ورئيسها أيضاً في بوسطن: "يعد هبوط سعر صرف الدولار جزءاً طبيعياً من تعافي الاقتصاد على مستوى العالم، بينما تترقب الأسواق المخاطر الحالية التي تتراوح ما بين فيروس (أوميكرون) المتحول وجائحة كورونا التي كان في الإمكان السيطرة عليها خلال السنة الماضية". وأضاف: "في ظل عودة النشاط الاقتصادي إلى حالته الطبيعية، يتعين وجود مزيد من تدفقات رأس المال إلى مناطق أخرى على مستوى العالم. ومن المفترض أن تستفيد عملات الأسواق الناشئة في النهاية من التعافي الاقتصادي".

مازال صاعداً

في الوقت الذي بات فيه صوت المضاربين على هبوط سعر صرف الدولار مسموعاً، يرى آخرون أنه من السابق لأوانه تراجع العملة الأمريكية في الوقت الراهن.

قال إيليا سبيفاك، رئيس وحدة آسيا الكبرى في شركة "ديلي أف أكس" (DailyFX)، إن الهبوط الأخير في سعر صرف العملة الأمريكية يعبّر فقط عن وجود ارتياح لدى المستثمرين، نظراً لعدم وجود مفاجآت تتعلق بتشديد السياسة النقدية المرتبطة ببيانات التضخم الصادرة يوم الأربعاء، وجلسة الاستماع الأخيرة في الكونغرس لرئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول. وأوضح قائلاً: "ليس لدي على الإطلاق اعتقاد بأنه وصل إلى مستوى الذروة". وأضاف: "مازال الدولار يظهر أنه في صعود خلال المدة الزمنية المتبقية من السنة الجارية، بيد أن تحرك الأسواق قطعاً لا يأخذ شكل خطوط مستقيمة".

لا تزال صناديق التحوّط أيضاً متفائلة بصعود الدولار، بل زادت من إجمالي مراكزها الاستثمارية الكبيرة في الدولار مقابل سلة عملات مكونة من 8 عملات كبيرة أخرى في غضون الأسابيع الثلاثة السابقة، بحسب بيانات لجنة تداول السلع الآجلة التي جرى جمعها من قبل وكالة "بلومبرغ".

تنوّه شركة "سيتي غروب غلوبال ماركيتس" (Citigroup Global Markets) إلى صعود أسعار الفائدة الأساسية في الولايات المتحدة، وتقليص برامج التيسير الكمي من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي، باعتبارهما عاملين "سلبيين إجمالاً" بالنسبة إلى أسعار الفائدة وعملات الأسواق الناشئة.

كتب خبراء إستراتيجيون في "سيتي غروب"، من بينهم ديرك ويلر في مذكرة: "يعود السبب لعدم وجود استجابة للعملات الأجنبية في الأسواق الناشئة في أعقاب وجود أسعار فائدة أساسية عالية في الولايات المتحدة على نحو كبير، إلى وجود استقرار في معظم الأوقات في فروق العائد لسندات الخزانة الأمريكية مقابل السندات السيادية الألمانية". وأضافوا: "مستمرون في الإبقاء على الاستثمار الكبير في الدولار، بيد أننا موجودون في نطاق القيمة النسبية أكثر مما كان عليه الأمر قبيل الصعود الأخير في العائدات الحقيقية لسندات الخزانة الأمريكية."

مكان أفضل

رغم ذلك توجد توقعات لدى آخرين بحدوث خسائر أكثر في سعر صرف الدولار، وهم يبحثون عن بدائل.

قال روب مومفورد، مدير الاستثمار في "غام هونغ كونغ" (GAM Hong Kong): "العوامل الأساسية للدولار ضعيفة في ظل وجود أسعار فائدة حقيقية منخفضة وأرصدة خارجية كبيرة بالسالب". وأضاف: "في ظل صعود معدلات التضخم وبيئة أسعار فائدة أساسية أعلى في الأسواق المتقدمة / معدل الخصم، تعتبر الأسواق الناشئة هي المكان الأفضل للتواجد فيه".