الاقتصاد الصيني يفقد قوته الدافعة تحت ضغط "أوميكرون"

خيام منصوبة لإجراء اختبارات "كوفيد-19" في حي مغلق بمدينة شنغهاي، الصين
خيام منصوبة لإجراء اختبارات "كوفيد-19" في حي مغلق بمدينة شنغهاي، الصين المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يستعدّ الاقتصاد الصيني، الذي لا يزال يعاين الأضرار الناجمة عن تراجع السوق العقارية، في الوقت الحالي لتلقي ضربة جراء الإغلاق الجزئي، فيما تسعى السلطات مرة ثانية لوقف انتشار مرض "كوفيد-19".

ستكشف بيانات الناتج المحلي الإجمالي المقرر صدورها يوم الاثنين على الأرجح عن حدوث تأثير للتراجع في قطاع العقارات خلال الربع الأخير من السنة الماضية، علاوة على العجز في إمدادات الكهرباء. من المحتمل أن يكون النمو الاقتصادي تباطأ إلى مستويات هى الأضعف منذ ما يزيد على سنة، حسب توقعات خبراء اقتصاديين من خلال استطلاع أجرته وكالة "بلومبرغ"، حتى قبل تفشي حالات الإصابة بفيروس "أوميكرون" المتحول من سلالة فيروس "كورونا" خلال الشهر الجاري.

خفض اتباع بكين لنهج متشدد، بهدف القضاء على حالات الإصابة بعدوى فيروس كورونا عبر عمليات الإغلاق والحجر الصحي، إنفاق المستهلكين وعرقل بعضاً من عمليات الإنتاج والشحن. قلص خبراء الاقتصاد في بنك "غولدمان ساكس" فعلاً التوقعات الخاصة بهم للنمو الاقتصادي خلال السنة الجارية في الصين، ليصل إلى 4.3% جراء ما تواجهه من صعوبة متنامية على صعيد السيطرة على الفيروس المتحول الجديد شديد العدوى.

تعزز التوقعات المتشائمة التكهنات حول برنامج التحفيز النقدي، إذ يمهد المسؤولون الطريق فعلياً من خلال إعطاء مزيد من الإشارات حول اتباع سياسة أقل تشدداً. يوجد بعض المحللين الذين يراهنون على أن قرار خفض سعر الفائدة الأساسي قد يصدر في أقرب وقت من يوم الاثنين، فيما يطمح البنك المركزي إلى تعبئة دعمه.

مصدر خطر

يتوقع تشانغ شو وديفيد تشو، من "بلومبرغ إيكونوميكس"، أن "تعطي البيانات على الأرجح صورة عن الاقتصاد الذي يتطلب الحصول على دعم من جانب السياسة النقدية أكثر من أجل التصدي للضغوط الناجمة عن تفشي الفيروسات، وضغوط سلاسل التوريد والعجز في الكهرباء".

سيضع أي قرار تيسيري الصين في تناقض مع الاقتصادات الكبرى على غرار الولايات المتحدة، التي تستعدّ لزيادة أسعار الفائدة الأساسية. بالنسبة إلى الصين، كشفت البيانات الأخيرة عن تباطؤ كبير في معدلات تضخم أسعار بوابة المصانع ومعدلات تضخم أسعار المستهلكين، وهو ما عزز الدعوات بتقليص أسعار الفائدة الأساسية.

يعتبر التزام الدولة الصارم نهجها الخاص بالوصول إلى معدل صفر حالات إصابة بمرض "كوفيد" مصدر مخاطر تهدد بقية العالم. في حال توسعت بكين في عمليات الإغلاق بهدف السيطرة على انتشار عدوى الفيروسات، فقد يسفر ذلك عن تفاقم ضغوط سلاسل التوريد العالمية التي زادت معدلات التضخم في الولايات المتحدة ومواقع أخرى.

رغم ذلك، تمكنت الصين من شحن بضائع للبلدان في سنة 2021 بلغت مستوى قياسياً، من بينها الولايات المتحدة، رغم حدوث عمليات إغلاق متقطعة للمواني وتكدس عمليات الشحن لفترة طويلة.

في موقع آخر خلال الأسبوع القادم، قد يكون تصاعد التضخم في المملكة المتحدة شهد حالة من التسارع ليتماشى مع وتيرة هي الأسرع له خلال القرن الحالي، ويترقب بنك اليابان المركزي وجود إشارات على حدوث ضغوط أسعار، وسيصدر البنك المركزي الأوروبي محاضر اجتماعاته التي جرت خلال شهر ديسمبر الماضي.

آسيا

بخلاف الصين، سيشهد بنك اليابان المراكزي واحداً من أبرز الأحداث حول المنطقة. يبدأ هاروهيكو كورودا سنة أخيرة كاملة كرئيس له بالإعلان عن التوقعات الخاصة بالأسعار ومعدل النمو الاقتصادي في يوم الثلاثاء.

