نمو نموذج "اشترِ الآن وادفع لاحقاً" يثير قلق هيئات حقوق المستهلكين

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

نموذج دفع "اشترِ الآن وادفع لاحقاً" سيكون متوفراً في المتاجر المجاورة لك قريباً جداً، هذا إذا لم يكن موجوداً بالفعل. فخلال العام الماضي، أطلقت شركات عديدة، مثل "افتر باي" (Afterpay) و"كلارنا بنك" (Klarna Bank)، تطبيقات للهواتف المحمولة تتيح للمستهلكين في جميع أنحاء العالم شراء السلع بنظام السداد على دفعات. وأضاف تجار التجزئة، من "ميسيز" إلى "فوريفر 21" هذا الخيار أيضاً عند الدفع في متاجرهم التقليدية.

على عكس الخطط القديمة للسداد على دفعات، فإن الخطط الجديدة تعد قروضاً قصيرة الأجل تسمح للمستهلكين بأخذ مشترياتهم إلى منازلهم على الفور. وهي تحظى بشعبية بين من هم حذرين تجاه بطاقات الائتمان عادة، خاصة المستهلكين الأصغر سناً.

في الولايات المتحدة، كان عدد الأشخاص الذين استخدموا نموذج الدفع هذا يرتفع بنسبة 300% سنوياً منذ عام 2018. كما أن شركات "أمريكان إيغل" و"بيغ لوتس" و"ساوث وست إيرلاينز" نسبت الفضل لهذا النموذج في زيادة مبيعاتها مؤخراً.

يقول نيك مولنار، الرئيس التنفيذي المشارك لشركة "افتر باي":

أعتقد أن عام 2022 سيكون العام الذي سيسود فيه نموذج اشترِ الآن وادفع لاحقاً

اقرأ أيضاً: نظام الدفع عبر الجوال التابع لـ"المركزي البرازيلي" يجذب 110 ملايين مستخدم

كان ديفيد سايكس، رئيس الأعمال الأمريكية في "كلارنا" السويدية، أكثر تفاؤلاً، فقد قال إنه "بحلول نهاية هذا العام، لن يكون هناك بائع تجزئة رئيسي لا يوفر نموذج الشراء الآن والدفع لاحقاً".

عادةً ما يتيح نموذج دفع "اشترِ الآن وادفع لاحقاً" أو كما يشار إليه اختصاراً (BNPL) للمستهلكين دفع ثمن المشتريات على أربع دفعات سداد تمتد على مدى بضعة أسابيع، ويكون ذلك دون فوائد غالباً.

فعلى سبيل المثال، استخدمت ليزا إنجليش، وهي أم عزباء في مدينة إنديانابوليس وعمرها 50 عاماً، تطبيق "افتر باي" لشراء أثاث منزلها بعد انتقالها مؤخراً، ثم استخدمته مرة أخرى لسداد مدفوعات التسوق في عيد الميلاد. وتبلغ مديونياتها حوالي 1450 دولاراً وهي تعتزم دفعها بحلول منتصف فبراير، ومن ثم ستبدأ التسوق مرة أخرى.

تقول ليزا: "أدخر المال من أجل منزل، ولا أريد أي دين، لكن كأم عزباء لديها مصدر دخل واحد، هناك أمور تحدث مثل زيارة للمستشفى أو رحلات مدرسية لطفلك. وبالتالي، فإن الدفع لاحقاً خيار أملكه على الهامش".

ماذا تقول الجهات التنظيمية؟

نمو نموذج الدفع "اشترِ الآن وادفع لاحقاً" الكبير هذا جذب اهتمام طرف آخر، وهو مكتب حماية المستهلك المالي الأمريكي. إذ في الشهر الماضي، طالب مكتب حماية المستهلك مجموعة من أكبر الشركات العاملة في هذه الصناعة، بما فيهم "كلارنا" و"افتر باي" بتقديم معلومات عن أعمالهم، حيث تشعر الهيئة التنظيمية بالقلق من تكديس المقترضين للكثير من الديون، ومن إمكانية إساءة استخدام بيانات المستهلكين الشخصية.

