وداعاً للعائدات السلبية.. الأسواق تستعد لموجة ارتفاع في السندات الأوروبية

أسواق أوروبا تترقب عملية إعادة تسعير واسعة للسندات
أسواق أوروبا تترقب عملية إعادة تسعير واسعة للسندات المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

في زيارته الأخيرة إلى الإمارات العربية المتحدة، قال المدير العام للمفوضية الأوروبية، غيرت يان كوبمان، إنه "واجه صعوبة كبيرة في التوضيح للمستثمرين لماذا عليهم شراء أصول في أوروبا ذات عائد أقل من الصفر". لكنه قريباً، قد لا يحتاج إلى ذلك.

انخفض حجم ديون منطقة اليورو ذات العائد السلبي بأكثر من الثلث من ذروته في عام 2020. في إشارة إلى عملية إعادة التسعير الأوسع الجارية، وارتفع العائد على السندات الألمانية، التي تمثل نموذج الأمان في المنطقة، أعلى من الصفر لفترة وجيزة للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات هذا الأسبوع.

يأتي ذلك في الوقت الذي يستعد فيه التجار للنهاية التدريجية لعهد أوروبي من السياسة النقدية شديدة التساهل والخسارة، المعززة بقوة لمساعدة الاقتصاد على مواجهة الوباء. و إذا استمرت مسيرة العائدات نحو الأعلى، فستُحدث تغييراً جذرياً لمديري الأصول، الذين اضطروا إلى المغامرة في الأصول ذات المخاطر العالية لجني العوائد طوال سنوات.

اقرأ أيضا: توقعات ببدء "المركزي الأوروبي" رفع أسعار الفائدة مطلع 2023

قال مارك هيلي، مدير محفظة في "أكسا إنفستمنت مانجرز" (AXA Investment Managers): "كلما ارتفع العائد، كان ذلك أفضل. لم أكن أحب شراء شيء ذي عائد سلبي أبداً". ويتوقع أن ترتفع العائدات أكثر خلال عام 2022، ما يمنح المستثمرين فرصة لاستثمار الأموال في أوروبا مرة أخرى.

تراهن سوق المال الآن على أن البنك المركزي الأوروبي سيرفع سعر الفائدة على الودائع للمرة الأولى منذ 11 عاماً في أكتوبر المقبل، وجعله مساوياً للصفر بحلول نهاية العام المقبل، من -0.5% حالياً.

ومن المتوقع أيضاً أن يبدأ المسؤولون تقليص برنامج شراء الأصول بعد مارس، ما يعني إزالة عنصر أساسي في دعم السوق. وكان برنامج شراء السندات جزءاً لا يتجزأ في تثبيت تكاليف الاقتراض المنخفضة. ورغم الانسحاب الأخير، لا يزال هناك حوالي 1.5 تريليون يورو (1.7 تريليون دولار) من السندات ذات العوائد السلبية في المنطقة.

قال غريغ بوصة، رئيس قسم النقد والتقييمات في "رويال لندن أسيت مانجمنت" (Royal London Asset Management): "لدينا عائدات سندات تبدو في المستوى الخطأ تماماً". ويرى أن عائدات السندات الألمانية لأجل 10 سنوات ستصل إلى 0.5% بحلول نهاية العام، عند مستوى شوهد لآخر مرة في عام 2018.

وأضاف: "بما أن بعضاً من هذا التحفيز يأتي من مشتريات البنك المركزي الأوروبي القياسية، سيضطر الناس للنظر في التقييم والقول - لماذا أحتفظ بهذا؟ هذا غير منطقي".

اقرأ أيضا: بعد إنهاء التيسير الكمي.. أسواق السندات تترقب "فيضان معروض"

تسعير غير واقعي

تتناسب الشكوك مع الخلفية العالمية الأوسع، حيث يجبر ارتفاع التضخم بعض أكبر البنوك المركزية في العالم على إعادة النظر في مواقفها التيسيرية. وتعرضت أسعار السوق لضربة كبيرة، من سندات الخزانة الأمريكية إلى السندات الأسترالية، مع تعديل المتداولين لتوقعاتهم.

تتوقع "يو بي إس" ارتفاع عائد السندات لأجل 10 سنوات إلى 0.25% مع نهاية العام، بينما تتوقع "إي إن جيه غروب" (ING Groep) نمواً بنسبة 0.2%، بعدما انخفضت بمقدار ست نقاط أساس إلى -0.09% يوم الجمعة الماضي، بعد أن لامست أعلى مستوى عند 0.02% في وقت سابق من الأسبوع.

