"ميزوهو" الياباني يواجه إرثاً ثقيلاً من اندماجٍ عمره عقدان

مقر "ميزوهو فانيانشال غروب" في طوكيو
مقر "ميزوهو فانيانشال غروب" في طوكيو المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تعتمد "ميزوهو فانيانشال غروب" (Mizuho Financial Group)، على شخص صغير السن نسبياً لتعديل مسار المصرف الذي تعرض لسلسلة من الاضطرابات الفنية، ولا يزال يكافح في مواجهة إرث من الاندماج الثلاثي الذي حصل قبل ما يزيد على عقدين من الزمان.

في خطوة مفاجئة، عيّن ثالث أكبر مقرض في اليابان، ماساهيرو كيهارا، المخضرم في شركة "ميزوهو"، كثالث رئيس تنفيذي للشركة منذ عام 2011، ليحل محل تاتسوفومي ساكاي اعتباراً من الأول من فبراير، عقب سلسلة من المشكلات الفنية التي أسفرت عن إصدار وكالة الخدمات المالية في اليابان، أوامر بتحسين الأعمال.

اقرأ أيضاً: اليابان تجري إصلاحات لسوق أسهمها البالغة قيمتها 6.5 تريليون دولار

يبلغ كيهارا من العمر 56 عاماً، وهو أصغر بسبع سنوات من نظيره في مجموعة "سوميتومو ميتسوي فاينانشال غروب" (Sumitomo Mitsui Financial Group)، وبأربع سنوات من الرئيس التنفيذي لمجموعة "ميتسوبيشي يو إف جيه فاينانشال غروب" (Mitsubishi UFJ Financial Group). ساعدته خبرته في إدارة المخاطر في الحصول على المنصب، بحسب مصادر مطلعة على الأمر، طلبت عدم الإفصاح عن هويتها، لأن التعيين مسألة سرية.

اقرأ المزيد: أسواق اليابان تترقب رأسمالية كيشيدا الجديدة

تعود مواطن الخلل الفني في شركة "ميزوهو" التي أسفرت عن مغادرة ساكاي، إلى السنوات الأولى من القرن الحالي، في أعقاب تكوين المجموعة عبر اندماج مصرف "داي إيتشي كانغيو بنك" (Dai-ichi Kangyo Bank)، و"فوجي بنك" (Fuji Bank)، وبنك اليابان الصناعي (Industrial Bank of Japan) وسط الأزمة المصرفية التي شهدتها البلاد عام 2000. ولا تزال المشكلات الثقافية والهيكلية الناجمة عن الاندماج والتي لم يتم حلها، قائمة، وكان لها دور بطريقة كبيرة في المشكلات الفنية الأخيرة للبنك.

تفادي المخاطر

قال مايكل مقداد، الذي يعمل محللاً في شركة "مورنينغ ستار" (Morningstar) في طوكيو: "يتمثل دور الرئيس التنفيذي الجديد في التأكد من تجاوز المشكلات المتعلقة بثقافة شركة (ميزوهو)، على غرار الميل لتفادي المخاطر". وأضاف: "يعلم كل من شركة (ميزوهو) والجهات التنظيمية أن ذلك أمر هام".

رغم أن ذلك لن يكون بالأمر السهل، إلا أن شركة "ميزوهو" تمتلك "بعض القوى الدافعة" للاستمرار في التقدم على غرار التقاعد التدريجي للعمال الأكبر سناً الذين تعرضوا لـ"سياسات مربكة عقب صفقة الاندماج"، ودخول موظفين جدد وإعادة تنظيم العمليات من خلال الاعتماد على عملية الرقمنة، حسب ما يقوله مقداد.

من المقرر أن تعقد شركة "ميزوهو" اجتماعاً لمجلس الإدارة في وقت لاحق يوم الإثنين، حيث تشير التوقعات إلى أنه سيجري اتخاذ قرار رسمي حول تعيين كيهارا في المنصب.

قالت "ميزوهو" إنها قدّمت خطة لتحسين الأعمال إلى هيئة الرقابة المالية، بناء على الأمر الصادر في نوفمبر. وأضافت في بيان، أن الخطة تتضمن خطوات لتحسين أنظمة تكنولوجيا المعلومات، وكذلك العلاقات مع العملاء وإدارة الأزمات. وقالت الشركة: "سنتخذ التدابير اللازمة لتعزيز أطر عملنا، سواء بالنسبة إلى موظفينا أو الشركة ككل، مع إعادة تشكيل ثقافة الركة".

رغم تمتعه بسمعة طيبة وعائلة ذات علاقات جيدة، كان هناك القليل من المديرين التنفيذيين الذين توقعوا أن كيهارا -الذي انضم إلى بنك اليابان الصناعي في سنة 1989– سيحصل على أعلى منصب في الشركة بسبب عمره. قرر المديرون خلال الأسبوع الماضي فقط القبول بمرشح صغير بما يكفي لإعطاء إشارة لتسوية نهائية لمشكلات شركة "ميزوهو" المتجذرة، بحسب ما ذكره مصدر مطلع على الأمر طلب عدم الإفصاح عن هويته.

يأتي صدور قرار تعيين كيهارا، في أعقاب سلسلة من إخفاقات نظام التشغيل لدى الذراع التجارية لشركة "ميزوهو" منذ شهر فبراير 2021، والتي شملت ابتلاع أجهزة الصراف الآلي لأكثر من 5000 بطاقة سحب نقدي، وفشلاً آخر في تطبيق الاحتياطات الخاصة بمكافحة عمليات غسيل الأموال.

