روسيا تتوقع أن تخفق بمواكبة وتيرة زيادة إمدادات "أوبك +"

عامل يشرف على الحفر في موقع لشركة "غازبروم" في روسيا
عامل يشرف على الحفر في موقع لشركة "غازبروم" في روسيا المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

قد تتمكن روسيا من الإيفاء بنحو نصف الزيادات المقررة بإنتاج النفط الخام في غضون الأشهر الستة المقبلة، لتنضم لدول في "أوبك +" تواجه صعوبة في رفع الإنتاج حتى في ظل تعافي الطلب على الوقود من تداعيات وباء فيروس كورونا.

تجعل توقعات إنتاج روسيا، مع تجاوز النفط الخام سعر 85 دولاراً للبرميل في بورصة لندن، السوق العالمية تبدو متشددة على نحو يفوق المتوقع. يهدد ذلك بتعاظم مخاطر ارتفاع أسعار الطاقة، التي تدفع أعلى تضخم منذ عقود.

صعد خام إي إس بي أو يسبو الروسي الممتاز، وهو نوعية مفضلة لدى شركات تكرير النفط في الصين، إلى مستوى هو الأعلى منذ نوفمبر في سوق السلع الحاضرة الآسيوي المنتعش في ظل هبوط مستوى المخزونات في الصين، حسب ما قال متعاملون.

"أوبك" تبقي على توقعاتها للطلب على النفط عند 100.8 مليون برميل يومياً

من المفترض أن تزيد الدولة العضو في مجموعة "أوبك +" ما تطرحه في السوق بمقدار 100 ألف برميل يومياً من النفط الخام كل شهر، بيد أن نمو الإنتاج توقف في ديسمبر. توقع غالب المحللين في استبيان لبلومبرغ نيوز، في ظل تراجع التنقيب العام الماضي، بأن الارتفاعات الشهرية لروسيا لا يمكن أن تتخطى 60 ألف برميل يومياً خلال النصف الأول من 2022.

قالت كارين كوستانيان وإيكاترينا سميك، المحللتان لدى "بنك أوف أمريكا"، لوكالة بلومبرغ: "نواجه صعوبة بتوقع حفاظ الموردين الروس على زيادة إنتاجهم بمعدل 100 ألف برميل يومياً في كل شهر من الشهور الستة المقبلة".

العودة لما قبل الوباء

تسعى منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها للعودة الى مستويات الإنتاج التي تعطلت إبان تفشي وباء فيروس كورونا. يُفترض أن يزيد التحالف إنتاجه شهرياً بمقدار 400 ألف برميل باليوم، لكن زيادات الإنتاج الفعلية انحسرت نتيجة عوامل مثل الاضطرابات الداخلية وعدم كفاية الاستثمار طويل الأجل في عدة بلدان.

شهد الشهر الماضي دعم منظمة أوبك لإنتاجها بـ 90 ألف برميل يومياً فقط. أخذ إنتاج روسيا بالتراجع خلال نوفمبر ليهبط خلال ديسمبر إلى ما دون مستوى حصتها في إنتاج "أوبك +"، حسب تقديرات وكالة بلومبرغ المستندة لإحصاءات وزارة الطاقة. حققت الأيام الأولى من يناير صعوداً بمعدل أقل من 1% من إجمالي إنتاج البلاد من النفط، بما يتضمن النفط الخام والنفط الخفيف المسمى بالمكثفات، وهي من نواتج استخراج الغاز الطبيعي، حسب وكالة إنترفاكس الروسية.

النفط يصعد بعد انخفاض المخزونات الأمريكية وسط شكوك حول زيادة إنتاج "أوبك+"

أكد كبير مسؤولي النفط الروسي، نائب رئيس الوزراء ألكسندر نوفاك، أن بلاده ستستمر بتحقيق أهدافها الإنتاجية. صرح لوكالة تاس للأنباء الروسية الأسبوع المنقضي أن إنتاج الخام سيصعد إلى 10.1 مليون برميل يومياً هذا الشهر، بما يواكب حصتها في تحالف "أوبك +" ويشكل زيادة بنحو 100 ألف برميل يومياً مقارنة مع شهر ديسمبر الماضي.

في حال بقيت "أوبك +" تواجه صعوبات على صعيد تحقيق أهدافها الإنتاجية، ربما يتسع نطاق التداعيات الاقتصادية أكثر. استمر التعافي في الطلب على النفط قوياً بينما يعد التأثير على الاقتصاد العالمي الناجم عن فيروس "أوميكرون" المتحول من سلالة فيروس كورونا معتدلاً بطريقة تفوق المتوقع.

ارتفاع الأسعار

صعد سعر خام برنت، وهو المعيار الدولي، بأزيد من 10% منذ مطلع العام، ومن المحتمل أن يرتفع أكثر، حسب مجموعة "فيتول". تعد أسعار الطاقة العالية من العوامل الهامة في صعود معدلات التضخم وضغط البيت الأبيض بصفة متواصلة على تحالف "أوبك +" لزيادة الإمدادات والمساهمة في جهود كبح جماح تكاليف الوقود.