لكن الانتقال إلى المنطقة الإيجابية ستكون له فوائد أيضاً. وفقاً لأنطوان بوفيت، محلل الأسعار في "آي إن جيه" (ING)، فإن بعض المستثمرين ومن بينهم البنوك المركزية يمكنهم شراء الأصول ذات العوائد الإيجابية فقط. وقال: "المعدلات السلبية ليست شيئاً يريدون تحمله حتى لو كان التنويع حجة لصالح شراء اليورو".

اقرأ أيضا: بنوك "وول ستريت" تستعد لغزو سوق السندات قبل رفع تكلفة الاقتراض

قال "كوبمان" من المفوضية الأوروبية، خلال ندوة عبر الإنترنت يوم الخميس نظمها منتدى المؤسسات المالية والنقدية الرسمية، إن ارتفاع العوائد قد يساعد في جذب الاستثمار الأجنبي.

تكمن المشكلة في أنه مع انتظار المستثمرين، يمكن لأي زيادة في العائدات أن تكون عابرة. ويوصي بنك "تورنتو دومينيون" (Toronto-Dominion) العملاء بالفعل بشراء السندات الألمانية، قائلاً إن هذه الخطوة مبالغ فيها الآن.

عالم جديد

كتب بوجا كومرا، أحد كبار المحللين الأوروبيين لأسعار الفائدة في البنك، في مذكرة إلى العملاء يوم الأربعاء الماضي: "لقد تحول الوضع إلى صفقة بيع شديدة، ويمكن أن ينعكس ذلك في الأسواق لأننا نرى شراءً قوياً في نهاية الشهر".

كما حافظ المضاربون الآخرون على السندات بثبات، قائلين إن السوق قد تقدمت على نفسها فيما يتعلق بتسعير زيادات الأسعار.

وفقاً لقول كريس أتفيلد، محلل الدخل الثابت في "إتش إس بي سي" (HSBC Holdings) فإن: "ما يجري تسعيره متشدد بشكل غير واقعي بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي"، ويتوقع أن ينتهي العائد على السندات الألمانية لأجل 10 سنوات عند 0.5% في نهاية العام، بينما يتجاهل عمليات البيع الأخيرة والتعامل معها على أنها تقلبات نموذجية في بداية العام.

أما بالنسبة للاستراتيجي موهيت كومار من "جيفيريز إنترناشيونال" (Jefferies International)، فإن العوامل الهيكلية مثل التركيبة السكانية والتكنولوجيا "ستقمع التضخم على المدى المتوسط". ولا يتوقع أن يرفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة حتى عام 2023.

اقرأ أيضا: عوائد السندات الألمانية تتجاوز عتبة الصفر لأول مرة منذ 2019

ومع ذلك، يبدو أن إعادة التسعير أمر لا مفر منه بالنسبة للبعض. وارتفعت أسعار المستهلكين في المنطقة أكثر من المتوقع إلى مستوى قياسي مرتفع بلغ 5% في ديسمبر. وحذر مسؤولو البنك المركزي الأوروبي، بمن فيهم فرانسوا فيليروي، السوق من أنه قد تكون هناك حاجة إلى رفع أسعار الفائدة مبكراً إذا ثبت استمرار التضخم.

بحسب تعبير "بوفيت" من "آي إن جي" فإن: "العوائد الإيجابية باقية. إنه عالم جديد تماماً".

عائدات السندات الحكومية

على الأجندة الأسبوع القادم

  • سيعلن الاحتياطي الفيدرالي قراره بشأن معدل الفائدة يوم الأربعاء، وسيعقد جيروم باول مؤتمراً صحفياً.
  • يراقب صناع السياسات في البنك المركزي الأوروبي وبنك إنكلترا فترة هادئة تبدأ في وقت لاحق من الأسبوع قبل الإعلانات النقدية في بداية فبراير.
  • يُتوقع أن تصل مبيعات السندات من ألمانيا وإيطاليا وهولندا إلى 22.5 مليار يورو، وفقاً لشركة "سيتي غروب". ستبيع المملكة المتحدة ما قيمته 600 مليون جنيه من الأوراق المالية المرتبطة بالتضخم.
  • أرقام مؤشر مديري المشتريات لقطاعي الصناعة و الخدمات لشهر يناير هي العنوان الرئيسي للأسبوع في منطقة اليورو وألمانيا والمملكة المتحدة. ستنشر ألمانيا أيضاً أرقام العمليات المالية المتكاملة (Ifo) وتقديرات النمو للربع الرابع.