التكامل الناجح

من أجل ضمان حدوث تكامل ناجح للمصارف الثلاثة، ضاعفت شركة "ميزوهو" على مدى ثلاث سنوات، عدد المناصب التنفيذية والمكاتب بمقدار 3 أضعاف، ولم تكن الأنظمة الخاصة بتكنولوجيا المعلومات تتمتع بتكامل تام. وفي الآونة الأخيرة، بذلت شركة "ميزوهو" جهوداً كبيرة على صعيد تقليص التكاليف من أجل تبسيط عمليات التشغيل، من بينها أنظمة تكنولوجيا المعلومات، وهو ما أسفر عن حدوث فوضى.

في شهر نوفمبر الماضي، وجهت السلطات التنظيمة انتقادات إلى شركة "ميزوهو" -وهو ما يعد خروجاً نادر الحدوث عن أسلوبها المعتاد- بسبب ثقافة "عدم التوضيح في حال تطلب الإمر التصريح بشيء ما، وفعل ما صدر به توجيهات فقط".

نوّه تقرير صادر عن لجنة من الخبراء الخارجيين في شهر يونيو الماضي، بناء على طلب من شركة "ميزوهو"، إلى مناسبات عدة افتقر فيها موظفو المصرف إلى روح المبادرة، وفشلوا في اتخاذ إجراء يتخطى المسؤوليات المباشرة المنوطة بهم، بهدف تقليص المشكلات وتوفير حلول لها في أثناء تعطل نظام التشغيل.

قال توشيهيرو ماتسو، المحلل الائتماني في وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني: "نحن نتابع عن كثب الأداء المرتبط بحوكمة الشركات وإدارة شركة (ميزوهو) على صعيد تقييم الائتمان الخاص بها، في ظل تلقيها أمراً بالعمل على تحسين الأعمال". وأضاف: "مازال غير معلوم ما إذا كان سيسفر ذلك عن تحسين في حوكمة الشركات في ظل التعيينات الإدارية المعلن عنها".

يعقتد موظفو شركة "ميزوهو" الحاليون والسابقون، بأن من الصعب إجراء إصلاح في الثقافة السلبية للبنك، حيث يستشهدون بوجود انقسامات متجذرة بين الموظفين لدى المصارف الثلاثة المتباينة. وقال هؤلاء الموظفون الذين طلبوا عدم الإفصاح عن هويتهم، إن المخاوف المتعلقة بتدابير خفض التكاليف وتراجع وفرة الفرص المتاحة، تركت الموظفين في حالة خشية من الدخول في مخاطرة أو أن يبرزوا مهاراتهم.

الإصلاح الإداري

في الوقت الذي تشير فيه التوقعات إلى أن كيهارا سيطبق نوعاً من الإصلاح الإداري، لن يكون هو أول من حاول إجراء عملية إعادة هيكلة. فعقب حدوث انقطاع هائل في نظام التشغيل خلال عام 2011، دمجت شركة "ميزوهو" وحدتيها المصرفيتين التجاريتين من أجل إيجاد شعور أكبر بالوحدة وسط الموظفين. وعقب احتجاج علني في عام 2013، عندما جرى الكشف عن أن "ميزوهو" وفرَ قروضاً لأعضاء في الجريمة المنظمة، وافق المقرض الياباني أيضاً على تشكيل هيكل مجلس إدارة يأخذ النمط الغربي، وهو أول هيكل إداري يفعل ذلك وسط البنوك الكبيرة، ما يعطي سلطة أوسع للمديرين الخارجيين.

قال بعض موظفي شركة "ميزوهو" إن أحد أسباب فشل المحاولات المتتابعة، هو أن العديد من كبار الموظفين يركزون اهتمامهم بشدة على تحقيق مصالح مصرفهم الأصلي قبل عملية الاندماج. المقرضون اليابانيون، وفي إطار العادة الفريدة الخاصة بتوطيد العلاقات التجارية وضمان الوظائف للموظفين الأكبر سناً، يدخلون أغلب الموظفين الذين تجاوزوا عمراً معيناً إلى وظيفة ثانية، في أغلب الأحيان لدى الشركات العميلة أو الشركات الفرعية، على غرار شركات التأجير أو التأمين.

في الوقت الذي يستمر فيه عدد محدود مختار في الإدارة العليا داخل المصرف، يجري توظيف العديد منهم في وظيفتهم الثانية في سن الخمسين من عمرهم، مع دخول غير المحظوظين في سن الأربعين من عمرهم. قال الموظفون إن القرارات من ذلك النوع تقوم في الأغلب على وجود علاقات من خلال صاحب العمل الأول، وهو ما يسهم في الإبقاء على وجود ولاءات منقسمة.

تتردد أقاويل أيضاً حول تعيين شركة "ميزوهو"، سيجي إيماي الذي يبلغ من العمر 59 عاماً، والذي عمل في السابق لدى مصرف "داي إيتشي كانغيو بنك"، حيث سيحل محل ياسوهيرو ساتو، اعتباراً من الأول من أبريل.

أعلنت الشركة سابقاً، أن ماساهيكو كاتو، الذي بدأ عمله في مصرف "فوجي بنك"، سيتولى منصب الرئيس لوحدة الإقراض الأساسية في شركة "ميزوهو". وذكرت وسائل إعلام محلية أن التعيينات تعبّر عن سعي شركة "ميزوهو" لإحداث توازن في مصالح الأطراف الثلاثة.

قال مقداد: "لا أعتقد بأن توزيع المناصب الأساسية بطريقة متوازنة بين المديرين التنفيذيين من المصارف السابقة لشركة (ميزوهو)، هو مجرد صدفة فقط". وأضاف: "هذا يظهر أنه رغم كل الجهود لخلق شركة (ميزهو واحدة)، لا يزال المديرون التنفيذيون على دراية بالبنك السابق الذي ينتمي إليه المديرون التنفيذيون الآخرون، وهم إلى حد ما حساسون تجاه ذلك".