استمرت روسيا بتقديم ارتفاعات إنتاج شهرية منتظمة نسبياً في معظم 2021 حيث استعادت السعة الإنتاجية التي تعطلت خلال المراحل الأولى من وباء كورونا. بدأ هذا التعافي بالتلاشي مع حلول نوفمبر.

النفط يستهل 2022 بموجة صعودية مع تبدد مخاوف ضعف الطلب

عاد الفارق بين آبار الإنتاج الروسية النشطة والخاملة والمغلقة إلى مستويات ما قبل تفشي وباء فيروس كورونا، وهو ما يدل على أن القطاع قد استخدم طاقته الإنتاجية الاحتياطية بالكامل تقريباً. تأكد هذا الأمر في وقت لاحق عبر تصريحات أكبر المنتجين في البلاد، شركة "روسنفت" (Rosneft) وشركة "لوكويل" (Lukoil) و شركة "غازبروم نفت" (Gazprom Neft).

لم تكن شركات النفط الكبرى في روسيا متعجلة بالنسبة لتوسيع أعمال التنقيب خلال السنة المنقضية، وهو تحرك كان سيسفر عن إتاحة الطاقة الإنتاجية الجديدة في نهاية 2021 وخلال 2022. هبط إجمالي معدلات التنقيب في نهاية نوفمبر بنسبة 4.5% ذاك العام مقارنة بالفترة نفسها من 2020، حسب بيانات وكالة إنترفاكس الروسية القائمة على أرقام شركة "سي دي يو-تي إي كيه" (CDU-TEK) التابعة لوزارة الطاقة.

كان قطاع النفط الروسي في حال ترقب جراء انعدام اليقين حول تأثير فيروس كورونا على الطلب، حسب محللين من "بنك أوف أمريكا" و"فيغون كونستالتينغ" (Vygon Consulting). كما قلصت شركات عديدة إنتاجها خلال السنة الماضية عقب فقدان بعض مشاريعها لإعفاءات ضريبية.

ضمانات مالية

قالت داريا ميلنيك، كبيرة المحللين لدى "ريستاد إنريجي" (Rystad Energy ) للاستشارات، التي تتخذ من أوسلو مقراً لها، إن هؤلاء المنتجين "غير مستعدين لضخ استثمارات" في هذه المشروعات حتى يتبينوا ما إذا كانت وزارة المالية ستعيد بعضاً من تلك الحوافز المالية. كان نائب وزير المالية أليكسي سازانوف قد صرح لبلومبرغ الشهر الماضي بأن الحكومة على استعداد لدراسة تطبيق بعض الإعفاءات الضريبية بدءاً من 2023 كأقرب موعد، شريطة انتهاء تخفيضات حصص إنتاج "أوبك +" خلال السنة الحالية وفقاً للمخطط.

روسيا تخفق في زيادة إنتاج النفط خلال ديسمبر رغم رفع حصتها ضمن اتفاق "أوبك+"

يعتزم غالبية المنتجين الكبار في روسيا رفع حجم الإنفاق الرأسمالي هذا العام، بداية بارتفاع بنحو 10% لدى "غازبروم نفت" وصولا إلى نحو 20 % في "روسنفت". كما توجد توقعات لدى شركة "تاتنفت" (Tatneft) بنمو استثماراتها بعمليات التنقيب والإنتاج في 2022 بما يتراوح بين ثلاث وأربع مرات مقارنة بالعام الماضي.

ستسفر هذه الارتفاعات في عمليات التنقيب في نهاية الأمر عن مستوى إنتاج أعلى، لكن غالبية المكاسب ستتحقق بعد نهاية 2022. ستؤدي الآبار الجديدة لحدوث زيادة محدودة هذا العام، حسب محللين لدى شركات من "ريستاد إنريجي" وصولاً إلى "رينسانس كابيتال".

قال ميلنيك إن "روسنفت"، التي تشكل جزءاً ضخماً من إجمالي الإنفاق في قطاع النفط في روسيا: "توجه الأموال في الوقت الراهن إلى مشروعها النفطي في منطقة فوستوك، حيث يعتبر هو الأولوية الرئيسية للشركة المنتجة". تعتزم الشركة بدء أعمال إنتاج النفط الخام بطريقة واسعة في مشروع القطب الشمالي مع حلول 2024.

منتجو "أوبك+" سيواجهون سنوات حافلة بالتحديات

يُتوقع بلوغ مجموعة حقول "زيما" الجديدة التابعة لشركة "غازبروم نفت" في منطقة غرب سيبيريا، التي يسميها محللو "رينيسانس كابيتال" و"ريستاد إنريجي" بالمصدر الجديد للخام لهذه الشركة خلال 2022، ذروة إنتاجها خلال 2024. بدأ مشروعها القطبي للمكثفات بالإنتاج فعلياً ويتزايد إنتاجه تدريجياً ليتضاعف على مدى خمس سنوات.

يعطي كل هذا تفسيراً لسبب توقع غالبية المراقبين عدم تحقيق روسيا لأهدافها الإنتاجية خلال 2021. قال ميلنيك: "لا نتوقع أن تزيد روسيا إنتاجها بمقدار 100 ألف برميل يومياً خلال أي من شهور السنة الحالية".