على الأرجح ستبدو التوقعات المعدلة عن طريق رفعها منخفضة وفقاً للمعايير العالمية، بيد أنها ستعطي مؤشراً على الضغوط الخاصة بتزايد التكلفة، التي يتعين على بنك اليابان المركزي أن يأخذها في اعتباره، فيما يلتزم سياسة التحفيز في الوقت الراهن. ستتبعها بيانات التضخم الخاصة بشهر ديسمبر الماضي في وقت لاحق من الأسبوع الجاري، علاوة على بيانات التجارة.

بالنسبة إلى أستراليا، سيتأثر مؤشر ثقة المستهلك الشهري الذي سيصدر يوم الأربعاء على الأرجح بفعل فيروس كورونا المتفشي بشدة، فيما من غير المرجح أن تتأثر بيانات سوق العمل الخاصة بشهر ديسمبر الماضي التي ستصدر يوم الخميس تماماً بتفشي الوباء المتفاقم.

سيعد تقرير الوظائف أحد آخر البيانات الأساسية التي سيشاهدها بنك الاحتياطي الأسترالي قبل انعقاد اجتماعه في الأول من شهر فبراير المقبل من أجل التوصل إلى قرار حول مصير برنامج مشتريات السندات. في موقع آخر، سيعطي التقرير الخاص بالتصدير الذي يصدر مبكراً لكوريا الجنوبية خلال شهر يناير توضيحاً أولياً بطريقة سريعة حول التجارة العالمية مع انطلاق سنة 2022.

في هذه الأثناء، يتوقع خبراء الاقتصاد أن تحافظ البنوك المركزية في إندونيسيا وماليزيا يوم الخميس على أسعار الفائدة الأساسية دون تعديل في اجتماعاتها الأولى المنعقدة خلال السنة الجارية، في حين توجد توقعات بأن المسؤولين في سريلانكا سيزيدون أسعار الفائدة الأساسية.

الولايات المتحدة

تُعتبر أجندة صدور البيانات الأمريكية مخففة نسبياً خلال أسبوع قصير جراء وجود عطلة، في ظل جدولة تقارير بدايات المنازل في شهر ديسمبر ومبيعات المنازل المملوكة سابقاً.

توجد توقعات بأن يتراجع كل من بناء المنازل الجديدة ومشتريات المنازل. تبقى طلبات الحصول على إعانات البطالة الأسبوعية واثنان من تقارير القطاع الصناعي الإقليمية محل انتظار أيضاً.

لن يصدر أي شيء عن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في وقت يستعد فيه محافظو البنوك المركزية الفرعية لعقد اجتماع خاص بالسياسة النقدية خلال الفترة الزمنية من 25 إلى 26 يناير، في ظل حدوث تغييرات في تشكيل أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، ولهم حق التصويت مع مطلع السنة.

أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا

من الممكن أن تمهد البيانات الصادرة في المملكة المتحدة الطريق لرفع محتمل لأسعار الفائدة الأساسية في شهر فبراير المقبل، عقب عملية الرفع المفاجئة في شهر ديسمبر الماضي.

قد تكشف إحصاءات سوق العمل يوم الثلاثاء استمرار أزمة نقص العمالة في السوق. في يوم الأربعاء، توجد توقعات لحدوث مزيد من الصعود لمعدلات التضخم لتصل إلى نسبة 5.2%، وهي نسبة تمثل متوسط نتيجة توقعات خبراء الاقتصاد، التي ستتطابق مع الصعود السابق خلال القرن الحالي. وأي زيادة ستكون هي الوتيرة الأسرع لارتفاعات الأسعار منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي.

ستكون القراءة الثانية لبيانات التضخم في منطقة اليورو يوم الخميس بمثابة تأكيد حول ما إذا كان المعدل تسارع بطريقة مفاجئة ليبلغ مستوى قياسياً يصل إلى 5% خلال شهر ديسمبر الماضي. في هذه الأثناء، سيوفر محضر اجتماعات البنك المركزي الأوروبي لاتخاذ القرار في شهر ديسمبر نظرة متعمقة حول وجهات نظر صناع السياسة خلال المرحلة الراهنة الحاسمة.

قد تؤثر التوقعات الاقتصادية في طريقة تفكير وزراء مالية منطقة اليورو يوم الاثنين في أول اجتماع لهم خلال السنة الجارية، الذي سيشهد الظهور الأول لكريستيان ليندنر المعين مؤخراً في ألمانيا.

في موقع آخر، سيبقي البنك المركزي النرويجي على الأرجح على سعر الفائدة الأساسي لديه دون إحداث تغيير فيه يوم الخميس خلال فترة هدنة قُبيل فرض تشديد إضافي محتمل للسياسة النقدية. يُعَدّ ذلك الاجتماع هو الأخير في فترة السنوات الـ11 من ولاية رئيس البنك المركزي أويستين أولسن، الذي قد يجري الكشف عن الشخصية التي ستخلفه خلال الأسبوع القادم في أعقاب عملية اختيار غمرتها حالة من الجدل السياسي.