اقرأ أيضاً: إنفوغراف.. الشعوب الأوروبية الأكثر تعرضاً لاختراق خصوصية البيانات

لا تفرض معظم خطط "اشترِ الآن وادفع لاحقاً" فوائد، لكن بإمكانها فرض رسوم على المدفوعات المتأخرة. ومن الجدير بالذكر أيضاً أن معظم المقرضين الذين يتبنون نموذج دفع "اشترِ الآن وادفع لاحقاً" لا يبلغّون عن المدفوعات المتأخرة لشركات التصنيف الائتماني، وهو ما يعني أن الدرجة الائتمانية للمستهلك لن تتأثر. مع ذلك، إذا تخلف العميل عن السداد، فإن بعض المقرضين يحولون الحساب إلى محصل الديون، وهو ما يمكن أن يظهر في الدرجة الائتمانية.

وجد استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "سيرفي مونكي" (Survey Monkey) أن واحداً من كل خمسة مستهلكين أمريكيين استخدم خدمة "اشترِ الآن وادفع لاحقاً" خلال الاثني عشر شهراً المنتهية في 20 أغسطس الماضي، وأعرب واحد من كل ستة مشاركين عن شعوره بالندم لفعل ذلك.

في الوقت نفسه، تقول الشركات التي تقدم نموذج "اشترِ الآن وادفع لاحقاً" إنها توفر حماية أفضل من البطاقات الائتمانية التي تدع المستهلكين يغرقون في الديون وغالباً ما تقترب معدلات الفائدة عليها من 30%.

يذكر أنه وفقاً لهذا النموذج لا يمكن للمستهلكين المتخلفين عن السداد ضمن خطة "اشترِ الآن وادفع لاحقاً" فتح حسابات جديدة لحين سداد مدفوعاتهم.

حقوق المستهلك

يزعم مناصرو حقوق المستهلك أن العديد من وسائل الحماية التي ربحها المستهلكون بعد الأزمة المالية العالمية في عام 2008 لا تشمل نموذج "اشترِ الآن وادفع لاحقاً". حيث إن المقرضين التقليديين، على سبيل المثال، باتوا ملزمين الآن بالنظر في قدرة الشخص على السداد قبل تمديد القرض، وعليهم تقييم ما إذا كانت الرسوم المتأخرة مناسبة.

تقول لورين سوندرز، المديرة المساعدة للمركز الوطني لقانون المستهلك في الولايات المتحدة: "بالتأكيد إذا كان هذا النموذج يعمل بالطريقة التي يُروج له بها، أي كوسيلة لإدارة المدفوعات دون دفع أي فائدة، فهذا أمر محتمل أن يكون جيداً". وتابعت: "الجانب السلبي هو أنه "ليس من السهل معرفة حجم الديون التي راكمتها عليك".

وتُظهر البيانات أن المستهلكين يشترون المزيد عندما تتاح لهم القدرة على السداد لاحقاً، وهذا هو السبب في اعتبار نموذج "اشترِ الآن وادفع لاحقاً" نموذجاً مغرياً بالنسبة لتجار التجزئة. فقد شهدت سلسلة مستحضرات التجميل "سيفورا" زيادة بلغت أكثر من 65% في متوسط قيمة الطلبيات في متاجرها في أمريكا الشمالية عندما استخدم المتسوقون تطبيق "كلارنا".

مستقبل تطبيقات الدفع المُيسر

تجني معظم الشركات، التي أطلقت تطبيقات تعمل وفقاً لنموذج "اشترِ الآن وادفع لاحقاً" المال عن طريق فرض رسوم على تجار التجزئة تصل إلى 6% من السعر عند استخدام المستهلكين لخطط السداد على أقساط عند الدفع.

ومع تدفق المزيد من المستخدمين الجدد، يطمح التجار لدفع رسوم أقل، وهو ما قد يهدد قدرة نموذج الصناعة على الاستمرار.

هذا يمثل أيضاً أحد مخاوف مكتب حماية المستهلك المالي الأمريكي. حيث قالت الوكالة في ديسمبر الماضي: "في ظل ضغط القوى التنافسية على معدلات الرسوم، فإنه سيتعين على المقرضين إيجاد مصادر أخرى للإيرادات للحفاظ على النمو والربحية".

وأشارت الوكالة إلى أن "المكتب يود أن يفهم بشكل أفضل الممارسات المتعلقة: بجمع البيانات، والاستهداف السلوكي، واستخدام البيانات والمخاطر التي قد ترجع على المستهلكين جراء ذلك".

وأما بالنسبة للشركات التي تقدم نموذج الدفع الميسر، فربما قد يكون حان وقت السداد الخاص بهم.