سيناريوهات خطيرة لأزمة الطاقة الأوروبية إذا غزت روسيا أوكرانيا

تداعيات خطيرة على أزمة الطاقة في أوروبا إذا غزت روسيا أوكرانيا
تداعيات خطيرة على أزمة الطاقة في أوروبا إذا غزت روسيا أوكرانيا المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

إلى أي مدى ستتأثر أوروبا المتعطشة للطاقة بالغزو الروسي المحتمل لأوكرانيا؟ يعتمد ذلك على رد فعل الرئيس الأمريكي جو بايدن.

فقد واصلت روسيا إرسال الغاز إلى أوروبا طوال الحرب الباردة، وأخيراً في أعقاب ضمها لشبه جزيرة القرم. من غير المرجح أن ترغب موسكو في المخاطرة بالإضرار بسمعتها كمورد موثوق هذه المرة أيضاً، وفقاً لشركة "يونيبر إس إي" (Uniper SE)، إحدى أكبر مشتري الغاز الروسي في أوروبا.

طالع المزيد: الولايات المتحدة تريد وقف خط غاز "نورد ستريم 2" في حال غزا بوتين أوكرانيا

لكن بايدن حذر من تشديدات اقتصادية بالغة إذا عبرت القوات الروسية إلى أوكرانيا. وأحد المخاطر الكبيرة على تدفق الغاز إلى أوروبا هو العقوبات التي تعوق إما روسيا من القدرة على التداول بالعملة الأجنبية، أو قيود أخرى على بنوكها.

قال غريغور بيت، نائب الرئيس التنفيذي لتحليلات السوق في "يونيبر" (Uniper)، خلال مقابلة: "علينا الاستعداد لأي سيناريو تقريباً".

إليك نظرة على ما يمكن أن تكون عليه هذه السيناريوهات، وما تعنيه بالنسبة لقارة تعتمد على روسيا من حيث حوالي ثلث احتياجاتها من الغاز. وتعاني أوروبا بالفعل من أسوأ أزمة طاقة منذ عقد السبعينيات من القرن الماضي، مع انخفاض مخزونات الغاز بشكل خطير. فقد زادت الأسعار بأكثر من الضعف في الأشهر الستة الماضية بسبب مخاوف من اندلاع حرب وتوقف الشحنات من روسيا، حتى عندما صرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مراراً وتكراراً بأنه لا يخطط لغزو أوكرانيا.

اقرأ المزيد: الحرب أكثر ما يقلق أوكرانيا مع تشغيل "نورد ستريم 2"

غاز طبيعي

عقوبات مالية

قالت قوى غربية إنها ستفكر في فصل روسيا عن نظام المدفوعات الدولي السريع، رغم أن الفكرة تواجه معارضة قوية من عدة دول أوروبية. يمكن أيضاً استهداف البنوك الروسية، ولكن من الممكن أن تكون هناك استثناءات للحفاظ على معاملات الطاقة، ويتم تطبيق العديد منها بالدولار أو اليورو.

روسيا تقطع الإمدادات

بالنسبة للسيناريو الأكثر تشدداً، يمكن لشركة "غازبروم" (Gazprom PJSC) الرد على أي عقوبات بقطع إمدادات الغاز عن أوروبا. وهذا من شأنه أن يشلّ أنظمة الطاقة في القارة، ويؤدي إلى ارتفاع هائل في الأسعار. ويرى الكثيرون أن روسيا من غير المرجح أن تمضي إلى هذا الحد.

علّق بيت بالقول: "سيكونون مترددين للغاية في تقليص الإمدادات لسببين. أحدهما هو سمعة روسيا كونها مورداً ثابتاً، والثاني هو أن الغاز عامل اقتصادي رئيسي في روسيا".

عقوبات نورد ستريم 2

في حالة حدوث غزو، قد يكون أحد الضحايا هو "نورد ستريم 2" الذي تم بناؤه حديثاً، وهو عبارة عن خط أنابيب بمليارات الدولارات يمتد من روسيا إلى ألمانيا. وكان من المتوقع أن يؤدي هذا الخط الممتد تحت البحر إلى زيادة العرض، لكنه كان تعرض لمعوقات بسبب عملية موافقات مسيّسة للغاية.