في أوكرانيا وخلال ذات اليوم يتوصل المسؤولون المختصون بالسياسة النقدية إلى قرار يقول بعض خبراء الاقتصاد إنه قد يسفر عن زيادة في أسعار الفائدة الأساسية مرة ثانية، فيما سيبقى البنك المركزي المجري على الأرجح دون تعديل في سياسته عقب انتهاء اجتماعه.

عند إلقاء نظرة على الجنوب، يوجد احتمال أن تكشف البيانات في نيجيريا يوم الاثنين عن أن التضخم هبط إلى ما دون 15% خلال الشهر الماضي لأول مرة منذ شهر نوفمبر لسنة 2020، وهو ما يمنح البنك المركزي مهلة زمنية للإبقاء على تكاليف الاقتراض عند المستوى الأدنى لها خلال 6 أعوام في الأسبوع التالي.

مع حلول يوم الأربعاء، يوجد احتمال أن تكشف الإحصاءات في جنوب إفريقيا عن أن معدلات التضخم الخاصة بشهر ديسمبر الماضي كانت على مقربة من قمة النطاق المستهدف للبنك المركزي، الذي يترواح بين 3% و6%. سيسفر ذلك عن تأكيد أن المعضلة التي سيتعرض لها صناع السياسات عند اجتماعهم مع ختام شهر يناير الجاري هي: سبل تحقيق التوازن بين جهود السيطرة على نمو الأسعار مع دعم الاقتصاد الذي يناضل في مواجهة التداعيات الناجمة عن تفشي وباء كورونا وعمليات انقطاع التيار الكهربائي وعملية الإصلاح التي تسير ببطء.

وفقاً لدليله التوجيهي الخاص به، سيحافظ البنك المركزي التركي على أسعار الفائدة الأساسية دون تعديل يوم الخميس، عقب تقليصها 4 مرات في غضون عدة شهور، بيد أنه ليس من الحكمة مطلقاً استبعاد حدوث مفاجآت هناك، إذ دفع الرئيس رجب طيب أردوغان باتجاه توفير عملية اقتراض منخفضة التكلفة خلال سنة 2021 رغم تدهور قيمة العملة المحلية وتفاقم توقعات صعود معدلات التضخم.

أمريكا اللاتينية

من المقرر أن تصدر كولومبيا في يوم الاثنين البيانات الخاصة بشهر نوفمبر الماضي عن التجارة والنشاط الاقتصادي، التي تشير التوقعات إلى أنها ستكون قوية، بيد أنها بعيدة عن وتيرة الصعود في شهر أكتوبر الماضي.

وسط تعافٍ غير متكافئ مع وجود هبوط في الاقتصاد بنسبة 6.8% في سنة 2020، توجد توقعات بطريقة كبيرة بأن اقتصاد الدولة سيتوسع بما يزيد على 9% خلال سنة 2021، وهي الوتيرة الأسرع له منذ عقود من الزمان. وبينما تتزايد التحديات، لا يزال يوجد محللون عديدون لديهم توقعات بأن كولومبيا ستتصدر اقتصادات المنطقة الكبيرة على صعيد الإنتاج خلال السنة الحالية.

من المقرر أن تنشر الأرجنتين بيانات التجارة الخاصة بشهر ديسمبر الماضي وقد تنشر بيانات الميزانية الخاصة بذات الشهر، في حين سيصدر البنك المركزي التشيلي نتائج المسح الذي أجراه للتوقعات الخاصة بالمضاربين. وفي المكسيك، يتوقع استطلاع أجرته شركة "سيتي بانا ميكس" (Citibanamex)، شمل محللي بيانات الاحتياطيات النقدية الدولية، ومبيعات التجزئة لنفس الفترة الزمنية، بجانب نتائج البطالة الخاصة بشهر ديسمبر الماضي، إذ قد تقترب من المستوى الذي سجلته في فترة ما قبل الجائحة.

تشمل البيانات التي ستصدر في البرازيل بعض القراءات المبكرة لمعدلات التضخم الشهري وتقرير التجارة الأسبوعي، فيما سينشر البنك المركزي نتائج استطلاع "فوكس" الذي شمل محللين، بالإضافة إلى إصدار نتائج الناتج المحلي الإجمالي لكل قطاع خلال شهر نوفمبر الماضي. ترك هبوط مؤشر ثقة المستهلك، والتضخم المكون من رقمين، وصعود أسعار الفائدة، توقعات المحللين عند قراءة سلبية للمرة الخامسة على التوالي.

يمرّ الاقتصاد الأكبر في أمريكا اللاتينية بحالة من الركود، إذ شهد انكماشاً على مدى الربعين الثاني والثالث خلال سنة 2021، وقد يحقق توسعاً محدوداً فقط خلال سنة 2022 نظراً إلى مجموعة متنوعة من العقبات التي تنتظره.