أسهم البنوك الأوروبية تترقب الانتعاش بعد عقد من السنوات العجاف

الأسواق تراهن على أسهم البنوك الأوروبية في 2022
الأسواق تراهن على أسهم البنوك الأوروبية في 2022 المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

بعد عقد من الإحباطات، تمضي أسهم البنوك الأوروبية في مسيرة مكاسب أخيراً، إذ يرى مراهنون على الارتفاع أن الأسهم تحظى بوضعية جيدة تمكّنها من تحقيق المزيد.

تتمتع بنوك الإقراض بأفضل مكانة بين القطاع المصرفي الأوروبي من حيث الأداء هذا العام، ضمن مؤشر "ستوكس يورب 600" Stoxx Europe 600، بزيادة 10%، محققة ارتفاعاً لتسعة أيام متتالية مع بداية العام، قبل أن تنخفض يوم الجمعة الماضي. وكانت تلك أطول سلسلة مكاسب متتالية منذ عام 2018، وحتى الآن تعد أفضل بداية شهر يناير على الإطلاق.

كان المحفز الأساسي لذلك هو أن التوقعات بشأن تشديد السياسة النقدية من جانب الاحتياطي الفيدرالي والبنوك المركزية الأخرى دفعت إلى زيادة عوائد السندات، ما يساعد البنوك على الإقراض بشكل أكثر ربحية. كما سيؤدي تعافي الاقتصاد من تبعات الجائحة إلى مزيد من الاقتراض من قبل الشركات والمستهلكين.

اقرأ أيضا: تخمة السيولة في أوروبا ترفع فوائد الاقتراض لليلة واحدة وتُربك البنوك

قال أندرياس ماير، الرئيس التنفيذي في "فونديشن سكوير آسيت مانجمنت" Fountain Square Asset Management: "في الوقت الذي يتعين على مستثمري الأسهم معرفة من هو المستفيد الأكبر من إجراءات البنك المركزي القادمة، يبدو من المنطقي أن ننظر إلى البنوك. فلا تزال الحياة تدبّ في هذه الأسهم بعد سنوات عصيبة".

استغرق الأمر فترة طويلة. كان أداء أسهم البنوك أقل من أداء بقية السوق لسنوات بسبب عوائد السندات المنخفضة إلى ما دون الصفر، والضغط المستمر من جانب الجهات التنظيمية، وفضائح غسل الأموال، والفشل في تحقيق عائدات. وانخفض مؤشر "ستوكس 600" Stoxx 600 لأسهم البنوك بنسبة 45% خلال العقد حتى عام 2020، بينما ارتفع المؤشر الأوسع بالمقدار نفسه.

يبدو أن المستثمرين فقدوا اهتمامهم بالقطاع، على الرغم من تداوله عند تقييم منخفض قياسي. وبدأ التحول العام الماضي عندما خصصت البنوك الأوروبية سيولة أقل للقروض المعدومة، وعززت الأسواق المالية المزدهرة أرباحها التجارية. وارتفعت أسعار الفائدة أخيراً عن مستويات القاع التي كانت غارقة فيها منذ الأزمة المالية في 2008-2009.

اقرأ أيضا: هيئة أوروبية تحذر البنوك من مخاطر التشدد في تطبيق قواعد غسيل الأموال

أفضل أداء منذ 2009

ارتفعت جميع الأسهم الـ 38 في مؤشر "ستوكس" للبنوك منذ نهاية عام 2020. ومن بين الأسهم المتفوقة البارزة، تضاعف سهم "سوسيتيه جنرال" (Societe Generale SA)، وارتفع سهم "بانكو دي سابادل" (Banco de Sabadell SA) الإسباني بنسبة 87%، وقفز سهم "آي إن جي غرويب" ( ING Groep NV) بـ 77%.

ارتفع العائد على السندات الألمانية لمدة 10 سنوات إلى الصفر تقريباً بعد أن كان عند مستوى سالب 0.5% في أغسطس الماضي، مما ساعد أسهم البنوك في عام 2021 على تحقيق أفضل أداء سنوي لها منذ عام 2009. ويمكن أن تضيف كل زيادة بمقدار 100 نقطة أساس في العوائد حوالي 23 مليار يورو إلى أرباح البنوك، بحسب تقديرات كورب أليستر رايان، المحلل في "بنك أوف أمريكا".

يقول نيال غالاغر، مدير الاستثمار في الأسهم الأوروبية في "جي إيه إم انفستمنتس" GAM Investments: "تبدأ البنوك الأوروبية العام الحالي بتقييمات جذابة، وعائدات توزيع عالية من توزيعات الأرباح وإعادة شراء الأسهم، فضلاً عن ديناميكية قوية في الأرباح".

توزيعات أرباح مغرية

ازدادت المتابعة لعوائد المساهمين، منذ انتهاء حظر توزيع الأرباح وإعادة شراء الأسهم من البنك المركزي الأوروبي، وظلت جودة أصول البنوك قوية على الرغم من الجائحة. وبحسب تقديرات أندرو كومبس، المحلل في "سيتي غروب"، يمكن للبنوك أن تزيد عائدات رأس المال لديها هذا العام إلى 81 مليار يورو، بينما يرى "بنك أوف أمريكا" أن إجمالي 134 مليار يورو متاحاً للتوزيع حتى نهاية عام 2023.

اقرأ أيضا: البنوك البريطانية تستعد لمعدلات الفائدة السلبية في حالة انهيار التعافي

يقوم بعض المستثمرين بالفعل بتقليص ملكيتهم للأسهم المصرفية، حيث باعت "سيربيروس كابيتال مانجمنت" الأسبوع الماضي نحو 450 مليون يورو من الأسهم في كلٍ من "دويتشه بنك" و كوميرز بنك"، ما قلل من حصصها التي حصلت عليها في 2017.

وفي يوم الجمعة الماضي، دق جرس إنذار من الولايات المتحدة بأن جانباً من القطاع المصرفي لا يزال غير قابل للتنبؤ. فقد سجّل كل من "سيتي غروب" و"جيه بي مورغان" عائدات تداول مخيبة للآمال، إذ يبدو أن الظروف المواتية لسوق رأس المال في العامين الماضيين قد تلاشت.

مبرر التفاؤل

هناك مبرر يدعو إلى استمرار التفاؤل في هذا القطاع، وهو أنه يمكن أن يكون فائض رأس المال في البنوك والميزانية العمومية القوية بمثابة حافز للاندماج الذي طال الجدل بشأنه في السوق المصرفي الأوروبي المتسم بالتفتت. وقال مانيش سينغ، رئيس الاستثمار في "كروس بريدج كابيتال"، إن أفضل رهان في هذه الحال هو امتلاك أسهم ما يسمى بـ "البنوك الوطنية الرائدة"، لأنها ستكون المستفيدة في نهاية المطاف.

وأضاف "سينغ": "قد يشهد الاندماج نشاطاً محتدماً"، مستشهداً، على سبيل المثال، بأن بنك "بي إن بي باريبا" الفرنسي، كجهة إقراض، سيصبح لديه "صندوق احتياطي" بقيمة 16 مليار دولار بعد بيع وحدته المصرفية في الولايات المتحدة.