أيّد بايدن العقوبات على "نورد ستريم 2" في حال غزو روسيا لأوكرانيا، بينما أشارت إدارة المستشار الألماني أولاف شولز إلى أن تصعيد الأزمة قد يعني نهاية لخط الأنابيب. ويعتمد السوق على خط أنابيب بطاقة 55 مليار متر مكعب لجلب الغاز في نهاية المطاف، ويؤدي إلغاء المشروع إلى خيارات نقل أقل.

لقد دفع بوتين مراراً وتكراراً من أجل خط الأنابيب المثير للجدل، لأنه يوفر طريقاً مباشراً إلى الأسواق المتعطشة للغاز في أوروبا، متجنباً أوكرانيا.

اقرأ المزيد: ألمانيا تلمح إلى استهداف "نورد ستريم 2" إذا غزت روسيا أوكرانيا

روسيا تقطع الطريق عبر أوكرانيا

ربما حالة عدم اليقين الأشد وطأة تتمثل في مصير الكميات الهائلة من الغاز التي تنقلها روسيا عبر أوكرانيا.

قال فولوديمير أوميلشينكو، رئيس أبحاث الطاقة في مركز "رازومكوف" الأوكراني، إن موسكو قد توقف التدفقات عبر أوكرانيا في حالة نشوب صراع. ومن شأن ذلك أن يمنح روسيا السطوة لـ "إملاء شروطها على أوكرانيا وعلى الاتحاد الأوروبي".

لكن أطرافاً أخرى ليسوا متيقنين من ذلك. قال كريس ويفر، الرئيس التنفيذي لشركة "ماركو – أدفيزري" (Macro-Advisory Ltd) ومقرها موسكو، إن روسيا تريد الحفاظ على مكانتها كمورد موثوق به، و"لا أرى هذا الموقف يتغير حتى في حالة اندلاع حرب مع أوكرانيا".

هناك 40 مليار متر مكعب من الغاز مهددة تلتزم روسيا بنقلها سنوياً عبر أوكرانيا بموجب اتفاقية تنتهي في عام 2024. ويمثل هذا نحو ثلث الغاز الروسي المُصدَّر إلى أوروبا، وما يقرب من نصف ما تستهلكه ألمانيا سنوياً.

أوكرانيا تغلق مسار العبور

هذا هو السيناريو الأقل احتمالاً، وفقاً لأوميلشينكو من مركز رازومكوف، والذي أشار بالقول: "هذا ممكن فقط إذا كان هناك ضرر بخطوط الأنابيب".

إذا حدث ذلك، يمكن لروسيا استغلال الموقف للترويج لخط أنابيب "نورد ستريم 2".

بينما توقفت تدفقات الغاز الروسي إلى أوروبا في الماضي أثناء الخلافات مع أوكرانيا حول الأسعار، إلا أنها استمرت إلى حد كبير دون انقطاع، حتى في أعقاب ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014.

مع ذلك، فإن المخاطر هائلة، في ظل ما يترتب على ذلك من تبعات على الأسعار. وفي حالة تأثر نقل الغاز الأوكراني، فلن يكون استبدال الكميات المفقودة أمراً سهلاً. ويمكن لشركة "غازبروم" إعادة توجيه نصف الإمداد إلى خط أنابيب غير مستخدم بشكل كافٍ يمر عبر بيلاروسيا وبولندا، على أن يأتي النصف الآخر من مشتريات السوق المفتوحة، والتي قد تكون باهظة الثمن.

تعزيز عملية النقل عبر بيلاروسيا لن يكون أمراً سهلاً أيضاً. فقد هدد الرئيس ألكسندر لوكاشينكو في عدة مناسبات بقطع الإمدادات، بما في ذلك الرد على أي عقوبات من جانب الاتحاد الأوروبي عقب أزمة المهاجرين.

إمكانية وقوع حوادث

ينطوي أي نزاع على خطر دمار البنية التحتية الرئيسية، سواء عمداً أو عن طريق الصدفة. ويمكن أن ينتهي الأمر إلى الإضرار بالإمدادات الأوروبية والأسعار لسنوات قادمة.